أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-6-2016
2188
التاريخ: 2023-11-28
1492
التاريخ: 2023-12-12
868
التاريخ: 24-6-2016
12447
|
من الأخلاقيات التي يجدر بالمرء التزامها في تعامله مع الناس، أن يبدأ بطرح أخطائه حينما يخطئ، أو حينما يريد انتقاد شخص ما أو طرف ما لارتكابه خطأ ما، إذ أن الاعتراف بأخطاء الذات والتسليم بها، والبدء بها قبل انتقاد الآخرين أسلوب تربوي حسن للنفس، بالإضافة الى أنه يريح المتكلم، والطرف الآخر ويجعله يتقبل النقد الموجه اليه.
إن هناك قسماً من الناس يسيطر عليهم حب الذات، وحينما يُخطئون يُبعدون أنفسهم عن ذكر أخطائهم، وربما تأخذهم العزة بأخطائهم، فيتصلبون لها، ولا يبدون أيّ تنازل، أو اعتراف بها، وقد ينتقدون الآخرين ولما يبدأوا بذكر أخطائهم هم.
كتب أحد الكتاب عن البدء بأخطاء الذات قبل الانتقاد:
(تركت ابنة عمي (ج. ك.) بيتها، وقدمت لتعمل (سكرتيرة*) لي، وكانت إذ ذاك في التاسعة عشرة من عمرها، وقد أتمت دراستها قبل ذلك بثلاثة أعوام، وكانت تجاربها في الحياة تزيد بقليل عن العدم! ولكنها اليوم إحدى (السكرتيرات) البارعات المحنكات!.
وفي ذات يوم أوشكت أن أنتقد مسلكاً لها، ولكني سكت فجأة، وقلت لنفسي: لحظة واحدة، يا فلان! لحظة واحدة! إن سنك ضعف سن (ج.ك)، ولك من تجاربك في الحياة أضعاف أضعاف ما لها، فكيف تتوقع أن يكون لها مثل وجهة نظرك، وحكمتك، ومقدرتك، مهما كانت هذه متواضعة؟ ولحظة يا فلان! ماذا كنت تعمل، وأنت في التاسعة عشرة من عمرك؟ أتذكر الأخطاء الفاضحة، والحماقات المتكررة التي كنت تأتيها؟ أتذكر الوقت الذي فعلت فيه كذا وكذا، وكيت، وكيت؟.
(فلما قلّبت الأمر على أوجهه في نزاهة وتجرد، انتهيت إلى أن (ج. ك) وهي في التاسعة عشرة من عمرها، أفضل بكثير مما كنتُ أنا في مثل سنها! ولم يكن هذا - للأسف! ـ من قبيل إدخال السرور على قلب (ج.ك)!!.
(وبعد تلك المرة صرت كلما أردت أن ألفت نظر (ج. ك) إلى خطأ أتته، أبدأ بقولي: لقد أتيت يا (ج.) خطأ، ولكن الله يعلم أنه ليس شراً من كثير مما أتيتُ أنا! فأنت لم تولدي ولك صدق الحكم على الاشياء، بل يأتي هذا عن طريق التجربة وحدها، وأنت أفضل مما كنت أنا في مثل سنك، إنني أحمل شيئاً كبيراً من الأخطاء السخيفة، حتى أنه لا تحدوني أقل الرغبة في أن انتقدك أنت، وسواك، ولكن، ألا ترين أنه يكون من الأصوب لو فعلت كذا وكذا؟.
إن تعامل المرء مع الآخرين يجب أن لا يكون على أساس أنه وهم أجزاء من آلة لا يقع فيها الخطأ، بل حتى الآلة تخطئ أجزاءُها في بعض الأحيان، بل يجب ان يعلم المرء سلفاً، وأن يضع في اعتباره أن الطبيعة البشرية تصيب، وتخطئ، وهي ليست ملائكية، ولا معصومة عن الخطأ.
