الخطابات الشرعية لا تختص حجيتها بالموجودين في زمن الوحي ولا بالمشافهين بها |
1626
09:19 صباحاً
التاريخ: 16-10-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-8-2016
1918
التاريخ: 9-8-2016
1711
التاريخ: 31-8-2016
1466
التاريخ: 31-8-2016
2057
|
الحق أن الخطابات الواردة بصيغة النداء ، وكلمة الخطاب ـ كالكاف والتاء ، وغير ذلك مما خلقه الله تعالى في الملك ، ونحوه، وأمره (1) بإنزاله إلى السماء الدنيا في مدة ، أو في ليلة القدر ، ومنها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مدة مديدة بالتدريج ، ليبلغ هو وأوصياؤه من عترته صلوات الله عليهم أجمعين إلى امته ، إلى يوم القيامة ـ ليست مختصة بالموجودين في زمن الوحي ، بحيث يكون كل خطاب منها مختصا بمن استجمع شرائط التكليف في حين نزوله، و (2) لا يكون شاملا لمن تأخر ، كالخطابات المكية لمن تولد حين توطن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة.
ولا مختصة بحاضري مجلس النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين قراءتها (3).
خلافا للأكثر ممن صنف في الاصول من الشيعة (4) ، والنواصب (5) ، حيث جعلوها مختصة بالموجودين في زمن الخطاب ، أو بحاضري مجلس الوحي ، وجعلوا ثبوت حكمها لمن بعدهم بدليل آخر كإجماع ، أو نص ، أو قياس.
لنا : مساعدة الظواهر ـ من غير معارض ، إلا الشبهة (6) الواهية للخصم ـ وهي (7) امور :
الاول : احتجاج العلماء قديما وحديثا حتى الائمة عليهمالسلام بتلك الخطابات ، من غير ذكر إجماع أو نص أو قياس على الاشتراك ، مع أن الخصم معترف بعدم ظهور مستند الشركة ـ ولذا اختلفوا ، فقيل : مستنده الاجماع ، وقيل : بل القياس ـ ولو لم تعم تلك الخطابات ، لم يصح ذلك إلا بعد إيراد ما هو العمدة من الاجماع أو القياس.
ودعوى : ظهور المستند بحيث يعلمه كل أحد من الخصوم (8).
مما تحكم البديهة (9) بفساده ، وكيف يخفى هذا الخفاء ما كان ظاهرا هذا الظهور؟! وكيف يجوز على الله تعالى إخفاء مستند كل تكاليف من وجدد بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟! تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
الثاني : ورود الروايات ـ في كثير من تلك الخطابات ـ بأنها نزلت في جماعة نشأوا بعد زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
الثالث : ورودها ـ في كثير منها ـ بأنها نزلت في الائمة عليهمالسلام ، وأن الخطاب إليهم (10).
الرابع : ورود الامر بقول : ( لبيك ربنا ) عند قراءة قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) ، وقول: ( لا بشيء من آلاء ربي أكذب ) عند قراءة قوله تعالى : ( فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) ، وغير ذلك مما هو مذكور في محله (1١).
الخامس : الظواهر ، وهي كثيرة :
منها : قوله تعالى : {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } [الأنعام: 19].
ومنها : قوله صلى الله عليه وآله في خبر الغدير : « فليبلغ الشاهد منكم (12) الغائب » (13).
ومنها : ما رواه ابن بابويه في العيون ، بسنده « عن الرضا عليه السلام ، عن أبيه عليه السلام: أن رجلا سأل أبا عبدالله عليه السلام : ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلا غضاضة؟ فقال : لان الله تبارك وتعالى لم ينزله (14) لزمان دونه زمان ، ولا لناس (15) دون ناس ، فهو في كل زمان جديد ، وعند كل قوم غض ، إلى يوم القيامة » (16).
