أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-2-2021
2051
التاريخ: 25-1-2017
2424
التاريخ: 15-1-2017
2229
التاريخ: 5-2-2017
40389
|
لم تقتصر أنواع الزواج والطلاق التي شاعت في الجزيرة العربية قبل الإسلام على العرب وحدهم، بل عرفت عند كثير من الشعوب السامية الأخرى(1)، ولم تكن بعض الزيجات الشاذة التي تواترت اخبارها في المصادر العربية مرحلة بدائية في طور السلم الاجتماعي البشري، كما يزعم بعض علماء الاجتماع(2)، وانما الدافع لها يرجع الى بعض الأوضاع الاجتماعية والاحوال الاقتصادية فضلا عن اثر الطبيعية الصحراوية(3). فكانت ظاهرة استثنائية فرضتها ظروف خاصة.
كان الزواج السائد في المجتمع العربي قبل الإسلام هو ذلك النوع الطبيعي الذي يتمشى مع الحاجات الاجتماعية الأساسية للإنسان والسلوك الفطري له، وقد اقره الإسلام بعد ان قام بتهذيبه ووضع الضوابط التي تحكمه، الا ان أنواعا أخرى عرفت في انحاء الجزيرة العربية.
زواج البعولة:
يعد زواج البعولة او تعدد الزوجات اكثر أنواع الزواج شيوعا في الجزيرة العربية بعد ان وجد قبولا واستحسانا من أبنائها، وكان هذا النوع مباحا عند مختلف الشعوب وعند كافة الأديان. ولا يزال زواج البعولة معمولا به عند معظم القبائل البدائية وبخاصة في افريقية يقول الرحالة (lowic): ((نظام تعدد الزوجات بدون عدد محدود، ما تزال قبائل افريقيا الهمجية تمارسه ويتوقف عدد الزوجات عندهم على مكانة الرجل في القبيلة، فقد يتزوج خمسا او عشرا او عشرين او حتى ستين، ويعتبر ملك قبيلة الامازون جميع نساء القبيلة زوجاته(4).
على الرغم من انتشار زواج البعولة بين العرب، الا ان كثيرا منهم اتخذ زوجة واحدة بسبب ضيق ذات اليد او بدافع الرغبة في ذلك، او لاشتراط الزوجة الأولى عند العقد عليها لذلك كان زواج البعولة يشكل عبئا ماديا ثقيلا على الرجل الا ان تعدد الزوجات كانت له ضرورة اجتماعية من اجل زيادة النسل وكثرة الذرية في القبيلة، لما عرف عنهم من التباهي والتفاخر بالحرث والنسل. على ان حرص الرجل الزواج من بنات قبيلته لم يمنع الاقتران بأخريات من غير قبيلته(5). وقد اقر الإسلام هذا النوع من الزواج مع تحريم الجمع بين اكثر من اربع زوجات، واشترط في ذلك وجوب العدل بينهن او اتخاذ زوجة واحدة. قال تعالى: { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } [النساء: 3] (6).
زواج الشغار:
كذلك عرف زواج الشغار في بلاد العرب وهو يقوم على المبادلة فيزوج الرجل ابنته او اخته على ان يزوجه الاخر ابنته او اخته بدون مهر. ويدل هذا النوع من الزواج على مدى ولع العرب بالتجارة وحبهم للبيع والشراء فالمبادلة هي ابسط أنواعها. وكانوا يعتبرون الفتيات من البنات والاخوات راس مال يمكن بحسن استخدامه ان يزيد من الأموال او المكانة الاجتماعية فقد كان يترتب عليه عقد المحالفات والانتساب الى عشيرة تتمتع بمنزلة رفيعة بين القبائل. وكان يتم بقول الرجل للأخر: شاغرني (زوجني) اختك او بنتك او من تلي امرها حتى ازوجك اختي او بنتي او من الي امرها.