كذلك من الامور الهامة في تعامل المرء مع أخطاء الآخرين: أن لا ينفخ فيها ويكبرها، وأن يعطيها حجمها الطبيعي، وأن لا يتعود على ممارسة أخطاء نفسه وأخطاء الآخرين، وأن يتعامل مع الأخطاء على أنها أمور ممكنة الوقوع وقابلة للعلاج في الوقت ذاته.
فإذا حدث ان كان المرء هو المخطئ، سواء كان في الأفكار والآراء ووجهات النظر، أو في مجالات التعامل الأخرى، وكان الآخرون مصيبين، ففي هذه الحالة لا بد أن يلتزم الصراحة مع نفسه، ومع الآخرين، لا أن يبرر أخطاءه، ويتعصب لنفسه، ويستعمل اللف والدوران، بل لا بد أن يتهم نفسه قبل أن يتهم الآخرين، وأن يبصر عيوبه قبل ان يبصر عيوبهم، وأن يعترف بأخطائه أمام نفسه دائماً.
وفي هذا، يقال أن سقراط كان جالساً - ذات يوم – مع أحد تلاميذه على حافة بركة فيها ماء راكد، فقال سقراط لتلميذه: ما هذه البركة؟.
قال التلميذ: إنه الماء.
إلا ان سقراط بدأ يبيـن لـه أن ذلك ليس ماءً، وأورد عشرات الأدلة على ما ذهب اليه، واستسلم التلميذ لأستاذه رغم قناعته بخلاف ما قال، غير ان سقراط مد يده الى البركة، واغترف كفاً من الماء، ثم رماه في البركة، وقال لتلميذه: هذه الحقيقة أكبر دليل لك على أنه ماء، وأن ما ذهبت اليه ليس صحيحاً.
فإذا أخطأ الآخرون، فالمطلوب منه أن يبدأ بأخطائه أولا قبل ان ينتقدهم، وفي انتقاده لهم يجب ان يكون أخلاقياً، بحيث يشجعهم النقد على الاعتراف بأخطائهم والاقلاع عنها، وليس المطلوب أن يهينهم، ويجرح مشاعرهم، ويجعلهم يتعنتون لأخطائهم ويصرون عليها.
وللتعامل مع أخطاء الآخرين، هناك ثلاثة أمور، خليقة بأن تؤخذ بعين الاعتبار:
الأول: أن لا يتبع المرء عثراتهم، واخطائهم.
الثاني: أن يحملها على الخير، لا الشر.
الثالث: ألا يجرح كبرياءهم إذا ارتكبوا خطأ.
وهنا قد يتساءل المرء: هل المطلوب ـ اذن - السكوت عن أخطاء الناس، أو تبريرها؟
والإجابة: إن الأخطاء على قسمين:
1 - صغيرة، وهذه قد لا تستحق الذكر، ويمكن تجاوزها أو تحملها أو غفرانها.
2 - كبيرة، وهذه تبين بصورة أخلاقية وفنية.
وحتى فيما يرتبط بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والذي من ضمنه استنكار العمل القبيح الذي يرتكبه الآخرون، وتوجيههم الى الاقلاع عن أخطائهم ومعاصيهم، وضع الاسلام الحنيف عدة شروط، منها: شرطا القدرة، واحتمال التأثير في مقترف الخطأ أو المعصية، فإذا كان هذا الاحتمال ضئيلا أو معدوماً لا يجب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، موجها الى استعمال الحالة الأخلاقية والفنية في العمل بهذين الفرعين**، الهامين من فروعه العشرة.
إذن: في تعامل المرء مع الأخطاء، ليبدأ بأخطائه قبل ان يبين أخطاء الآخرين، وإذا ما كان الآخرون مخطئين، فليجعل نقده لهم مشجعاً لهم على تلافي أخطائهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) أمينة سر.
(**) للإطلاع على تفصيليات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تراجع كتب الحديث الشريف، والرسائل العملية للفقهاء.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|