x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
تفسير الاية (12) من سورة الحجرات
المؤلف: اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
المصدر: تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة: ......
13-10-2017
12554
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات : 12].
{يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن} قال الزجاج هو أن يظن بأهل الخير سوء فأما أهل السوء والفسق فلنا أن نظن بهم مثل ما ظهر منهم وقيل هو أن يظن بأخيه المسلم سوءا ولا بأس به ما لم يتكلم به فإن تكلم بذلك الظن وأبداه أثم وهو قوله {إن بعض الظن إثم} يعني ما أعلنه مما ظن بأخيه عن المقاتلين(2) وقيل إنما قال كثيرا من الظن لأن من جملته ما يجب العمل به ولا يجوز مخالفته وإنما يكون إثما إذا فعله صاحبه وله الطريق إلى العلم بدلا منه فهذا ظن محرم لا يجوز فعله فأما ما لا سبيل إلى دفعه بالعلم بدلا منه فليس بإثم ولذلك قال {بعض الظن إثم} دون جميعه.
والظن المحمود قد بينه الله تعالى ودل عليه بقوله {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا} وقيل معناه يجب على المؤمن أن يحسن الظن ولا يسيئه في شيء يجد له تأويلا جميلا وإن كان ظاهرا قبيحا {ولا تجسسوا} أي ولا تتبعوا عثرات المؤمنين عن ابن عباس وقتادة ومجاهد وقال أبو عبيدة التجسس والتحسس واحد وروي في الشواذ عن ابن عباس ولا تحسسوا بالحاء قال الأخفش وليس يبعد أحدهما عن الآخر إلا أن التجسس عما يكتم ومنه الجاسوس والتحسس بالحاء البحث عما تعرفه وقيل إن التجسس بالجيم في الشر والجاسوس صاحب سر الشر والناموس صاحب سر الخير(3) وقيل معناه لا تتبعوا عيوب المسلمين لتهتكوا العيوب التي سترها أهلها وقيل معناه ولا تبحثوا عما خفي حتى يظهر عن الأوزاعي وفي الحديث ((إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تقاطعوا ولا تحاسدوا ولا تنابزوا(4) وكونوا عباد الله إخوانا)).
وقوله {ولا يغتب بعضكم بعضا} الغيبة ذكر العيب بظهر الغيب على وجه تمنع الحكمة منه وفي الحديث ((إذا ذكرت الرجل بما فيه مما يكرهه الله فقد اغتبته وإذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهته)) وعن جابر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ((إياكم والغيبة فإن الغيبة أشد من الزنا)) ثم قال ((أن الرجل يزني ثم يتوب فيتوب الله عليه وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه)) ثم ضرب سبحانه للغيبة مثلا فقال {أ يحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا} وتأويله إن ذكرك بالسوء من لم يحضرك بمنزلة أن تأكل لحمه وهو ميت لا يحس بذلك عن الزجاج ولما قيل لهم أ يحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا قالوا لا فقيل {فكرهتموه} أي فكما كرهتم ذلك فاجتنبوا ذكره بالسوء غائبا عن مجاهد وقيل فكما كرهتم لحمه ميتا فاكرهوا غيبته حيا عن الحسن فهذا هو تقدير الكلام وقوله {واتقوا الله} معطوف على هذا الفعل المقدر ومثله أ لم نشرح لك صدرك ووضعنا أي وقد شرحنا ووضعنا ويقال للمغتاب فلان يأكل لحوم الناس قال :
وليس الذئب يأكل لحم ذئب *** ويأكل بعضنا بعضا عيانا
وقال آخر :
فإن يأكلوا لحمي وفرت لحومهم *** وإن يهدموا مجدي بنيت لهم مجدا
وقال قتادة كما يمتنع أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا لكراهية الطبع كذلك يجب أن يمتنع عن غيبته لكراهية العقل والشرع لأن دواعي العقل والشرع أحق بالإتباع من دواعي الطبع فإن داعي الطبع أعمى وداعي العقل بصير وعن ميمون بن شاة(5) وكان يفضل على الحسن لأنه قد لقي من لم يلقه الحسن قال بينا أنا نائم إذا بجيفة زنجي وقائل يقول لي كل يا عبد الله قلت ولم آكل قال بما اغتيب عندك فلان قلت والله ما ذكرت فيه خيرا ولا شرا قال لكنك استمعت فرضيت وكان ميمون بعد ذلك لا يدع أن يغتاب عنده واحد وقال رجل لابن سيرين إني قد اغتبتك فاجعلني في حل قال إني أكره أن أحل ما حرم الله {إن الله تواب} قابل التوبة {رحيم} بالمؤمنين.
