أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-03-2015
3775
التاريخ: 2024-03-24
792
التاريخ: 27-02-2015
6969
التاريخ: 2024-03-21
901
|
يقسّم علماء الأصول الخطاب بحسب السامع إلى واضح الدلالة وخفيّ الدلالة، وواضح الدلالة عند كلّ من الحنفيّة والجمهور هو الظاهر والنصّ والمفسّر، وهذه التقسيمات جميعا التمست بحسب السامع أو المخاطب. ويضربون للظاهر أمثلة عديدة منها قوله تعالى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } [البقرة : 275]. فدلالة الآية واضحة على إحلال البيع و تحريم الربا من غير احتياج إلى قرينة خارجيّة، و لكنّ هذا المعنى ليس هو المقصود بالأصالة من سوق الآية، بل المقصود منه هو نفي التماثل بين البيع والربا ، وإثبات التفرقة ، لأنّ الآية إنّما قيلت في الردّ على أكلة الربا الذين يقولون {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا} وبذلك يكون المعنى الأول هو الظاهر منها، لأنّه المقصود بالتبعيّة لنفي التماثل.
ثمّ من جهة أخرى فإنّ البيع والربا في الآية لمّا كانا عامّين، احتملا التخصيص والقصر على بعض أنواع البيوع ، واحتملت الآية كذلك النسخ باعتبارها خطابا يتعلّق بأحكام جزئيّة تكليفيّة «1».
وأما المفسّر فمثل قوله تعالى { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة : 43]. و قوله سبحانه {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة : 183]. فقد فسّرت ألفاظ الصلاة و الزكاة و الصيام، بأقوال و أفعال متواترة من النبيّ- صلّى اللّه عليه و سلّم- قاطعة في دلالتها على المعنى منها و الداعي إلى تفسير الخطاب يرجع إمّا إلى الخطاب ذاته، بأنّه كان مجملا أو إلى المتكلّم إذا كان الكلام ظاهرا في إفادة معناه، و لكنّه يحتمل أن يراد به غير ظاهره، فيرفع المتكلّم ذلك الاحتمال بالكشف عن مراده بواسطة قرائن، و الأوّل يسمّى بيان تفسير والثاني بيان تأكيد «2».
وأمّا خفيّ الدلالة فمن أقسامه المشكل، و الإيهام في المشكل جاء من الصيغة نفسها التي أصبح إدراك المراد فيها موقوفا على النظر والاجتهاد في ضبط مفهومات اللّفظ كلّها أوّلا، ثمّ في تأمّلها لاستخراج المراد منها ثانيا، كما لو وقع النظر في كلمة (أنّى) في قوله تعالى : {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة : 223] فوجد المجتهد أنّها تأتي بمعنيين، ثم تأمّل فيهما فوجد أنّ المناسب في هذا السياق هو معنى (كيف) «3». ومثل أن ينظر علماء الشريعة فيما يفهم من قوله تعالى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة : 237] فيجدون أنّ معنى قوله تعالى{ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ} إمّا أن يكون المراد به الزوج أو الوليّ، كما يجدون أنّ كلمة (يعفو) ترد تارة بمعنى يسقط و أخرى بمعنى (يهب) لكنّهم عند التأمل في المناسب من هذه المعاني يختلفون، فيذهب المالكيّة إلى أنّ المراد به هو الوليّ لأنّ اللّه قال في أول الآية : { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ ...} فذكر الأزواج و خاطبهم بهذا الخطاب ثم قال : " إلّا أن يعفون " فذكر النساء " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح" فهو ثالث ، فلا يردّ إلى الزوج المتقدّم إلا لو لم يكن لغيره وجود، و قد وجد و هو الوليّ فهو المراد " «4». وأيضا فإنّ اللّه تعالى قال : إلّا أن يعفون ، ومعلوم أنّه ليس كل امرأة تعفو، فإنّ الصغيرة و المحجور عليها لا عفو لهما. أي إن كنّ لذلك أهلا. وكذا الوليّ إذا كان من أهل السداد فلا يجوز عفوه إذا كان سفيها. «5» و يذهب الحنفيّة " إلى أنّ الضمير يعود على الزوج لأنّ اللفظ عند ما يكون محتملا " وجب حمله على موافقة الأصول، و لا خلاف أنّه غير جائز للأب هبة شيء من مالها للزوج و لا لغيره فكذلك المهر لأنه مالها" «6». و الذين حملوه على الولي قد خالفوا الأصول لأنّ أحدا لا يستحقّ الولاية على غيره في هبة ماله «7».
وهكذا وجدنا أنّ المتكلّم لمّا كان لا يتأتّى له أن يغفل المخاطب و هو يبدع الخطاب، أو يتحدّث به، فإن كلّ ذلك يتجلّى داخل النص ، و لمّا وجدنا المخاطب يتنوّع في الخطاب، تتنوّع الأحكام تبعا لتنوعه فهو أحيانا صحيح معافى، وأحيانا مريض أو مسافر وأحيانا مجاهد قادر، وأحيانا قادر على الجهاد و لكنه متبلّد، و أحيانا منافق، وأحيانا أمّة بكاملها، وأحيانا جنس الناس، وأحيانا نوع من هذا الجنس " يا بني إسرائيل" وبحسب هؤلاء صاغ الأصوليّون أحكامهم مستقين ذلك من النص.
______________________
(1) الإمام علاء الدين عبد العزيز بن أحمد البخاري ت (730 هـ)، كشف الأسرار، ط 2، دار الكتاب العربي/ بيروت/ 1974، ص (46- 47).
(2) كشف الأسرار، 1/ 51.
(3) السرخسي ، الأصول ، 1/ 168.
(4) القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن ، 3/ 207.
(5) نفسه ، 3/ 207.
(6) الجصاص : (الإمام أبو بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص) ت (370 هـ) ، أحكام القرآن، تحقيق محمد الصادق قمحاوي ، ط 2، دار المصحف القاهرة ، بلا تاريخ ، 2/ 152.
(7) نفسه .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|