أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-8-2016
1793
التاريخ: 25-8-2016
1536
التاريخ: 8-8-2016
1091
التاريخ: 29-8-2016
1253
|
و هي كثيرة يمكن تلخيصها في ثلاثة أقوال:
القول: بوضع المشتقّ لخصوص المتلبّس بالمبدأ، و القول: بوضعه للأعمّ منه ومن انقضى عنه التلبّس، و القول: بالتفصيل.
أمّا القول الأوّل: حكي عن الأشاعرة وعليه المتأخّرون من الأصحاب.
و أمّا القول الثاني: نقل عن المعتزلة وعليه المتقدّمون من الأصحاب.
و أمّا القول الثالث: فله أقسام، فبعضهم فصل بين ما اشتقّ من المتعدّي و ما اشتقّ من اللازم، فالأوّل: وضع للأعمّ نحو السارق و القاتل، الثاني: وضع للأخصّ كالجالس و الذاهب، و بعض آخر فصل بين المحكوم عليه و المحكوم به، فالمحكوم عليه وضع للأعمّ نحو «السارق» في قوله تعالى: «السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما» و المحكوم به وضع للأخصّ نحو جالس في زيد جالس» إلى غير ذلك، و سيأتي أنّ منشأ خطأ القائلين بالتفصيل اختلاف المبادئ أو وجود قرائن في الكلام.
و المختار وضع المشتقّ للأخصّ، و الوجوه التي استدلّ بها على وضعه للأخصّ على دليلين:
«لفظيّة» و «عقليّة».
أمّا الأدلّة اللّفظيّة:
«التبادر»
فالمتبادر من كلمة «العالم» مثلًا عند إطلاقه هو المتلبّس بمبدأ العلم في الحال، توضيح ذلك (الذي يرتفع به بعض الإشكالات الواردة على هذا الوجه): إنّ المبادئ في المشتقّات على أربعة أقسام:
الأول: تكون ذات المبدأ قرينة على أنّ إطلاق المشتقّ منه في جميع الموارد يكون بلحاظ الانقضاء نحو مبدأ التولّد، فإنّ كلمة «المتولّد» المشتقّ منه يكون إطلاقه بلحاظ انقضاء التولّد، و نفس مادّة التولّد قرينة عليه، و السرّ فيه إنّه لا بقاء و لا تكرّر فيه، فلا معنى لتبادر خصوص المتلبّس منه بل يكون هذا القسم خارجاً عن محلّ النزاع كما مرّ.
الثاني: تكون القضيّة بالعكس، فنفس المبدأ قرينة على كون إطلاق المشتقّ بلحاظ التلبّس في الحال في جميع الموارد نحو الإمكان و الوجوب، فإنّ المشتقّ منهما و هو «الممكن» و «الواجب» يطلق في جميع الإطلاقات على المتلبّس الفعلي، لأنّ المبدأ فيهما ممّا لا يزول بل يبقى بدوام الذات، فلا معنى لتبادر خصوص المتلبّس في هذا القسم أيضاً.
الثالث: ما يمكن فيه الاستمرار و التكرار لكن لا يكون فيه الدوام و البقاء غالباً، نحو السرقة و القتل، فحيث إنّ الغالب في هذا القسم عدم دوام المبدأ يصير هذا قرينة على كون التلبّس بلحاظ الانقضاء و موجباً لانصراف الذهن إلى من انقضى عنه المبدأ فإنّ «السارق» مثلًا أو «القاتل» إنّما يتلبّس بالسرقة و القتل في ساعة معيّنة، و بعد ذلك يبقى عليه هذا العنوان و هذا الوصف و إن لم يكن متلبّساً.
الرابع: ما يتصوّر فيه الدوام و الانقضاء معاً، نحو العدالة و الفسق و الجلوس و القيام و الاجتهاد و الاستطاعة، و ليس ذات المبدأ قرينة على أحدهما، و هذا هو محلّ النزاع و مصبّ دعوى التبادر.
و الإنصاف أنّ عدم التفات كثير من المفصّلين إلى اختلاف هذه الأقسام أوجب إنكارهم للتبادر في القسم الأخير مع أنّ خصوص هذا القسم داخل في محلّ النزاع و غيره خارج عنه، أي إنّا لا ندّعي وجود التبادر في الأقسام الثلاثة الاولى بل نعتقد بوجود القرينة فيها.
ثمّ إنّ هذه القرينة هل هي قرينة المجاز، أو قرينة على كون الجري فيها بلحاظ حال الانقضاء، فلا فرق بينها و بين «كان زيد قائماً» و إن كان مخالفاً لما هو الظاهر من إطلاقها (لأنّ الظاهر كما قلنا سابقاً اتّحاد زمان الجري و حال النطق)؟
الحقّ هو الثاني، فإذا قلنا «هذا سارق» يكون نفس مبدأ السرقة قرينة على أنّ السارق بمعنى «من سرق من قبل» أي «هذا هو الذي سرق من قبل» و مبدأ القتل على أنّ القاتل بمعنى «من قتل من قبل» فمعنى «هذا قاتل» «هذا هو الذي قتل من قبل» فاستعمل السارق و القاتل في المنقضي عنه التلبّس بلحاظ حال التلبّس فيما قبل، و على هذا فلا يلزم مجاز.