ومنها : ما رواه الكليني ، بسنده « عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ...} [الرعد: 7] ؟ ... إلى أن قال عليه السلام : يا أبا محمد ، لو كانت إذا نزلت آية على رجل ، ثم مات ذلك الرجل ، ماتت الآية ـ مات الكتاب ، ولكنه حي ، يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى » (17).
ومنها : ما رواه في الصحيح : « عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : اوصي الشاهد من امتي ، والغائب منهم ، ومن في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى يوم القيامة ـ أن يصل الرحم ... » (18) الحديث.
وغير ذلك من الروايات.
احتج الخصم : بأنا نعلم بديهة (19) أنه لا يقال للمعدومين : ( يا أيها الناس ) ونحوه ، بل للصبي والمجنون (20).
والجواب :
أولا : تسليم ذلك في المعدومين فقط ، لا في (21) المخلوط من الموجودين والمعدومين ، ولهذا قبح خطاب الغائبين فقط بمثل : ( يا أيها الناس ) دون المركب من الغائبين والحاضرين ، كما في أكثر خطابات الرؤساء والحكام وغيرهم.
وثانيا : تسليم ذلك فيما إذا تكلم المخاطب مشافهة ، لا فيما إذا أنزل الخطابات (22) بصورة المشافهة ، وأمر جماعة ـ واحدا بعد واحد ـ بتبليغ ذلك إلى مكلفي زمانهم ، ويكون ذلك محفوظا في الكتب ، يرجع إليه من يريد ، ولهذا تجوز الوصية بالأوامر والنواهي ، مكتوبة في طومار ـ إلى من انتسب إلى الموصي بعدة بطون ، وقد وقع ذلك في وصية أمير المؤمنين عليه السلام (23) وغيره ، من غير شائبة قبح أصلا.
وفي الصبي والمجنون ـ أيضا ـ نقول : إنه يجوز خطابهم في جماعة بخطاب (24) يفهمونه عند استجماعهم لشرائط الخطاب ، إذا علم المخاطب أنهم يصيرون بهذه المنزلة ، ويعلم بقاء خطابه.
ولا شك ولا شبهة في جواز أن يكتب الانسان كتابا ، فيه خطابات وأوامر ونواه ، ويدفعه إلى إنسان ويقول له : إن هذه الخطابات والاوامر والنواهي لكل من اطلع على كتابي ، وينبغي لك أن تبلغها إلى الناس ، ثم من بعدك ولدك ، ثم ولد ولدك ، وهكذا ، ولا يتوقف العقل في أن المخاطب حينئذ هو كل من اطلع عليها ، موجودا كان وقت تصنيف الكتاب أو معدوما ، بل نقول : لا فرق بين خطاب الغائب والمعدوم.
مع أن خطابات الكتب والمراسيل كلها من قبيل خطاب الغائب كما لا يخفى ، ونحن نقول : إن خطابات القرآن من هذا القبيل ، لما مر.
ويؤيده : حديث الصحف الاثني عشر المنزلة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، للائمة الاثني عشر عليهمالسلام (25)، إذ في كل منها أوامر ونواه لإمام من الائمة.
وأيضا : خطابات المصنفين ـ مثل قولهم : ( إعلم ) و : ( تأمل ) و : ( تدبر ) ونحو ذلك ـ من هذا القبيل.
واعلم : أن الغرض من هذه المسألة وذكرها ، بيان الحق فيها ، وإلا فالحق أنه لا يترتب عليها أثر ، إذ الظاهر تحقق الاجماع على مساواة كل الامة في التكاليف ، وورود بها النصوص ، وقد قال الصادق عليه السلام ـ في رواية أبي عمرو الزبيري ، في الجهاد ـ : « لان حكم الله عز وجل في الاولين والآخرين ، وفرائضه عليهم ، سواء ، إلا من علة ، أو حادث يكون ، والاولون والآخرون أيضا في منع الحوادث شركاء والفرائض عليهم واحدة ، يسأل الآخرون عن أداء الفرائض كما يسأل عنه الاولون ، ويحاسبون به كما يحاسبون ... » الحديث (26).
