النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
حسين مني وأنا من حسين
المؤلف: الشيخ علي الكوراني
المصدر: الحق المبين في معرفة المعصومين
الجزء والصفحة: ص333-349
2024-07-18
604
الموضوع الذي يجب التذكير به اليوم ، هو أن الله تعالى يسر لكم بمناسبة أيام عاشوراء خدمةً عظيمة لدينه ، وتجارةً لن تبور .
يجب أن يعرف العلماء والفضلاء الذين في هذا المجلس ، قدر منصبهم الديني الذي وفقهم الله اليه . وأحاديث أهل البيت عليهم السلام هي عبارات للعوام ، وإشارات للعلماء ، كما هو دأب القرآن .
ومن الأمور المهمة في الدين كفالة الأيتام ، ويكفينا لبيان أهميتها قول النبي صلى الله عليه وآله في الحديث الذي روته مصادر السنيين : أنا وكافل اليتيم كهاتين . هذا بالنسبة إلى عموم الأيتام ، ولكن الحديث فيه إشارة فسرها الأئمة عليهم السلام بأبي طالب رضوان الله عليه ، الذي كفل أعظم يتيم على وجه الأرض ، وآمن به أحسن إيمان ، وحماه ورعاه أحسن رعاية ، رضوان الله عليه .
وفيه إشارة فسرها الإمام العسكري عليه السلام بحديث عن آبائه عن جده رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : ( أشد من يتم اليتيم الذي انقطع من أمه وأبيه ، يتم يتيمٍ انقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه ، ولا يدري كيف حكمه فيما يبتلي به من شرائع دينه . ألا فمن كان من شيعتنا عالماً بعلومنا فهدى الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا وهو يتيم في حجره ، ألا فمن هداه وأرشده وعلمه شريعتنا ، كان معنا في الرفيق الأعلى ) .[1]
فقد وصف النبي صلى الله عليه وآله يتم من انقطع عن الوصول إلى إمامه بأنه : أشد اليتم ، لأن اليتم تارة يكون يتماً جسمانياً ، وتارة يتماً روحانياً . وهذا من باطن كلامه صلى الله عليه وآله . والآن في هذا البلد يوجد أناس محرومون من تعلم مسائل الدين الابتدائية البسيطة ، وهم يجهلون مسائل الحلال والحرام ، وعقائدهم متزلزلة ، وقد تسلح ذئاب النواصب بكل قواهم لصيدهم ! ولا حاجة لبيان هذا الخطر .
في مثل هذه الظروف يجب على كل من يستطيع أن يقوم بحفظ أيتام آل محمد ويتكفلهم . وبما أننا في أيام عاشوراء ، أكتفي بهذا الحديث عن أبي عبد الله الحسين عليه السلام قال : من كفل لنا يتيماً قطعته عنا محنتنا باستتارنا ، فواساه من علومنا التي سقطت إليه ، حتى أرشده وهداه . . . وفي نسخة : قطعته عنا محبتنا ، ولكن الأظهر : قطعته عنا محنتنا باستتارنا ، فتنطبق الرواية على عصرنا ، عصر الامتحان بالغيبة والإستتار ، وبذلك يتضح واجبنا في كفالة أيتام شيعة آل محمد في هذا العصر والامتحان .
وقد بين الإمام عليه السلام في الجملة الثانية كيف يتكفل أمثالكم اليتيم ، فقال : فواساه من علومنا التي سقطت إليه ، حتى أرشده وهداه ، فبين لكم ماذا يجب أن تقدموه في خطابتكم من الثمار المتساقطة عليكم من شجرة أهل البيت الطيبة شجرة الوحي والنبوة .
إن برنامجكم في التبليغ لا يحتاج إلى شرح وتوضيح ، فأنتم والحمد لله يكفيكم الإلفات والتذكير ، فاكفلوا اليتامى كما أمركم عليه السلام ، ولا تقرؤوا عليهم كلام زيد أو عمر ، بل كلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله ، إقرؤوا لهم ما قاله جعفر بن محمد ومحمد بن علي صلوات الله عليهما ، من ثمار تلك الشجرة الطيبة التي : أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ . تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا . ( سورة إبراهيم : 24 - 25 )
فاقطفوا الثمار من تلك الشجرة ، وأسقطوها على أولئك الأيتام !
هذه توجيهات الإمام الحسين عليه السلام ولا يتسع الوقت لتفصيل فقه الحديث . فإن فعلتم ذلك ، فإن أجر من تكفل أولئك الأيتام الفكريين في زمن الغيبة وواساهم أن يقول الله له الله عز وجل : أيها العبد الكريم المواسي لأخيه أنا أولى بالكرم منك ، إجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كل حرف علمه ألف ألف قصر ، وضموا إليها ما يليق بها من سائر النعيم .
