أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-4-2018
2377
التاريخ: 6-12-2021
1807
التاريخ: 20-4-2018
2626
التاريخ: 24-11-2019
2006
|
هي الأساس في كل مشاكل مصر، فقد أضحى التضخم السكاني يسبب الخلل في التوازن بين موارد مصر وحاجات ساكنيها، وبالنمو السكاني السريع تتسع الفجوة، وينخفض مستوى معيشة الفرد والأسرة، ويهبط المستوى الاجتماعي الى مزيد من التخلف، الذي يؤدي الى ضعف القدرة على الانتاج، نتيجة لتدني خصائص السكان، وتبعاً لذلك كله تزداد المشكلة حدة وتفاقما.
ومن الواضح أن الأرض الزراعية هي قاعدة الانتاج، فهل زادت مساحة الأرض الزراعية، وتضاعف الانتاج الزراعي بحيث واكب الزيادة السكانية المطردة والسريعة؟
إن من ينظر الى أرقام جدول رقم 8 (تطور المساحة الزراعية والمساحة المحصولية ونصيب الفر دم نكل منهما) سيلاحظ ما يلي:
1- الاختلاف الكامل بين المساحة الزراعية والمحصولية والسكان، فالأراضي بطيئة النمو والتوسع أفقيا ورأسياً، والسكان في تزايد سريع، صراع غير متكافئ استمر على مدى قرنين من الزمان بين الأرض المزروعة والسكان ولا نغالي حينما ندعي أن هناك نقصاً في كل شيء بمصر، إلا الصحراء والسكان.
2- إن مساحة الأرض المزروعة في عام 1800 كان يبلغ نحو (2) مليون فدان، وكانت الأرض تزرع مرة واحدة في السنة بعد انتهاء موسم الفيضان فيما يُعرف بالموسم الشتوي، وكانت المحاصيل الأساسية هي القمح والشعير والفول والعدس والحلبة والبصل والخضرة بالإضافة الى مساحات محدودة كانت تروى صيفاً برفع المياه بالسواقي، وكانت المحاصيل الصيفية هي الذرة والخضرة، وكان نصيب الفرد من الأرض الزراعية 0,8 من الفدان، تكفي لإعالة الفرد الواحد.
3- بقي حال الأرض والسكان على ما هو عليه تقريباً حتى أواخر القرن التاسع عشر، حين تم بناء وتشغيل القناطر الخيرية (اعتباراً من عام 1860)، ثم إنشاء خزان أسوان عام 1902، وتمت تعليته مرتين, مع إقامة سلسلة من القناطر الواحدة تلو الأخرى على مجرى النهر، لضبط تصرف مياهه، وتوزيعها على أراضي الوادي والدلتا بنظام المناوبات، ثم إنشاء السد العالي، وتبعاً لذلك زادت مساحة الأراضي الزراعية والمساحة المحصولية، نتيجة للتوسع في الري الدائم، كما أدخلت الى الزراعة المصرية محاصيل جديدة ومتنوعة.
4- رغم التوسع الزراعي الأفقي والرأسي، فإن التزايد السكاني كان سريعاً غالباً والنتيجة، كما يوضحها الجدول، استمرار انخفاض نصيب الفرد، الى أن وصل الى نسبة متدنية سيئة مقدارها 0,125 من الفدان، أي نحو ثلاثة فراريط فقط، بعد أن كان في مطلع القرن العشرين نحو 17,04 قيراطاً، أي نصيب الفرد في نهاية القرن العشرين هبط الى سدس نصيبه في بداية ذات القرن العشرين.
وفيما يختص بإنتاج الأرض من الغذاء اللازم لكل فرد يلاحظ ما يلي:
1- لم تكن الزيادة السكانية خلال القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، تؤثر كثيراً على نصيب الفرد من الغذاء الذي يكفيه، نظرا للتوسع الكبير في مساحة الأرض المزروعة، والمساحة المحصولية، وتوفير مياه الري , كانت الزيادة السكانية اعتباراً من عام 1952 أسرع في معدلها من التوسع الزراعي الأفقي (استصلاح أراضي جديدة وزراعتها) والتوسع الرأسي (في مساحة المحصولية) مما أدى إلى خلل بين ما تنتجه الأراضي الزراعية من المحاصيل الأساسية مثل القمح، وما يحتاجه السكان من الحبوب الغذائية.
