المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8200 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

Cosine
10-4-2020
موانع الزواج / المسكن
2024-03-24
خصائـص الاهـداف السـتراتيجـية
22-4-2022
Phonetic similarity and defective distribution
19-3-2022
كلام الامام عن الصديق
7-4-2016
تفسير الآية (20-28) من سورة لقمان
11-8-2020


في وضع المشتقّات  
  
1687   01:48 مساءاً   التاريخ: 8-8-2016
المؤلف : تقريرا لبحث السيد الخميني - بقلم الشيخ السبحاني
الكتاب أو المصدر : تهذيب الأصول
الجزء والصفحة : ج1. ص.148
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث اللفظية /

وفيه ينقّح عدّة مسائل:

الاُولى : في تعيين المادة الاُولى وكيفية وضعها:

اعلم أنّه قد وقع الكلام بين الأعلام في تعيين المادّة الاُولى وكيفية وضعها ، بعد اتّفاقهم على وجودها بين المشتقّات ، والمحكي عن البصريين : أنّها المصدر ، وعن الكوفيين : أنّها الفعل(1) ، وربّما يظهر من نجم الأئمّة : أنّ النزاع بين الطائفتين ليس إلاّ في تقدّم تعلّق الوضع بهذا أو ذاك ، لا في الأصلية والفرعية(2) .

وكيف كان : فبطلان الرأيين واضح ; لأنّ المادّة المشتركة لابدّ وأن تكون سائرة في فروعها بتمام وجودها ـ أعني حروفها وهيئتها ـ ومن المعلوم أ نّهما ليسا كذلك ; إذ هيئتهما آبية عن ورود هيئة اُخرى عليهما . اللهمّ إلاّ أن يوجّه بما سيأتي بيانه .

والتحقيق : أنّ لمادّة المشتقّات التي هي عارية عن جميع الهيئات ولا بشرط من جميع الجهات إلاّ عن ترتيب حروفها وضعاً مستقلاّ ، ولولا ذلك للزم الالتزام بالوضع الشخصي في جميع المشتقّات ; لعدم محفوظية ما يدلّ على المادّة لو لا وضعها كذلك ، وهو خلاف الوجدان والضرورة ، بل يلزم اللغوية منه مع إمكان ذلك ، مع ما نشاهد من اتقان الوضع .

ويشهد لذلك : أنّا قد نعلم معنى مادّة ونجهل معنى الهيئة ، كما لو فرض الجهل بمعنى هيئة اسم الآلة في مضراب ، مع العلم بمعنى الضرب ، فلا إشكال في أنّا نفهم أنّ للضرب هاهنا تطوّراً وشأناً ، وليس هذا إلاّ للوضع ، كما أنّ دلالة الهيئة على معناها مع الجهل بمعنى المادّة دليل على وضعها مستقلاّ نوعياً ، مع أنّ بعض المصادر قياسي ، فلابدّ له من مادّة سابقة .

ثمّ إنّ وضع المادّة شخصي ، ولا يلزم من تطوّرها بالهيئات أن يكون نوعياً كما قيل(3) ـ  وهي الحقيقة العارية عن جميع فعليات الصور  ـ فكأنّها هيولي عالم الألفاظ ، نظير هيولى عالم التكوين ، على رأي طائفة من أهل النظر(4) .

فإن قلت : إنّ اللفظ الموضوع لابدّ وأن يكون قابلا للتلفّظ به ، والمادّة الخالية عن التحصّل يمتنع التلفّظ بها .

قلت : إنّ الغاية من وضعها ليست الإفادة الفعلية حتّى تستلزم فعلية إمكان التنطّق بها .

والحاصل : أنّ الموادّ موضوعة بالوضع التهيّئي لأن تتلبّس بهيئة موضوعة ، ومثلها لا يلزم أن يكون من مقولة اللفظ الذي يتكلّم به .