نعم هذا أجر الحرف الواحد للكافلين أيتام آل محمد صلى الله عليه وآله في غيبة إمامهم ! وما أقل معرفتنا بعالم الجزاء وحياة الخلود ؟ !
يمكنكم في هذه الأيام القليلة أن تفوزوا بتجارة رابحة ، فالترغيب الكثير الذي ترونه في القرآن والسنة لنشر العلم والهداية ، إنما هو من أجل أن يقوم العلماء بواجبهم في التعليم ، خاصة في مثل عصرنا ، حتى لا يأتي بعض المخالفين والمتأثرين بهم ويعملوا لتحريف تلك العقائد المقدسة والأفكار النورانية ، التي بذل السلف الصالح جهودهم وجهادهم لحراستها والمحافظة عليها وإيصالها إلى الأجيال ، من زمن أوتاد الأرض الأربعة من تلاميذ الأئمة : محمد بن مسلم ، وبريد بن معاوية ، وليث بن البختري المرادي ، وزرارة بن أعين رضوان الله عليهم[2] ، وصولاً إلى الذين حفظوا عقائد التشيع إلى عصرنا . فأهم واجبكم أن تحرسوا هذه العقائد لتبقى نقية سليمة كما هي . يجب أن تكون همتكم في أمرين : الأول : حفظ العقائد ، والثاني : تعليم مسائل الحلال والحرام . ويجب أن تعرفوا أنه لا يمكن حفظ الإسلام إلا بحفظ التشيع . . أصلاً لا يوجد دين في العالم إلا الإسلام ، ولا يوجد إسلام بالمعنى الصحيح إلا في مذهب التشيع ، فالدين الصحيح والإسلام الصحيح منحصر في مذهب أهل البيت عليهم السلام .
أنتم ترون أن الذين يكثرون الكلام عن التوحيد ويدعون أنهم يحملون رايته دون سواهم ، هم عند المحاكمة البرهانية أتباع أئمة في الشرك ، وبحكم البرهان رافعوا راية التشبيه والتجسيم !
إن العقيدة الإسلامية الحقة في الله تعالى وتوحيده ، وفي النبوات وفي المعاد منحصرة في المذهب الجعفري فقط ! وهذا الحكم ليس كلاماً خطابياً بل برهاني ، فلن تجد ثقافة عند فئة ولا مذهب إلا وهي متأثرة بثقافات البشر وتحريفاتهم ، إلا ما صدر من هذا البيت النبوي المطهر !
روحي فداء للإمام الباقر الذي قال : كل ما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل ! فهذه الكلمة اليوم يثبتها البرهان .[3] ( 3 )
وإذا أردتم أن تهدوا الناس فلا تنسوا أن الحسين عليه السلام مصباح الهدى ، فما لم تجدوا المصباح لا يمكنكم هدايتهم !
إن الحسين مصباح الهدى . . كلمة رآها النبي صلى الله عليه وآله في معراجه إلى السماء ! لم ير هذه الكلمة في السماء الأولى ولا الثانية ، وصل إلى اللوح ثم إلى القلم ، وعَبَرَ عنهما وعن الكرسي ، عَبَرَ عن سبعين ألف قائمة للعرش ! وعندما وصل إلى منتهى المطالب والمقاصد رآها هناك ! وإنه لمكتوب عن يمين عرش الله عز وجل : مصباح هدى وسفينة نجاة .[4]
فعليكم أن تحافظوا على عظمة عزاء سيد الشهداء عليه السلام ولا تسمحوا للضعفاء أو السفهاء المتأثرين بالأفكار السنية ، أن ينقصوا من عظمة العزاء الحسيني .
في هذا اليوم لي كلمة مختصرة مع أعيان علماء السنيين ، فلا أهمية لعلمائهم المقلدة ، لكن في كل قوم باحثون من أهل الإستدلال العقلي لهم تضلع في العلوم النقلية . وكلامي فقط مع هؤلاء الذين لا يقاس الواحد منهم بملايين المقلدة . توجد رواية نصها : حسين مني ، وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسينا . في هذه الرواية جهتان للبحث : بحث سندي ، ودلالي .
أما البحث السندي فنتعرض له هنا ، مع أنه ينبغي للمحققين منهم أن يلتفتوا إلى أننا لا نحتاج إلى أصالة السند في مثل هذا النص ، بناء على مبنانا الذي نؤكد عليه ، من أن قوة المتن قد تكون دليلاً على صحة السند ، وأنه يستحيل أن يصدر هذا الكلام من غير المعصوم عليه السلام .
