تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
تفسير الاية (1-13) من سورة الرحمن
المؤلف: اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
المصدر: تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة: ......
26-9-2017
14378
قال تعالى : {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6) وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9) وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10) فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (11) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (12) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 1 - 13].
{الرحمن} افتتح سبحانه هذه السورة بهذا الاسم ليعلم العباد أن جميع ما وصفه يعد من أفعاله الحسنى إنما صدرت من الرحمة التي تشمل جميع خلقه وكأنه جواب لقولهم وما الرحمن في قوله وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن وقد روي أنه لما نزل قوله قل ادعوا الله أوادعوا الرحمن قالوا ما نعرف الرحمن إلا صاحب اليمامة فقيل لهم {الرحمن علم القرآن} أي علم محمدا (صلى الله عليه وآله وسلّم) القرآن وعلمه محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) أمته عن الكلبي.
وقيل هو جواب لأهل مكة حين قالوا إنما يعلمه بشر فبين سبحانه أن الذي علمه القرآن هو الرحمن والتعليم هو تبيين ما به يصير من لم يعلم عالما والإعلام إيجاد ما به يصير عالما ذكر سبحانه النعمة فيما علم من الحكمة بالقرآن الذي احتاج إليه الناس في دينهم ليؤدوا ما يجب عليهم ويستوجبوا الثواب بطاعة ربهم قال الزجاج معنى علم القرآن يسره لأن يذكر.
{خلق الإنسان} أي أخرجه من العدم إلى الوجود والمراد بالإنسان هنا آدم (عليه السلام) عن ابن عباس وقتادة {علمه البيان} أي أسماء كل شيء واللغات كلها قال الصادق (عليه السلام) البيان الاسم الأعظم الذي به علم كل شيء وقيل الإنسان اسم الجنس وقيل(2) معناه الناس جميعا .
{علمه البيان} أي النطق والكتابة والخط والفهم والأفهام حتى يعرف ما يقول وما يقال له عن الحسن وأبي العالية وابن زيد والسدي وهذا هو الأظهر الأعم وقيل البيان هو الكلام الذي يبين به عن مراده وبه يتميز من سائر الحيوانات عن الجبائي وقيل {خلق الإنسان} يعني محمدا (صلى الله عليه وآله وسلّم) {علمه البيان} يعني ما كان وما يكون عن ابن كيسان.
{الشمس والقمر بحسبان} أي يجريان بحسبان ومنازل لا يعدوانها وهما يدلان على عدد الشهور والسنين والأوقات عن ابن عباس وقتادة فأضمر يجريان وحذفه لدلالة الكلام عليه وتحقيق معناه أنهما يجريان على وتيرة واحدة وحساب متفق على الدوام لا يقع فيه تفاوت فالشمس تقطع بروج الفلك في ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وشيء والقمر في ثمانية وعشرين يوما فيجريان أبدا على هذا الوجه وإنما خصهما بالذكر لما فيهما من المنافع الكثيرة للناس من النور والضياء ومعرفة الليل والنهار ونضج الثمار إلى غير ذلك فذكرهما لبيان النعمة بهما على الخلق.
{والنجم والشجر يسجدان} يعني بالنجم نبت الأرض الذي ليس له ساق وبالشجر ما كان له ساق يبقى في الشتاء عن ابن عباس وسعيد بن جبير وسفيان الثوري وقيل أراد بالنجم نجم السماء وهو موحد والمراد به جميع النجوم والشجر يسجدان لله بكرة وعشيا كما قال في موضع آخر والشجر والدواب عن مجاهد وقتادة وقال أهل التحقيق إن المعنى في سجودهما هوما فيهما من الآية الدالة على حدوثهما وعلى أن لهما صانعا أنشأهما وما فيهما من الصنعة والقدرة التي توجب السجود وقيل سجودهما سجود ظلالهما كقوله يتفيؤا ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون عن الضحاك وسعيد بن جبير والمعنى فيه أن كل جسم له ظل فهو يقتضي الخضوع بما فيه من دليل الحدوث وإثبات المحدث المدبر وقيل معنى سجودهما أنه سبحانه يصرفهما على ما يريده من غير امتناع فجعل ذلك خضوعا ومعنى السجود الخضوع كما في قوله {ترى الأكم فيها سجدا للحوافر } عن الجبائي.