__________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج9،ص227- 229.
2- وفي نسخة : يعني مقاتل بن حسان ، ومقاتل بن سليمان.
3- وفي نسخة : ان التجسس بالجيم في الشر ، والجاسوس صاحب الشر . والتجسس في الخير ، والحاسوس : صاحب سر الخير .
4- وفي النسخ : ((ولا تدابروا)) بدل ((ولا تنابزوا)) .
5- وفي نسخة : شاه.
في الآية السابقة نهى سبحانه عن السخرية واللمز والتنابز بالألقاب ، وندد بمن يفعل شيئا من ذلك ، وفي هذه الآية نهى عن سوء الظن والتجسس والغيبة ، والتفصيل فيما يلي :
الظن :
1 – { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ } . هذه الفقرة من الآية يمكن تلخيصها بجملة واحدة هي كل إنسان بريء حتى تثبت إدانته ، ويمكن أن نشرحها بصفحات طوال ، فنحدد ما يقتضيه الأصل في الظن هل هو صحة الأخذ به ، أو وجوب الاجتناب عنه في سائر الأحوال ، أو عند تعذر العلم ؟ وهل العلم بالأحكام الشرعية الفرعية متعذر أو غير متعذر ؟ وعلى الأول هل نأخذ بكل ظن أيا كان سببه وكانت مرتبته ؟ وعلى الثاني ما هي الوسائل العلمية إلى الأحكام الشرعية ؟ إلى آخر التفريعات المدونة في أصول الفقه
التي أمضينا في دراستها أمدا غير قصير . ومن الخير أن نلتزم التفسير الوسط بين الإيجاز والاطناب . وقبل كل شيء نمهد ببيان الفرق بين الشك والظن والعلم ، فالشك هو استواء كفتي الاحتمالين اثباتا ونفيا ، والظن ترجيح كفة أحدهما على الآخر ، مع بقاء الطريق مفتوحا للذي خف ميزانه ، والعلم تعيين أحدهما مع سد الطريق على الآخر من الأساس .
وقد تظن بإنسان خيرا أوشرا ، وقد تكون مصيبا في ظنك أو مخطئا . . ولا بأس عليك إطلاقا في حسن الظن بأخيك أصبت أو أخطأت ، ظهر اثر ذلك في أقوالك وأفعالك أولم يظهر ، قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) : (ظنوا بالمؤمنين خيرا) . وقال الإمام علي ( عليه السلام ) : (ضع أمر أخيك على أحسنه) . أنظر ج 1 ص 141 فقرة (أصل الصحة) . وبهذا يتبين معنا لما ذا قال سبحانه : {اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ} ولم يقل : كل الظن ، فإن كلمة كل من صيغ العموم تشمل حسن الظن وسوء الظن ، أما كلمة كثير فقد تستعمل بمعنى بعض وبمعنى معظم ، وهذا هو المراد بكلمة كثير في الآية ، والقصد هو حصر موضوع الآية ودلالتها بسوء الظن .
وسوء الظن من حيث هو ودون أن يظهر أثره في قول أو فعل - ما هو بمحرم وصاحبه غير مسؤول عنه ، لأن الإنسان لا حرية له في ظنونه وتصوراته ، وانما توحي بها الظروف والأسباب الخارجة عن إرادته واختياره . . أجل ، عليه أن لا يعول على ظن السوء ، ويعتبره كأنه لم يكن ، وإذا عوّل عليه وظهر اثر ذلك في قول أو فعل كان مسؤولا ومستحقا للذم والعقاب ، وهذا هو الظن الذي أراده سبحانه بقوله : {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} . قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم):
(ثلاثة لا يسلم منها أحد : الطيرة ، والحسد ، والظن . . فإذا تطيرت فامض ، وإذا حسدت فلا تبغ ، وإذا ظننت فلا تحقق) . وعلى هذا يكون معنى قوله تعالى : {اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ} لا تعولوا عليه ، ولا تعملوا به تماما مثل قوله : {لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ} .