لقد روى الحديث من علمائهم وأئمة محدثيهم : صاحب الإستيعاب ، وابن الأثير ، وأحمد بن حنبل ، والترمذي ، وابن ماجة ، والحاكم ، والبخاري في الأدب المفرد ، والطبراني ، وابن شيبة ، وآخرون من أعيان علمائهم . وهذا نصه من الأدب المفرد للبخاري ص 85 : ( 364 - حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثنا معاوية بن صالح ، عن راشد بن سعد ، عن يعلى بن مرة أنه قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ودعينا إلى طعام ، فإذا حسين يلعب في الطريق ، فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم أمام القوم ، ثم بسط يديه فجعل الغلام يفر ههنا وههنا ، ويضاحكه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذه ، فجعل إحدى يديه في ذقنه والأخرى في رأسه ، ثم اعتنقه ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : حسين مني وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسيناً ، الحسين سبط من الأسباط ) . انتهى .[5]
وقد صححه عدد من علمائهم ، ومنهم الذهبي كبير النقاد عندهم ، مع أنه حريص ما استطاع على تضعيف أحاديث فضائل أهل البيت عليهم السلام .
أما فقه هذا الحديث فهو عميق ، لكنا نذكر منه نقاطاً ، ويمكن لأهل البحث والتحقيق أن يتوسعوا فيها ، وندعو مفكري السنة لأن يهتموا بدرايته ، ولا يقتصروا على روايته كما هو ديدنهم .
حسين مني . . ماذا تعني ؟ هذه الياء التي هي ضمير متصل بِمِن ، ثم جاءت ضميراً منفصلاً في أول الجملة الثانية : وأنا من حسين ، أي ياء هي ؟ وعن أي معنى تحكي ؟ ينبغي أن ينتبه من كان منهم متضلعاً في الاستدلالات العقلية ، إلى أن كلمة : مني ، هنا لا تعني أن الحسين يدي ، أو عيني ، أو رأسي ، أو جسدي . . فالياء هنا وكذا : أنا ، تعني تمام وجود النبي صلى الله عليه وآله ، من بدن وقوى ! فالحسين وجود انشعب من حقيقة الحقائق !
فإن لم يكونوا من أهل التخصصات العقلية العالية ، فلا أقل أن يتفهموا النمط الثالث للنفس الأرضية والسماوية عند ابن سينا ، هناك حيث يقال للإنسان : إرجع إلى نفسك وتأمل ! فليقرؤوا التنبيه الأول في إشارات ابن سينا في بحث النفس حتى آخره ليعرفوا حقيقة العِلِّية للإنسانية ، وأنها مبدأ الإدراك والحركة ومبدأ كل فعل وانفعال في تكوين شخصيته !
حسين مني . . معناها أنه منشعب ومتفرع من جوهر النبوة السامي اللطيف ، هذا الجوهر الذي هو فوق البدن البشري للنبي صلى الله عليه وآله ذي الحواس المعروفة ، وفوق البدن المثالي للنبي صلى الله عليه وآله الذي له حواسه أيضاً . أما حسين مني . . فهو من جوهر مرتبته أعلى من هذا البدن المادي ، وذاك البدن المثالي !
ما أسهل رواية الحديث ، فقد رواه كبارهم وصححوه . . رواه الحاكم النيشابوري وصححه هو والذهبي ، ورواه آخرون كالترمذي وابن ماجة والبخاري ، لكن اقتحام العقبة إنما هو بفقهه لا بروايته فماذا فعلتم في فقهه ؟ !
لو فهمتم معنى حسين مني ، لتابعتم سيركم . . فالحسين من النبي صلى الله عليه وآله ، والنبي من ماذا ؟ والى أين يرجع الضمير في ( مِنِّي ) ومن أين تفرع النبي صلى الله عليه وآله ؟ ! هنا يخشع خواص المفكرين ويقولون : انكسرت الأقلام ، وخرس البيان !
فالنبي صلى الله عليه وآله متفرع من نور العظمة الإلهي ! والحقيقة المحمدية هي النقطة الأولى في بدو قوس النزول في الوجود ، وهي منتهى قوس الصعود في الوجود ! وبه يتضح أن الحقيقة الحسينية عين الحقيقة المحمدية !
وهنا يصل العالم المفكر السني من هذا الحديث الشريف إلى أصل النور وفروعه : اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شئ عَلِيمٌ . . ( سورة النور : 35 ) .