فتلخّص من جميع ما ذكرناه: أنّ شرط التبادر عدم وجود القرينة، و على هذا فلا تصل النوبة إلى ما ذكره المحقّق الخراساني (رحمه الله) من لزوم كثرة المجاز بناءً على كون المشتقّ حقيقة فيمن تلبّس في الحال، لأنّه ظهر ممّا ذكر أنّ الاستعمال في الأقسام الثلاثة الاول ليس مجازاً بل يكون حقيقة بلحاظ حال التلبّس فيما قبل، و المفروض أنّ القرينة من ناحية المبدأ قائمة هنا.
هذا كلّه هو الدليل الأوّل على كون المشتقّ حقيقة في خصوص من تلبّس بالمبدأ في الحال.
وأمّا الدليل الثاني فهو قضيّة الصفات المتضادّة.
وتوضيحه: إنّا لا نشكّ في وجود صفات متضادّة فيما بين الصفات نحو القائم بالنسبة إلى القاعد، والعالم في مقابل الجاهل، والنائم في مقابل المستيقظ، و القول بالأعمّ يوجب عدم التضادّ بين هذه الصفات لأنّه حينئذ يصدق على القائم فعلًا مثلًا إنّه قاعد أيضاً حقيقة بلحاظ ما انقضى عنه، وعلى العالم فعلًا إنّه جاهل حقيقة بلحاظ ما انقضى عنه، و هو خلاف الارتكاز و الوجدان.
والإنصاف أنّ هذا الوجه في الحقيقة يرجع إلى الوجه الأوّل، أي التبادر، لابتنائه على الوجدان والارتكاز و هو ليس إلّا تقريباً آخر للتبادر.
وأمّا الدليل الثالث: صحّة السلب عمّن انقضى عنه التلبّس، فإنّه يمكن لنا الحكم قطعاً وجزماً بأنّ القاعد فعلًا ليس بقائم.
إن قلت: لا يصحّ السلب في مثل السارق والقاتل.
قلت: إنّه خارج عن محلّ البحث كما مرّ آنفاً إن قلت: إمّا أن يكون المسلوب هو مطلق الأفراد و المصاديق الأعمّ من المتلبّس في الحال و المتلبّس في الماضي، أو خصوص المتلبّس في الحال، فإن كان المسلوب مطلق الأفراد فهو ممنوع، لعدم صحّة القول بأنّ هذا ليس بقائم لا في الحال و لا في الماضي، و إن كان المسلوب خصوص فرد الحال، فإنّ السلب صحيح إلّا أنّه ليس علامة المجازيّة لأنّه مجرّد نفي مصداق من المصاديق، و الدليل على المجازيّة هو نفي مطلق المصاديق كما لا يخفى.
قلت: وقع الخلط بين رجوع قيد «الآن» في «زيد ليس بقائم الآن» أو «في الحال» إلى النسبة الموجودة في الجملة و بين رجوعه إلى المحمول أعني المشتقّ، فإن قلنا برجوعه إلى المشتقّ فالحقّ كما ذكره، وأمّا إذا قلنا برجوعه إلى النسبة فتكون المسلوب هو القيام الموجود في الأعمّ من الحال والماضي، ويكون المعنى «إنّ زيداً ليس إلّا قائماً» لا «إنّ زيداً ليس القائم المقيّد بالحال».
وأمّا الدليل الرابع: ما يظهر من كلام شيخنا المحقّق الحائري (رحمه الله) في الدرر وحاصله: إنّا نعلم بعدم دخالة الزمان في الأسماء ومنها المشتقّات فبناءً على دخالة الذات في معنى المشتقّ يكون معناه الذات المتقيّدة بالمبدأ، وهي لا تصدق إلّا إذا حصل المبدأ وتكون الذات واجدة له و متلبّسة به، كما أنّ العناوين المأخوذة من الذاتيات في الجوامد لا تصدق إلّا على ما كان واجداً لها كالانسان والحجر والماء من دون اعتبار المضيّ والاستقبال، وإلّا كان من الممكن أن يوضع لفظ الإنسان لمفهوم يصدق حتّى بعد صيرورته تراباً، فكذلك العناوين التي تحقّق بواسطة عروض العوارض من دون اعتبار المضيّ والاستقبال، ولعلّ هذا بمكان من الوضوح (انتهى كلامه) (1).
أقول: أمّا قوله بعدم دخل الزمان في الأسماء فقد عرفت الكلام فيه عند ذكر كلام المحقّق العراقي (رحمه الله) في البحث عن المراد من الحال في المسألة، وأمّا إثبات المقصود في المقام بمجرّد تشبيه «المشتقّ» بالجوامد كالانسان و الماء، فهو لا يعدّ دليلًا في مثل هذه المسألة اللّفظيّة إلّا أن يرجع إلى التبادر أو صحّة السلب، فهو قياس ذوقي بين المسألتين من دون أن يكون دليلًا.
