أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-01-2015
3235
التاريخ: 2023-09-25
5484
التاريخ: 7-11-2017
3740
التاريخ: 29-01-2015
3622
|
عمّار بن ياسر هو من أفضل صحابة النبيّ (صلى الله عليه واله) ومن أكثرهم جهادا في الإسلام وكان أثيرا عند النبيّ (صلى الله عليه واله) فقد أخلص له في الحبّ كأعظم ما يكون الإخلاص وقد اثرت في حقّه بعض الآيات والروايات وبعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه واله) لازم وصيّه وباب مدينة علمه وقد آمن إيمانا لا يخامره شكّ أو وهم أنّ الإمام أولى بمركز النبيّ وأحقّ بمقامه وقد احتفّ به وناصره وجاهد معه في حرب الجمل وفي أيام صفّين كان عضدا للإمام وقد بلغ ذروة الشيخوخة فقد ناهز التسعين عاما أو أكثر من ذلك وكان قلبه وبصيرته بمأمن من الشيخوخة فكان في معركة صفّين نشطا قويا كأنّه في ريعان الشباب وقد حارب ابن العاص وهو يشير إلى رايته قائلا : والله! إنّ هذه الراية قاتلتها ثلاث عركات وما هذه بأرشدهنّ ؛ وكان يبعث الحماس والعزم في جيش الإمام قائلا لهم : والله! لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أنّا على الحقّ وهم على الباطل , ويقول الرواة إنّه جلس مبكّرا في يوم من أيام صفّين وقد ازداد قلبه وجيبا وشوقا إلى ملاقاة حبيبه رسول الله (صلى الله عليه واله) وملاقاة أبويه الشهيدين ياسر وسميّة فخفّ مسرعا نحو الإمام يطلب منه الإذن ليلج في الحرب لعلّه يرزق الشهادة وعرض ذلك على الإمام فلم يسمح له بذلك وظلّ يعاود الإمام مستأذنا على ذلك فلم تطب نفس الإمام بالسماح له وراح يلحّ عليه فلم يجد بدّا من إجابته فأذن له وقد ذابت نفس الإمام حزنا عليه وقد أجهش بالبكاء , وانطلق عمّار إلى ساحة الحرب وهو جذلان فرح بما سيصير إليه من الشهادة وملاقاة الأحبّة وقد رفع صوته عاليا :
اليوم ألقى الأحبّه محمّدا وحزبه
وكان صاحب الراية والقائد لتلك الكتيبة الصحابي الجليل هاشم بن عتبة المرقال وهو من فرسان المسلمين وخيارهم وأحبّهم للإمام وأخلصهم له وكان أعور فاتّجه عمّار نحوه وجعل يحرّضه على الهجوم فتارة يقول له برفق : احمل فداك أبي وأمّي .
واخرى يقول له بشدّة وعنف : تقدّم يا أعور .
وهاشم يقول لعمّار بأدب ولطف وتكريم : رحمك الله يا أبا اليقظان! إنّك رجل تستخفّ بالحرب وإنّي إنّما أزحف زحفا لعلّي أبلغ ما اريد , ولم يزل عمّار يحرّض هاشما على الحملة حتى ضجر فحمل وهو يرتجز :
قد أكثروا لومي وما أقلاّ إنّي شربت النّفس لن اعتلاّ
أعور يبغي نفسه محلاّ لا بدّ أن يفلّ أو يفلاّ
قد عالج الحياة حتّى ملاّ أشدّهم بذي الكعوب شلاّ
ودلّ هذا الرجز على سأم هاشم من الحياة وشوقه إلى ملاقاة الله تعالى وجال معه في ميدان الحرب عمّار وهو يقاتل أعنف القتال ويرتجز :
نحن ضربناكم على تنزيله واليوم نضربكم على تأويله
ضربا يزيل الهام عن مقيله ويذهل الخليل عن خليله
أو يرجع الحقّ إلى سبيله
لقد قاتل عمّار وجاهد بإيمان مع رسول الله (صلى الله عليه واله) دفاعا عن الإسلام واليوم يقاتل مع أخي رسول الله (صلى الله عليه واله) دفاعا عن تأويل القرآن ودفاعا عن إمام المسلمين فما أعظم عائدة عمّار على الإسلام! والتحم بطل الإيمان عمّار مع القوى الباغية التحاما رهيبا ولمّا رأى ذلك معاوية اضطرب وقال : هلكت العرب إن أخذتهم خفّة العبد الأسود يعني عمّارا .
