أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-3-2016
5014
التاريخ: 22-4-2017
3550
التاريخ: 2024-09-29
305
التاريخ: 25-3-2016
8437
|
نص قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل بالمادة (327) منه (1) على سلوك الموظف أو المكلف بخدمة عامة الذي يخالف أهم الالتزامات أو الواجبات الوظيفية، التي تقع على عاتقه وهي الحفاظ على سرية عمله وعدم الإفشاء بها لما قد يؤدي ذلك إلى الإضرار بالعمل التابع للجهة الإدارية التي يعمل في نطاقها (2)، وأن هذه الجريمة يمكن ان تقع في نطاق العقود الحكومية وخصوصا في المرحلة السابقة على إبرامه ولهذه الجريمة اركان تتمثل بما يأتي:
1 - الركن المادي: الركن المادي في هذه الجريمة يتكون من ثلاث عناصر هي:
أ - نشاط الجاني: يتمثل نشاط الجاني أو السلوك الاجرامي بقيام الموظف أو المكلف بخدمة عامة بإفشاء أمرًا وصل اليه بحكم وظيفته، والإفشاء هو كل تصرف يصدر عن موظف أو مكلف بخدمة عامة وبإرادته، ينطوي على الكشف عما وصل إلى علم الشخص بحكم وظيفته من معلومات لا ينبغي له الكشف عنها(3).
ويعرف الإفشاء بأنه " أفشاء من أؤتمن على سر بحكم وظيفته أو مهنته عمدًا في غير الأحوال المصرح بها قانونا أو دون رضا صاحب السر (4).
وللإفشاء طرق عدة، فربما يكون الافشاء بواسطة الفعل، كان يكون الافشاء بواسطة الكتابة أو المطبوعات، وقد يكون الافشاء بواسطة الصور أو الفيديوهات، وقد يكون بواسطة الرسومات الهندسية أو البيانية، وكذا الحال في تسليم الوثائق والمستندات إلى الآخرين من الذين غير المرخص لهم بالاطلاع عليها (5).
وقد يكون الإفشاء بالقول، كأن يحدث مشافهة أو بواسطة الاتصالات المسموعة أو غيرها من الوسائل القولية، وقد يكون الافشاء عمديًا، بان يقوم الجاني بإفشاء المعلومات التي تحصل عليه جراء وظيفته بصورة عمدية، أو قد يكون جراء اهمال من قبل الجاني، كان يعمد إلى تسليم مفاتيح الخزانة التي تحتوي على المعلومات إلى شخص يعلم انه يتوجب عليه كتمان المعلومات من الوصول اليه (6).
وينقسم الافشاء ايضاً إلى افشاء كلي أو جزئي، ففي الافشاء الكلي يعمد الجاني إلى بيان الأمر المفشى بصورة تفصيلية قد تكون معززة بالوثائق أو المستندات، أما الافشاء الجزئي فيعمد الموظف فيه إلى افشاء جزء من المعلومات التي وصلت اليه، أو يفشي كليا الجزء الذي وصل اليه من المعلومات، وان كان ما وصل له من معلومات يكون جزءا من الحقيقة وليست الحقيقة كاملة (7).
ومن المفيد ذكره بأنه يمكن تعريف الكتمان بأنه : اخفاء المعلومة وسترها من الوصول لغيره (8). أما وسيلة معرفة المعلومات أو الاسرار الواجب كتمانها ، فقد اختلف الفقه في تحديد ماهيتها وكيفية صيرورتها إلى سر أو معلومات يتوجب كتمانها، وذلك على عدة نظريات:
* نظرية الضرر : وفيه ان تكون المعلومات واجبة الكتمان لأنها تضر الغير أو لأنها تضر بالوظيفة العامة، (9) هذا ولم يأخذ المشرع العراقي بهذه النظرية، ونجد ان الأمر واضحا في نص المادة (327) من قانون العقوبات العراقي النافذ، والذي لم يستوجب الضرر لتحقق اركان هذه الجريمة، لكنه اخذ بتشديد العقوبة إذا ما رافق هذا الافشاء ضررا طال مصالح الدولة.
