أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-6-2016
2491
التاريخ: 19-4-2016
2057
التاريخ: 26-6-2016
2765
التاريخ: 2024-08-14
448
|
إن حاجة الإنسان لحماية الآخرين ومساعدتهم لا تنحصر بفترة الطفولة حيث يكون الإنسان فيها عاجزاً ضعيف القوى ، بل تستمر إلى ما بعد هذه المرحلة ، لأن الإنسان يبقى في كافة مراحل عمره ، طفولته ، شبابه ، شيخوخته، وكهولته بحاجة إلى دعم الآخرين وحمايتهم، فهو خلق ليكون اجتماعياً ، لذا فهو عاجز عن خوض غمار الحياة وحيداً فريداً دون الحاجة للآخرين.
والإنسان ينبغي عليه أن يعيش في كنف مجتمعه ، لأنه إذا ما أراد الحصول على مستلزمات الحياة وقضاء حوائجه المادية وتذليل كل العقبات التي تواجهه في مسيرته الحياتية ، وكذلك بلوغ مدارج الكمال الإنساني واستغلال كل طاقاته واستعداداته الباطنية ، عليه أن يقيم علاقات اجتماعية تقوم على أساس تبادل الآداء وتضافر الجهود .
إن حاجة الإنسان الأكيدة لحماية الآخرين وإقامة علاقات تعاون معهم تستوجب منه أن يتحلى بأخلاق اجتماعية وذلك لتأمين سبل حياته وديمومتها . ويجب أن يكون قد بنا أفكاره وأخلاقه منذ طفولته بشكل يمكنه في الكبر من أن يكيف نفسه مع بيئته الاجتماعية ويصبح عضواً مفيداً ومؤثراً فيها ، يستفيد من الناس ويفيدهم .
«يجب أن تتطابق أعمال الإنسان وسلوكه مع مقتضيات بيئته. وأهم عوامل البيئة التي لها أهميتها المباشرة على الإنسان ، سلوك الآخرين ونشاطاتهم . وتبرهن على هذه الحقيقة أفضل برهان طريقة حياة كل إنسان. والحقيقة أن كل إنسان يكون منذ ولادته بحاجة إلى حماية الأخرين ومساعدتهم، ومن هنا فإنه ليس هناك أي عامل فردي في تكون أخلاقه وطبائعه ، وكل ما لديه هو مكتسب من الآخرين»(1) .
سر النجاح:
تشكل أخلاق الفرد وطبائعه الاجتماعية سر نجاحه في مجتمعه ، فأكثر الناس سعادة في الحياة هو ذلك الذي ينشأ في ظل تربية سليمة ويكتسب من الأخلاق والصفات أحسنها وأفضلها ويعاشر الناس بالحسنى والفضيلة ويحترم حقوقهم وحدودهم ، ويسعى إلى التكيف مع مجتمعه على أساس سليم .
عن ابي عبد الله الإمام الصادق (عليه السلام) قال : خالطوا الناس واتوهم وأعينوهم ولا تجانبوهم وقولوا لهم كما قال الله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83].
من الأسباب التي جعلت فترة الطفولة لدى الإنسان تطول إلى هذا الحد ، ضرورة تنمية الأخلاق وأهمية اكتساب الصفات الاجتماعية . فعلى الإنسان ان يتعرف خلال طفولته على خير الحياة وشرها ويطلع على السنن والآداب الاجتماعية ، وعليه أن يتعلم كيف يعاشر الناس ويتعاون معهم في تسيير شؤونهم الحياتية ، وكيف يتكيف مع المجتمع ويحصل على مزايا حياة اجتماعية ، وبديهي ان يستلزم بلوغ هدف كبير كهذا سنوات طويلة.
عندما يولد الإنسان أنثى كان أم ذكراً يحمل معه طاقات واستعدادات مختلفة زرعها الله سبحانه وتعالى في أعماقه ، بعض هذه الاستعدادات يتفجر في حينها تلقائياً وبشكل طبيعي دون الحاجة لعوامل تربوية، كقابلية تكوين النطفة لدى الفتى وتكوين الجنين في رحم الفتاة ، والتي تتفتح تلقائياً مع حلول مرحلة البلوغ . بينما يحتاج البعض الآخر لمراقبة وإشراف تربوي ليتفتح ، كقابلية النطق.
