أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-6-2016
4757
التاريخ: 20-5-2018
2037
التاريخ: 7-12-2021
2657
التاريخ: 22-11-2021
2075
|
إن الدور الذي تلعبه المرتفعات في الاستيطان أكثر تعقيدان من دور المناخ، ذلك أن التضاريس تظهر تدرجاً وتنوعا في مختلف النطاقات المناخية، فإذا كانت التضاريس تتألف من سلاسل جبلية ضخمة، وتتميز بمنحدرات شديدة، وخوانق ضيقة، وصخور ممزقة قاحلة، فإنها لن تكون مناسبة بأي حال لمعيشة الإنسان، مهما تكن ارتفاعاتها؛ أما إذا احتوت على أودية فسيحة، وأحواض مفتوحة، فإن خصائصها حينئذ تسمح باستغلال وتعمير بشري، وإذا ما كانت الجبال تقع في منطقة باردة، فإنها تزيد من حدة البرودة والرطوبة، ولا تصلح لسكنى البشر، أما إذا كانت تمتد في نطاق حار، أو في صحراء، فإنها تصبح بيئة باردة نسبياً، وتكون ملائمة لسكنى الإنسان، ومن ثم فإن تأثير الجبل يرتبط ويتعلق بمدى الارتفاع، والموقع بالنسبة لدوائر العرض، ثم بمدى تضرسها، وانحدارها، وطبيعة صخورها.
ويتحكم الارتفاع تحكماً كاملاً في الضغط الجوي، الذي يؤثر في الإنسان، وما يسمى (اعتلال) أو (دوار) الجبل معروف لانخفاض الضغط على أعاليه، وهو يصيب بعض الناس على ارتفاع 2000 متر، وقد يؤدي الى الوفاة فيما فوق ارتفاع 4000 متر، أما ساكن الجبال فقد اعتاد الارتفاع، ويعيش معيشة عادية سهلة فوق ارتفاع 4000 متر في أودية جبال الهيمالايا، أو فوق هضبة (التبت) المعروفة باسم (سقف العالم)، بل إن سكان أعالي الانديز في بيرو يعيشون فوق ارتفاع يزيد على 5300 متر.
وليس الارتفاع وحده العامل المحدد لمدى سكنى البشر، لكن تصاحبه عوامل أخرى، ففي المناطق المعتدلة لا يسبب الارتفاع وحده عقبة في استيطان الإنسان، ذلك أن البرودة وفقر الموارد تشلان حياة الإنسان على ارتفاعات قليلة نسبياً، ففي قارة أوروبا حيث تحظى جبالها بأحجام صغيرة نسبياً، وبموقع في بيئات مزدحمة بالسكان، فإن الاستيطان الجبلي لا يعلو لأكثر من 300 متر في شمال الجزر البريطانية، والى نحو 600 متر على المنحدرات الغربية لجبال جنوب النرويج، والى نحو 1000 متر على منحدراتها الشرقية، التي يقل تأثرها بالمؤثرات المحيطية، ولكنها تتمتع بمناخ أخف وبقدر أكبر من الاشعاع الشمسي، ولا يصاحب التقدم الى عروض البحر المتوسط زيادة مناسبة في ارتفاعات الاستيطان البشري فوق الجبال، ذلك لأن فصل النمو النباتي يطول بفترة برودة الشتاء ثم بفصل الجفاف الصيفي، ففي جبال البرتغال لا يخلو من الصقيع سوى ثلاثة أشهر في السنة، شهران منها جافان تماماً.
وعلى النقيض من ذلك نجد أن الجبال عامل مُصحح للمناخ في النطاق المداري والاستوائي، ذلك لأن الجبال في النطاق الاستوائي ذاته معتدلة المناخ، بل من الممكن أن تكون باردة، ففي المكسيك يندر السكان على مرتفعاتها أسفل ارتفاع 1000 متر، والسبب في ذلك يرجع الى المناخ الذي يعتدل فوق ذلك الارتفاع وكذلك لوجود ثروة معدنية أيضاً، وينعدم تقريباً وجود أمراض المناطق الحارة المدارية فوق تلك الهضاب Me-sas العالية، كما وأن الأمطار أكثر وفرة، والتربة خصبة وغنية لأنها مشتقة من فتات صخور بركانية، كما وأن استغلال المناجم كثيف ومريح، وفي جمهورية كولومبيا يعيش 98% من سكانها فوق سلاسل الانديز، وفي إكوادور 85% من السكان، وفي بيرو 62%، ويعيش في بوليفيا 75% من سكانها على ارتفاع يزيد على 340 متر، وتقع مدينة (لاباز La Paz) عاصمتها على ارتفاع يزيد على 4000 متر، وهي أكثر عواصم العالم ارتفاعاً في موضعها، كما تقع مدينة التعدين بوتوسي Potosi على نحو 4500 متر، وقد تكيف الهنود الحمر مع هذا الارتفاع والمناخ، وهذا يفسر عزوفهم عن الهبوط الى السهول الساحلية حيث المزارع الواسعة، لأنهم على علم بانتشار حمى الملاريا وغيرها من أمراض المناطق الحارة الرطبة.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|