* نظرية الاسرار المودعة : وتقوم على أساس ارادة صاحب السر واتجاه ارادته إلى كتمانه من عدمه، ويكفي فيه بان تتحقق الارادة الضمنية للكتمان وليست الصريحة، وذلك عندما لا تكون ارادته ظاهرة، وانتقدت هذه النظرية بحكم انها تعتد بإرادة صاحب المعلومة أو السر أكثر من المعلومة أو السر ذاته، هذا وقضت محكمة النقض الفرنسية بما يناقض هذه النظرية، بأن جعلت السر أو المعلومة الوظيفية لیست مقتصرة على ما يودعه صاحبها ، بل تتوسع لتشمل كل ما يستنتجه الموظف بان المعلومة واجبة الكتمان (10).
* نظرية نوع السر أو المعلومة وطبيعتها ومؤداه بأن المعلومة تكون طي الكتمان إذا ما كانت الظروف المحيطة بها تؤشر ذلك، ولو لم يصرح بكتمانها صاحب ،المعلومة كان تصل إلى علم المخاطب بالاستنتاج أو الاكتشاف بانها معلومة تستحق الكتمان (11)، وقد نحى القانون العراقي منحى هذه النظرية في نص المادة (437) من قانون العقوبات النافذ، الذي اقرت بان العلم بالسر يكون بحكم الوظيفة أو المهنة، فعليه لا يشترط ان يكون بإرادة صاحب السر أو المعلومة.
من كل ما تقدم يمكن القول بأن الافشاء يمكن ان يكون قولا أو فعلا، كلا أو جزءًا، أما معرفة وجوب كتمان المعلومة من عدمها، فيتوجب النظر إلى طبيعة هذه المعلومة واستنتاج أهميتها. من ناحية أخرى يدخل ضمن نطاق التجريم في هذه المادة، بأن يعمد الجاني إلى افشاء معلومات حازها بمقتضى عقد يربطه مع الدولة، إذ نصت المادة (327) من قانون العقوبات على ان "... يعاقب بالعقوبة ذاتها كل من ارتبط مع الحكومة بعقد مقاولة أو عمل وكذلك وكيله أو أي عامل لديه افشى امرا علمه بمقتضى عقد المقاولة أو العمل وكان يتحتم عليه كتمانه فيتبين من ظاهر النص بأنَّه يشمل عقدي المقاولة و العمل فقط دون غيره من العقود الحكومية ولكن نحن نرى بأن عقد المقاولة أو العمل أتت صيغتهما على سبيل المثال لا الحصر، وهذا ما تؤيده تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم 2 لسنة 2014، في المادتين (1 و 3) (12) والتي بينت فيهما نطاق سريان تعليمات تنفيذ العقود الحكومية، وبالنظر إلى سريان التعليمات، فأنَّها تسري على كافة العقود التي تبرمها الدولة بمختلف أنواعها ومسمياتها، وبالنتيجة فان عقد المقاولة والعمل وردا على سبيل المثال لا الحصر.
هذا ولا يشترط كما سبق القول ان يكون من نتائج الافشاء ان يرتب ضررا على الدولة وانما بمجرد الافشاء تتحقق اركان الجريمة وما الضرر إلا ظرفًا مشددًا للعقاب.
ب- النتيجة الجرمية : تتحقق النتيجة الجرمية في هذه الجريمة بمجرد افشاء الاسرار أو المعلومات التي بحوزة الموظف دون الحاجة إلى البحث في موضوع تحقق الضرر من عدمه، وهذا يعني ان هذه الجريمة هي من جرائم الخطر التي يعاقب المشرع على مجرد الافشاء سواءً تحقق ضرر على أساس ذلك أم لم يتحقق، بمعنى أدق أن العقوبة تفرض على الجاني بمجرد إتيان فعل الإفشاء (13).