{والسماء رفعها} أي ورفع السماء رفعها فوق الأرض دل سبحانه بذلك على كمال قدرته {ووضع الميزان} يعني آلة الوزن للتوصل إلى الإنصاف والانتصاف عن الحسن وقتادة قال قتادة هو الميزان المعهود ذو اللسانين وقيل المراد بالميزان العدل والمعنى أنه أمرنا بالعدل عن الزجاج ويدل عليه قوله {ألا تطغوا في الميزان} أي لا تتجاوزوا فيه العدل والحق إلى البخس والباطل تقديره فعلت ذلك لئلا تطغوا ويحتمل أيضا أن يكون لا تطغوا نهيا منفردا وتكون أن مفسرة بمعنى أي وقيل إن المراد بالميزان القرآن الذي هو أصل الدين فكأنه تعالى بين أدلة العقل وأدلة السمع وإنما أعاد سبحانه ذكر الميزان من غير إضمار ليكون الثاني قائما بنفسه في النهي عنه إذا قيل لهم لا تطغوا في الميزان.
{وأقيموا الوزن بالقسط} أي أقيموا لسان الميزان بالعدل إذا أردتم الأخذ والإعطاء {ولا تخسروا الميزان} أي لا تنقصوه بالبخس والجور بل سووه بالإنصاف والعدل قال سفيان بن عيينة الإقامة باليد والقسط بالقلب {والأرض وضعها للأنام} لما ذكر السماء ذكر الأرض في مقابلتها أي وبسط الأرض ووطأها للناس وقيل الأنام كل شيء فيه روح عن ابن عباس وقيل الأنام الجن والإنس عن الحسن وقيل جميع الخلق من كل ذي روح عن مجاهد وعبر عن الأرض بالوضع لما عبر عن السماء بالرفع وفي ذلك بيان النعمة على الخلق وبيان وحدانية الله تعالى كما في رفع السماء.
{فيها فاكهة} أي في الأرض ما يتفكه به من ألوان الثمار المأخوذة من الأشجار {والنخل ذات الأكمام} أي الأوعية والغلف وثمر النخل يكون في غلف ما لم ينشق وقيل الأكمام ليف النخل الذي تكم فيه عن الحسن وقيل معناه ذات الطلع لأنه الذي يتغطى بالأكمام عن ابن زيد {والحب} يريد جميع الحبوب مما يحرث في الأرض من الحنطة والشعير وغيرهما {ذو العصف} أي ذو الورق فإذا يبس وديس صار تبنا عن مجاهد والجبائي وقيل العصف التبن لأن الريح تعصفه أي تطيره عن ابن عباس وقتادة والضحاك وقيل هو بقل الزرع وهو أول ما ينبت منه عن السدي والفراء.