وما دام الأمر كذلك ، فإن الجراحات التي أصابت بدن الحسين يوم عاشوراء قد وقعت على شخص رسول الله صلى الله عليه وآله ، وما يقع على النبي يقع على نور عظمة الله تعالى ! إن المصيبة التي أصيبها الإسلام بالحسين عليه السلام هي المصيبة التي ثقلت في السماوات والأرض ! المصيبة التي تهدمت بها أركان الهدى ، وأثرت على كل الوجود !
لو أن علماء المذاهب السنية تأملوا في كلامنا بعين الإنصاف وتابعوا هذا الباب الذي يفتحه لهم حديث : حسين مني وأنا من حسين ، لعظموا يوم عاشوراء ، ولخرجوا فيه حفاة حاسري الرؤوس دامعي العيون ، وأوصوا جميع المسلمين أن يقيموا مراسم العزاء ليوم عاشوراء ، تفوق مراسم كل الحوادث والمناسبات الأخرى !
أرجو أن يقرؤوا هذا الرواية ، ثم يقرؤوا كلام ابن حجر العسقلاني ، وابن حجر الهيتمي ، وجلال الدين السيوطي ، وغيرهم من علماء السنة ، حيث رووا كلهم ما حدث في يوم عاشوراء قالوا : لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما كسفت الشمس كَسْفَةً بدت الكواكب نصف النهار حتى ظننا أنها هي ! أي ظننا أنها القيامة ![6]
فالمصيبة التي هزت الملأ الأعلى ، وأحدثت فيه هذا الحزن والغضب ، ماذا يجب أن تؤثر فينا في هذا العالم ؟ !
حسين مني . . هذه هي الجملة الأولى ، والجملة الثانية : وأنا من حسين . .
ولا يتسع المقام لشرحها .
أما الجملة الثالثة ، فهي عالم يموج بالبلاغة النبوية والدقة : أحب الله من أحب حسيناً . . والسر فيها أنها جملة خبرية ، وإنشائية تتضمن معنى الإخبار ! ومعناها أن الحسين محبوب الله تعالى إلى حد أن محبته محبة لله تعالى ! فما هذه العظمة ، وما السبب في حدوث هذا الانقلاب حتى صار حب الحسين حباً لله تعالى ؟ !
ولي خطاب أيضاً معكم ، فخطابكم يختلف عن خطاب السنيين . .
أقول لكم كلمتين لتفكروا فيهما :
الكلمة الأولى : أن الإمام الصادق عليه السلام المعروف بأخلاقه وبشاشته ، كان كما يروي صاحب كامل الزيارة عن أبي عمارة المنشد : ما ذكر الحسين عند أبي عبد الله في يوم قط فرئي أبو عبد الله متبسماً في ذلك اليوم إلى الليل ! وكان يقول : الحسين عبرة كل مؤمن ![7]
هذه هي قضية الحسين . . وهذا هو الإمام الصادق . . صلوات الله عليهم .
والكلمة الثانية : هل رأيتم كيف يكون الفقيه ؟ ! كان كبار العلماء إذا رأوا اتفاق ثلاثة فقهاء على الفتوى في مسألة في الفقه ، أفتوا بها ثقة بعلمهم ودقتهم وتقواهم ! والثلاثة هم الشيخ الأنصاري ، والميرزا الشيرازي ، والميرزا الشيرازي الثاني ، قدس الله أرواحهم .
وكان الميرزا محمد تقي الشيرازي أعلى الله مقامه أعجوبة في الفكر ، من حيث دقة النظر ، وأعجوبة في متانته وصلابته . . فهو الذي وقف في وجه الإنكليز وأطلق ثورة العراق ! شخص في مثل هذه الصفة ، كان يوم عاشوراء حاسر الرأس حافياً ، في موكب العزاء يلطم على صدره !
ما هذا العمل من رأس الشيعة ومرجعهم ؟ نعم ، كان رأس الشيعة ، وهو في عاشوراء ، حاسر الرأس حافي القدمين ! وهذا علامة فقاهته لأنه يرى أن الإمام الرضا عليه السلام يقول : إن يوم الحسين أقرح جفوننا ، وأسبل دموعنا ، وأذل عزيزنا بأرض كرب وبلاء ، أورثتنا الكرب والبلاء ، إلى يوم الانقضاء ![8]
إن يوم الحسين أقرح جفوننا . . إن أدق وألطف عضو في البدن هو العين ، فماذا بلغت مصيبة الحسين حتى جرحت جفون الإمام الرضا عليه السلام ؟ !
إن الميرزا أعلى الله مقامه يفهم أن المصيبة التي أقرحت جفون الإمام الرضا عليه السلام ، يجب أن يخرج لها حافيا حاسراً ، ويلطم على صدره !