التجسس :
2 – {ولا تَجَسَّسُوا} . التجسس تتبع العورات والعثرات ، والبحث عنها في الخفاء ، وهو محرم كتابا وسنّة وإجماعا وعقلا ، فمن الكتاب قوله تعالى : {ولا تَجَسَّسُوا} . وقوله : {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ- إلى - حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ } [النور: 27] ج 5 ص 412 . ومن السنة قول الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم): (من اطلع عليك فحذفته بحصاة ففقأت عينيه فلا جناح عليك) . وقد أجمع الفقهاء قولا واحدا على العمل بهذا الحديث . أما العقل فإنه يعتبر التجسس غزوا لحياة الناس ، واعتداء على حرياتهم وأشيائهم الخاصة بهم من معلومات وعادات .
تذكرت ، وأنا أكتب هذه الكلمات مقالا مطولا في هذا الموضوع ، نشرته جريدة الأهرام عدد 7 - 1969 ، قرأته آنذاك ، واحتفظت به في ملف قصاصات الصحف التي احتفظ بها وادخرها إلى وقت الحاجة ، فرجعت إلى المقال ، وقرأته من جديد ، فإذا بي أقرأ ما لا يبلغه الخيال ، وفيما يلي بعض ما جاء فيه :
(لقد تساقطت الجدران في الولايات المتحدة حتى أصبح الأمركيون بفضل الغزو الألكتروني المنظم يشعرون بأن الجدران ليست لها آذان وحسب ، بل عيون وعدسات أيضا ، كما تقول مجلة التايم . . لقد اخترعوا في الولايات المتحدة جهازا بحجم المليم الصغير ، يسترق ويسجل السمع ، ويمكن وضعه في (الجاكت) كالزر ، وهو في متناول كل فرد ، ويتراوح ثمنه بين 10 و15 دولارا . . وفي نيويورك تجار يعلنون في الصحف عن أجهزة تسترق السمع من بيوت الناس ومنازلهم ، وتعرض في الأسواق كلعب الأطفال ، ولا يزيد ثمنها على 18 دولارا ، وإذا وضع واحد من هذه الأجهزة في سيارة تقبع في اتجاه العمارة - سجل كل كلمة تقال في داخل العمارة . . بل هناك جهاز لاستراق السمع لا يزيد حجمه على حبة العدس الصغيرة يمكن أن يوضع في القلم وما أشبه ، وتعمل بطاريته بين 18 و50 ساعة . . وأيضا اخترعوا في الولايات المتحدة جهازا صغيرا للأرسال ، يذيع ما بدور في البيوت على بعد 50 قدما منها ، وثمنه 400 دولار . . وأعجب من ذلك
كله كاميرا تصور من وراء الجدران كل ما يفعله الإنسان بالحمام والمخدع في أحلك الظلمات . . وأيضا يمكن رسم وشم على الطفل ساعة ولادته ، وبسبه ترصد جميع حركاته طول حياته . . ويوجد في أنحاء الولايات المتحدة شركات تجمع المعلومات والتحركات الخاصة للشخصيات السياسية والعلمية والأدبية والمالية وغيرهم وتسجل أقوالهم وتصور أفعالهم حتى الجنسية مع الزوجات وغيرهن ، وتزود من شاء بهذه المعلومات مقابل دولار واحد ، وتسمى هذه الشركات بنوك المعلومات . .
كل ذلك وما إليه يحدث على علم من السلطة دون أن تحرك ساكنا ، لأنه معتاد ومألوف تماما كبيع الجرائد) .
هذا قليل من كثير . . فقد ألَّف الباحثون كتبا خاصة في هذا الموضوع ، ولو اقتصر تجسس الأمريكيين على بعضهم البعض لقلنا مع الموالين لهم : ان لكل بلد تمام الحرية في أن يختار لنفسه ما يشاء . . ولكن الأمريكيين تجاوزوا ذلك إلى التجسس على دول الأرض وشعوبها بالطائرات والأقمار الصناعية . . ولا تعجب أيها القارئ فإن الولايات المتحدة بلد الحضارة والديمقراطية ، وسيدة العالم الحر ، وقائدة الاستعمار الجديد ، وفوق ذلك تؤمن باللَّه والمثل العليا . . . ولا شيء أدل على إيمانها باللَّه واليوم الآخر من مذبحة (سنونج ماي) (2) بفيتنام الجنوبية ، ومن تزويدها إسرائيل بأحدث الأسلحة لتقضي بها على شعب فلسطين ، وتقتل أبناءه بالجملة ، وتلقي الصواريخ من طائرات الفانتوم على أطفال المدارس في الجمهورية العربية المتحدة . . . حقا ان الولايات المتحدة أعظم دولة في هذا الميدان . . والعاقبة للمتقين .
