أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-11-2014
6568
التاريخ: 9-05-2015
5558
التاريخ: 27-11-2015
5919
التاريخ: 9-05-2015
5866
|
الحرف هذا المخلوق العجيب هو في حقيقته (صوت) إذا ما ضم إلى غيره من أصوات الحروف الأخرى ، أفاد معنى يحسن السكوت عليه، في أي لغة من اللغات التي يتكلم بها بنو البشر قديما وحديثا ، إن الحرف فعّال متكيف ومطيع غير مخالف تكمن في داخله قابلية يرتكز عليها أهم جانب من جوانب الحياة التي يعيشها الإنسان جاهلا كان أم عالما، والحرف مخلوق متطاوع ومستعد لقبول كل ما يصبو إليه الإنسان ويحتاجه للتفاهم والتخاطب والحفظ والكتابة والقراءة، عاش مع الإنسان في عصوره السالفة على مدى الحياة ورافق الأجيال المتعاقبة، وسوف يبقى كذلك على مدى الدهور التالية، يعيش مع الأمم التي لم تر نور الحياة بعد ، وإلى ما يشاء اللّه سبحانه وتعالى.
لقد كان الحرف كذلك دائما وأبدا، وهو إذا ضم إلى غيره من الحروف شكل كلمة واحدة لها معنى ولها صورة في الذهن ولها لفظ خاص ، وإذا ما قلّبت حروف هذه الكلمة أظهرت ألفاظا أخرى ومعان أخر حسب مقولة فقهاء اللغة- أي أن مادة «ح م ل» مثلا تعطي المعاني اللغوية التالية :
«1- حمل 2- ملح 3- لحم 4- لمح 5- محل 6- حلم».
لقد استطاع الحرف بتطوره وتقنياته عند ما انضم إلى غيره أن يكون عضوا فعالا عاملا في ستة كلمات، وهذه قابلية ساهمت في توسيع علم الاشتقاق وزيادة مادة التفاهم، الأمر الذي كان له مقام كبير في اللغات المتكلم بها، وأسهمت في إغناء العلوم على اختلاف ضروبها وأنواعها.
وأسهمت في الآداب بجميع مفاهيمها وكذلك الفنون بكل محتوياتها وأغراضها. هذا بالإضافة إلى التوسع في التعبير عن أسماء المخترعات والمستجدات والمبتكرات والآلات ومسميات كل الأوليات وتوابعها وكل ما أشرقت عليه الشمس وغابت في كل أنحاء الكون بأسره، المياه وما تحتها والفضاء وما يكتنفه والأرض وما تحتويه.
فما هو هذا الحرف المخلوق العجيب الذي نحسبه صامتا ولكنه في حقيقة الأمر ناطق واع مدرك لواجباته المكلف بها ومؤدّ للوظائف التي خصص لها، والإنسان يحس بصوته ويتذوق نغمته ويشعر فعاليته ومدى الحاجة إليه ويتفهم معانيه ويشخص رسمه وشكله .. الخ فما هو إذا هذا المخلوق العجيب صاحب تلكم الإمكانيات والقابليات الخطيرة. وأي صنف من أصناف المخلوقات هو؟ هل هو جماد لا يعقل ولا يدرك ولا يحس، إن العقل يقطع أن الحرف هذا من صنف الفئات العاقلة المدركة الفعالة الموهوبة المكلفة المؤدية لوظائفها بإخلاص وإتقان وقوانين خاصة ولكنه ليس من صنف النبات ولا الحيوان لأنه لا يأكل ولا يشرب ولا يزرع ولا يتغذى، ولا هو مخلوق من الأصناف المادية التي تولد وتعيش وتموت، والعقل يقطع أنه ليس كذلك أيضا، إذ ليس في خصائصه صفة تلكم المخلوقات. إذا ما هو هذا المخلوق العجيب الغريب الحرف الذي لم يتوصل الكثيرون من العلماء والفلاسفة إلى معرفة كنهه وسره على الرغم من كونه مادة حياة الإنسانية وسر بقاء الوجود في المعمورة ... الخ.