{والريحان} يعني الرزق في قول الأكثرين وقال الحسن وابن زيد هو ريحانكم الذي يشم وقال الضحاك الريحان الحب المأكول والعصف الورق الذي لا يؤكل فهو رزق الدواب والريحان رزق الناس فذكر سبحانه قوت الناس والأنعام ثم خاطب الإنس والجن بقوله {فبأي آلاء ربكما تكذبان} أي فبأي نعم ربكما من هذه الأشياء المذكورة تكذبان لأنها كلها منعم عليكم بها والمعنى أنه لا يمكن جحد شيء من هذه النعم فأما الوجه لتكرار هذه الآية في هذه السورة فإنما هو التقرير بالنعم المعدودة والتأكيد في التذكير بها فكلما ذكر سبحانه نعمة أنعم بها قرر عليها ووبخ على التكذيب بها كما يقول الرجل لغيره أ ما أحسنت إليك حين أطلقت لك مالا أ ما أحسنت إليك حين ملكتك عقارا أ ما أحسنت إليك حين بنيت لك دارا فيحسن فيه التكرار لاختلاف ما يقرره به ومثله كثير في كلام العرب وأشعارهم قال مهلهل بن ربيعة يرثي أخاه كليبا :
على أن ليس عدلا من كليب إذا طرد اليتيم عن الجزور
على أن ليس عدلا من كليب إذا ما ضيم جيران المجير
على أن ليس عدلا من كليب إذا رجف العضاة من الدبور
على أن ليس عدلا من كليب إذا خرجت مخبأة الخدور
على أن ليس عدلا من كليب إذا ما أعلنت نجوى الصدور
وقالت ليلى الأخيلية ترثي توبة بن الحمير :
لنعم الفتى يا توب كنت ولم تكن لتسبق يوما كنت فيه تجاول
ونعم الفتى يا توب كنت إذا التقت صدور العوالي واستشال(3) الأسافل
ونعم الفتى يا توب كنت لخائف أتاك لكي تحمي ونعم المجامل
ونعم الفتى يا توب جارا وصاحبا ونعم الفتى يا توب حين تناضل
لعمري لأنت المرء أبكي لفقده ولولام فيه ناقص الرأي جاهل
لعمري لأنت المرء أبكي لفقده إذا كثرت بالملجمين التلاتل(4)
أبى لك ذم الناس يا توب كلما ذكرت أمور محكمات كوامل
أبى لك ذم الناس يا توب كلما ذكرت سماح حين تأوي الأرامل
فلا يبعدنك الله يا توب إنما كذاك المنايا عاجلات وآجل
فلا يبعدنك الله يا توب إنما لقيت حمام الموت والموت عاجل
فخرجت في هذه الأبيات من تكرار إلى تكرار لاختلاف المعاني التي عددتها وقال الحارث بن عباد :
قربا مربط النعامة مني لقحت حرب وائل عن حيال(5)
وكرر هذه اللفظة قربا مربط النعامة مني في أبيات كثيرة وفي أمثال هذا كثرة وهذا هو الجواب بعينه عن التكرار لقوله ويل يومئذ للمكذبين في المرسلات .
_______________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج9 ، ص329-333.
2- ليس في المخطوطة لفظة ((قيل)).
3- استشال : ارتفع.
4- التلاتل : الشدائد.
5- النعامة : اسم فرسه . ولقحت الناقة عن حيال اي : بعد ان لم تكن تلقح.
{الرَّحْمنُ } . ذكر سبحانه في هذه السورة العديد من نعمه على عباده ، وابتدأها جل وعز بكلمة الرحمن لأنها تومئ إلى الإنعام والأفضال .
{عَلَّمَ الْقُرْآنَ } أي نزّله . والقرآن يشبه الكون في جهات ، منها ان القرآن من كلامه تعالى ، والكون وجد بكلمة {كن} . ومنها ان كلا منهما يدل بالحس على قدرة اللَّه وعظمته ، فالكون تراه العيون ، والقرآن تسمعه الآذان ، ومن ثم قال أحد المؤمنين : ان للَّه كتابين : أحدهما يتلى ويسمع ، وهو القرآن . وثانيها ينظر ويلمس ، وهو الكون . ومنها ان كلا من الكون والقرآن فيض من قدرة اللَّه وحدها ، ويستحيل أن يأتي أحد بشيء من مثله . ومنها ان كلا منهما نعمة كبرى أسبغها سبحانه على الإنسان ، فهو يتمتع بخير الأرض والسماء ، ويهتدي بنور القرآن إلى طريق الهناء وسعادة الدارين . . ولذا امتنّ سبحانه على الإنسان بالشمس والقمر والأرض والمطر ، وبالرياح والزرع والأشجار والأنعام . . إلى ما لا يبلغه الإحصاء .