لقد كان رحمه الله أكبر مما قلنا ، وكان عمله أكثر مما ذكرنا .
وأختم حديثي كما افتتحته بجملة للإمام الصادق عليه السلام رئيس المذهب ، فهو الذي ينبغي أن يقول من هو الإمام الحسين عليه السلام ، ومثله ينبغي له أن يقول ! ففي تعليماته للشيعة في زيارة الإمام الحسين عليه السلام قال : إذا أتيت أبا عبد الله فاغتسل على شاطئ الفرات ، ثم البس ثيابك الطاهرة ، ثم امش حافياً ، فإنك في حرم من حرم الله وحرم رسوله ، وعليك بالتكبير والتهليل والتسبيح والتحميد ، والتعظيم لله عز وجل كثيراً ، والصلاة على محمد وأهل بيته ، حتى تصير إلى باب الحِير " الحائر " ، ثم تقول : السلام عليك يا حجة الله وابن حجته . . . الخ .
وبما أن السائل سأله عن كيفية زيارته ، فقد علمه أنك عندما تصل إلى قبره الشريف وتسلم عليه بتلك التسليمات تقول : أشهد أنك حجة الله وابن حجته ، وأشهد أنك قتيل الله وابن قتيله ، وأشهد أنك ثائر الله وابن ثائره ، وأشهد أنك وتر الله الموتور في السماوات والأرض ، وأشهد أنك قد بلغت ونصحت ووفيت وأوفيت ، وجاهدت في سبيل الله ، ومضيت للذي كنت عليه شهيداً ومستشهداً وشاهداً ومشهوداً . ( الكافي : 4 / 575 )
السلام عليك يا حجة الله . . أشهد أنك حجة الله . . فبعد التسليم ، يأتي دور أداء الشهادة لله تعالى ، شهادةٌ تشبه تشهدك عندما تجثو في صلاتك بين يدي الله تعالى ، فتشهد له بالوحدانية ولرسول بالرسالة ، كذلك عندما تزور الإمام الحسين عليه السلام ، فاشهد لله عند قبره بأن الحسين حجته على خلقه !
وهناك شهادة أخرى عظيمة ، عليَّ قولها وعليكم التفكير ، فقد علمنا الإمام الصادق أن نشهد بها للحسين صلى الله عليه وآله وهي : أشهد أنك نور الله الذي لم يطفأ ولا يطفأ أبداً . وأشهد أنك وجه الله الذي لم يهلك ولا يهلك أبداً .[9]
[1] في الاحتجاج : 1 / 5 : ( وأما الأخبار في فضل العلماء فهي أكثر من أن تعد أو تحصى ، لكنا نذكر طرفاً منها . فمن ذلك ما حدثني به السيد العالم العابد أبو جعفر مهدي بن أبي حرب الحسيني المرعشي رضي الله عنه ، قال حدثني الشيخ الصادق أبو عبد الله جعفر بن محمد بن أحمد الدوريستي رحمة الله عليه ، قال حدثني أبي محمد بن أحمد ، قال حدثني الشيخ السعيد أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي رحمه الله ، قال حدثني أبو الحسن محمد بن القاسم المفسر الأسترآبادي ، قال حدثني أبو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد ، وأبو الحسن علي بن محمد بن سيار ، وكانا من الشيعة الإمامية ، قالا : حدثنا أبو محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام ، قال حدثني أبي عن آبائه عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : أشد من يتم اليتيم الذي انقطع من أمه وأبيه ، يتم يتيمٍ انقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه ، ولا يدري كيف حكمه فيما يبتلى به من شرائع دينه ، ألا فمن كان من شيعتنا عالماً بعلومنا فهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره ، ألا فمن هداه وأرشده وعلمه شريعتنا ، كان معنا في الرفيق الأعلى ) .
( وفي الاحتجاج : 1 / 8 : ( وبهذا الإسناد عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري قال : قال الحسين بن علي عليه السلام : من كفل لنا يتيماً قطعته عنا محنتنا باستتارنا ، فواساه من علومنا التي سقطت إليه ، حتى أرشده وهداه قال الله عز وجل : أيها العبد الكريم المواسي لأخيه ، أنا أولى بالكرم منك ، إجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كل حرف علمه ألف ألف قصر ، وضموا إليها ما يليق بها من سائر النعيم .
