المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9148 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الوان بذخ واسراف الحكام العباسيين  
  
4578   05:47 مساءاً   التاريخ: 10-8-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : حياة الإمام الرضا (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ج‏2،ص192-193.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن موسى الرّضا / موقفه السياسي وولاية العهد /

من الوان البذخ و الاسراف الهائل في اموال المسلمين هو ما انفقه المأمون من الأموال الطائلة المذهلة في زواجه بالسيدة بوران فلم يقع نظير ما انفق على ذلك الزواج منذ خلق اللّه الأرض.

لقد امهر المأمون زوجته (الف الف دينار) مع العلم ان قيمة الدينار في ذلك العصر كانت تساوي جملا و شرط الحسن بن سهل والد السيدة بوران أن يا بني بها في قريته الواقعة بفم الصالح‏  فأجابه إلى ذلك و لما اراد الزواج سافر الى (فم الصالح) و نثر على العسكر الذي كان معه (الف الف دينار) و صحب معه من الغلمان الصغار (ثلاثين الفا و سبعة آلاف) جارية أما العسكر الذي كان معه فكانوا (اربعمائة الف) فارس (و ثلاث مائة الف) رجل و كان الحسن يذبح لضيوفه (ثلاثين الف) رأس من الغنم و مثيلها من الدجاج (و اربعمائة بقرة) (و اربعمائة جمل) و سمي الناس هذه الدعوة دعوة الاسلام و هي تسمية مغلوطة فانه ليس من الاسلام في شي‏ء مثل هذا الاسراف الذي كان من أموال المسلمين  لقد بلغت نفقات المأمون وحده على هذا العرس (38 مليون) درهم‏  من غير ما اعطاه لوالدها الحسن فقد اعطاه (عشرة ملايين درهم) من خراج فارس و اقطعه الصالح‏ .

و على أي حال فانه حينما بني المأمون بوران نثروا من سطح دار الحسن بن سهل بنادق عنبر فاستخف بها الناس و زهدوا فيها و نادى فيهم شخص قائلا: كل من وقعت في يده بندقة فليكسرها فانه يجد فيها رقاعا في بعضها تحويل (بالف دينار) و في بعضها (عشرة أثواب) من الديباج و في بعضها (خمسة أثواب) و في بعضها (غلام) و في بعضها (جارية) و حمل كل من وقعت بيده رقعة إلى الديوان و استلم ما فيها  كما انفق المأمون على قادة جيشه فقط (خمسين الف الف درهم)  و يقول الباهلي: مهنئا للحسن و ابنته و المأمون:

بارك اللّه للحسن‏          و لبوران في الختن‏

يا بن هارون قد          ظفرت و لكن بنت من‏

و لما كانت ساعة الزفاف أجلست بوران على حصير منسوج من الذهب و دخل عليها المأمون و معه عماته و جمهرة من العباسيات فنثر الحسن بن سهل على المأمون و زوجته (ثلاث مائة لؤلؤة) وزن كل واحدة مثقال و ما مد أحد يده لالتقاطها و أمر المأمون عماته بالتقاطها و مد المأمون يده فالتقط واحدة منها و بادرت العباسيات بالتقاطها و قال المأمون: قاتل اللّه أبا نواس كأنه حضر مجلسنا هذا حيث قال في وصف الحمرة:

كأن صغرى و كبرى من فواقعها                   حصباء در على أرض من الذهب‏

لقد انفق المأمون و الحسن بن سهل هذه الأموال على زواجه و هي- من دون شك- قد اختلست من بيت مال المسلمين الذي يجب انفاقه في شريعة اللّه على‏ مكافحة الفقر و ازالة البؤس من دنيا الاسلام.

و من الجدير بالذكر ان هارون الرشيد لما تزوج بالسيدة زبيدة صنع وليمة لم يصنع مثلها في الاسلام فقد جعل الهبات غير محصورة فقدمت اوان من الذهب مملوءة بالفضة و اوان من الفضة مملوءة بالذهب و فوانج المسك و قطع العنبر و كان هذا هو الاسراف و التبذير الذي حرمه الاسلام حفظا لاقتصاد الأمة من الانهيار.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.