أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-03-2015
30281
التاريخ: 12-08-2015
1521
التاريخ: 12-08-2015
8073
التاريخ: 2-03-2015
11274
|
ذهب الكوفيون إلى أن السين التي تدخل على الفعل المستقبل نحو "سأفعل" أصلها "سوف"، وذهب البصريون إلى أنها أصل بنفسها.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا ذلك؛ لأن سوف كثر
ص77
استعمالها في كلامهم وجريها على ألسنتهم، وهم أبدا يحذفون لكثرة الاستعمال كقولهم: "لا أدر، ولم أبل، ولم يك، وخذ, وكل" وأشباه ذلك، والأصل:
"لا أدري، ولم أبال، ولم يكن، واأخذ، واأكل" فحذفوا في هذه المواضع وما أشبهها لكثرة الاستعمال, فكذلك ههنا: لما كثر استعمال "سوف" في كلامهم حذفوا منها الواو والفاء تخفيفا.
والذي يدل على ذلك أنه قد صح عن العرب أنهم قالوا في "سوف أفعل": "سو أفعل" فحذفوا الفاء، ومنهم من قال: "سف أفعل" فحذف الواو, وإذا جاز أن يحذف الواو تارة والفاء أخرى لكثرة الاستعمال جاز أن يجمع بينهما في الحذف مع تطرق الحذف إليهما في اللغتين لكثرة الاستعمال. والذي يدل على ذلك أن السين تدل على ما تدل عليه سوف من الاستقبال، فلما شابهتها في اللفظ والمعنى دل على أنها مأخوذة منها, وفرع عليها.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا ذلك؛ لأن الأصل في كل حرف يدل على معنى ألا يدخله الحذف وأن يكون أصلا في نفسه، والسين حرف يدل على معنى، فينبغي أن يكون أصلا في نفسه لا مأخوذا من غيره.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما قولهم: إن "سوف" لما كثر استعمالها في كلامهم حذفوا الواو والفاء لكثرة الاستعمال قلنا: هذا فاسد؛ فإن الحذف لكثرة الاستعمال ليس بقياس ليجعل أصلا لمحل الخلاف، على أن الحذف ولو وجد كثيرا
ص78
في غير الحرف من الاسم والفعل فقلما يوجد في الحرف، وإن وجد الحذف في الحرف في بعض المواضع فهو على خلاف القياس, فلا يجعل أصلا يقاس عليه.
وأما ما رووه عن العرب من قولهم في "سوف أفعل": "سو أفعل" و"سف أفعل" فالجواب عنه من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: إن هذه رواية تفرد بها بعض الكوفيين؛ فلا يكون فيها حجة.
والوجة الثاني: إن صحت الرواية عن العرب, فهو من الشاذ الذي لا يعبأ به لقلته.
والثالث: أن حذف الفاء والواو على خلاف القياس؛ فلا ينبغي أن يجمع بينهما في الحذف؛ لأن ذلك يؤدي إلى ما لا نظير له في كلامهم؛ فإنه ليس في كلامهم حرف حذف جميع حروفه طلبا للخفة على خلاف القياس, حتى لم يبق منه إلا حرف واحد, والمصير إلى ما لا نظير له في كلامهم مردود.
وأما قولهم: "إن السين تدل على الاستقبال كما أن "سوف" تدل على الاستقبال" قلنا: هذا باطل؛ لأنه لو كان الأمر كما زعمتم لكان ينبغي أن يستويا في الدلالة على الاستقبال على حد واحد، ولا شك أن "سوف" أشد تراخيا في الاستقبال من السين، فلما اختلفا في الدلالة دل على أن كل واحد منهما حرف مستقل بنفسه غير مأخوذ من صاحبه, والله أعلم"(1).
ص79
جرى بعض الباحثين قديما وحديثا على رد الخلاف النحوي بين هذين المصرين العربيين إلى السياسة، وهو رأي سطحي لا يثبت عند التدقيق؛ فأهل النظر في كل فن تتباين أنظارهم كثيرا دون أن يكون للسياسة أو غيرها في ذلك أثر، وإنما هو الاجتهاد المحض، وهؤلاء أئمة البصريين يختلفون -فيما بينهم- اتجاها واجتهادا في مسائل كثيرة. نعم ربما كان للسياسة أثر ما في ميل الأمراء العباسيين إلى الكوفيين، لكن هذا شيء وتوجيه الفن إلى اتجاه خاص شيء آخر.
ص80
__________
(1) الإنصاف في مسائل الخلاف لابن الأنباري ص379 "مطبعة الاستقامة في القاهرة".
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|