وبهذا الإسناد عنه عليه السلام قال قال محمد بن علي الباقر عليه السلام : العالم كمن معه شمعة تضئ للناس ، فكل من أبصر بشمعته دعا بخير ، كذلك العالم معه شمعة تزيل ظلمة الجهل والحيرة ، فكل من أضاءت له فخرج بها من حيرة أو نجا بها من جهل ، فهو من عتقائه من النار ، والله يعوضه عن ذلك لكل شعرة لمن أعتقه ما هو أفضل له من الصدقة بمائة ألف قنطار ، على الوجه الذي أمر الله عز وجل به ، بل تلك الصدقة وبال على صاحبها لكن يعطيه الله ما هو أفضل من مائة ألف ركعة يصليها من بين يدي الكعبة .
وبهذا الإسناد عنه : قال قال جعفر بن محمد الصادق عليه السلام : علماء شيعتنا مرابطون في الثغر الذي يلي إبليس وعفاريته ، يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا وعن أن يتسلط عليهم إبليس وشيعته والنواصب ، ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا كان أفضل ممن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرة لأنه يدفع عن أديان محبينا وذلك يدفع عن أبدانهم .
وعنه بالإسناد المتقدم قال : قال موسى بن جعفر صلى الله عليه وآله : فقيه واحد ينقذ يتيما من أيتامنا المنقطعين عنا وعن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه أشد على إبليس من ألف عابد لأن العابد همه ذات نفسه فقط وهذا همه مع ذات نفسه ذوات عباد الله وإمائه لينقذهم من يد إبليس ومردته ، فلذلك هو أفضل عند الله من ألف عابد وألف ألف عابدة .
( وعنه قال : قال علي بن موسى الرضا عليه السلام : يقال للعابد يوم القيامة : نعم الرجل كنت همتك ذات نفسك وكفيت مؤنتك فادخل الجنة . ألا إن الفقيه من أفاض على الناس خيره وأنقذهم من أعدائهم ووفر عليهم نعم جنان الله تعالى ، وحصل لهم رضوان الله تعالى ، ويقال للفقيه : يا أيها الكافل لأيتام آل محمد ، الهادي لضعفاء محبيهم ومواليهم قف حتى تشفع لكل من أخذ عنك أو تعلم منك ، فيقف فيدخل الجنة معه فئاما وفئاماً وفئاماً - حتى قال عشراً - وهم الذين أخذوا عنه علومه وأخذوا عمن أخذ عنه وعمن أخذ عمن أخذ عنه إلى يوم القيامة ! فانظروا كم صرف ما بين المنزلتين ؟ !
[2] في معجم رجال الحديث : 4 / 196 : ( عن جميل بن دراج ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : أوتاد الأرض وأعلام الدين أربعة : محمد بن مسلم ، وبريد بن معاوية ، وليث بن البختري المرادي ، وزرارة بن أعين ) .
[3] في بصائر الدرجات ص 531 : ( عن الإمام الباقر عليه السلام قال : كل ما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل ) . انتهى ، وقد تقدم مع غيره في موضوع رقم 12 .
[4] في عيون أخبار الرضا عليه السلام : 2 / 62 : ( وإنه لمكتوب عن يمين عرش الله عز وجل : مصباح هدى وسفينة نجاة ) .
[5] في مسند أحمد بن حنبل : 4 / 172 : ( عبد الله حدثني أبي ، ثنا عفان ، ثنا وهيب ، ثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن أبي راشد عن يعلى العامري ، أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام دعوا له ، قال : فاستمثل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال عفان قال وهيب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام القوم ، وحسين مع غلمان يلعب فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذه ، قال فطفق الصبي ههنا مرة وههنا مرة ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضاحكه حتى أخذه ، قال فوضع إحدى يديه تحت قفاه والأخرى تحت ذقنه ، فوضع فاه على فيه فقبله ، وقال : حسين مني وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسيناً ، حسين سبط من الأسباط .
وفي سنن ابن ماجة : 1 / 51 بروايتين ، وقال في هامشه : ( في الزوائد : إسناده حسن . رجاله ثقات ) .
وفي سنن الترمذي : 5 / 324 ، وقال : هذا حديث حسن .
وفي مستدرك الحاكم : 3 / 177 ، وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
وفي تحفة الأحوذي بشرح الترمذي : 10 / 190 : ( قوله : حسين مني وأنا من حسين قال القاضي : كأنه صلى الله عليه وسلم علم بنور الوحي ما سيحدث بينه وبين القوم فخصه بالذكر ، وبين أنهما كالشئ الواحد في وجوب المحبة وحرمة التعرض والمحاربة ، وأكد ذلك بقوله : أحب الله من أحب حسيناً ، فإن محبته محبة الرسول ومحبة الرسول محبة الله .