والجدول السابق (رقم 2) يوضح تطور مساحة الأراضي المزروعة قمحاً من عام 1950 وحتى عام 1996، وحجم الإنتاج والاستهلاك, وعلى الرغم من أن نسبة التغير أو الزيادة الانتاجية لفدان القمح وصلت الى 305% فيما بين عامي 1950 (5,18 أردب) وعام 1996 (15 أردبا)، فإن الزيادة المطردة السريعة للسكان، لم تكفها هذه الزيادات الإنتاجية، وكان لزاماً على الحكومة أن تستورد محصولات غذائية أهمها القمح, والجدول التالي (رقم 3) يوضح تطور حجم الاستيراد من القمح خلال عشرين عاماً.
يضاف الى ذلك ما تم استيراده من محاصيل أخرى خاصة البقول وزيوت الطعام والشحوم، فضلا عن اللحوم ومنتجات الألبان.
ومن الواضح أن الإنتاج الغذائي ينمو بطيئاً متثاقلاً بالنسبة للطفرات السكانية، أكثر مما ننتج، ويكاد الاستيراد يتفوق على الإنتاج المحلي، وبالتالي تزداد مصر تحولاً الى دولة عجز، ودولة مدينة باستمرار بصورة مزعجة بل ومؤسفة حقاً, لكن ينبغي أن لا نغفل قطاعات الاقتصاد الأخرى، فالنشاط الصناعي والتعديني قد شهد طفرة في النصف الثاني من القرن العشرين، ولهذا ينبغي أن نلجأ الى المقياس الحقيقي للعلاقة بين السكان والإنتاج، وهو الدخل القومي، ومن خلال دخل الفرد.
تشير الاحصائيات المتاحة الى زيادة مطردة واضحة في الدخل القومي، ومن ثم في دخل الفرد منذ بدايات هذا القرن العشرين وحتى الآن (2001)، لكن الزيادة شكلية مضللة، لأن القوة الشرائية للجنيه، وهي القيمة الحقيقية، قد تغيرت تغيراً جذرياً، ولهذا يمكن القول، على أفضل الفروض، أن دخل الفرد ظل ثابتاً، فالواقع أن الاسعار زادت بوجه عام وبنسب تفوق نسب الزيادة في الأجور، وكل ما استطاعت الجهود الاقتصادية التي بذلت خلال النصف الثاني من القرن العشرين، أن تحافظ بالكاد على مستوى الدخل الحقيقي للفرد الذي كان موجوداً في النصف الأول من هذا القرن.
ومن الواضح أن مصر تعاني الآن من كثافة السكان، واكتظاظ الريف، وانخفاض مستوى الدخل، والغلاء، والفقر، وارتفاع نسبة البطالة، والنقص في الإنتاج، وتضخم حجم القطاع الثالث المتمثل في وظائف التجارة والخدمات، بما فيها الإدارة البيروقراطية، وهو القطاع الذي يمتص أكثر من نصف القوى العاملة في مصر، والأخير مقياس مؤثر لإفراط السكان، ومؤشر فعال يدل عليه، لأنه قطاع يضم نشاطات طفيلية غير منتجة مادياً، وهو تحول معني لا يحل مشكلة الإنتاج والعمالة، بل إنه يحسب تحايلاً على مشكلة البطالة، وهو في النهاية قطاع مستهلك غير منتج، يضاف الى البطالة المقنعة في الريف والزراعة، والواقع أن كل المهن والحرف في مصر، ومنها الصناعة أيضاً، تتضمن قدراً، يزيد أو ينقص، من التضخم، وفائض في شكل عمالة زائدة، ناهيك عن العمالة الزائدة والموظفين في القطاع العام والقطاع الحكومي، إن ربع عددهم الحالي كافٍ تماماً للقيام بمهامهم دون أدنى خلل في كفاءة بل إن كثرتهم هي السبب في تعطيل القيام بواجبات العمل.
إن ما تعاني منه مصر ليس إفراط سكاني عددي، ولكنه إفراط سكان مختلف تكنولوجيا وماديا، وهنا نرى التناقض الحاد المتزايد بين الكم والكيف، بين حجم السكان، ومستوى المعيشة، وأصبحت مصر بيئة طاردة مملوءة بقوة الطرد القاسية، ومع الهوة الطبقية الجديدة المتنامية، ومع انقلاب الهرم الطبقي، الذي يبدو معوجاً على كل أضلاعه، تضخمت الأثرة، وتوارى الإيثار، وضعف الشعور بالانتماء، وأضحى المصري يحسب بالاغتراب، ليس في دول البترول، حيث يعتصر جهداً وعملاً في ظروف تحكمية قاسية، ولكن في بلده ايضاً حيث ينوء تحت عبء قهر الفقر واشتعال نار ارتفاع الأسعار.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|