لا يقال : المشهور بين أهل الأدب : أنّ اسم المصدر موضوع لنفس الحدث بلا  نسبة ناقصة أو تامّة ، بل المصدر أيضاً ـ كما هو المتبادر منهما ـ وعلى هذا فوضعهما للحدث لا بشرط بعد وضع المادّة له أيضاً فاقد لملاك الوضع ; لأنّ الهيئة فيهما لابدّ لها من وضع وإفادة زائدة على المادّة .

لأنّا نقول : إنّ الغاية من وضع المصدر واسمه إنّما هو لإمكان التنطّق بالمادّة ، من دون أن يكون لهيئتهما معنى وراء ما تفيد مادّتها .

والحاصل : أنّ المادّة وضعت لنفس الحدث ، لكن لا يمكن التنطّق بها ، وربّما يقع في الخواطر إظهار ذلك ، فوضعت هيئتها لا لإفادة معنى من المعاني ، بل لكونها آلة للتنطّق بالمادّة . وبذلك يصحّح قول البصريين بأصالة المصدر ، وقول بعض الأعلام بكون الأصل هو اسم المصدر ; لأ نّهما كالمادّة بلا زيادة .

فإن قلت : إنّ لازم ذلك هو دلالة المادّة على معناها ، وإن تحقّقت في ضمن هيئة غير موضوعة .

قلت : إنّ وضع الموادّ تهيّئي للازدواج مع الهيئات الموضوعة ، وبذلك يحصل لها ضيق ذاتي ، لا مجال معه لتوهّم الدلالة ; ولو في ضمن المهملات ، وسيأتي أنّ دلالة الموادّ كنفسها ، وتحصّلها مندكّة في الصورة ، وبه يدفع هذا الإشكال .

ثمّ إنّ هنا إشكالا آخر ، أشار إليه سيّد مشايخنا ، المحقّق السيّد محمّد الفشاركي ـ قدس سره ـ  ، وهو : أنّه يلزم على القول باستقلال كلّ من المادّة والهيئة في الوضع دلالتهما على معنيين مستقلّين ، وهو خلاف الضرورة . وحديث البساطة والتركّب غير القول بتعدّد المعنى ، وهذا ممّا لم يقل به أحد(5) .

قلت : إنّ دلالة المادّة على معناها ـ كوجودها ـ مندكّة في دلالة الهيئة وتحصّلها ; بحيث لايفهم منها إلاّ معنى مندكّ في معنى الهيئة .

وبالجملة : أنّ المادّة متحصّلة بتحصّل صورتها ، وهي مركّبة معها ـ تركيباً اتّحادياً ـ ودلالتها على المعنى أيضاً كذلك . فبين معاني المشتقّات ـ كألفاظها ودلالتها ـ نحو اتّحاد ، مثل اتّحاد الهيولي مع صورتها .

وأمّا ما أجاب به المحقّق المزبور ـ قدس سره ـ ـ من أنّ المادّة ملحوظة أيضاً في وضع الهيئات ، فيكون الموضوع هو المادّة المتهيّئة بالهيئة الخاصّة ، وهو الوضع الحقيقي الدالّ على المعنى وليس الوضع الأوّل إلاّ مقدّمة لهذا الوضع ، ولا نبالي بعدم تسمية الأوّل وضعاً ; إذ تمام المقصود هو الثاني ـ فلا يخلو من غموض ; إذ ما يرجع إلى الواضع هو الوضع فقط ، وأمّا الدلالة فهي أمر قهري الحصول بعد الاعتبار . وكونه مقدّمياً لا يوجب عدم الدلالة .

فحينئذ يلزم التعدّد في الدلالة على نفس الحدث ; إذ يستفاد من الوضع الأوّل ذات الحدث ، ومن الثاني الحدث المتحيّث بمفاد الهيئة .

 فحينئذ يلزم التركيب مع تعدّد الدلالة ، وهو أفحش من الإشكال الأوّل .

على أنّ هنا في الوضع الثاني تأمّلا ; إذ وضع كلّ مادّة مع هيئتها يستلزم الوضع الشخصي في المشتقّات ، ولو صحّ هذا لاستغنى عن وضع المادّة مستقلاّ .