( حسين سبط ) بالكسر ( من الأسباط ) قال في النهاية : أي أمة من الأمم في الخير ، والأسباط في أولاد إسحاق بن إبراهيم الخليل ، بمنزلة القبائل في ولد إسماعيل واحدهم سبط ، فهو واقع على الأمة والأمة واقعة عليه . انتهى .
وقال القاضي : السبط ولد الولد ، أي هو من أولاد أولادي ، أكد به البعضية وقررها ، ويقال للقبيلة قال تعالى : وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً ، أي قبائل ، ويحتمل أن يكون المراد ههنا على معنى أنه يتشعب منه قبيلة ، ويكون من نسله خلق كثير ، فيكون إشارة إلى أن نسله يكون أكثر وأبقى ، وكان الأمر كذلك .
قوله ( هذا حديث حسن ) وأخرجه البخاري في الأدب المفرد ، وابن ماجة والحاكم .
ورواه ابن أبي شيبة في المصنف : 7 / 515 ، والبخاري في الأدب المفرد ص 85 ، وابن حبان في صحيحه : 15 / 427 ، والطبراني في المعجم الكبير : 3 / 33 ، و : 22 / 274 ، وابن حجر الهيثمي في موارد الظمآن ص 553 .
وفي كشف الخفاء : 1 / 358 : ( حسين مني وأنا من حسين ) رواه الترمذي وحسنه ، عن يعلى ابن مرة الثقفي مرفوعاً ، ورواه أحمد وابن ماجة في سننه عن يعلى بن مرة باللفظ المذكور ، وزاد : أحب الله من أحب حسيناً ، حسين سبط من الأسباط ) .
وفي تناقضات الألباني الواضحات للسقاف : 1 / 74 : ( حديث يعلى بن مرة مرفوعاً : ( حسين مني وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسيناً ، حسين سبط من الأسباط ) رواه الترمذي ، وهو حسن الإسناد . قلت : صححه الألباني فأورده في سلسلته الصحيحة : 3 / 229 برقم 1227 وهو متناقض حيث ضعفه في تخريج مشكاة المصابيح : 3 / 1738 برقم 6160 ، قائلاً : وإسناده ضعيف . اه . ! ! .
وقال ابن كثير في والنهاية : 8 / 224 : ( ثم قال ( أي الترمذي ) : حدثنا الحسن بن عرفة ، ثنا إسماعيل بن عياش ، عن عبد الله بن عثمان بن خيثم ، عن سعيد بن راشد عن يعلى بن مرة . قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حسين مني وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسيناً ، حسين سبط من الأسباط .
ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن . ورواه أحمد عن عفان عن وهب عن عبد الله بن عثمان بن خيثم به . ورواه الطبراني عن بكر بن سهل ، عن عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح بن راشد بن سعد ، عن يعلى بن مرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الحسن والحسين سبطان من الأسباط . وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو نعيم ، ثنا سفيان ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن أبي نعيم ، عن أبي سعيد الخدري . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ) . انتهى .
ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق : 14 / 148 ، وص 149 ، وابن الأثير في أسد الغابة : 2 / 19 .
[6] روى البيهقي في سننه : 3 / 337 قال : ( وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ، أنبأ عبد الله بن جعفر ، ثنا يعقوب بن سفيان ، حدثني أبو الأسود النضر بن عبد الجبار ، أنبأ ابن لهيعة ، عن أبي قبيل قال : لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما كسفت الشمس كسفة بدت الكواكب نصف النهار حتى ظننا أنها هي ! . انتهى . أي أنها القيامة !
وفي مجمع الزوائد للهيتمي : 9 / 196 : ( وعن أم حكيم قالت قتل الحسين وأنا يومئذ جويرية فمكثت السماء أياماً مثل العلقة . رواه الطبراني ورجاله إلى أم حكيم رجال الصحيح .
وعن جميل بن زيد قال : لما قتل الحسين احمرت السماء قلت أي شئ تقول قال إن الكذاب منافق ان السماء احمرت حين قتل . رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه .
وعن أبي قبيل قال : لما قتل الحسين بن علي انكسفت الشمس كسفة حتى بدت الكواكب نصف النهار حتى ظننا أنها هي . رواه الطبراني وإسناده حسن .
وفي المصنف لابن أبي شيبة : 8 / 633 : ( 262 - حدثنا علي بن مسهر عن أم حكيم قالت : لما قتل الحسين بن علي وأنا يومئذ جارية قد بلغت مبلغ النساء أو كدت أن أبلغ ، مكثت السماء بعد قتله أياما كالعلقة .
وقال القرطبي في تفسيره : 16 / 141 : ( قال السدي : لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما بكت عليه السماء ، وبكاؤها حمرتها .