زواج المقت او زواج العضل:
كان زواج المقت او الزواج بالميراث من أنواع الزواج غير الشائع عند العرب، وفيه يتزوج الابن الأكبر زوجة ابيه المتوفي، على اعتبار انها جزء من الميراث مثلها في ذلك مثل الامتعة والأموال(7). وذلك للحفاظ على ثروة الاسرة والعشيرة ومن بينها الزوجة والأولاد. وكان الوريث اذا كره نكاح زوجة ابيه نصب نفسه وليا عليها، فمنعها من الارتباط بغيره حتى وفاتها(8)، قال البخاري: ((ان الرجل اذا مات كان اولياؤه احق بامرأته ان شاء بعضهم تزوجها وان شاءوا لم يزوجوها فهم احق بها من أهلها))(9). وتدل تسميته بزواج المقت على عدم انتشاره، لانه كان ممقوتا عند الأغلبية(10). وكان يعرف أيضا بنكاح العضل، لان الوارث يحق له ان يعضلها أي يمنعها من الزواج. وكان الرجل يطرح ثوبه على الارملة لاثبات حقه في ان يمتلكها ضمن الميراث، ويقابل ذلك خلع النعل اذا تنازل الوارث عن حقه في نكاحها، فكان الخلع بمعنى التنازل ومنحها حريتها. وظل زواج المقت او العضل قائما حتى حرمه الإسلام. فلما جاءت كبيشة بنت معن بن عاصم الاوسي الى رسول الله [صلى الله عليه وآله] واشتكت اليه ابن زواجها قائلة: ((يا رسول الله ان أبا قيس توفي فورث ابنه نكاحي، وقد اخذني وطول علي فلا هو ينفق علي ولا هو يخلي سبيلي))، فقال لها رسول الله [صلى الله عليه وآله] ((اقعدي في بيتك حتى يأتي فيك امر الله عز وجل)). فنزلت الاية الكريمة {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } [النساء: 19] (11). كما حرم القران الكريم نكاح زوجة الاب تحريما مطلقا لقوله تبارك وتعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} [النساء: 22] (12).
زواج الرهط:
كذلك عرف في بلاد العرب زواج الرهط او زواج المشاركة وهو تعدد الأزواج. ولا شك انه كان يختلف عن الشيوعية الجنسية التي انتشرت بين افراد بعض القبائل البدائية. لان زواج الرهط كان يفرض التزامات ويوجب حقوقا يلتزم بها المشاركون في المراة. ومن الجدير بالذكر ان هذا النوع كان نادرا من يلتزم بها المشاركون في المراة. ومن الجدير بالذكر ان هذا النوع كان نادرا في جزيرة العرب وانما فرضته بعض الظروف الاقتصادية والاجتماعية فمن ذلك قلة عدد النساء(13) وبخاصة عند القبائل التي شاع عندها عادة واد البنات، او للظروف الاقتصادية التي تفرض اشتراك عدة اخوة في الزواج بأمرة واحدة. وكان الأزواج جميعا متساوين في الحقوق الزوجية، الا ان الابوة الرسمية كانت تحددها المراة نفسها(14). وكان الاخوة يتفقون فيما بينهم على وضع عصا على باب الخيمة فمتنع الاخرون عن دخولها. وفي الليل كانت الزوجة من نصيب الأخ الأكبر(15). ويدل على وجود هذا النوع من الزواج عند العرب قبل الإسلام، قول السيدة عائشة ((زواج الرهط ان يجتمع الرجال ما دون العشرة فيدخلون على المراة كلهم يصيبها، فاذا حملت ووضعت ومر ليال بعد ان تضع حملها، أرسلت اليهم، فلم يستطع رجل منهم ان يمتنع حتى يجتمعوا عندها، فتقول لهم قد عرفتم الذي من امركم، وقد ولدت فهو ابنك يا فلان تسمى من احبت باسمه فيلحق به ولدها لا يستطيع ان يمتنع منه الرجل))(16).
زواج الاستبضاع:
كان هناك نوع اخر من زواج المشاركة يعرف بنكاح الاستبضاع، وكان الرجل يقول لامراته اذا طهرت من الطمث ارسلي الى فلان فاستبضعي منه، ثم يعتزلها لا يمسها حتى يتبين حملها من الرجل الذي استبضعت منه، وكانوا يفعلون ذلك رغبة في نجابة الولد(17) او المرجح ان الرجل كان يستثمر امته وليس زوجته للحصول على ذرية قوية لمعاونته في القيام بأعماله او للمبادلة والاتجار فيهم.
