المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
من هم المحسنين؟
2024-11-23
ما هي المغفرة؟
2024-11-23
{ليس لك من الامر شيء}
2024-11-23
سبب غزوة أحد
2024-11-23
خير أئمة
2024-11-23
يجوز ان يشترك في الاضحية اكثر من واحد
2024-11-23

الجهل بقدر الوالدين
9-1-2016
Gelfond,s Theorem
1-2-2021
بعض ما مدح به الصادق من الشعر
16-10-2015
التفرقة بين المسائل الأولية والمسائل الفرعية التي تعرض للدعوى الجزائية أثناء النظر فيها
2023-08-01
التعرض الطارئ للإشعاعي
25-1-2022
طرق اكثار الجوافة
14-7-2016


مصرع الشهيد الخالد عمّار  
  
3348   11:28 صباحاً   التاريخ: 2-5-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : موسوعة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب
الجزء والصفحة : ج11,ص170-173.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام) /

عمّار بن ياسر هو من أفضل صحابة النبيّ (صلى الله عليه واله) ومن أكثرهم جهادا في الإسلام وكان أثيرا عند النبيّ (صلى الله عليه واله) فقد أخلص له في الحبّ كأعظم ما يكون الإخلاص وقد اثرت في حقّه بعض الآيات والروايات وبعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه واله) لازم وصيّه وباب مدينة علمه وقد آمن إيمانا لا يخامره شكّ أو وهم أنّ الإمام أولى بمركز النبيّ وأحقّ بمقامه وقد احتفّ به وناصره وجاهد معه في حرب الجمل وفي أيام صفّين كان عضدا للإمام وقد بلغ ذروة الشيخوخة فقد ناهز التسعين عاما أو أكثر من ذلك وكان قلبه وبصيرته بمأمن من الشيخوخة فكان في معركة صفّين نشطا قويا كأنّه في ريعان الشباب وقد حارب ابن العاص وهو يشير إلى رايته قائلا : والله! إنّ هذه الراية قاتلتها ثلاث عركات وما هذه بأرشدهنّ ؛ وكان يبعث الحماس والعزم في جيش الإمام قائلا لهم : والله! لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أنّا على الحقّ وهم على الباطل , ويقول الرواة إنّه جلس مبكّرا في يوم من أيام صفّين وقد ازداد قلبه وجيبا وشوقا إلى ملاقاة حبيبه رسول الله (صلى الله عليه واله) وملاقاة أبويه الشهيدين ياسر وسميّة فخفّ مسرعا نحو الإمام يطلب منه الإذن ليلج في الحرب لعلّه يرزق الشهادة وعرض ذلك على الإمام فلم يسمح له بذلك وظلّ يعاود الإمام مستأذنا على ذلك فلم تطب نفس الإمام بالسماح له وراح يلحّ عليه فلم يجد بدّا من إجابته فأذن له وقد ذابت نفس الإمام حزنا عليه وقد أجهش بالبكاء , وانطلق عمّار إلى ساحة الحرب وهو جذلان فرح بما سيصير إليه من الشهادة وملاقاة الأحبّة وقد رفع صوته عاليا :

اليوم ألقى الأحبّه     محمّدا وحزبه

وكان صاحب الراية والقائد لتلك الكتيبة الصحابي الجليل هاشم بن عتبة المرقال وهو من فرسان المسلمين وخيارهم وأحبّهم للإمام وأخلصهم له وكان أعور فاتّجه عمّار نحوه وجعل يحرّضه على الهجوم فتارة يقول له برفق : احمل فداك أبي وأمّي .

واخرى يقول له بشدّة وعنف : تقدّم يا أعور .

وهاشم يقول لعمّار بأدب ولطف وتكريم : رحمك الله يا أبا اليقظان! إنّك رجل تستخفّ بالحرب وإنّي إنّما أزحف زحفا لعلّي أبلغ ما اريد , ولم يزل عمّار يحرّض هاشما على الحملة حتى ضجر فحمل وهو يرتجز :

قد أكثروا لومي وما أقلاّ         إنّي شربت النّفس لن اعتلاّ

أعور يبغي نفسه محلاّ                   لا بدّ أن يفلّ أو يفلاّ

قد عالج الحياة حتّى ملاّ             أشدّهم بذي الكعوب شلاّ

ودلّ هذا الرجز على سأم هاشم من الحياة وشوقه إلى ملاقاة الله تعالى وجال معه في ميدان الحرب عمّار وهو يقاتل أعنف القتال ويرتجز :