{خَلَقَ الإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ} . المراد بالبيان كل ما يدل على المقصود من لفظ أوخط أو رسم أو إشارة . . أجل ، ان الكلام أظهر افراد البيان ، وأداته وهو اللسان أطوع أعضاء الإنسان للإنسان ، وأكثرها حركة ، وأعظمها سرعة ، ولا يعرف التعب والملل ، ولا توجد هذه الصفة في سائر الأعضاء .
والبيان وبخاصة الكلام من أعظم النعم وأتمها ، فبه يعبّر الإنسان عن مقاصده ، ويفهم مقاصد الآخرين ، ويتجاوب معهم ويتعاطف ، ويقضي حاجته وحاجة غيره ، وبالبيان يستبين الكفر والايمان ، وعليه ترتكز العلوم والآداب والفنون ،
وتعرف الأديان ، قال بعض العلماء : (كل ما يتناوله العلم يعبر عنه بالبيان ، ولا شيء إلا والعلم متناول له) .
{الشَّمْسُ والْقَمَرُ بِحُسْبانٍ}. أي يجريان بانتظام كامل ، وقوانين ثابتة ، وبهذا الانتظام تحفظ الحياة على الأرض ، وتختلف الفصول ، وتعرف الأوقات {والنَّجْمُ والشَّجَرُ يَسْجُدانِ } . قال أكثر المفسرين : المراد بالنجم هنا النبات الذي لا ساق له كالبقل لأن اللَّه سبحانه ذكره مع الشجر في مقابلة الشمس والقمر ، أما السجود هنا فمعناه ان كلا من البقل والشجر يدل على وجود اللَّه وعظمته بما فيه من دقة الصنع . أنظر تفسير الآية 44 من سورة الإسراء ج 5 ص 47 فقرة {كل شيء يسبّح بحمده} .
{ والسَّماءَ رَفَعَها ووَضَعَ الْمِيزانَ } . المراد بالسماء ما فيها من الكواكب ، وبالميزان كل ما تعرف به حقائق الأشياء ومقاديرها ماديا كان كالصاع والمتر والميزان ذي الكفتين ، أو معنويا كالوحي وبديهة العقل والفطرة ، ومراد أيضا ان هذا الكون العجيب قد انتظم واستقام لأن اللَّه سبحانه قد رفع الكواكب إلى مواقعها الطبيعية بحيث لو انحرف كوكب منها عن المكان الذي قدره اللَّه له لاختل نظام الكون وتبدل كل شيء . . وأيضا لا يستقيم أي مجتمع بشري إلا إذا خضع لموازين أخلاقية { أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ وأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ ولا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ} .
المراد بالطغيان هنا الاعتداء بالسلب والنهب ، والمراد بالخسران الاعتداء بعدم تسليم الحق لذويه : والقسط هو ترك الاعتداء بشتى أنواعه ، فتؤدي ما عليك ، ولا تأخذ أكثر من حقك . . ومستحيل أن يعيش المجتمع حياة هادئة لا مشاكل فيها ولا تعقيد إذا أهمل الحق والعدل ، وساد فيه الطغيان والخسران .
والخلاصة ان هذه الآية - على إيجازها - قد أشارت إلى ما يتم به ويستقيم نظام الكون والمجتمع ، والأول نظام تكويني ، وقد أتمه اللَّه سبحانه على أكمل وجه ، والثاني نظام تشريعي أوجب سبحانه على عباده مراعاته والعمل بموجبه .
{والأَرْضَ وَضَعَها لِلأَنامِ} فراشا ومعاشا ، والمراد بالأنام كل ما فيه روح من إنسان وحيوان{ فِيها فاكِهَةٌ} كثيرة وغيرها من الأطعمة والأشربة {والنَّخْلُ ذاتُ الأَكْمامِ} وهي أوعية الطلع تنشق وتخرج منها الثمار عند بلوغها النضج ، وانما خص سبحانه شجرة النخل بالذكر لمكانتها عند العرب آنذاك {والْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ} . الحب لقوت الإنسان ، والعصف ، وهو ورق الشجر والنبات ، لقوت الحيوان {والرَّيْحانُ} للشم والزينة . . طعام وفاكهة وأزهار . . كل ذلك من خيرات الأرض وبركاتها التي أنعم اللَّه بها على عباده . . وهم يعيثون فيها فسادا وطغيانا .