الغيبة :
3 – { ولا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ واتَّقُوا اللَّهً إِنَّ اللَّهً تَوَّابٌ رَحِيمٌ} . الغيبة أن تذكر شخصا معينا بما يكره ، قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) : (الغيبة ذكرك أخاك بما يكره ، فإن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وان لم يكن فيه ما تقول فقد بهته) والبهتان أعظم من الغيبة ، وهي محرمة كتابا وسنّة واجماعا .
وقد شبّه سبحانه من استغيب بالميت لأنه غائب ، وشبّه عرضه بلحمه ، وقول السوء فيه بالأكل والنهش . ومعنى فكرهتموه : أنفتم من أكل لحم الميت فينبغي أن تأنفوا من غيبة الغائب أيضا لأنهما من باب واحد ، ولا شيء أدل من الغيبة على الخسة والضعة ، قال الإمام علي ( عليه السلام ) : (الغيبة جهد العاجز) واللَّه سبحانه لا يغفر الغيبة حتى يغفرها من استغيب . . واستثنى الفقهاء من تحريم الغيبة الملحد ، والحاكم الجائر ، والفاسق المعلن بالفسق لأن من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له ، ونصح من استشارك في مشاركة شخص معين أو توكيله في أمر هام ، وتجريح الشاهد عند القاضي ، وراوي حديث الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) ، والمتظلم من ظالمه ، قال تعالى : {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} - 148 النساء .
وفي مكاسب الشيخ الأنصاري : (ان موارد استثناء الغيبة لا تنحصر في عدد لأن الغيبة انما تحرم إذا لم يكن في التشهير مصلحة أقوى وإلا وجب الإعلان والتشهير تغليبا لأقوى المصلحتين ، كما هي الحال في كل معصية من حقوق اللَّه وحقوق الإنسان) . أنظر ج 2 ص 477 .
_____________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج7، ص118-122.
2- هي قرية مسالمة تضم 500 نسمة معظمهم من الشيوخ والنساء والأطفال ، ذبح الجنود الأمريكيون جميع من فيها بأبشع صورة ، ولم يبقوا منها باقية . . حدثت هذه الجريمة المذهلة في الشهر الثالث من سنة 1968 .
قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم} إلى آخر الآية المراد بالظن المأمور بالاجتناب عنه ظن السوء فإن ظن الخير مندوب إليه كما يستفاد من قوله تعالى: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} [النور: 12] .
والمراد بالاجتناب عن الظن الاجتناب عن ترتيب الأثر عليه كان يظن بأخيه المؤمن سوء فيرميه به ويذكره لغيره ويرتب عليه سائر آثاره، وأما نفس الظن بما هو نوع من الإدراك النفساني فهو أمر يفاجىء النفس لا عن اختيار فلا يتعلق به النهي اللهم إلا إذا كان بعض مقدماته اختياريا.
وعلى هذا فكون بعض الظن إثما من حيث كون ما يترتب عليه من الأثر إثما كإهانة المظنون به وقذفه وغير ذلك من الآثار السيئة المحرمة، والمراد بكثير من الظن - وقد جيء به نكرة ليدل على كثرته في نفسه لا بالقياس إلى سائر أفراد الظن – هو بعض الظن الذي هو إثم فهو كثير في نفسه وبعض من مطلق الظن، ولو أريد بكثير من الظن أعم من ذلك كأن يراد ما يعلم أن فيه إثما وما لا يعلم منه ذلك كان الأمر بالاجتناب عنه أمرا احتياطيا توقيا من الوقوع في الإثم.
وقوله: {ولا تجسسوا} التجسس بالجيم تتبع ما استتر من أمور الناس للاطلاع عليها، ومثله التحسس بالحاء المهملة إلا أن التجسس بالجيم يستعمل في الشر والتحسس بالحاء يستعمل في الخير، ولذا قيل: معنى الآية لا تتبعوا عيوب المسلمين لتهتكوا الأمور التي سترها أهلها.