فوليد الإنسان والحيوان عندما يولدان يكونان عاجزين عن النطق مع فارق واحد بينهما ، وهو أن وليد الحيوان لا يمتلك أساساً استعداد النطق ، بينما وليد الإنسان لديه مثل هذا الاستعداد ، حيث يصبح بمقدوره النطق تدريجياً إذا ما تكلم معه المحيطون به باستمرار ، أما إذا كان المحيطون بالطفل الوليد يعانون من صمم وبكم ، فإنه سيربى مثلهم عاجزاً عن النطق ، وسيبقى استعداد النطق الطبيعي لديه عقيماً ، لأنه لا يمكن أن يتفتح تلقائياً .
ثمة استعداد طبيعي آخر يحمله الإنسان في أعماقه ، وهذا الاستعداد الذي لا يمكنه ان يبرز إلا في ظل التربية، هو استعداد التآلف الاجتماعي. فعندما يولد الإنسان تولد معه قابلية التآلف الاجتماعي ، لكن وجود هذه القابلية بحد ذاتها لا يكفي لتحقيق التآلف ، بل يجب أن تتم تربية الطفل الوليد على الأخلاق الاجتماعية وآداب المعاشرة وسبل التكيف مع البيئة تحقيقاً لهذا الهدف.
وعلى سبيل المثال هناك بعض الحشرات كالنحل والأرضة (النملة البيضاء العمياء) تعيش بطبيعتها بشكل جماعي ، وتتكاتف فيما بينها كالإنسان في كافة مساعيها وأعمالها ، وهي بحاجة دائمة لهذا التعاون طالما بقيت على قيد الحياة ، لكنها تختلف عن الإنسان في كونها لا تحتاج إلى تعلم الصفات المكتسبة في معرفة مسؤولياتها وتحديد سبل تعايشها فيما بينها ، لأن هذه المعرفة موجودة فيها بالفطرة ، وكل حشرة تعرف من تلقاء نفسها ما يتوجب عليها من مسؤوليات في حياتها الجماعية ، وبإلهام من خالق الكون تعرف ايضاً كيف تنسجم مع بيئتها. ولكن الأمر يختلف بالنسبة للإنسان فيما يخص استعداد التآلف الاجتماعي ، ولكي يبرز هذا الاستعداد ويتفتح في أعماق الطفل، يجب اتباع سياسة الخطوة خطوة في تلقينه كافة مسؤولياته في الحياة الاجتماعية ، وإعداده من خلال التربية للتكيف مع البيئة .
«لكل وليد قوى واستعدادات محدودة يمكنه أن يعتمد عليها ليصبح إنساناً كاملاً ، ويتحول نتيجة التجارب تدريجياً إلى إنسان اجتماعي - كما يقول علماء الاجتماع - ، والمقصود من الاجتماعي هو السبيل الذي يسلكه الإنسان ليكون عضواً فاعلاً في المجتمع الذي ولد فيه وتعلم آدابه وسننه»(2).
المحيط التربوي :
إن الطفل منذ ولادته وحتى انقضاء مرحلة البلوغ يطوي مرحلة طفولته ، وخلال هذه الفترة الطويلة يقوى جسمه وتشتد قواه الجسمية والروحية ، وينمو استعداده للتآلف الاجتماعي تدريجياً ، فيكتسب الأخلاق الاجتماعية وصفات التكيف مع البيئة ، ويصبح جاهزاً لمعاشرة الناس والمجتمع .
وبالرغم من أن ظروف المحيط الطبيعي تترك آثارها بشكل ملحوظ على تكوين أخلاق الإنسان وطبائعه ، وتمنح كل إنسان ما يتناسب ومحيطه الطبيعي من صفات وأخلاق ، إلا أن العامل الأكثر تأثيراً على إبراز استعداد الطفل للتآلف الاجتماعي وتدعيم أسس شخصيته واكتسابه الصفات الاجتماعية ، حميدة كانت أم ذميمة ، هو المحيط التربوي . إن الإنسان عادة ما يكتسب الصفات الاجتماعية في الفترة الواقعة بين مرحلتي الطفولة والشباب من محيط الأسرة والمدرسة والزقاق والحي وكل محيط كان يربطه به رابط .
_______________________
(1) الأخلاق والشخصية ، ص 85 .
(2) علم الاجتماع، لصاموئيل كينغ، ص 101 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|