زواج الخدن:
يتفق نكاح الخدن مع النوع السابق من حيث اتخاذ الرجل خدنا لجواريه لمصاحبتهن ومؤانسة وحشتهن، وقد نهي الإسلام عن الاخدان في قوله تعالى: {وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَا} [النساء: 25] (18)، وفي قوله تبارك وتعالى: {إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ } [المائدة: 5] (19).
وكما كان يجتمع الاخوة على الزواج من امراة واحدة، كان الرجل يجمع بين الاختين او اكثر في وقت واحد. وقد حرم الإسلام هذا النوع كما جاء في قوله تعالى: { وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا } [النساء: 23] (20).
الزواج بالأسر:
كان النكاح بالأسر من اشهر أنواع الزواج المعروف عند العرب، ذلك ان السبي كان احد الأغراض الأساسية من الحروب والغارات. وكانت المراة المأخوذة بالسبي تعرف بالنزيعة، لانتزاعها من أهلها وفصلها عنهم، وكان فرسان العرب يفتخرون بخطف النساء واسرهن. ومن اهم ما يتميز به انه لا مهر فيه ولا ثمن لان السيف قد كفاهم ذلك قال حاتم الطائي(21):
وما انكحونا طائعين بناتهم
ولكنا خطبناها بأسيافنا قسرا
فما زادها فينا السبا مذلة
ولا كلفت خبزا ولا طبخت قدرا
ولكنا خلطناها بخير نسائنا
فجاءت بهم بيضا وجوههم زهرا
لما جاء الإسلام احل سبايا الحروب وجعلهن ملك يمين، ووضع الضوابط المنظمة لذلك فصارت الاسيرة لا تباع ولا تفتدي بمالها بمجرد ظهور حملها، وكان ولدها يولد حرا ويرث اباه، بينما كانوا لا يورثون الهجين(22).
ومجمل القول ان الإسلام قد حرم الأنواع المختلفة من الزيجات الشاذة في اية جامعة من سورة النساء، فقال عز من قائل: {حرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 23] (23)، ومما يجدر ذكره ان أنواع المحرمات التي تضمنتها الاية الكريمة لم تكن على اجمالها شائعة عند العرب في الجاهلية مثل الزواج من الأمهات او البنات. انما أشار اليها القران الكريم لانها كانت متبعة عند بعض الشعوب الأخرى وقد وردت في الاية الكريمة لان الدين الإسلامي ارسل للبشر كافة ولم يقتصر على العرب والقران الكريم يخاطب الناس جميعا في كل مكان وزمان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)Rivers: Social Organization,p.15.
(2)Lowie: Primitive Society, P.46, Rivers: Op.Cit, P.43.
(3)Ellwood: The Psychology Of Human Society, P.214.
(4)Lowie: Primitive Socicty,p39.
(5)Smith: Kinship and Marriage,P.61.
(6) سورة النساء: اية (3).
(7)Lowie: Primitive Society , PP.30-31.
(8) القرطبي: الجامع لاحكام القران، جـ5، ص94.
(9) القسطلاني: ارشاد الساري، جـ6، ص288.
(10) الالوسي، بلوغ الارب، جـ2، ص52.
(11) سورة النساء: اية (91).
(12) سورة النساء: اية (32).
(13)Westermarck: History of Human Marriage,P.472.
(14)Smith: Kinship and Marriage, P.145.
(15) جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام، جـ5، ص260.
(16) القسطلاني: ارشاد الساري، جـ6، ص127.
(17) Smith: Kinship and Marriage, P.100.
(18) سورة النساء: اية (25).
(19) سورة المائدة: اية (5).
(20) سورة النساء: اية (23).
(21) ابن عبد ربه: العقد الفريد، جـ3، ص297.
(22) ابن عبد ربه: المصدر السابق.
(23) سورة النساء: اية (23).
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية ينجز تصوير 39 مخطوطًا قديمًا نادرًا في قرية كاخك الإيرانية
|
|
|