أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-08-2015
3978
التاريخ: 17-3-2022
2998
التاريخ: 17-3-2022
3436
التاريخ: 2023-08-26
3063
|
1- العدالة الاجتماعيّة:
لقد عدّ القرآن الكريم القيامَ بالقسط والعدل أحدَ الأهداف الأصليّة لبعثة الأنبياء: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾.[1]، وهذا الأمر من أهمّ مميّزات دولة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف العالميّة. وقد أكّدت العديد من الروايات على ذلك، وهي مئة وثلاثون رواية تقريباً[2].
قال الإمام الكاظم عليه السلام في تفسير الآية الكريمة: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾[3]: "ليس يحييها بالقطر، ولكن يبعث الله رجالاً فيحيون العدل، فتحيا الأرض لإحياء العدل"[4].
ومن تلك الروايات التي أكّدت على انتشار مظاهر العدل، أنّ الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف سيمنع كلّ مَن تسوّل له نفسه ظلمَ الآخرين والتعدّي على حقوقهم، وسيقضي على الظاهرة التي كانت تمسك بخناق البشريّة عبر التاريخ. رُوي عن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال: "... ووضع ميزان العدل بين الناس، فلا يظلم أحد أحداً"[5].
فعدالته تجري وتنفذ في حقّ الناس جميعهم. فقد رُوي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنّه قال: "... ويعدل في خلق الرحمن، البرّ منهم والفاجر..."[6]. وهكذا يكون، فقد رُوي عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: "... حتّى لا يُرى أثر من الظلم"[7]، في أيّ بقعة من بقاع العالم.
2- العدل في الحياة الاقتصاديّة:
من المميّزات البارزة لدولة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف صفة العدل في الحياة الاقتصاديّة والماليّة؛ فالثروة تقسّم بصورة عادلة ومتساوية بين الناس، وكلّ فرد يتناول من نصيبه المحدّد له، ويتصرّف به. ففي رواية عن أبي سعيد الخدريّ عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "أبشّركم بالمهديّ، يُبعث في أمّتي على اختلاف من الناس وزلازل، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، يرضى به ساكن السماء، يقسّم المال صحاحاً. قلنا: وما الصحاح؟ قال: بالسويّة بين الناس، فيملأ الله قلوب أمّة محمّد غنى، ويسعهم عدله، حتّى يأمر منادياً فينادي مَن له في مال حاجة؟ قال: فلا يقوم من الناس إلّا رجل فيقول: أنا، فيقول له: أئت السادن - يعني الخازن -، فقل له: إنّ المهديّ يأمرك أن تعطيني مالاً، فيقول له: أحث - يعني خذ -، حتّى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم، فيقول: كنت أجشع أمّة محمّد نفساً أو عجز عنّي ما وسعهم، قال: فيردّه فلا يقبل منه، فيقال له: إنّا لا نأخذ شيئاً أعطيناه..."[8].
وعن أبي جعفرعليه السلام: "... إذا قام قائمنا، فإنّه يقسّم بالسويّة، ويعدل في خلق الرحمن، البرّ منهم والفاجر...، وتُجمع إليه أموال الدنيا كلّها، ما في بطن الأرض وظهرها، فيقول للناس: تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام وسفكتم فيه الدماء وركبتم فيه محارم الله، فيعطي شيئاً لم يعط أحداً كان قبله"[9].
ومن الجدير بالذكر أنّ الثروة التي تقسّم بين الناس في عصره عجل الله تعالى فرجه الشريف ليست من الثروات الخاصّة تؤخذ من أصحابها وتعطى لعامّة الناس. لا ليس كذلك، فالإسلام لا يلغي الملكيّة الخاصّة، بل يمنحها الصيانة القانونيّة، حيث جعل حرمة أموال الناس كحرمة دمائهم، ولا يجيز أخذ مال الناس ولا التصرّف فيه بغير طيب نفوسهم ورضاهم.
وتقسيم الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف الأموال بالتساوي بين الناس لا يعني أنّ الكلّ يأخذ بقدر واحد في كلّ ما يعطى، بل إنّ المساواة تكون في غير الأجور والجعائل التي تعطى على حسب التخصّص والسعي والمهارة في ميادين العمل المختلفة، وإلّا فلو كان الكلّ يأخذ من الأجور بمقدار واحد ستخبو الهمم للعمل، ولا يرغب الناس في المثابرة والجدّ، بل إنّ ذلك يُعدّ ظلماً وجوراً، وليس من باب العدل، فلكلٍّ حسبَ ما يحسنه من عمل وتخصّص.