والقول بأنّ معنى الوضع النوعي هو أنّ المشتقّات وُضعت بالوضع النوعي في ضمن مادّة ما فاسد غير معقول ; إذ مادّةٌ ما بالحمل الشائع غير موجودة ; لأنّه يساوق وجود المادّة المستلزم لتعيّنها وخروجها عن الإبهام ، وبالحمل الأوّلي لا ترجع إلى معنى معقول . فالتحقيق في دفع الإشكال هو ما عرفت .

الثانية : في وضع الهيئات :

وليس هنا مانع إلاّ عدم إمكان تصوّرها فارقة عن الموادّ ، أو عدم إمكان التنطّق بها بلا مادّة .

ولكنّك خبير بأنّهما غير مانعين عن الوضع ; إذ للواضع تصوّرها أو التلفّظ بها في ضمن بعض الموادّ ، مع وضعها لمعنى من المعاني ، مع إلغاء خصوصية المورد ; أعني تلك المادّة .

هذا ، والمشتقّات اسمية وفعلية ، وقد مرّ بعض الكلام في الاسمية منها(6) .

وأمّا الفعلية منها : فهي إمّا حاكيات كالماضي والمضارع ، أو موجدات كالأوامر ، وسيأتي الكلام في الثانية في محلّها ، فانتظر(7) .

وأمّا الحاكيات : فالذي يستظهر من عبائر بعض النحاة كونها موضوعة بإزاء الزمان ـ إمّا الماضي أو المستقبل ـ أو بإزاء السبق واللحوق على نسق المعاني الاسمية ; بحيث يكون هناك دلالات ومدلولات من الحدث والزمان الماضي أو بديله والصدور أو الحلول ، هذا ولكن الضرورة تشهد بخلافه .

والتحقيق : أنّ هيئات الأفعال كالحروف لا تستقلّ معانيها بالمفهومية والموجودية ، ويكون وضعها أيضاً ـ كالحروف ـ عامّاً والموضوع له فيها خاصّاً على التفصيل السابق(8) .

أ مّا كون معانيها حرفية : فلأنّ هيئة الماضي ـ على ما هو المتبادر منها ـ وضعت للحكاية عن تحقّق صدور الحدث من الفاعل ، وهو معنى حرفي ، أو تحقّق حلوله كبعض الأفعال اللازمة ، مثل حسن وقبح ، ومعلوم : أنّ الحكاية لا تكون عنهما بالحمل الأوّلي بل بالشائع ، وهو حرفي عين الربط بفاعله . وكذا في المضارع .

إلاّ أنّ الفرق بينهما : أنّ الأوّل يحكي عن سبق تحقّق الحدث ، والثاني عن لحوقه ، لكن لا بمعنى وضع اللفظ بإزاء الزمان أو السبق واللحوق ، بل اللفظ موضوع لمعنى ينطبق عليهما ; فإنّ الإيجاد بعد الفراغ عنه سابق لا محالة ، والذي يصير متحقّقاً بعد يكون لاحقاً .

ويمكن أن يقال بدلالتهما على السبق واللحوق بالحمل الشائع ; فإنّهما بهذا الحمل من المعاني الحرفية والإضافات التي لا تكون موجودة ومفهومة إلاّ تبعاً ، فيكون الماضي دالاّ على الصدور السابق بالحمل الشائع ، ولا يلزم منه الخروج عن الحرفية ولا التركيب فيها .

والتحقيق : أنّ دلالة الأفعال على الحدث وعلى سبق الصدور ولحوقه وعلى البعث إليه ليست دلالات مستقلّة متعدّدة ، بل لها نحو وحدة ، فكما أنّ المادّة والهيئة كأنّهما موجودتان بوجود واحد قابل للتحليل ، فكذلك أ نّهما كالدالّتين بدلالة واحدة قابلة للتحليل على معنى واحد قابل له . بيانه : أنّ تحقّق الصادر والصدور ليس تحقّقين ، كما أنّ الحالّ والحلول كذلك ، لكنّهما قابلان للتحليل في ظرفه .