وقوله: {ولا يغتب بعضكم بعضا أ يحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه} الغيبة على ما في مجمع البيان ذكر العيب بظهر الغيب على وجه يمنع الحكمة منه، وقد فسرت بتفاسير مختلفة حسب الاختلاف في مصاديقها سعة وضيقا في الفقه، ويئول إلى أن يذكر من الإنسان في ظهر الغيب ما يسوءه لو ذكر به ولذا لم يعدوا من الغيبة ذكر المتجاهر بالفسق بما تجاهر به.
والغيبة تفسد أجزاء المجتمع واحدا بعد واحد فتسقطها عن صلاحية التأثير الصالح المرجو من الاجتماع وهو أن يخالط كل صاحبه ويمازجه في أمن وسلامة بأن يعرفه إنسانا عدلا سويا يأنس به ولا يكرهه ولا يستقذره، وأما إذا عرفه بما يكرهه ويعيبه به انقطع عنه بمقدار ذلك وضعفت رابطة الاجتماع فهي كالأكلة التي تأكل جثمان من ابتلي بها عضوا بعد عضو حتى تنتهي إلى بطلان الحياة.
والإنسان إنما يعقد المجتمع ليعيش فيه بهوية اجتماعية أعني بمنزلة اجتماعية صالحة لأن يخالطه ويمازج فيفيد ويستفاد منه، وغيبته بذكر عيبه لغيره تسقطه عن هذه المنزلة وتبطل منه هذه الهوية، وفيه تنقيص واحد من عدد المجتمع الصالح ولا يزال ينتقص بشيوع الغيبة حتى يأتي على آخره فيتبدل الصلاح فسادا ويذهب الأنس والأمن والاعتماد وينقلب الدواء داء.
فهي في الحقيقة إبطال هوية اجتماعية على حين غفلة من صاحبها ومن حيث لا يشعر به، ولو علم بذلك على ما فيه من المخاطرة لتحرز منه وتوقى انهتاك ستره وهو الستر ألقاه الله سبحانه على عيوب الإنسان ونواقصه ليتم به ما أراده من طريق الفطرة من تألف أفراد الإنسان وتجمعهم وتعاونهم وتعاضدهم، وأين الإنسان والنزاهة من كل عيب.
وإلى هذه الحقيقة أشار تعالى فيما ذكره من التمثيل بقوله: {أ يحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه} وقد أتي بالاستفهام الإنكاري ونسب الحب المنفي إلى أحدهم ولم يقل: بعضكم ونحو ذلك ليكون النفي أوضح استيعابا وشمولا ولذا أكده بقوله بعد: {فكرهتموه} فنسب الكراهة إلى الجميع ولم يقل: فكرهه.
وبالجملة محصله أن اغتياب المؤمن بمنزلة أن يأكل الإنسان لحم أخيه حال كونه ميتا، وإنما كان لحم أخيه لأنه من أفراد المجتمع الإسلامي المؤلف من المؤمنين وإنما المؤمنون إخوة، وإنما كان ميتا لأنه لغيبته غافل لا يشعر بما يقال فيه.
وفي قوله: {فكرهتموه} ولم يقل: فتكرهونه إشعار بأن الكراهة أمر ثابت محقق منكم في أن تأكلوا إنسانا هو أخوكم وهو ميت فكما أن هذا مكروه لكم فليكن مكروها لكم اغتياب أخيكم المؤمن بظهر الغيب فإنه في معنى أكل أحدكم أخاه ميتا.
واعلم أن ما في قوله: {أ يحب أحدكم أن يأكل} إلخ، من التعليل جار في التجسس أيضا كالغيبة، وإنما الفرق أن الغيبة هو إظهار عيب الغير للغير أو التوصل إلى الظهور عليه من طريق نقل الغير، والتجسس هو التوصل إلى العلم بعيب الغير من طريق تتبع آثاره ولذلك لم يبعد أن يكون الجملة أعني قوله: {أ يحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا} إلخ، تعليلا لكل من الجملتين أعني {ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا}.
واعلم أن في الكلام إشعارا أو دلالة على اقتصار الحرمة في غيبة المسلمين، ومن القرينة عليه قوله في التعليل: {لحم أخيه} فالأخوة إنما هي بين المؤمنين.
