أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-7-2016
7708
التاريخ: 28-7-2016
8677
التاريخ: 28-7-2016
1492
التاريخ: 28-7-2016
6902
|
إن عدة حروف المعجم في العربية تسعة وعشرون حرفاً، وضعت على تسعة عشر شكلاً، منها ما يشترك في الصورة الواحدة الحرفان، كالدال والذال، والراء والزاي، والسين والشين، ومنها ما يشترك ثلاثة في الصورة الواحدة كذلك كالباء والتاء والثاء، والجيم والحاء والخاء. ومنها ما ينفرد بصورة واحده كالألف. ومنها ما لا يلتبس في حالة الافراد فاذا ركب ووصل بغيره التبس كالنون والقاف، فإن النون في حالة الافراد منفرده بصورة، فإذا ركبت مع في أول كلمة أو وسطها اشتبهت بالباء، وما في معناها. والقاف اذا كانت منفرده لا تلتبس فاذا وصلت بغيرها أولاً أو وسطاً التبست بالفاء فاحتيج الى مميز يميز بعض الحروف من بعض من نقط أو إهمال ليزول اللبس، ويذهب الاشتراك(1).
وما كان الشكل لولا الحاجة اليه، وإبعاد القارئ عن مواضع الالتباس، ولعل العرب الأوائل ما كانوا يميلون اليه، وربما تصوره منقصة بالمرسل اليه، وسوء ظن به، (وقد حكى المدائني عن بعض الأدباء أنه قال : كثرة النقط في الكتابة سوء ظن بالمكتوب اليه)(2).
أما تاريخ النقط أو الاعجام فيعود الى نشأة الكتابة، وقصة وضع الحروف من قبل ثلاثة من رجال قبيلة بولان(3) الذين أشرنا اليهم من قبل، فقد وضع مُرار بن مرة الصور، ووضع الوصل والفصل أسلم بن سدرة، ووضع عامر بن جدرة الاعجام، ويفهم من هذه الرواية أن الاعجام وضع مع وضع الحروف.
ص147
وتذهب الرواية الثانية الى وضع الشكل المعروف بنقط المصاحف من قبل أبي الأسود الدولي (69هـ) في زمن الامام علي أو ابن زياد، وهي تعني أن الحروف وضعت في أول نشأتها عارية من النقط أو الحركات غير أن فشو اللحن واستفحال أمره دعا المسلمين الى التفكير بصون كلامهم المكتوب، فكان ما كان من أمر أبي الأسود الدؤلي مع زياد بن أبيه حينما دعاه الى وضع شيء يصلح به كلام الناس، وامتناع أبي الأسود بادئ الأمر عن ذلك، وعودته اليه بعد أن رأى أعرابياً يقرأ : (ان الله بريء من المسلمين ورسول) بالكسر، فطلب من ابن زياد أن يأتيه بكاتب لقن، فوجده في بني عبد القيس(4). وطلب منه أن يأتي بالمصحف ومداد يخالف لون مداد المصحف، وقال له: استمع الي فاذا وجدتني فتحت شفتي بحرف فاجعل نقطة فوقه، واذا انا كسرتها عند نطقي بالحروف فاجعل نقطة تحته، واذا ضممتها فاجعل النقطة الى جانب الحرف الذي نطقت به، واذا اتبعت شيئا من الحركات " غنة " اي تنوينا، فاجعل النقطة نقطتين. وكلما فرغ من صفحة راجعها ابو الاسود حتى فرغ من نسخ المصحف على هذه الصورة.
ان عدد الحركات لم يكن معروفا عند ابي الاسود، ولا كان معروفا عند من سبقوه، ولكن بتجربته الميدانية التطبيقية توصل الى عدد هذه الحركات كما توصل الى معرفة التنوين، وتم الرمز للحركات بالنقاط على يده كما ياتي : -
1. الفتحة، ورمزها نقطة فوق الحرف. __ • __
2. الكسرة، ورمزها نقطة تحت الحرف. ̅̅̅ ̅ • ̅̅̅̅̅ ̅
3. الضمة، ورمزها نقطة بين يدي الحرف. ـــــــ •
4. التنوين بالفتحة، ورمزه نقطتان فوق الحرف. __ :__
5. التنوين بالكسرة، ورمزها نقطتان تحت الحرف. __ __:
6. التنوين بالضمة، ورمزها نقطتان بين يدي الحرف. ____ :
ومما يجب التنويه عنه ان ابا الاسود الدؤلي هو اول من اطلق لفظة " غنة " لتعني التنوين(5).
اما الحرف الساكن فقد تركه(6).