_______________
1 ـ في ط : فأمره.
2 ـ الواو اضافة من ط وب.
3 ـ وفاقا للحنابلة حيث ذهبوا إلى عمومها في الجميع ، كما في : المنتهى : ١١٧.
4 ـ تهذيب الوصول : ٣٨ ، معالم الدين : ١٠٨.
5 ـ المستصفى : ٢ / ٨٣ ، المحصول : ١ / ٣٩٣ ـ ٣٩٤.
6 ـ كذا في ط ، وفي الاصل وأ و ب : الشبه. والصواب ما اثبتناه في المتن ، لانها شبهة واحدة سيأتي المصنف على ذكرها فيما بعد في قوله : « احتج الخصم » إلى آخره.
7 ـ فيه اضطراب ، حيث جعل الخامس منها الظواهر ، فلاحظ.
8 ـ الدعوى للمحقق الشيخ حسن : معالم الدين : ١٠٩.
9 ـ في ب : البديهية ، وفي ط : البداهة.
10 ـ كقوله تعالى : ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) رواه الشيخ في باب من يجب عليه الجهاد ، وقوله (ع) : « وبحجة هذه الآية يقاتل مؤمنوا كل زمان» اشارة إلى قوله تعالى : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ) الآيات. ( منه رحمه الله ).
١1 ـ عيون أخبار الرضا : ٢ / ١٨٣ ، الكافي : ٣ / ٤٢٩ ـ كتاب الصلاة / باب نوادر الجمعة / ح ٦.
12 ـ كلمة ( منكم ) : زيادة من ط.
13 ـ الكافي : ١ / ٢٨٩ ، ٢٩١ ـ كتاب الحجة / الباب ٦٤ / ح ٤ ، ٦.
14 ـ كذا في المصدر ، وفي النسخ : لم يجعله.
15 ـ كذا في المصدر ، وفي النسخ : ولناس.
16 ـ عيون اخبار الرضا : ٢ / ٨٧ ح ٣٢.
17 ـ الكافي ١ / ١٩٢ ـ كتاب الحجة / باب أن الائمة هم الهداة / ح ٣.
18 ـ الكافي : ٢ / ١٥١ ـ كتاب الايمان والكفر / باب صلة الرحم / ح ٥.
19 ـ في أ و ط : بديهية.
20 ـ المنتهى : ١١٧ ، معالم الدين : ١٠٨.
21 ـ كلمة ( في ) : زيادة من أ.
22 ـ في أ : انزل الخطاب ، وفي ب : نزل الخطاب ، وفي ط : نزلت الخطابات.
23 ـ الكافي : ٧ / ٤٩ ـ كتاب الوصايا / باب صدقات النبي صلى الله عليه وآله وفاطمة (عليها السلام) والائمة (عليهم السلام) ووصايهم / ح ٧.
24 ـ في أ : في جماعة الخطاب بخطاب إلى آخره.
25 ـ الكافي : ١ / ٢٧٩ ـ كتاب الحجة / باب أن الائمة (عليهم السلام) لم يفعلوا شيئا ولا يفعلون إلا بعهد من الله عز وجل ، وأمر منه لا يتجاوزونه. و : الامامة والتبصرة من الحيرة : ص ١٦٦ / باب في أن الامامة عهد من الله تعالى / ح ٢٠. وقد ورد هذا الحديث في مصادر عديدة ، انظر مجموع طرقه ومتونه في بحار الانوار : ٣٦ / ١٩٢ وما بعدها / الباب ٤٠ ـ باب نصوص الله عليهم من خبر اللوح والخواتيم وما نص به عليهم في الكتب السالفة وغيرها.
26 ـ التهذيب : ٦ / ١٢٧ ح ٢٢٤.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|