وقوله: {واتقوا الله إن الله تواب رحيم} ظاهره أنه عطف على قوله: {اجتنبوا كثيرا من الظن} إن كان المراد بالتقوى هو التجنب عن هذه الذنوب التي كانوا يقترفونها بالتوبة إلى الله سبحانه فالمراد بقوله: {إن الله تواب رحيم} أن الله كثير القبول للتوبة رحيم بعباده التائبين إليه اللائذين به.
وإن كان هو التجنب عنها والتورع فيها وإن لم يكونوا يقترفونها فالمراد بقوله: {إن الله تواب رحيم} أن الله كثير الرجوع إلى عباده المتقين بالهداية والتوفيق والحفظ عن الوقوع في مهالك الشقوة رحيم بهم.
وذلك أن التوبة من الله توبتان: توبة قبل توبة العبد بالرجوع إليه بالتوفيق للتوبة كما قال تعالى: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا } [التوبة: 118] ، وتوبة بعد توبة العبد بالرجوع إليه بالمغفرة وقبول التوبة كما في قوله: { فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ } [المائدة: 39].
________________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج18، ص263-265.
قلنا إنّ في كلٍّ من الآيتين ـ محل البحث والآية التي سبقتها ـ ثلاثة أحكام في مجال الأخلاق الإجتماعية. فالأحكام الثلاثة في الآية السابقة هي «عدم السخرية» و«ترك اللمز» و«ترك التنابز بالألقاب».
والأحكام الثلاثة في الآية مورد البحث هي «اجتناب سوء الظن» و «التجسّس» و«الإغتياب».
في هذه الآية يبدأ القرآن فيقول: {يا أيّها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إنّ بعض الظن إثم}.
والمراد من «كثيراً من الظن» الظنون السيّئة التي تغلب على الظنون الحسنة بين الناس لذلك عبّر عنها بـ«الكثير» وإلاّ فإنّ حسن الظن لا أنّه غير ممنوع فحسب، بل هو مستحسن كما يقول القرآن في الآية (12) من سورة النور: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا } [النور: 12].
وممّا يلفت النظر أنّه قد نُهي عن كثير من الظنّ، إلاّ أنّه في مقام التعليل تقول الآية: (إنّ بعض الظن إثم) ولعلّ هذا الإختلاف في التعبير ناشئٌ من أنّ الظنون السيّئة بعضها مطابق للواقع وبعضها مخالف له، فما خالف الواقع فهو إثم لا محالة، ولذلك قالت الآية: {إنّ بعض الظن إثم} وعلى هذا فيكفي هذا البعض من الظنون الذي يكون إثماً أن نتجنّب سائر الظنون لئلا نقع في الإثم!
وهنا ينقدح هذا السؤال، وهو أنّ الظنّ السيء أو الظن الحسن ليسا اختياريين (غالباً) وإنّما يكون كلٌّ منهما على أثر سلسلة من المقدّمات الخارجة عن اختيار الإنسان والتي تنعكس في ذهنه، فكيف يصحُّ النهي عن ذلك؟!
وفي مقام الجواب يمكن القول بأنّه:
1 ـ المراد من هذا النهي هو النهي عن ترتيب الآثار، أي متى ما خطر الظنّ السيء في الذهن عن المسلم فلا ينبغي الإعتناء به عمليّاً، ولا ينبغي تبديل أُسلوب التعامل معه ولا تغيير الروابط مع ذلك الطرف، فعلى هذا الأساس فإنّ الإثم هو إعطاء الأثر وترتّبه عليه.
ولذلك نقرأ في هذا الصدد حديثاً عن نبيّ الإسلام يقول فيه: «ثلاث في المؤمن لا يستحسنّ، وله منهنّ مخرج فمخرجه من سوء الظن ألاّ يحقّقه»(2)... إلى آخر الحديث الشريف.
2 ـ يستطيع الإنسان أن يبعد عن نفسه سوء الظن بالتفكير في المسائل المختلفة، بأن يفكر في طرق الحمل على الصحة، وأن يجسّد في ذهنه الإحتمالات الصحيحة الموجودة في ذلك العمل، وهكذا يتغلّب تدريجاً على سوء الظنّ!
فبناءً على هذا ليس سوء الظن شيئاً (ذا بال) بحيث يخرج عن اختيار الإنسان دائماً!
لذلك فقد ورد في الروايات أنّه: «ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يقلبك منه، ولا تظنّنّ بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجدُ لها في الخير محملاً»(3).