ص148
اما شكل هذه النقاط فقد اختلفت صوره، فمنهم من رسمها مدورة مسدودة الوسط، ومنهم من جعلها مدورة مجوفة الوسط، وزاد اهل المدينة للحرف المشدد علامة شكل قوس طرفاة الى الاعلى توضع فوق الحرف المفتوح وتحت الحرف المكسور، وعلى يسار الحرف المضموم. ثم زيدت علامات اخرى، فوضع للسكون جرة افقية فوق الحرف(7).
وقد اتبع اهل مكة طريقة ابي الاسود في نقط المصاحف، وتبعهم اهل البصرة، ثم المدينة. وكانوا يرسمون هذه الحركات باللون الاحمر. وخصوا الهمزة باللون الاصفر، فيما اقتصر اهل العراق على اللون الاحمر للحركات والهمزات.
ونحن لا نرجح ان يكون ابو الاسود قد استعان بطريقة السريان في وضع رموز الشكل للكتابة العربية جراء مخالطته اياهم(8). كما اننا لا نميل الى الاخذ بالاراء التي تسلب علماءنا قدراتهم على التجديد والابتكار، فليس كثيرا على ابي الاسود ان يضع نظاما خاصا بالحركات، وهو العالم الذي وضع اسس النحو العربي.
وقد ظلت طريقة ابو الاسود مستعملة في الكتابة العربية حسب امزجة الكتاب ومقاصدهم اذ تقيد من تقيد بها حتى مجيء الخليل بن احمد ( 175 هـ ) الذي وضع رموزه الخاصة التي اقتطعتها من صور الحروف، فاللفتحة الف مضطجعة فوق الحرف، وللكسرة ياء تحته، وللضمة واو اعلاه، وللسكون دائرة تشبه الميم التي تشير الى الجزم الذي اقتطعت منه. وللتشديد رأس شين اشارة اليه. وللهمزة راس عين، وللوصل راس صاد، اشارة الى لفظه " صِل "، وللمد ميم ودال متصلتان على الحرف الممدود تشير الى لفظه " مد "، كما وضع الخليل علامة الامارة على شكل دائرة مفتوحة تحت الحرف الممال مثل مجراها.
ان عملية تطويع الحرف العربي للتعبير عن الاصوات المختلفة وبخاصة الامم التي دخلت في الاسلام ماكانت لتتم لولا البدايات التي بدأها ابو الاسود، ومن ثم محاولات الخليل، ومن جاء بعدهما وتولى عملية اصلاح الحرف العربي.
ص149
اما الاعجام فيعود تاريخه الى زمن عبد الملك بن مروان حينما كثر التصحيف والتحريف لكثرة الاعاجم الذين دخلوا في الاسلام. فوضع بأمر من الحجاج من قبل تلميذي ابي الاسود نصر بن عاصم (89 هـ ) ويحيى بن يعمر (129 هـ ) لتمييز الحروف المتشابهة بعضها مع بعض، فعم وضع النقط او الاعجام فوق او تحت الحروف افرادا وازواجا، وخالف بين اماكنها، وهكذا ظل الناس يكتبون حروفا منقوطة، " ونقطت الحروف بنفس مداد الكتابة لان نقط الحرف جزء منه "(9).
بلغ عدد الحروف المنقوطة خمسة عشر حرفا بعدد منازل القمر المختفية وهي الاربعة عشر التي تحت الارض(10)، والواحدة تحت الشعاع اشارة الى انها تحتاج الاظهار لاختفائها، وهي : الباء، والتاء، والثاء، والجيم، والخاء، والذال، والزاي، والشين، والضاد، والظاء، والغين، والفاء، والقاف، والنون، والياء.
وقد رسم اتباع نصر بن عاصم النقط بصور مختلفة، فقد رسمها بعضهم مدورة مسدودة الوسط، وجعلها بعضهم مدورة خالية، وبعضهم جعلها على شكل معين...(11).
ويرى بعضهم ان للنقط صورتين، احداهما على شكل مربع والاخر مستدير(12).
وكما اتخذ لون الحمرة من قبل للشكل اتخذ لون الحمرة والصفرة للنقط.
فقد اتخذت الحمرة للحركات والتنوين والتشديد والتخفيف والسكون والوصول والمد، كما جعلت الصفرة للهمزات خاصة(13).
اما وضع النقاط على الحروف او تحتها فقد كان يتم بموجب نظام خاص متعارف عليه بين الكتاب. فاذا كانت نقطتان على الحرف وضعت احداهما فوق الاخرى او موازية لها الا اذا كان الحرف المنقوط مجاورا حرفا اخر منقوطا فيتحتم وضع نقطة فوق اخرى حتى لا يحصل التباس في الاشكال فتزحف النقطة من موضعها الى الحرف المجاور.
