أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-09-2014
2405
التاريخ: 13-3-2016
2248
التاريخ: 11-12-2015
1683
التاريخ: 23-09-2014
1956
|
التوحيد الأفعاليّ[1]
1- معنى التوحيد الأفعالي:
المُراد به أنّ عالم الخلق منظَّم ومبني على الأسباب والمسبّبات، وأنّها ناشئة من إرادة الخالق ومعتمدة على مشيئته. فالظواهر الوجودية الكلّية والجزئيّة في ذاتها محتاجة لخالقها، متوقّفة عليه، وهو تعالى قائم بذاته: ﴿اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾[2]. وهذه الظواهر بالتّالي غير مستقلّة في مقام التأثير، وكلّ أثر وعمل يحدث من الوجود الممكن بحول من الله وقوّته، فلا مؤثّر في الوجود إلا الله. فالتوحيد الأفعالي هو الإيمان والإقرار بارتباط الظواهر الوجودية بالله تعالى وفقرها في ذاتها واحتياجها لله تعالى، من دون أن يكون هذا الإيمان في تعارض مع النظام العلّي طارداً له.
2- مراتب التوحيد الأفعاليّ:
• التوحيد في الخالقية: وهو اعتراف الموحّد وإيمانه بأنّ موجودات عالم الوجود كلّها فقيرة ومحتاجة، ووجودها رهن الفيض والتجلّي الإلهي، فالكلّ مخلوقاته، ولا خالق سواه: ﴿قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾[3].
• التوحيد في الربوبيّة: هو الإيمان بحقيقة أنّ تدبير عالم الوجود - ومنه الإنسان - بيد إله العالم وحده، والخلق كلّهم تحت ربوبيّته وتدبيره. فالإنسان في خلقه وتكوينه لم يفوِّض الله تعالى إليه تدبير نفسه، بل دوماً يعيش بالتدبير الإلهي: ﴿رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾[4].
3- أدلّة التوحيد الأفعالي:
- الدليل العقلي:
تقضي البراهين اليقينيّة بسريان الفقر والحاجة إلى الموجودات الممكنة كافّة، في ذواتها، وآثار ذواتها، وإذا كانت الحاجة إليه تعالى في مقام الذات، استحال الاستقلال عنه والانعزال منه على الإطلاق، إذ لو فُرِضَ استقلال لشيء منه تعالى في وجوده أو شيء من آثار وجوده - بأيّ وجه فُرِضَ في حدوث أو بقاء -، استغنى عنه من تلك الجهة، وهو محال. فكلّ ممكن غير مستقلّ في شيء من ذاته وآثار ذاته، والله سبحانه هو الذي يستقلّ في ذاته، وهو الغني الذي لا يفتقر في شيء، ولا يفقد شيئاً من الوجود وكمال الوجود، كالحياة، والقدرة، والعلم، فلا حدّ له يتحدّد به.
وعليه، فإنّ كلّ ما كان للممكن، من الوجود، أو الحياة، أو القدرة، أو العلم، متعلّق الوجود به تعالى، غير مستقلّ عنه بوجه، ولا فرق في ذلك بين القليل والكثير، ما كانت خصيصة عدم الاستقلال محفوظة فيه، فلا مانع من فرض ممكن له علم بكلّ شيء، أو قدرة على كلّ شيء، أو حياة دائمة، ما دام غير مستقلّ الوجود عن الله سبحانه، ولا منعزل الكون عنه، كما لا مانع من تحقّق الممكن مع وجود مؤقّت، ذي أمد، أو علم، أو قدرة، متعلّقين ببعض الأشياء دون بعض. نعم فرض الاستقلال يُبطِلَ الحاجة الإمكانيّة، ولا فرق فيه بين الكثير والقليل.
- الدليل القرآني:
إنّ القرآن الكريم، وإنْ كان ناطقاً باختصاص بعض الصفات والأفعال به تعالى، كالعلم بالمغيّبات، والإحياء، والإماتة، والخلق، كما في قوله تعالى: ﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ﴾[5]، ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا﴾[6]، ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾[7]، ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾[8]، إلى غير ذلك من الآيات، لكنّها جميعاً مفسّرة بآيات أُخَر، كقوله: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ﴾[9]، ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ﴾[10]، ﴿وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ﴾[11]، ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي﴾[12]، إلى غير ذلك من الآيات. وانضمام الآيات إلى الآيات لا يدع شكّاً في أنّ المراد بالآيات النافية، اختصاص هذه الأمور به تعالى بنحو الأصالة والاستقلال، والمراد بالآيات المثبتة، إمكان تحقّقها في غيره تعالى، بنحو التبعية وعدم الاستقلال. فمن أثبت شيئاً من العلم المكنون، أو القدرة الغيبيّة، أي العلم من غير طريق الفكر، والقدرة من غير مجراها العاديّ الطبيعيّ، لغيره تعالى من أنبيائه وأوليائه، كما وقع كثيراً في الأخبار والآثار، ونفى معه الأصالة والاستقلال، بأن يكون العلم والقدرة مثلاً له تعالى، وإنّما ظهر ما ظهر منه بالتوسيط، ووقع ما وقع منه بإفاضته وجوده، فلا حجر عليه. ومن أثبت شيئاً من ذلك على نحو الأصالة والاستقلال طبق ما يثبته الفهم العامّي، وإنْ أسنده إلى الله سبحانه، وفيض رحمته، لم يخل من غلوّ، وكان مشمولاً لمثل قوله تعالى: ﴿لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ﴾[13].
[1] انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج10، ص211-213, ج13، ص270-273.
[2] سورة البقرة، الآية 255.
[3] سورة الرعد، الآية 16.
[4] سورة طه، الآية 50.
[5] سورة الأنعام، الآية 59.
[6] سورة النجم، الآية 44.
[7] سورة الزمر، الآية 42.
[8] سورة الزمر، الآية 62.
[9] سورة الجن، الآيتان 26 - 27.
[10] سورة السجدة، الآية 11.
[11] سورة آل عمران، الآية 49.
[12] سورة المائدة، الآية 110.
[13] سورة النساء، الآية 171.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|