أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-10-2018
2011
التاريخ: 4-1-2017
3650
التاريخ: 25-5-2022
1577
التاريخ: 2023-06-11
864
|
الأمن النفسي في الإسلام يستمد معناه ومضمونه من أساسيات الدين فالإيمان بالله واليوم الآخر والحساب والقضاء والقدر والنظر إلى الدنيا على أنها زائلة كل هذه الثوابت التي يؤمن بها الإنسان المسلم تؤدي إلى أمنه النفسي وصقله بالاتزان والطمأنينة وتحرره من الاضطراب والقلق وتقود إلى راحة البال فلا يرتاب ولا يشك فيه مصداقاً لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ} [آل عمران: 126].
إن الإيمان له دور في شعور الفرد الأمن، فالإيمان حين يبلغ مداه ويشرق على القلب سناه، ويسري في أعماق النفس مجراه تبدو آثاره المباركة على الفرد والجماعة، فالإيمان بالله يعدّ أعظم أسباب الأمن النفسي.
عكس ذلك الذين جحدوا الله فتراهم في خوف واضطراب، وقلق وكآبة وفزع، كما أن الإيمان ينمي الشعور بالانتماء للجماعة إذ حث القرآن الكريم على مد يد العون والمساعدة وبالتالي العيش في أمان لقوله تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: 10].
ويصف الرسول (صلى الله عليه وآله) الإيمان وصفاً جميلاً فيه من المعاني السامية، والمنطلقات التربوية العظيمة، التي لو تأسى بها كل فرد في حياته لشعر بنعمة من نعم الله التي لا تحصى، التي تجعل الفرد يشعر بالقوة والسعادة، والأمان، والأخوّة، وهذا الوصف تضمنه الحديث الشريف "مثل المؤمنين في توادّهم، وتراحمهم، وتعاطفهم كمثل الجسد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
يرتبط الأمن النفسي بمجموعة سمات تكون أساساً لمقوماته، وبدونها يبقى الفرد يشعر بحالة قلقة، من هذه السمات: التوكل على الله والصبر عند الملمات إذ يقول علي بن أبي طالب عليه السلام (إن تجزع تؤزر وإن تصبر تؤجر)، فضلاً عن ذلك فالصبر يعد رافداً من روافد الأمن النفسي لدى المؤمن فهو حبس النفس عن الجزع، والسخط، والشكوى وتحمل الانتظار ومواجهة مصاعب الحياة دون ملل، وتذكير الفرد بأن كل ما يناله في حياته من شقاء ونعم هو من الله عز وجل، فيشعر بالأمن ويشكر الله على نعمة ويصبر على البلاء، والمصيبة، فالصبر إذا ما اقترن بالصلاة يجعل الفرد مطمئناً إذ يقول الله سبحانه وتعالى {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153].
وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إذا حزنه أمر فزع إلى الصلاة. كيف لا وللصلاة تأثير عجيب في دفع شرور الدنيا والآخرة؟ وسر ذلك أن الصلاة صلة بين العبد وربه، ومعراج إلى المولى عز وجل، وعلى قدر هذه الصلة يفتح عليه من الخيرات أبوابها، ويقطع عنه من الشرور أسبابها ويفيض عليه فيرى التوفيق، والعافية وينشرح القلب ويندفع الكرب بحول الله وقوته وتأييده ورحمته...
فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والمؤمن المصلي صادق في قوله وأفعاله، فالصدق من القيم التي تساعد في تعزيز الأمن النفسي، ويقول الله تعالى {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ}.
ويبدو التأثير النفسي للصدق في الحديث النبوي الشريف " الصدق طمأنينة والكذب ريبة" فالكذب يؤدي بالفرد إلى الخوف والتوتر، لأنه لا يكذب إلا إذا كان خائفاً، أما الصادق فلا يوجد ما يحمله على الكذب لتيقنه أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له. ويتضمن الصدق قيماً أخرى، كالشجاعة، والجرأة، والإخلاص والصبر وهي تؤدي بالمؤمن إلى راحة النفس، والتحرر من الخوف، ومجابهة الأمور، وعدم الهرب منها، فالصادق مع نفسه، ومع ربه، ومع الآخرين لا يشعر بالتوتر والقلق بل يحيا حياة آمنة مطمئنة، إذ يقول الرسول (صلى الله عليه وآله): الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة.
