أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-1-2016
2233
التاريخ: 3-05-2015
1977
التاريخ: 12-6-2021
2719
التاريخ: 12-10-2014
2117
|
من القضايا التي ينبغي التعرف عليها في ترتيب القرآن وتأليفه ، هو ترتيب سوره بالشكل القائم بين الدفتين في المصحف المتداول بين المسلمين ، والذي يبدأ بسورة الفاتحة ، وينتهي بسورة الناس ، وبمراجعة الوثائق التأريخية المختلفة يتضح لنا أن هذا الترتيب مؤسس على اختيار عدد من الصحابة في عهد الخليفة عثمان بعد أن وحّد القراءات ، واستنسخ عددا من المصاحف. فلم يكن ترتيب السور حسب نزولها مثبتا في القرآن. فالمعروف أن أول سورة نزلت من القرآن هي سورة العلق.
وقيل إنّ سورة العلق هي أوّل سورة نزلت للنبوة ، وإنّ المدثر أوّل سورة نزلت للرسالة (1).
أمّا آخر سورة نزلت منه فقد اختلف فيها ، فقيل : سورة براءة ، وقيل : سورة إذا جاء نصر اللّه ، وقيل : سورة المائدة ، وقيل غير ذلك.
ويرجح علماء الشيعة إلى أنّ آخر ما نزل من القرآن هو قوله تعالى : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة : 3].
وتثبت الروايات التأريخية أن هناك أكثر من ترتيب تأريخي للسور القرآنية على عهد الصحابة ، ثم وحّد في مصحف عثمان فتلك الروايات تذكر أن هناك ترتيبا خاصا بمصحف الإمام علي ، كما جاء في تأريخ اليعقوبي : (و روى بعضهم أن علي بن أبي طالب عليه السّلام كان جمعه لما قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأتى به يحمله على جمل ، فقال : هذا القرآن قد جمعته ...) (2).
غير أن اليعقوبي لم يذكر لنا الى من حمل علي عليه السّلام القرآن ، ومن هو المخاطب بقول علي عليه السّلام : (هذا القرآن قد جمعته) ؟
كما أن اليعقوبي لم يذكر جواب المخاطب! ثم واصل بعد ذلك حديثه عن ترتيب مصحف علي عليه السّلام : كالآتي : (و كان قد جزّأه سبعة أجزاء ... (3).
وهناك ترتيب السور في مصحف عبد اللّه بن مسعود ، وهناك ترتيب السور في مصحف أبي بن كعب ، وهناك ترتيب السور في مصحف عبد اللّه بن عباس.
والاختلاف في ترتيب السور لا يضر في معنى ونظم القرآن وسياقه ومعناه ، كما هو الحال في ترتيب الآيات.
والذي يبدو من هذه الصور التنظيمية المختلفة للقرآن أن تنظيمه لم يكن مسألة توقيفية محدّدة في ذلك الوقت ، بل كان الصحابي يدون سور القرآن ضمن الترتيب الذي يختاره. وروايات تعدد ترتيب المصاحف تدل أيضا على أن أكثر من صحابي كان قد جمع القرآن مدونا في مصحف واحد ، مما يسقط الروايات التي ذكرت أن عثمان ، هو أول من جمع القرآن ، أو أن أبا بكر هو أول من جمعه.
ومن المؤسف أننا الآن لا نجد الوثائق المثبتة لتسلسل السور والآيات حسب نزولها التأريخي بشكل دقيق وكامل ، وقد ذكر أن الإمام عليا عليه السّلام كان قد رتّب الآيات حسب نزولها ، كما أنه أثبت تفسير وتأويل بعض الآيات في هذا المصحف ، ممّا يساهم في فهم المعنى والوقائع والحوادث ومصاديق الآيات ، وفهم كثير من الأحكام.
وجدير ذكره أن هناك خطأ في بعض الروايات التأريخية التي ذكرت تسلسل السور حسب نزولها.
فمثلا : أن ابن النديم ذكر في الفهرست (4) : أن سورة (الكوثر)
نزلت بعد سورة (العاديات) ومما يسقط هذه الرواية أن سورة (الكوثر) نزلت في مكة بعد وفاة عبد اللّه ابن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ أثر قول العاص بن وائل السهمي في النبي أنه (الأبتر) أي الذي لا ولد له يعقبه. في حين أن سبب نزول سورة (العاديات) هي احدى الغزوات (ذات السلاسل) وكانت الغزوات في المدينة المنورة ، وبذا يكون نزولها في المدينة ، كما يكون نزول الكوثر قبل نزول العاديات.
و قد انعكس هذا الاختلاف في آراء الصحابة والمفسرين فقد نقل الطبرسي في مجمع البيان : (سورة العاديات مدنية عند ابن عباس وقتادة ، وقيل مكية) وهي في المصحف (مكية) أما الطوسي فقد قال في التبيان : (مكية في قول ابن عباس ، وقال الضحاك : هي مدنية).
وقد عدّها اليعقوبي : (سورة مدنية ...) (5).
أما ابن النديم فقد روى عن مجاهد أنها (مكية) (6).
ويرجح مدنيتها أن المفسرين ومن كتبوا في أسباب النزول ذكروا أنها نزلت في غزوة ذات السلاسل (7) ، إذ بعث رسول اللّه الإمام عليا عليه السّلام فحقق نصرا كبيرا فأخبر اللّه نبيه بهذا النصر بهذه السورة.
وروي أيضا (أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بعث سرية الى حي بني كنانة واستعمل عليهم المنذر بن عمرو الأنصاري ، فتأخر خبرهم ، فقال المنافقون : قتلوا جميعا ، فأخبر اللّه تعالى عنها ، فأنزل ... {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} [العاديات : 1] يعني تلك الخيل) (8).
ومن الواضح أن الغزوات جميعها وقعت في المدينة المنورة ، لذا فان نزول هذه السورة في المدينة يكون هو الأرجح ، لأنّها تتحدث عن الغزو وإغارة الخيل.
____________________________
(1) الزركشي ، البرهان في علوم القرآن : ج 1.
(2) تاريخ اليعقوبي : 2/ 135.
(3) المصدر السابق : ص 135- 136.
(4) ص 37.
(5) تاريخ اليعقوبي : ج 2 ص 43.
(6) الفهرست : ص 37.
(7) العلّامة السيد محمد حسين الطباطبائي ، الميزان في تفسير القرآن : ج 20 ص 345.
(8) الواحدي ، أسباب النزول : ص 305. الطوسي ، التبيان : ص 398.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|