وهنا نشير إلى مسألة، وهي أنّه عندما تكون الثروات العامّة محدودة، فالالتزام بالقسط والعدل يلزم الدولة بأسلوب توزيع آخر يكون بموجبه العطاء للمناطق الفقيرة أكثر وأسرع من باقي المناطق في المجتمع. لكنّه مع الفرض بأنّ الأموال العامّة في عصر الإمام المهديّ ستكون تحت تصرّفه، ولا تكون محدودة، بل هي متوافرة ومتنامية، لذا سيكون توزيع الثروة بصورة متساوية للجميع أمراً مقبولاً. ففي بعض الروايات عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ليبعثنّ الله من عترتي رجلاً أفرق الثنايا، أجلا الجبهة، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، يفيض المال فيضاً"[10].
3- الغنى العامّ في مجتمع المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف:
سيكون الناس في دولة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف متنعّمين في حياتهم الاقتصاديّة وفي رفاهية، فلا أثر للبؤس والحرمان أو الجوع، ولا يستغلّ الناس بعضهم بعضاً في سبيل كسب الأموال. وقد وردت روايات كثيرة في هذا الشأن، نذكر منها ما رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "... يتنعّم أبناء أمّتي في زمانه نعيماً لم يتنعّموا مثله قطّ، البرّ والفاجر"[11]. وقد رُوي أيضاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "... ويجعل الله الغنى في قلوب هذه الأمّة"[12].
فهم لا يستشعرون الحاجة، بل الكلّ يعيشون الغنى، فقد رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "يكون في أمّتي المهديّ...، تنعم أمّتي فيها نعمة لم ينعموا مثلها، يرسل السماء عليهم مدراراً، ولا تدّخر الأرض شيئاً من النبات، والمال كدوس. يقوم الرجل يقول: يا مهديّ، أعطني، فيقول خذ"[13].
فالمقام يومئذٍ لا يسعه الحساب ولا تحديد المبلغ، بل كلّ ما يريد الفرد يعطيه، حتّى يعيش الغنى في نفسه، ويكتفي من العطاء، فقد رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما في الرواية السابقة: "... فلا يقوم من الناس إلّا رجل، فيقول: أنا، فيقول له: أئت السادن - يعني الخازن -، فقل له: إنّ المهديّ يأمرك أن تعطيني مالاً، فيقول له: أحث - يعني خذ -، حتّى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم، فيقول: كنت أجشع أمّة محمّد نفساً أو عجز عنّي ما وسعهم، قال: فيردّه فلا يقبل منه، فيقال له: إنّا لا نأخذ شيئاً أعطيناه..."[14].
___________________________
[1] سورة الحديد، الآية 25.
[2] الشيخ گلپايگاني، منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر عليه السلام، مصدر سابق، ص478.
[3] سورة الحديد، الآية 17.
[4] الطوسي، الشيخ محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، تحقيق وتعليق: السيد حسن الموسوي الخرسان، دار الكتب الإسلاميّة، إيران - طهران، 1364ش، ط3، ج10، ص146.
[5] الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، مصدر سابق، ص371.
[6] الشيخ الصدوق، علل الشرائع، مصدر سابق، ج1، ص161.
[7] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج24، ص165.
[8] علي بن موسى، التشريف بالمنن في التعريف بالفتن(الملاحم والفتن)، تحقيق: مؤسسة صاحب الأمرعجل الله تعالى فرجه الشريف، إيران - قم، نشر كلبهار أصفهان، 1416ه، ط1، ص323.
[9] الشيخ الصدوق، علل الشرائع، مصدر سابق، ج1، ص161.
[10] عبد الله بن عدي الجرجاني، الكامل، قراءة وتدقيق: يحيى مختار غزاوي، لبنان - بيروت، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، محرم 1409 - 1988م، ط3، ج3، ص423.
[11] الإربلي، كشف الغمة في معرفة الأئمّة، مصدر سابق، ج3، ص267.
[12] المقدسي، عقد الدرر في أخبار المنتظر، مصدر سابق، ص169.
[13] الهيثمّي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، دار الكتب العلمية، لبنان - بيروت، 1408ه - 1988م، لا.ط، ج7، ص317.
[14] ابن طاووس، التشريف بالمنن في التعريف بالفتن (الملاحم والفتن)، مصدر سابق، ص323.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|