وحكى جرير عن يزيد بن أبي زياد قال : لما قتل الحسين بن علي ابن أبي طالب رضي الله عنهما احمر له آفاق السماء أربعة أشهر . قال يزيد : واحمرارها بكاؤها .
وقال محمد بن سيرين : أخبرونا أن الحمرة التي تكون مع الشفق لم تكن حتى قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما . وقال سليمان القاضي : مطرنا دماً يوم قتل الحسين .
وقال ابن حجر في تلخيص الحبير : 5 / 84 : ( روى البيهقي عن أبي قبيل أنه لما قتل الحسين كسفت الشمس كسفةً بدت الكواكب نصف النهار حتى ظننا أنها هي هو ) انتهى .
ورواه بنحوه الطبراني في المعجم الكبير : 3 / 113 و 119 وابن عساكر : 14 / 228 و 229 ، والمزي في تهذيب الكمال : 6 / 432 و 433 ، والمناوي في فيض القدير : 1 / 265 ، وعلي بن محمد الحميري في جزئه ص 31 ، والنووي في المجموع : 5 / 59 ، وفي روضة الطالبين : 1 / 598 ، والرافعي في الفتح العزيز : 5 / 83 ، والشربيني في مغني المحتاج : 1 / 320 ، والشرواني في حواشيه : 9 / 67
وروى البخاري في التاريخ الكبير : 4 / 129 : ( عن سليم القاص قال : مطرنا أياماً أو يوم قتل الحسين دماً . سمع منه حماد بن سلمة وإسماعيل بن إبراهيم أبو إبراهيم ) .
[7] في كامل الزيارات ص 203 : ( حدثني محمد بن جعفر القرشي ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن علي ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن المغيرة ، عن أبي عمارة المنشد ، قال : ما ذكر الحسين بن علي عليه السلام عند أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام في يوم قط فرئي أبو عبد الله في ذلك اليوم متبسماً إلى الليل ) . ورواه في كامل الزيارات ص 214 وزاد فيه : ( وكان عليه السلام يقول : الحسين عبرة كل مؤمن ) .
وفي أمالي الصدوق ص 205 : ( حدثنا أبي رحمه الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن علي بن حسان الواسطي ، عن عمه عبد الرحمن بن كثير الهاشمي ، عن داود بن كثير الرقي قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ استسقى الماء ، فلما شربه رأيته وقد استعبر واغرورقت عيناه بدموعه ، ثم قال : يا داود ، لعن الله قاتل الحسين ، فما أنغص ذكر الحسين للعيش ! إني ما شربت ماء بارداً إلا وذكرت الحسين ، وما من عبد شرب الماء فذكر الحسين ولعن قاتله إلا كتب الله له مائة ألف حسنة ، ومحا عنه مائة ألف سيئة ، ورفع له مائة ألف درجة ، وكان كأنما أعتق مائة ألف نسمة ، وحشره الله يوم القيامة أبلج الوجه ) .
[8] في أمالي الصدوق ص 190 : ( حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه الله ، قال : حدثنا الحسين بن محمد بن عامر ، عن عمه عبد الله بن عامر ، عن إبراهيم بن أبي محمود ، قال : قال الرضا عليه السلام : إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال ، فاستحلت فيه دماؤنا ، وهتكت فيه حرمتنا ، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا ، وأضرمت النيران في مضاربنا ، وانتهب ما فيها من ثقلنا ، ولم ترع لرسول الله حرمة في أمرنا ! إن يوم الحسين أقرح جفوننا ، وأسبل دموعنا ، وأذل عزيزنا بأرض كرب وبلاء ، أورثتنا الكرب والبلاء ، إلى يوم الانقضاء ، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون ، فإن البكاء يحط الذنوب العظام .
ثم قال عليه السلام : كان أبي إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكاً ، وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام ، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ، ويقول : هو اليوم الذي قتل فيه الحسين صلوات الله عليه ) .
[9] في بحار الأنوار : 98 / 342 : ( روي عن الصادق عليه السلام في زيارة الحسين عليه السلام قال : تقف على القبر وتقول : الحمد لله العلي العظيم ، والسلام عليك أيها العبد الصالح الزكي ، أودعك شهادة مني لك تقربني إليك في يوم شفاعتك ، أشهد أنك قتلت ولم تمت ، بل برجاء حياتك حييت قلوب شيعتك ، وبضياء نورك اهتدى الطالبون إليك ، وأشهد أنك نور الله الذي لم يطفأ ، ولا يطفأ أبداً ، وأنك وجه الله الذي لم يهلك ، ولا يهلك أبداً ) . ورواه أيضاً في : 98 / 251 .