وعلى كلّ حال فإنّ هذا الأمر واحد من أكثر الأوامر والتعليمات جامعيّةً ودقّةً في مجال روابط الإنسان الإجتماعية الذي تضمن الأمن في المجتمع بشكل كامل! وسيأتي بيانه وتفصيله في فقرة البحوث.
ثمّ تذكر الآية موضوع «التجسّس» فتنهى عنه بالقول: (ولا تجسّسوا)!.
و «التجسّس» و «التحسّس» كلاهما بمعنى البحث والتقصّي، إلاّ أنّ الكلمة الأُولى غالباً ما تستعمل في البحث عن الأُمور غير المطلوبة، والكلمة الثانية على العكس حيث تستعمل في البحث عن الأُمور المطلوبة أو المحبوبة! ومنه ما ورد على لسان يعقوب في وصيته وِلْدَه! {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ } [يوسف: 87].
وفي الحقيقة إنّ سوء الظن باعث على التجسّس، والتجسس باعث على كشف الأسرار وما خفي من أمور الناس، والإسلام لا يبيح أبداً كشف أسرار الناس!
وبتعبير آخر إنّ الإسلام يريد أن يكون الناس في حياتهم الخاصة آمنين من كل الجهات، وبديهي أنّه لو سمح الإسلام لكلّ أحد أن يتجسّس على الآخرين فإنّ كرامة الناس وحيثيّاتهم تتعرض للزوال، وتتولد من ذلك «حياة جهنمية» يحسّ فيها جميع أفراد المجتمع بالقلق والتمزّق!.
وبالطبع فإنّ هذا الأمر لا ينافي وجود أجهزة «مخابرات» في الحكومة الإسلامية لمواجهة المؤامرات، ولكنّ هذا لا يعني أنّ لهذه الأجهزة حقَّ التجسّس في حياة الناس الخاصّة «كما سنبيّن ذلك بإذن الله فيما بعد».
وأخيراً فإنّ الآية تضيف في آخر هذه الأوامر والتعليمات ما هو نتيجة الأمرين السابقين ومعلولهما فتقول: {ولا يغتب بعضكم بعضاً}.
وهكذا فإنّ سوء الظن هو أساس التجسس، والتجسس يستوجب إفشاء العيوب والأسرار، والإطلاع عليها يستوجب الغيبة، والإسلام ينهى عن جميعها علةً ومعلولاً!
ولتقبيح هذا العمل يتناول القرآن مثلاً بليغاً يجسّد هذا الأمر فيقول: {أيحبّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه}!.
أجل، إنّ كرامة الأخ المسلم وسمعته كلحم جسده، وابتذال ماء وجهه بسبب اغتيابه وإفشاء أسراره الخفية كمثل أكل لحمه.
كلمة «ميتاً» للتعبير عن أنّ الإغتياب إنّما يقع في غياب الأفراد، فمثلهم كمثل الموتى الذين لا يستطيعون أن يدافعوا عن أنفسهم، وهذا الفعل أقبح ظلم يصدر عن الإنسان في حقِّ أخيه!.
أجل، إنّ هذا التشبيه يبيّن قبح الإغتياب وإثمه العظيم.
وتولي الروايات الإسلامية ـ كما سيأتي بيانها ـ أهمية قصوى لمسألة الإغتياب، ونادراً ما نجد من الذنوب ما فيه من الإثم إلى هذه الدرجة.
وحيث أنّه من الممكن أن يكون بعض الأفراد ملوّثين بهذه الذنوب الثلاثة ويدفعهم وجدانهم إلى التيقّظ والتنبّه فيلتفتون إلى خطئهم، فإنّ السبيل تفتحه الآية لهم إذ تُختتم بقوله تعالى: {واتّقوا الله إنّ الله توّاب رحيم}.
فلابدّ أن تحيا روح التقوى والخوف من الله أوّلاً: وعلى أثر ذلك تكون التوبة والإنابة لتشملهم رحمة الله ولطفه.
________________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج13 ، ص119-122.
2 ـ المحجّة البيضاء، ج5، ص269.
3 ـ أصول الكافي، ج2، باب التهمة وسوء الظن، الحديث 3، وقد ورد شبيه هذا المعنى في نهج
البلاغة مع شيء من التفاوت في «الكلمات القصار، رقم 360».