أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-25
807
التاريخ: 2024-02-24
1005
التاريخ: 2023-02-09
1269
التاريخ: 25-9-2016
1877
|
رأينا كيف يرى مسؤول المراقبة الزمن وهو يمر ببطء في المركبة المتحركة، بينما يشعر رائد الفضاء أن الزمن يمر بسرعته الطبيعية. كيف إذن يرى رائد الفضاء الزمن الخاص بمسؤول المراقبة؟
في البداية، قد نخال أنه بما أن الزمن يمر ببطء لرائد الفضاء، فإنه حين يرصد ما يحدث على الأرض سیری أن الزمن يمر هناك على نحو أسرع. لكن مهلا، لا يمكن أن يكون هذا صحيحًا؛ فلو أنه صحیح، فسنتمكن على الفور من تحديد من منهما الساكن ومن المتحرك، وسنكون هكذا قد أرسينا أن رائد الفضاء هو الراصد المتحرك؛ لأن زمنه تأثر بالحركة، فيما لم يتأثر زمن مسؤول المراقبة قط. وهذا يخالف مبدأ النسبية، بمعنى أنه في الأطر القصورية، كل الحركة نسبية؛ ومن ثم، يقودنا هذا المبدأ إلى النتيجة – التي نقر بأنها غير مريحة – القائلة بأنه لو خلص مسؤول المراقبة إلى أن ساعة رائد الفضاء تسير على نحو أبطأ من ساعته، فسيخلص رائد الفضاء بالمثل إلى أن ساعة مسؤول المراقبة تسير على نحو أبطأ من ساعته. لكن كيف يمكن هذا؟ هكذا قد تتساءل: كيف يكون لدينا ساعتان، وتسير كل واحدة منهما على نحو أبطأ من الأخرى؟!
من الخطوات المبدئية لمجابهة هذه المشكلة إدراك أننا في السيناريو الذي وصفناه لسنا بصدد مقارنة الساعتين مباشرة جنبا إلى جنب. فرغم أن رائد الفضاء ومسؤول المراقبة ربما قاما بالفعل بمزامنة ساعتيهما حين كان كل منهما بجوار الآخر عند بداية الرحلة، فإنهما لن يستطيعا القيام بالأمر عينه مع أي قراءة مستقبلية؛ إذ إن المركبة والساعة التي على متنها قد انطلقتا بعيدا. وبمقدور مسؤول المراقبة معرفة الكيفية التي تسير بها ساعة رائد الفضاء، من خلال انتظار إشارة من نوع ما (إشارة ضوئية ربما) تنطلق من ساعة رائد الفضاء ويتلقاها هو نفسه. ويجب أن يضع في اعتباره وقتها حقيقة أن الإشارة استغرقت بعضا من الوقت كي تنتقل من موضع المركبة الجديد إلى موضعه في مركز المراقبة. وبإضافة وقت الانتقال هذا إلى القراءة الخاصة بالساعة حين أطلقت الإشارة، يمكنه إذن حساب الوقت الذي تسجله الساعة الأخرى الآن؛ ومن ثم مقارنة هذا الوقت بالوقت الذي تسجله ساعته. وقتها فقط سيدرك أن ساعة رائد الفضاء تسير ببطء. لكن لاحظ أن هذا الإدراك ناتج عن «عملية حسابية»، وليس عن مقارنة بصرية مباشرة. والأمر عينه يصح بالنسبة لرائد الفضاء. فستنبئه حساباته أن ساعة مسؤول المراقبة تسير على نحو أبطأ مما تسير به ساعته، لكنه لن يدرك هذا سوى من خلال عملية حسابية باستخدام إشارة منبعثة من ساعته.
من شأن هذا أن يثير سؤالا مزعجا لا مفر منه، وهو: «لكن ساعة من حقا هي التي تسير ببطء؟» في ظل السيناريو الذي وصفناه، ليس لهذا السؤال معنى، وليس له جواب؛ فمن منظور مسؤول المراقبة، من الصحيح تماما أن ساعة رائد الفضاء هي التي تسير ببطء، ومن منظور رائد الفضاء، من الصحيح تماما أن ساعة مسؤول المراقبة تسير ببطء. وعلينا أن نترك الأمر عند هذا الحد.