ومن السمات الأُخرى المطلوبة لتحقيق الأمن النفسي: الرضا والقناعة، والأمل، فهذه جميعها يمكنها بثّ الأمان لدى من يتحلى بها فكراً وسلوكاً، فالرضا والقناعة تشعر المؤمن بأنه قريب من الله، وفي رعايته، فيطمئن إلى قدرة الله تعالى ويعقل قوله عز وجل: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} [الروم: 4].
فحيثما يعتقد المؤمن بأن الله هو مدبّر الكون، وأمره نافذ في خلقه تهدأ نفسه، ويشعر بالأمن النفسي، والاطمئنان، فالنفس المطمئنة هي النفس المؤمنة، والتي يكون سلوكها ونهجها على ضوء القرآن الكريم فترقى في ظله رقيّاً شاملاً يتمثل في تقوى الله لقوله تعالى {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3].
ومن القيم التي ترفد الأمن النفسي لدى الفرد حسن الظن بالله، والتفاؤل وإذا ما اعتمد القلب على الله وتوكل عليه، ولم يستسلم للأوهام ولم يتملكه الخيال السيئ ووثق بالله وطمع في فضله اندفعت عنه بذلك الهموم والغموم، وزال عنه كثير من الأسقام، وحصل للقلب كثير من القوة، والانشراح والسرور والغبطة.
إن شعور الفرد بالرضا، من أول أسباب السكينة النفسية التي هي سر السعادة، والمؤمن هو الذي يحس تلك الحالة النفسية، فالرضا نعمة روحية مبعثها الإيمان بالله رب العالمين وحسن الظن به.
أما الجانب السلبي الذي يؤدي بالفرد إلى الاضطراب، والشعور بعدم الأمن فهو الصراع بين النفس اللوامة، لها أثر في زج الآخرين عن الشر وإعادتهم إلى الخير، والنفس الأمارة بالسوء التي تحث صاحبها على عمل الشر فيتأثر بذلك اطمئنان النفس، ويحيل النفس المطمئنة إلى نفس مضطربة.
والصراع بين الخير والشر عند الإنسان دائم ومستمر، فالنفس إذا كانت ضعيفة أمام الشهوات، وحظها قليل من التوكل، والصبر، والإيمان انتصر الشر على الخير، مما يقودها إلى الاضطراب والشعور بعدم الأمن.
والجانب السلبي الآخر المتمثل بالشعور بعدم الأمن، هو تكبر الفرد فالذي يتكبر ويتجبر فقد ظلم نفسه حيث اعتقد أنه عالم وغيره جاهل بل هو في الواقع أجهل الجاهلين، لأن التكبر أول صفة ذميمة لإبليس حينما طلب منه سبحانه وتعالى أن يسجد فرفض، والتكبر عن ذكر الله يجعل صاحبه يعيش حياة مليئة بالهموم والأحزان يقول سبحانه وتعالى {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124]
ومما تقدم يمكن تلخيص المفهوم الإسلامي للأمن النفسي بأنه يتضمن الإيمان بالله والرضا والاستقرار والتفاؤل وتقبل الذات والتحرر من المخاوف وحب الآخرين.
أما الجانب السلبي الذي يهدد الأمن النفسي للفرد، فهو الجزع والتكبر وتفضيل الشهوات على الطاعات، والنزوع إلى الشر، والابتعاد عن عمل الخير. لذا يلاحظ أن المؤشر الإيجابي للسلامة النفسية يرتكز على قوة الإيمان للفرد، ويلاحظ أيضاً أن التديّن عامل مهم في الوقاية من الاضطرابات النفسية، وخير تأكيد لما تقدم قوله سبحانه وتعالى {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|