وبينما عمّار يقاتل قتال الأبطال إذ حمل عليه رجس من أرجاس البشرية وهو أبو العادية الفزاري فطعنه طعنة قاتلة فهوى إلى الأرض ذلك الصرح الشامخ من العقيدة والإيمان يتخبّط بدمه المعطّر بالشهادة في سبيل الله تعالى , وأضرّ العطش بعمّار وهو ينزف دما فبادرت إليه امرأة بلبن فلمّا رآه تبسّم وراح يقول : قال لي رسول الله (صلى الله عليه واله) : آخر شرابك من الدّنيا ضياح من لبن وتقتلك الفئة الباغية ؛ ولم يلبث قليلا حتى صعدت روحه الطاهرة إلى الله تحفّها الملائكة المقرّبون وقد انطوت بشهادته أروع صفحة مشرقة بالإيمان والجهاد , لقد سمت روح عمّار إلى الله تعالى وهي تحمل جميع ألوان الجهاد والإيمان والإخلاص والحبّ لله تعالى.
وكان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) برحا ومضطربا لم يقرّ له قرار حينما برز عمّار إلى ساحة الجهاد فكان يقول بأسى بالغ : فتّشوا لي عن ابن سميّة .
وانطلقت فصيلة من الجيش تبحث عنه فوجدته قتيلا مضمّخا بدم الشهادة فانبرى بعضهم مسرعا إلى الإمام فأخبره بشهادته ووقع النبأ على الإمام كالصاعقة فقد انهارت قواه وانهدّ ركنه وأحاطت به موجات من الألم القاسي ، ومشى لمصرعه كئيبا حزينا وعيناه تفيضان دموعا وسار معه قادة الجيش وهم يذرفون الدموع , ولمّا انتهى الإمام (عليه السلام) إلى الجثمان المقدّس ألقى بنفسه عليه وجعل يوسعه تقبيلا وأخذ يؤبّنه بحرارة قائلا : إنّ امرأ من المسلمين لم يعظم عليه قتل عمّار ويدخل عليه بقتله مصيبة موجعة لغير رشيد , رحم الله عمّارا يوم أسلم , ورحم الله عمّارا يوم قتل ورحم الله عمّارا يوم يبعث حيّا.
لقد رأيت عمّارا ما يذكر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله) أربعة إلاّ كان الرّابع ولا خمسة إلاّ كان الخامس وما كان أحد من أصحاب محمّد (صلى الله عليه واله) يشكّ في أنّ عمّارا قد وجبت له الجنّة في غير موطن ولا اثنين فهنيئا لعمّار الجنّة , وأخذ الإمام رأس البطل الشهيد فجعله في حجره ودموعه على وجهه الشريف وهو يبدي حزنه وأساه عليه ويقول :
ألا أيّها الموت الذي ليس تاركي أرحني فقد أفنيت كلّ خليل
أراك بصيرا بالذين احبّهم كأنّك تسعى نحوهم بدليل
وانبرى الإمام الحسن (عليه السلام) سبط النبيّ فألقى كلمة في تأبينه كما أبّنه قادة الجيش ثمّ قام الإمام الثاكل الحزين الذي فقد أعزّ أنصاره وأصحابه فواروا جثمان الشهيد العظيم في مقرّه الأخير وقد واروا معه الإيمان والتقوى ونكران الذات وقد دفنه الإمام (عليه السلام) بثيابه ولم يغسّله عملا بالسنّة في دفن الشهيد .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|