نحن ضربناكم على تنزيله         واليوم نضربكم على تأويله

ضربا يزيل الهام عن مقيله           ويذهل الخليل عن خليله

أو يرجع الحقّ إلى سبيله

لقد قاتل عمّار وجاهد بإيمان مع رسول الله (صلى الله عليه واله) دفاعا عن الإسلام واليوم يقاتل مع أخي رسول الله (صلى الله عليه واله) دفاعا عن تأويل القرآن ودفاعا عن إمام المسلمين فما أعظم عائدة عمّار على الإسلام! والتحم بطل الإيمان عمّار مع القوى الباغية التحاما رهيبا ولمّا رأى ذلك معاوية اضطرب وقال : هلكت العرب إن أخذتهم خفّة العبد الأسود يعني عمّارا .

وبينما عمّار يقاتل قتال الأبطال إذ حمل عليه رجس من أرجاس البشرية وهو أبو العادية الفزاري فطعنه طعنة قاتلة فهوى إلى الأرض ذلك الصرح الشامخ من العقيدة والإيمان يتخبّط بدمه المعطّر بالشهادة في سبيل الله تعالى , وأضرّ العطش بعمّار وهو ينزف دما فبادرت إليه امرأة بلبن فلمّا رآه تبسّم وراح يقول : قال لي رسول الله (صلى الله عليه واله) : آخر شرابك من الدّنيا ضياح من لبن وتقتلك الفئة الباغية ؛ ولم يلبث قليلا حتى صعدت روحه الطاهرة إلى الله تحفّها الملائكة المقرّبون وقد انطوت بشهادته أروع صفحة مشرقة بالإيمان والجهاد , لقد سمت روح عمّار إلى الله تعالى وهي تحمل جميع ألوان الجهاد والإيمان والإخلاص والحبّ لله تعالى.

وكان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) برحا ومضطربا لم يقرّ له قرار حينما برز عمّار إلى ساحة الجهاد فكان يقول بأسى بالغ : فتّشوا لي عن ابن سميّة .

وانطلقت فصيلة من الجيش تبحث عنه فوجدته قتيلا مضمّخا بدم الشهادة فانبرى بعضهم مسرعا إلى الإمام فأخبره بشهادته ووقع النبأ على الإمام كالصاعقة فقد انهارت قواه وانهدّ ركنه وأحاطت به موجات من الألم القاسي ، ومشى لمصرعه كئيبا حزينا وعيناه تفيضان دموعا وسار معه قادة الجيش وهم يذرفون الدموع , ولمّا انتهى الإمام (عليه السلام) إلى الجثمان المقدّس ألقى بنفسه عليه وجعل يوسعه تقبيلا وأخذ يؤبّنه بحرارة قائلا : إنّ امرأ من المسلمين لم يعظم عليه قتل عمّار ويدخل عليه بقتله مصيبة موجعة لغير رشيد , رحم الله عمّارا يوم أسلم , ورحم الله عمّارا يوم قتل ورحم الله عمّارا يوم يبعث حيّا.

لقد رأيت عمّارا ما يذكر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله) أربعة إلاّ كان الرّابع ولا خمسة إلاّ كان الخامس وما كان أحد من أصحاب محمّد (صلى الله عليه واله) يشكّ في أنّ عمّارا قد وجبت له الجنّة في غير موطن ولا اثنين فهنيئا لعمّار الجنّة , وأخذ الإمام رأس البطل الشهيد فجعله في حجره ودموعه على وجهه الشريف وهو يبدي حزنه وأساه عليه ويقول :

ألا أيّها الموت الذي ليس تاركي      أرحني فقد أفنيت كلّ خليل

أراك بصيرا بالذين احبّهم               كأنّك تسعى نحوهم بدليل

وانبرى الإمام الحسن (عليه السلام) سبط النبيّ فألقى كلمة في تأبينه كما أبّنه قادة الجيش ثمّ قام الإمام الثاكل الحزين الذي فقد أعزّ أنصاره وأصحابه فواروا جثمان الشهيد العظيم في مقرّه الأخير وقد واروا معه الإيمان والتقوى ونكران الذات وقد دفنه الإمام (عليه السلام) بثيابه ولم يغسّله عملا بالسنّة في دفن الشهيد .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.