أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-3-2016
3255
التاريخ: 2-04-2015
4530
التاريخ: 2024-08-12
334
التاريخ: 2-04-2015
3629
|
لم يشاهد الناس في جميع مراحل التاريخ أشجع ولا أربط جأشاً ولا أقوى جناناً من الإمام الحسين (عليه السّلام) فقد وقف يوم الطفِّ موقفاً حيّر فيه الألباب وأذهل فيه العقول وأخذت الأجيال تتحدّث بإعجاب وإكبار عن بسالته وصلابة عزمه وقدّم الناس شجاعته على شجاعة أبيه التي استوعبت جميع لغات الأرض ؛ وقد بهر أعداؤه الجبناء بقوّة بأسه ؛ فإنه لم ينهار أمام تلك النكبات المذهلة التي أخذت تتواكب عليه وكان يزداد انطلاقاً وبشراً كلمّا ازداد الموقف بلاءً ومحنة ؛ فإنّه بعد ما فَقَد أصحابه وأهل بيته زحف عليه الجيش بأسره وكان عدده فيما يقول الرواة ثلاثين ألفاً فحمل عليهم وحده وقد ملك الخوف والرعب قلوبهم فكانوا ينهزمون أمامه كالمعزى إذا شدّ عليها الذئب على حدّ تعبير الرواة وبقي صامداً كالجبل يتلقّى الطعنات من كل جانب ولم يوهَ له ركن وإنّما مضى في أمره استبسالاً واستخفافاً بالمنيّة.
يقول السّيد حيدر :
فتلقّى الجموعَ فرداً ولكنْ كلّ عضوٍ في الروع منه جموعُ
رمحهُ من بَنانهِ وكأنّ من عزمهِ حدُّ سيفِهِ مطبوعُ
زوّج السّيفَ بالنفوسِ ولكنْ مهرها الموتُ والخضابُ النجيعُ
ويقول في رائعة اُخرى :
ركينٌ وللأرض تحت الكماة رجيفٌ يزلزل ثهلانَها
أقرّ على الأرض من ظهرها إذا ململ الرعبُ أقرانَها
تزيد الطلاقةُ في وجههِ إذا غيّر الخوفُ ألوانَها
ولمّا سقط أبي الضيم على الأرض جريحاً وقد أعياه نزف الدماء تحامى الجيش بأسره من الإجهاز عليه ؛ رعباً وخوفاً منه ؛ يقول السّيد حيدر :
عفيراً متى عاينتهُ الكماة يختطفُ الرعبُ ألوانَها
فما أجلت الحربُ عن مثلهِ صريعاً يُجبّن شجعانَها
وتغذّى أهل بيته وأصحابه بهذه الروح العظيمة فتسابقوا إلى الموت بشوق وإخلاص لم يختلج في قلوبهم رعب ولا خوف وقد شهد لهم عدوّهم بالبسالة ورباطة الجأش فقد قيل لرجل شهد يوم الطفِّ مع عمر بن سعد : ويحك! أقتلتم ذرّية رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؟ فاندفع قائلاً : عضضت بالجندل إنّك لو شهدت ما شهدنا لفعلت ما فعلنا ؛ ثارت علينا عصابة أيديها في مقابض سيوفها كالأسود الضارية تحطم الفرسان يميناً وشمالاً وتلقي أنفسها على الموت لا تقبل الأمان ولا ترغب في المال ولا يحول حائل بينها وبين الورود على حياض المنيّة والاستيلاء على الملك فلو كففنا عنها رويداً لأتت على نفوس العسكر بحذافيره فما كنّا فاعلين لا اُمّ لك؟!.
ووصف بعض الشعراء هذه البسالة النادرة بقوله :
فلو وقفتْ صُمّ الجبالِ مكانهمْ لمادتْ على سهلٍ ودكّت على وعرِ
فمِن قائمٍ يستعرض النبلُ وجههُ ومن مقدمٍ يرمي الأسنّة بالصدرِ
وما أروع قول السّيد حيدر :
دكّوا رباها ثمّ قالوا لها وقد جثوا نحنُ مكان الرّبا
لقد تحدّى أبو الأحرار ببسالته النادرة الطبيعة البشرية فسخِر من الموت وهزأ من الحياة وقد قال لأصحابه حينما مطرت عليه سهام الأعداء : قوموا رحمكم الله إلى الموت الذي لا بدّ منه ؛ فإنّ هذه السهام رسل القوم إليكم.
لقد دعا أصحابه إلى الموت كأنّما هو يدعوهم إلى مأدبة لذيذة ولقد كانت لذيذة عنده حقّاً ؛ لأنّه هو ينازل الباطل ويرتسم له برهان ربّه الذي هو مبدؤه .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|