ج- العلاقة السببية بما ان النتيجة الجرمية لا تتمثل بالضرر وانما بمجرد الافشاء فان العلاقة السببية تتحقق متى ما كان الافشاء ناجم عن المعلومات التي ادلى بها الموظف، أما إذا تخلف هذا الارتباط فلا مجال للحديث عن توافر العلاقة السببية بين السلوك والنتيجة (14).
وبالنسبة لموقف القانون المقارن، فلم يتطرق القانون المصري ولا القانون الجزائري إلى جريمة افشاء المعلومات التعاقدية، بينما أشارا إلى جريمة إفشاء الأسراء بشكل عام، فظاهر نصوصهما توجه نحو تكييف مثل هذه الأفعال على المبادئ العامة في جريمة إفشاء الأسرار ، وذلك لان قانون العقوبات المصري والجزائري اشار إلى تجريم كل افشاء سر يقوم به جميع الأشخاص المؤتمنين بحكم الواقع أو المهنة أو الوظيفة الدائمة أو المؤقتة (15).
2 - الركن المفترض : ونص قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 على هذه الجريمة بالمادة (327)، فالنص جاء ليشمل كل موظف أو مكلف بخدمة عامة" أفشي سرًا وظيفيًا يتحتم عليه كتمانه، كذلك كل من ارتبط مع الحكومة بعقد مع مقاول أو وكيله أو أي عامل لديه عندما يفشي سرًا بمقتضى عقد المقاولة الذي بينه وبين الجهة الإدارية إذ لابد من توافر هذه الصفة لأجل قيام جريمة الافشاء بالأسرار الوظيفية، أما اذا انتفت هذه الصفة فلا مجال للحديث عن الركن المفترض وتنتفي الجريمة ايضا (16).
3-الركن المعنوي : يتمثل الركن المعنوي في الجرمية المذكورة بتوافر القصد الجرمي، ويتحقق القصد الجرمي بتوافر عناصره المتمثلة بعنصر العلم لدى الجاني في حالة قيامه بسلوك الإفشاء، أي علم الجاني ان ما افشاه من معلومات هي اسرار تتعلق بوظيفته ومن ثم تتوجه رادته الكاملة إلى القيام بتحقيق بذلك، بمعنى أدق ان يعلم الجاني بجميع عناصر الجريمة وان تتجه ارادته إلى اتمام ذلك، وهذا يعني ان الجريمة تعد من الجرائم العمدية التي تقتضي توافر القصد الجرمي لدى فاعلها. ونحن نرى ان الجريمة هذه ممكن ان تتحقق بصورة غير عمدية وذلك إذا لم يراع الجاني أصول الحيطة والحذر للحيلولة دون الكشف عن هذه المعلومات الواجب كتمانها.
________________
1- نصت المادة (327) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل على أنه: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبالغرامة التي لا تزيد على ثلثمائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل موظف أو مكلف بخدمة عامة أفشى امرًا وصل إلى علمه بمقتضى وظيفته لشخص يعلم وجوب عدم اخباره به، وتكون العقوبة السجن إذا كان من شأن هذا الافشاء أن يضر بمصلحة الدولة ويعاقب بالعقوبة ذاتها من ارتبط مع الحكومة بعقد مقاولة أو عمل وكذلك وكيله أو أي عامل لديه أفشي امرا علمه بمقتضى عقد المقاولة أو العمل وكان يتحتم عليه كتمانه".
2- في تفصيلات ذلك: د. خالد خليل الظاهر القانون الإداري دراسة مقارنة، ط1، دار المسيرة للنشر والطباعة والتوزيع، عمان، 1998، ص 240
3- عدنان خلف محيي جريمة افشاء سر المهنة في القانون العراقي، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة بغداد، 1998، ص 80
4- د. محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات القسم العام، دار الحافظ للنشر، 2017، ص 308
5- نصت المادة (88) من قانون الاثبات رقم 107 لسنة 1979 على أنه : "لا يجور الموظفين أو المكلفين بخدمة عامة افشاء ما وصل إلى علمهم اثناء قيامهم بواجباتهم من معلومات لم تنشر بالطريق القانوني ولم تأذن الجهة المختصة في اذاعتها ولو بعد تركهم العمل ومع ذلك فلهذه الجهة ان تأذن لهم بالشهادة بناء على طلب المحكمة أو أحد الخصوم".