وعلى هذا هما دالاّن على السبق واللحوق بالحمل الشائع ، ويستفاد من الماضي الصدور السابق بالإضافة حقيقة ، ومن المضارع الصدور اللاحق بالإضافة كذلك ، وليس الزمان ـ ماضياً كان أو مضارعاً ـ جزءً لمدلولهما ، بل من لوازم معناهما وتوابعه ; حيث إنّ وقوع الشيء أو لحوق وجوده يستلزمهما طبعاً .

 نعم لابدّ من الالتزام بتعدّد الوضع في المتعدّي واللازم ; لأنّ قيام المبدأ بالذات في الأوّل بالصدور وفي الثاني بالحلول .

والحاصل : أنّا لا ننكر استفادة السبق والحدث أو الصدور أو الحلول من الماضي ـ مثلا ـ بل ننكر تبادر هذه المعاني بنحو المعنى الاسمي وبنعت الكثرة ، بل المتبادر أمر وُحداني ; وهو حقيقة هذه المعاني بالحمل الشائع ; وإن كان يتحلّل عند العقل إلى معان كثيرة .

وإن شئت فاستظهر الحال من لفظ الجسم ومعناه ; حيث إنّ معناه أمر مركّب قابل للتحليل ، وكذلك الفعل فيما نحن فيه .

نعم ، الفرق بينهما : أنّ لفظ «ضرب» كمعناه مركّب من مادّة وصورة ، وكذا دلالته على معناه دلالة واحدة منحلّة إلى دلالات متعدّدة دون لفظ «الجسم» ودلالته ، فكما أنّ وحدة حقيقة الجسم لا تنافي التحليل كذلك وحدة فعل الفاعل ووحدة اللفظ الدالّ عليه لا تنافيه .

فتحصّل من جميع ذلك : أنّ لحاظ التحليل العقلي أوسع من متن الواقع ; إذ فيه يفكّ الصادر عن الصدور ، والحالّ عن الحلول ، والربط عن المربوط ، ويلاحظ كلّ واحد مستقلاّ بالملحوظية ، لكن إذا لوحظ الواقع على ما هو عليه لا يكون هناك تكثّر في الصدور والصادر وأشباههما .

الثالثة : في كيفية دلالة فعل المضارع على الحال

لا إشكال في اختلاف فعل المضارع في الدلالة :

فمنه : ما يدلّ على المستقبل ولا يطلق على الحال إلاّ شذوذاً ، مثل يقوم ويقعد ويذهب ويجيء ويجلس إلى غير ذلك ، فلا يطلق على المتلبّس بمبادئها في الحال .

ومنه : ما يطلق على المتلبّس في الحال بلا تأوّل ، مثل يعلم ويحسب ويقدر ويشتهي ويريد .

ومنه : الأفعال التي مبادئها تدريجية الوجود .

وما يقال من أنّ استعمال المضارع في التدريجيات باعتبار الأجزاء اللاحقة(9)  ممنوع ; لأنّـه لا يتمّ بالنسبـة إلى الأمثلـة المتقدّمـة ممّا كانت مبادئها دفعيـة ولها بقاء . فلا فرق من حيث المبدأ بين يقدر ويعلم وبين يقوم ويقعد . والالتزام بتعدّد الوضع بعيد .

ولا يبعد أن يقال : إنّ هيئة المضارع وضعت للصدور الاستقبالي ، لكنّها استعملت في بعض الموارد في الحال ; حتّى صارت حقيقة فيه .

ثـمّ إنّ هنـا جهـات اُخـر مـن البحث مربوطـة بالمشتقّـات الاسميـة ، سيأتي  الكلام فيها .

 

الرابعة : في اختلاف مبادئ المشتقّات

اختلاف مبادئ المشتقّات ; من حيث كون بعضها حرفة وصنعة ، أو قوّة وملكة لا يوجب اختلافاً في الجهة المبحوث عنها ، وإنّما الاختلاف في أنحاء التلبّس والانقضاء ، وهذا ممّا لا إشكال فيه .

