أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-9-2016
2716
التاريخ: 5-8-2016
1317
التاريخ: 30-8-2016
1839
التاريخ: 9-8-2016
1593
|
...إن دلالة اللفظ على المعنى هي أن يؤدي تصور اللفظ إلى تصور المعنى، ويسمى اللفظ دال والمعنى الذي نتصوره عند سماع اللفظ مدلول .
وهذه الدلالة لغوية، ونقصد بذلك أنها تنشأ عن طريق وضع اللفظ للمعنى، لان الوضع يوجد علاقة السببية بين تصور اللفظ وتصور المعنى، وعلى أساس هذه العلاقة تنشأ تلك الدلالة اللغوية ومدلولها هو المعنى اللغوي للفظ.
ولا تنفك هذه الدلالة عن اللفظ مهما سمعناه ومن أي مصدر كان، فجملة الحق منتصر إذا سمعناها انتقل ذهننا فورا إلى مدلولها اللغوي سواء سمعناها من متحدث واعٍ أو من نائم في حالة عدم وعيه، وحتى لو سمعناها نتيجة لاحتكاك حجرين، فإن الجملة في جميع هذه الحالات تدل دلالة لغوية أي تؤدي بنا إلى تصور معناها اللغوي فنتصور معنى كلمة الحق ونتصور معنى كلمة منتصر ، ونتصور النسبة التامة التي وضعت هيئة الجملة لها، وتسمى هذه الدلالة لأجل ذلك دلالة تصورية .
ولكنا إذ قارنا بين تلك الحالات وجدنا أن الجملة حين تصدر من نائم أو تنتج نتيجة عن احتكاك بين حجرين لا يوجد لها إلا مدلولها اللغوي ذاك، ويقتصر مفعولها على ايجاد تصورات للحق والانتصار والنسبة التامة في ذهننا وأما حين نسمع الجملة من متحدث واع فلا تقف الدلالة عند مستوى التصور بل تتعداه إلى مستوى التصديق، إذ تكشف الجملة عندئذ عن أشياء نفسية في نفس المتكلم فنحن نستدل عن طريق صدور الجملة منه على وجود إرادة استعمالية في نفسه، أي إنه يريد أن يخطر المعنى اللغوي لكلمة الحق وكلمة المنتصر وهيئة الجملة في أذهاننا وأن نتصور هذه المعاني كما نعرف أيضا أن المتكلم إنما يريد منا أن نتصور تلك المعاني لا لكي يخلق تصورات مجردة في ذهننا فحسب بل لغرض في نفسه، وهذا الغرض الاساسي هو في المثال المتقدم أي في جملة الحق منتصر غرض الاخبار عن ثبوت الخبر للمبتدأ، فإن المتكلم إنما يريد منا أن نتصور معاني الجملة لأجل أن يخبرنا عن ثبوتها في الواقع، ويطلق على الغرض الاساسي في نفس المتكلم اسم الارادة الجدية .
وتسمى الدلالة على هذين الامرين الارادة الاستعمالية والاراد الجدية دلالة تصديقية ، لأنها دلالة تكشف عن إرادة المتكلم وتدعو إلى تصديقنا بها لا إلى مجرد التصور الساذج، كما نسميها أيضا ب الدلالة النفسية ، لان المدلول هنا نفسي، وهو إرادة المتكلم.
وهكذا نعرف أن الجملة التامة لها إضافة إلى مدلولها التصوري اللغوي مدلولان:
نفسيان: أحدهما الارادة الاستعمالية، إذ نعرف عن طريق صدور الجملة من المتكلم أنه يريد منا أن نتصور معاني كلماتها.
والآخر الارادة الجدية، وهي الغرض الاساسي الذي من أجله أراد المتكلم أن نتصور تلك المعاني.
وأحيانا تتجرد الجملة عن المدلول النفسي الثاني، وذلك إذا صدرت من المتكلم في حالة الهزل لا في حالة الجد، ولم يكن يستهدف منها إلا مجرد إيجاد تصورات في ذهن السامع لمعاني كلماتها، فلا توجد في هذه الحالة إرادة جدية بل إرادة استعمالية فقط.
والدلالة التصديقية ليست لغوية، أي أنها لا تعبر عن علاقة ناشئة عن الوضع بين اللفظ والمدلول النفسي، لان الوضع إنما يوجد علاقة بين تصور اللفظ وتصور المعنى لا بين اللفظ والمدلول النفسي، وإنما تنشأ الدلالة التصديقية من حال المتكلم، فإن الانسان إذا كان في حالة وعي وانتباه وجدية وقال:
الحق منتصر يدل حاله على أنه لم يقل هذه الجملة ساهيا ولا هازلا وإنما قالها بإرادة معينه واعية.
وهكذا نعرف أنا حين نسمع جملة كجملة الحق منتصر نتصور المعاني اللغوية للمبتدأ والخبر والهيئة بسبب الوضع الذي أوجد علاقة السببية بين تصور اللفظ وتصور المعنى، ونكتشف الارادة الواعية للمتكلم بسبب حال المتكلم، وتصورنا ذلك يمثل الدلالة التصورية واكتشافنا هذا يمثل الدلالة التصديقية والمعنى الذي نتصوره هو المدلول التصوري واللغوي للفظ، والارادة التي نكتشفها في نفس المتكلم هي المدلول التصديقي والنفسي الذي يدل عليه حال المتكلم.
وعلى هذا الاساس نكتشف مصدرين للدلالة:
أحدهما اللغة بما تشتمل عليها من أوضاع، وهي مصدر الدلالة التصورية، لأنها تقيم علاقات السببية بين تصور الالفاظ وتصور المعاني.
والآخر حال المتكلم، وهو مصدر الدلالة التصديقية، أي دلالة اللفظ على مدلوله النفسي التصديقي، فإن اللفظ إنما يكشف عن إرادة المتكلم إذا صدر في حالة يقظة وانتباه وجدية، فهذه الحالة إذن هي مصدر الدلالة التصديقية، ولهذا نجد أن اللفظ إذا صدر من المتكلم في حالة نوم أو ذهول لا توجد له دلالة تصديقية ومدلول نفسي.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|