ص150
واذا كان الحرف من ذوات الثلاث نقاط كالثاء مثلا وضعت بشكل هرمي اي واحدة فوق اثنتين، اما الشين فيجوز وضع نقاطه في سطر واحد او وضع واحدة فوق اثنتين، وذلك سعة حرف الشين بخلاف الثاء المثلة كما يقول القلقشندي (14).
وبهذا استطاع العرب المسلمون صون لغة القران الكريم والحفاظ على الكتابة العربية من عجمة الدخيل بعد ان ضلوا دهرا يستخفون بمن يحاول وضع الشكل ويعدونه عيبا في المرسل اليه، وانتقاصا منه، وازراء بالمكتوب اليه.
وقد " كره الكتاب الشكل والاعجام الا في المواضع الملتبسة من كتب العظماء الى من دونهم، فاذا كانت الكتب ممن دونهم، فاذا كانت الكتب ممن دونهم اليهم ترك ذلك في الملبس وغيره، اجلالا لهم على ان يتوهم عنهم الشك، وسوء الفهم، وتنزيها لعلومهم، وعلو معرفتهم عن تقييد الحروف " (15).
الشد :
التضعيف ظاهرة صوتية نظر اليها العرب بعين الاعتبار حينما عبر عن الاصوات بالحروف والحركات، وكانت من نتائج المرحلة الثانية من مراحل تطوير الكتابة وضع رمز للتضعيف اي الشد، وقد رسم التشديد بطريقتين، طريقة النقط، وطريقة صورة حرف الشين او رأس الشين وعلى النحو التالي : -
1. الشد بالفتح – ويكون على شكل قوس طرفاه الى اعلى، او نصف دائرة، او دال قائمة الجناحين فوق الحرف ن ونقطة في وسطها دلالة على الفتح.
2. الشد بالكسر : دال مقلوبة، وترمز النقطة فيها الى الكسر .
3. الشد بالضم هكذا __ وترمز النقطة للضم.
وفي الطريقة الثانية تكون كالاتي :
1. الشد بالفتح .
2. الشد بالكسر .
3. الشد بالضم .
ص151
وهو من عمل الخليل بن احمد الفراهيدي حيث انتقل برمز الشد من مرحلة نصف الدائرة الى رأس الشين، وقدم اضافات اخرى الى الكتابة العربية لم يستطيع احد بعده ان يضيف اليها شيئأ الى يومنا هذا حيث استوفت كل مقوماتها الوظيفية (16) فاليه يعود الفضل في وضع الهمز والتشديد في العربية (17).
ويذهب الدكتور احمد مختار عمر الى القول : " ثم اخترع اهل المدينة بعد ذلك علامة التشديد وهي قوس طرفاه الى اعلى هكذا ب يوضع فوق الحرف المفتوح وتحت المكسور، وعلى شمال المضموم، اما الفتحة فكانت توضع داخل القوس بْ، والكسرة تحت ب• ، والضمة في شماله بْ ثم استغنوا عن النقط في حالة استخدام الشدة، واصبحت الفتحة مع الشدة ، ومع الكسرة ، ومع الضمة ".
ص152
_________________
(1) انظر : الفهرست 150 وصبح الأعشى 3 / 149.
(2) صبح الأعشى 3 / 150.
(3) انظر ص 7، وصبح الأعشى 3 / 151.
(4) المحكم في نقط المصاحف 4، ووفيات الاعيان 2 / 217.
(5) المجلة العربية للثقافة – مارس 1983.
(6) الفهرست 45، وقصة الكتابة 51، والبحث اللغوي عند العرب 61.
(7) نشأة وتطور الكتابة الخطية 91.
(8) اطوار الثقافة والفكر 435، وقد اشار الى ذلك انيس فريحة في كتابه " في اللغة العربية وبعض مشكلاتها " ص 156 بقوله : " ولا شك ان العرب اخذوا الفكرة عن جيرانهم من الشعوب السريانية.... ".
(9) صبح الاعشى 3 / 156.
(10) التنبيه على حدوث التصحيف 36.
(11) تتاريخ الخط العربي وآدابه 77.
(12) صبح الاعشى 3 / 155، والخط العربي.... سهيلة الجبوري 59.
(13) المقنع 126.
(14) صبح الاعشى 3 / 55 – 156.
(15) ادب الكتاب – الصولي 57.
(16) الحرف العربي واللغات الافريقية ( المجلة العربية للثقافة عدد مارس 1983 ) ص 153 .
(17) الاتقان في علوم القران 2 / 171 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|