إن العقل يؤمن أن الحروف أمة من الأمم التي خلقها اللّه سبحانه ولكنها من نوع خاص له خصائص ومميزات وواجبات ووظائف لا تتصف بها الأمم الأخرى وحياته غير حياة الأمم الأخرى ومادته غيرها- فالحروف مخلوقة من قبل اللّه سبحانه تماما كالإنسان والجن والحيوان والنبات والجماد، وكما أن لكل من الإنس والجن والنبات خصائص ومميزات وأدوار وواجبات ووظائف كذلك أمة الحروف، وهذا ملموس ومحسوس ومدرك من قبل كل من يستعمل الحروف ويستخدمها لمختلف الأغراض، إلا أن الحرف غير ناطق والجماد غير ناطق والنبات غير ناطق وصوت الحرف غير مسموع إلا إذا تلفظه الإنسان- أي أن صوته يسمع بواسطة النطق به ولا يشترط في من يخلقه اللّه سبحانه أن يكون ناطقا كالإنسان، وآكلا أو شاربا حتى يتصف بصفة الحياة والذاتية، فكل أمة لها خصائص ومميزات وحياة خاصة بها سواء جانست أو طابقت حياة الإنسان أو خالفتها، فالحياة لكل المخلوقات ليست واحدة تحكمها قوانين واحدة وتسيرها أنظمة واحدة، وليس من حق الإنسان أن يفرض على مخلوقات اللّه تعالى نفس نمط حياته حتى يسميها حياة ، وإذا تغير النمط فليس لها حياة فهذا تعسف وافتراض لا مبرر له على الإطلاق.
لذا فإن الحرف ذات عاقلة ومدركة ومكلفة وقائمة بواجباتها ووظائفها وفق قوانين خلقها اللّه سبحانه لها تسيرها لخدمة الإنسان من جهة وبقية المخلوقات من جهة أخرى، وعقل الإنسان المحدود لا يستطيع إدراك كل شيء في الكون ومن الصعب جدا أن تدرك حياة الحرف وذاتيته إلا في الحدود التي أشرنا إليها ، ولا يستطيع إدراكها بأكثر من ذلك، وليس من حق أحد أن يطالب بالكثير لأن عقله ليس بالمستوى الذي يؤهله لكل ما يريد.
وإذا ما رفض الإنسان أن يعتبر أن للحرف حياة وذات، فإن ذلك الرفض مردّه الجهل لأنه لا يستطيع أن يعطينا تفسيرا مقنعا علميا لماهية الحرف الذي هو بتلكم العظمة والإمكانية التي أسلفنا ذكرها.
والخلاصة أن الحرف عندنا وبحسب ما ذكرناه آنفا كائن حي له ذات وعقل وإدراك وواجب ووظيفة، وهذا ما كررناه كثيرا في ثنايا هذا البحث، وقد اتضح ذلك جليا من الآثار والفعّاليات التي تمتلكها الحروف وقد ذكرنا في بحوثنا سالفة الذكر أنماطا منها، وهذه الأسرار وتلكم الآثار العجيبة الغريبة هي وحدها كافية علما وعقلا وتصورا على أن الحروف مخلوقات ربانية تعجز البشرية برمتها من أن تخترعها أو تصنعها أو تملكها تلكم الأسرار والعجائب، فسبحان اللّه رب كل شيء وسبحان اللّه الذي خلق كلّ شيء فأحسن خلقه وجعل له ما شاء من الإمكانيات، إنه على كل شيء قدير، وهو جل وعلا وحده المهيمن على ممالك كونه وأصناف عباده وضروب مخلوقاته، والحمد للّه رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين والمرسلين محمد وآله الطاهرين .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|