أمّا الأدلّة العقليّة:
فمنها: إنّ حمل صفة على ذات لا يكون إلّا لغرض عقلائي، ويحصل هذا الغرض إذا وجدت تلك الصفة في الخارج و تلبّست الذات بها، وأمّا إذا انقضت فهي كالمعدوم، فكأنّ الذات لم تتّصف بها أصلًا، فإطلاق العالم على زيد يصحّ فيما إذا كان العلم موجوداً فيه، لأنّه مع وجود العلم يحصل ذلك الغرض العقلائي، أمّا إذا زال العلم عنه فلا فرق بينه وبين من لم يتّصف بصفة العلم من أوّل الأمر ولا يتعلّق به غرض عقلائي.
وبعبارة اخرى: إن حمل المشتقّ على من انقضى عنه التلبّس يكون نقضاً للغرض الذي وضع المشتقّ لأجله.
الجواب: إنّ الغرض كما يتعلّق بالذات لكونها متّصفة و متلبّسة بالوصف في الحال كذلك يتعلّق بها لكونها كانت متّصفة به أحياناً كما يتعلّق الغرض بزيد مثلًا لأنّه كان مجاهداً في سبيل اللَّه.
وبعبارة اخرى: يمكن أن يتعلّق الغرض بذات لصرف اتّصافها بالوصف في زمان ما سواء في زمان الحال أو في الماضي، و حينئذٍ لا يلزم نقض الغرض إذا وضع المشتقّ للأعمّ من المتلبّس والمنقضي عنه.
هذا مضافاً إلى أنّه لا يصحّ الاستدلال بهذه الوجوه العقليّة في الأبحاث اللّفظيّة.
ومنها: ما أفاده المحقّق النائيني (رحمه الله) فإنّه بنى هذه المسألة على المسألة الآتية من أنّه هل يكون المشتقّ مركّباً من الذات و المبدأ، أو يكون هو خصوص المبدأ، وقال: أمّا أن يكون مفهوم المشتقّ المبدأ اللابشرط في قبال المصدر الذي يكون بشرط لا، أو يكون مركّباً من الذات والمبدأ، فعلى الأوّل يكون المشتقّ موضوعاً للأعمّ من المتلبّس والمنقضي، لأنّ الأساس و الركن الركين في المشتقّ حينئذٍ هو الذات، وانتساب المبدأ إليها يكفي فيه التلبّس في الجملة، فلا محالة يكون المشتقّ حينئذٍ موضوعاً للأعمّ، وعلى القول بالبساطة يكون المشتقّ موضوعاً للأخصّ، لأنّ مفهوم المشتقّ حينئذٍ ليس إلّا نفس المبدأ المأخوذ لا بشرط، فيكون صدق المشتقّ ملازماً لصدق نفس المبدأ، ومع انتفائه ينتفي العنوان الاشتقاقي لا محالة، ويكون حاله حينئذٍ حال الجوامد في كون المدار في صدق العنوان فعلية المبدأ.
ثمّ عدل (رحمه الله) عنه في ذيل كلامه وقال: الحقّ هو وضع المشتقّ لخصوص المتلبّس مطلقاً سواء قلنا بالبساطة أم بالتركّب، أمّا على البساطة فواضح، وأمّا على التركّب فلأنّ وضع المشتقّ متوقّف على تصوير جامع بين المنقضي عنه والمتلبّس في الواقع، ومع عدمه فلا مجال لدعوى كون المشتقّ موضوعاً للأعمّ اثباتاً (2) (انتهى ملخّص كلامه).
أقول: يرد عليه امور:
الأوّل : أنّه سيأتي أنّ المشتقّ أمر مركّب، ومنشأ القول بالبساطة هو الخلط بين المسائل الفلسفيّة واللّفظيّة فانتظر (هذا إشكال في المبنى).
الثاني : أنّ قوله في صدر كلامه «إنّا إن قلنا بالتركّب يكون الركن الركين في المشتقّ هو الذات ويكفي في انتساب المبدأ التلبّس في الجملة» دعوى بلا دليل بل معنى تركيب المشتقّ من الذات والمبدأ دخل كلّ واحد منهما في قوام المشتقّ في الجملة، و أمّا كون أحدهما ركناً و الآخر غير ركن فهو أوّل الكلام.
الثالث : أنّ تصوّر قدر جامع بين المتلبّس والمنقضي عنه التلبّس أمر سهل جدّاً، نظير عنوان «من تلبّس بالمبدأ في الجملة» وهو أعمّ ممّن تلبّس بالمبدأ في الحال ومن تلبّس به في الماضي وانقضى عنه التلبّس.
________________________
(1) درر الفوائد: ج 1، ص 62، طبع جماعة المدرّسين.
(2) راجع فوائد الاصول: ج 1، ص 120، طبع جماعة المدرّسين.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|