إنّما الكلام في وجه هذه الاختلافات ; فأنّا نرى أنّ مفهوم التاجر والصائغ والحائك وأمثالها تدلّ على الحرفة والصناعة لا على الحدوث ، كما أنّ أسماء الآلات والمكان قد تدلّ على كون الشيء معدّاً لتحقّق الحدث بها أو فيها بنحو القوّة لا بنحو فعلية تحقّق الحدث بها أو فيها ، فما السرّ في هذا الاختلاف ؟ لأنّا نرى أنّ المصداق الخارجي من المفتاح يطلق عليه أ نّه مفتاح قبل أن يفتح ، وعلى المسجد أ نّه مسجد قبل أن يصلّي فيه .

ربّما يقال : إنّ هـذه المشتقّات مستعملـة في المعاني الحديثـة كسائـر المشتقّات ، وإنّما الاختلاف في الجـري على الذوات ، فقولنا : «هـذا مسجـد» ، و «هـذا مفتاح» كقولنا «هذا كاتب بالقوّة» ; حيث إنّ الكاتب مستعمل في معناه لا في الكاتب بالقوّة .

وكذا الكلام في أسماء الأزمنة والأمكنة والآلات ; فإنّ الجري فيها بلحاظ القابلية والاستعداد .

وأمّا ما يدلّ على الحرفة فسرّ الإطلاق فيه مع عدم التلبّس : أنّه باتّخاذه تلك المبادئ حرفة صار كأنّه ملازم للمبدأ دائماً(10) ، انتهى ملخّصاً .

وفيه : أنّ تلك المشتقّات مع قطع النظر عن الجري والحمل تفيد معاني غير معاني المشتقّات المتعارفة ، فالمسجد بمفهومه التصوّري يدلّ على المكان المتهيّئ للعبادة ، وكذا المفتاح ، وقس عليه التاجر والحائك ; حيث يدلّ كلّ واحد بمفهومه التصوّري على الحرفة والصنعة قبل الجري والحمل .

ويمكـن أن يقال ـ بعد عـدم الالتزام بتعدّد الأوضاع ـ : إنّ ما يـدلّ على الصنعـة ـ والحرفة قد استعمل في تلك المعاني أوّلا بنحو المجاز حتّى صارت حقيقـة ; إمّا باستعمال الموادّ في الصنعـة والحرفـة أو استعمال مجموع المادّة والهيئـة مجازاً ، باعتبار أنّ المشتقّات كأنّها كلمة واحدة ـ مادّة وهيئة ـ كسائر العناوين البسيطة .

ولكن هذا أيضاً لا يخلو من بُعد ، وعلى فرض صحّته ليست العناية المصحّحة فرض الفترات كالأعدام ، ورؤيـة المبدأ الفعلي حاصلا ; لكون ذلك خلاف المتبادر ; فإنّـا لانفهم مـن التاجـر ومثلـه إلاّ مَن كـان حرفته كـذلك ، لا المشتغل بفعل التجارة دائماً ، كما هو واضح .

وممّا ذكرنا يتّضح الحال في أسماء المكان والآلات ، مع أ نّه يمكن أن يقال في المسجد والمحراب ونظائرهما : إنّها قد انقلبت عن الوصفية إلى الاسمية ، فكأنّها أسماء أجناس لا يفهم العرف منها إلاّ ذات تلك الحقائق ، ولا ينسبق المبادئ إلى الذهن رأساً ، وكذا في أسماء الآلات .

بل يمكن أن يقال : إنّ المفهوم من مكان السجدة وآلة الفتح ليس إلاّ ما يعدّ لهما ، لا المكان الحقيقي الذي تضاربت فيه آراء الحكماء والمتكلّمين ، ولا الآلة الفعلية للفتح .

فحينئذ يمكن أن يلتزم بأنّ هيئة اسم الآلة وضعت لها ، وتكون في نظر العرف بمعنى ما يعدّ لكذا ، وهيئة اسم المكان لمكان الحدث ; أعني المكان الذي يراه العرف معدّاً لتحقّق الشيء فيه ، لكنّه لا يطّرد ذلك بالنسبة إلى الثاني ; وإن كان غير بعيد بالنسبة إلى الأوّل .