6- د. علي حمزة عسل الخفاجي د. صعب ناجي عبود، شاکر عثمان داود الاثار الجزائية لجريمة الاضرار بالمال العام، بحث منشور في مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، العدد ،3، السنة الثامنة، جامعة بابل، العراق، 2016، ص 24.
7- عدنان خلف محيي، جريمة افشاء سر المهنة في القانون العراقي، مصدر سابق، ص 87.
8- د. علي محمد علي، افشاء السر الطبي وأثره في الفقه الاسلامي، ط1، دار الفكر الجامعي، مصر،2007 ، ص 9.
9- د. محمود صالح العادلي، الحماية الجنائية لالتزام المحامي بالمحافظة على اسرار موكليه، دار الفكر الجامعي، مصر، 2003، ص71.
10- قرار محكمة بوردو الفرنسية / مدنية / 1925 في 1925/7/20 ، نقلا عن سعيد عبد اللطيف حسن، الحماية الجنائية للسرية المصرفية (جريمة افشاء السر المصرفي)، دار النهضة العربية، مصر، 2004، ص 216.
11- د. محمود نجيب حسني شرح قانون العقوبات القسم الخاص، دار النهضة العربية، مصر، 1978، ص 754.
12- المادة (1) من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم 2 لسنة 2014 نصت على أن "م 1. أولا : تسري احكام هذه التعليمات على أ- العقود التي تبرمها الجهات التعاقدية الرسمية ممثلة برئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب ومجلس القضاء الأعلى والأمانة العامة لمجلس الوزراء والوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة و الأقليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم مع الجهات العراقية وغير العراقية لتنفيذ المقاولات العامة والمشاريع و العقود الاستشارية و عقود الخدمات غير الاستشارية وعقود تجهيز السلع والخدمات المحسوبة على الموازنات الاستثمارية والجارية والتشغيلية ب- الشركات العامة عند تنفيذها لمشاريعها المدرجة في المنهاج الاستثماري أو الجاري الممول من الموازنة العامة. اما المادة (3) فقد نصت على أنه تعتمد الصلاحيات والمهام المنصوص عليها في النظام الداخلي المقر وفقا للقانون للشركات العامة عند تنفيذ تعاقداتها التي تسري عليها تعليمات تنفيذ العقود العامة ومثال ذلك عقود التسويق وعقود الاستثمار مع الأخذ بنظر الأعتبار التشريعات القانونة ذات الصلة بذلك".
13- عدنان خلف محيي جريمة افشاء سر المهنة في القانون العراقي، مصدر سابق، ص 69.
14- د. علي حسين الخلف ود سلطان عبد القادر الشاوي المبادئ العامة في قانون العقوبات، القسم العام، دار السنهوري، بيروت، 2015، ص 114.
15- المادة (310) من قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937 ،المعدل كل من كان من أطباء أو الجراحين أو الصيادلة أو القوابل أو غيرهم مودعا إليه بمقتضى صناعته أو وظيفته سر خصوصي ائتمن عليه فأفشاه في غير الأحوال التي يلزمه القانون فيها بتبليغ ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري". اما المادة 301 من قانون العقوبات الجزائري رقم 66-156 في 1966 ،المعدل، نصت على أن يعاقب بالحبس من شهر الى ستة أشهر وبغرامة من 20,001 الی 100,000 دج الأطباء والجراحون والصيادلة والقابلات الأشخاص المؤتمنين بحكم الواقع أو المهنة أو الوظيفة الدائمة أو المؤقتة على اسرار ادلى بها إليهم وافشوها في وجميع غير الحالات التي يوجب عليهم فيها القانون افشاء ها ويصرح لهم بذلك".
16- سالم روضان الموسوي دور القانون والقضاء في مكافحة الفساد، ط 2 ، مكتبة صباح، بغداد، 2011، ص 18.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|