لكن هناك من لم يتركه عند هذا الحد. وهنا نقابل «معضلة التوأمين» الشهيرة. يقر هذا المقترح بأن النتائج المتعارضة في ظاهرها إنما تنبع من حقيقة أن الأزمنة «يجري حسابها». لكن ماذا لو أننا استعضنا عن هذه العمليات الحسابية بمقارنات مباشرة جنبا إلى جنب للساعتين، وذلك عند نهاية الرحلة، مثلما حدث في بدايتها؟ بهذه الصورة لن يكون هناك محل للغموض. ما يتطلبه الأمر لتحقيق هذا هو أن المركبة الفضائية – بعد أن تتم رحلتها لأحد الكواكب البعيدة مثلًا – تعود ثانية إلى الأرض بحيث يمكن مقارنة الساعتين على نحو مباشر. في النسخة الأصلية لهذه المعضلة، كان من المتصور وجود توأمين، أحدهما يخوض الرحلة فيما يظل الآخر على الأرض. وعند عودة المركبة إلى الأرض، لن يصير من الممكن أن يكون كل منهما أصغر من توأمه، إذن، أيهما كبر في العمر عن الآخر؟ أم أن لكليهما العمر ذاته؟
الإجابة التجريبية تأتينا من واقع التجربة التي ذكرناها مسبقا، والخاصة بتحرك الميونات المتكرر في مسار دائري. فهذه الميونات تلعب دور رائد الفضاء؛ فهي تبدأ من نقطة بعينها في المختبر، ثم تقطع دائرة، وتعود إلى نقطة البداية. وهذه الميونات المتحركة تشيخ في العمر على نحو أبطأ من مجموعة الميونات التي تظل في موضع وحيد في المختبر. وهذا يثبت أن ساعة رائد الفضاء ستكون متأخرة عن ساعة مسؤول المراقبة عند مقارنة الساعتين مباشرة للمرة الثانية.
هل يعني هذا إذن أننا خرقنا مبدأ النسبية وكشفنا أي من الراصدين هو الذي يتحرك ومن ثم أي الساعتين أبطئت حركتها بفعل هذه الحركة؟ الجواب هو: لا. وسبب هذا هو أن هذا المبدأ ينطبق فقط على الراصدين الموجودين داخل الإطار القصوري عينه. لقد كان رائد الفضاء داخل إطار مرجعي قصوري بينما كان يتحرك بسرعة ثابتة نحو الكوكب البعيد، ومجددا خلال رحلة العودة بينما كان يتحرك بالمثل بسرعة ثابتة. لكن – وهذه «لكن» كبيرة – لكي يعكس اتجاه حركة المركبة عند نقطة الالتفاف والعودة، كان لا بد من إطلاق صواريخ المركبة، وكان من شأن أي أشياء موضوعة على طاولة أن تتدحرج ساقطة، وينضغط رائد الفضاء إلى مقعده، وهكذا. بعبارة أخرى: طيلة فترة اشتعال الصواريخ، لم تعد المركبة داخل إطار مرجعي قصوري؛ ومن ثم لا ينطبق قانون نيوتن للقصور الذاتي. راصد واحد فقط هو من ظل داخل إطاره القصوري طيلة الوقت؛ وهو مسؤول المراقبة. وهكذا يكون من حق مسؤول المراقبة وحده تطبيق معادلة الإبطاء الزمني؛ ومن ثم، إذا خلص إلى أن ساعة رائد الفضاء تسير ببطء، فستكون هذه هي النتيجة التي سنجدها عند مقارنة الساعتين مباشرة. فبسبب فترة التسارع التي، مر بها رائد الفضاء، انكسر التناظر بين الراصدين؛ وهكذا تُحل المعضلة.
تحل جزئيا على الأقل. فرائد الفضاء يدرك أنه خرق شرط البقاء داخل الإطار القصوري طيلة الوقت؛ ومن ثم فهو يتقبل حقيقة أنه لا يستطيع – تلقائيا – أن يستخدم معادلة الإبطاء (على النحو الذي يحق لمسؤول المراقبة استخدامها به). لكن هذا يتركه في مواجهة لغز؛ فخلال رحلة الذهاب الثابتة، يمكن لرائد الفضاء من واقع حساباته أن يخلص إلى أن ساعة مسؤول المراقبة تسير على نحو أبطأ من ساعته. وخلال رحلة الإياب الثابتة، يمكن لرائد الفضاء من واقع حساباته أن يخلص إلى أن ساعة مسؤول المراقبة تفقد وقتا أكثر مقارنة بساعته (لأن تأثير الإبطاء الزمني لا يتوقف على اتجاه الحركة؛ وإنما على سرعة الساعة المتحركة نسبة إلى الراصد فقط). في ضوء هذا، كيف يمكن لساعة مسؤول المراقبة أن «تسبق» ساعة رائد الفضاء؟ ما المسؤول عن ذلك؟ هل من سبيل يمكن به لرائد الفضاء أن يعرف مقدما أن ساعة مسؤول المراقبة ستسبق ساعته بنهاية رحلة العودة؟ الإجابة هي: نعم، هناك سبيل لذلك.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|