 وبعد ، فالمسألة لاتخلو من إشكال .

الخامسة : في المراد بـ «الحال» في العنوان

بعد مـا أشرنا إلى أنّ الكلام في المشتقّ إنّما هـو في المفهوم اللغوي التصوّري يتّضح لك : أنّ المراد بـ «الحال» في العنوان ليس زمان الجري والإطلاق ولا زمان النطق ولا النسبة الحكمية ; لأنّ كلّ ذلك متأخّر عن محلّ البحث ، ودخالتها في الوضع غير ممكنة ، وبما أنّ الزمان خارج عن مفهوم المشتقّ لا يكون المراد زمان التلبّس .

بل المراد : أنّ المشتقّ هل وُضع لمفهوم لا ينطبق إلاّ على المتّصف بالمبدأ أو لمفهوم أعمّ منه ؟

وإن شئت قلت : إنّ العقل يرى أنّ بين أفراد المتلبّس فعلا جامعاً انتزاعياً ، فهل اللفظ موضوع لهذا الجامع أو الأعمّ منه ؟

وممّا ذكرنا مـن أنّ محطّ البحث هـو المفهوم التصوّري يندفع ما ربّما يتوهّم أنّ الوضع للمتلبّس بالمبدأ ينافي عدم التلبّس به في الخارج ; خصوصاً إذا كان التلبّس ممتنعاً ـ كالمعدوم والممتنع ـ للزوم انقلاب العدم إلى الوجـود ، والامتناع إلى الإمكان(11) .

وجه الدفع : أنّ التالي إنّما يلزم ـ  على إشكال فيه  ـ لو كان المعدوم ـ  مثلا  ـ وضع لمعنى تصديقي ; وهو كون الشيء ثابتاً له العدم ، ومعه يلزم الإشكال ـ  ولو مع الوضع للأعمّ أيضاً  ـ وسيأتي(12)  أنّ معنى المشتقّات ليس بمعنى شيء ثبت له كذا حتّى يتمسّك بالقاعدة الفرعية .

وأمّا ما ربّما يجاب : بأنّ كون الرابط لا ينافي الامتناع الخارجي للمحمول(13)  فلا يدفع الإشكال به ; وذلك لأنّ الكون الرابط وإن كان لا ينافي كون المحمول عـدماً أو ممتنعاً ـ على تأمّل فيه ـ لكن لا يمكن تحقّقه إذا كان الموضوع معـدوماً أو ممتنعاً ، كما فيما نحن فيه ; إذ في مثل «زيد معدوم» و«شريك البارئ ممتنع» لا يمكن تحقّق الكون الرابط ، وسيوافيك أنّ هذه القضايا في قوّة المحصّلات من القضايا السالبة ، فارتقب(14) .

____________________________________

1 ـ شرح الكافية في النحو 2 : 191 ، شرح ابن عقيل 1 : 559 .

2 ـ شرح الكافية في النحو 2 : 192 .

3 ـ نهاية الأفكار 1 : 125 ، بدائع الأفكار (تقريرات المحقّق العراقي) الآملي 1 : 156 .

4 ـ شـرح الإشـارات 2 : 36 ـ 47 ، الحكمـة المتعاليـة 5 : 65 ـ 219 ، شـرح المنظومـة ، قسم الحكمة : 214 ـ 219 .

5 ـ وقاية الأذهان : 161 .

6 ـ تقدّم في الصفحة 140 .

7 ـ يأتي في الصفحة 191 .

8 ـ تقدّم في الصفحة 31 .

9 ـ درر الفوائد ، المحقّق الحائري : 60 .

10 ـ نهاية الدراية 1 : 183 ـ 186 .

11 ـ اُنظر نهاية الدراية 1 : 191 .

12 ـ يأتي في الصفحة 181 .

13 ـ نهاية الدراية 1 : 191 .

14 ـ يأتي في الصفحة 413 ـ 466 .




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.