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} . الآلاء النعم ، والخطاب في تكذبان للجنّ والإنس بدليل قوله تعالى : {لِلأَنامِ} الشامل للنوعين بالإضافة إلى ما يأتي من قوله في هذه السورة : {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهً الثَّقَلانِ} وقوله : {يا مَعْشَرَ الْجِنِّ والإِنْسِ} . والمعنى هل ينكر أحد من الجن والإنس شيئا من النعم التي ذكرها اللَّه سبحانه ؟ وكيف يجحدها ، وهو يتقلب فيها ويتمتع بها ؟ . . وربما استظهر بها على عباد اللَّه .
____________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج7 ، ص204-206.
تتضمن السورة الإشارة إلى خلقه تعالى العالم بأجزائه من سماء وأرض وبر وبحر وإنس وجن ونظم أجزائه نظما ينتفع به الثقلان الإنس والجن في حياتهما وينقسم بذلك العالم إلى نشأتين: نشأة دنيا ستفنى بفناء أهلها، ونشأة أخرى باقية تتميز فيها السعادة من الشقاء والنعمة من النقمة.
وبذلك يظهر أن دار الوجود من دنياها وآخرتها ذات نظام واحد مؤتلف الأجزاء مرتبط الأبعاض قويم الأركان يصلح بعضه ببعض ويتم شطر منه بشطر.
فما فيه من عين وأثر، من نعمه تعالى وآلائه، ولذا يستفهمهم مرة بعد مرة استفهاما مشوبا بعتاب بقوله: {فبأي آلاء ربكما تكذبان} فقد كررت الآية في السورة إحدى وثلاثين مرة.
ولذلك افتتحت السورة بذكره تعالى بصفة رحمته العامة الشاملة للمؤمن والكافر والدنيا والآخرة واختتمت بالثناء عليه بقوله: {تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام}.
والسورة يحتمل كونها مكية أو مدنية وإن كان سياقها بالسياق المكي أشبه وهي السورة الوحيدة في القرآن افتتحت بعد البسملة باسم من أسماء الله عز اسمه، وفي المجمع، عن موسى بن جعفر عن آبائه (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لكل شيء عروس وعروس القرآن سورة الرحمن جل ذكره،: ورواه في الدر المنثور، عن البيهقي عن علي (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
قوله تعالى: {الرحمن علم القرآن} الرحمن كما تقدم في تفسير سورة الفاتحة صيغة مبالغة تدل على كثرة الرحمة ببذل النعم ولذلك ناسب أن يعم ما يناله المؤمن والكافر من نعم الدنيا وما يناله المؤمن من نعم الآخرة، ولعمومه ناسب أن يصدر به الكلام لاشتمال الكلام في السورة على أنواع النعم الدنيوية والأخروية التي ينتظم بها عالم الثقلين الإنس والجن.
ذكروا أن الرحمن من الأسماء الخاصة به تعالى لا يسمى به غيره بخلاف مثل الرحيم والراحم.
وقوله: {علم القرآن} شروع في عد النعم الإلهية، ولما كان القرآن أعظم النعم قدرا وشأنا وأرفعها مكانا - لأنه كلام الله الذي يخط صراطه المستقيم ويتضمن بيان نهج السعادة التي هي غاية ما يأمله آمل ونهاية ما يسأله سائل - قدم ذكر تعليمه على سائر النعم حتى على خلق الإنس والجن اللذين نزل القرآن لأجل تعليمهما.
وحذف مفعول {علم} الأول وهو الإنسان أو الإنس والجن والتقدير علم الإنسان القرآن أو علم الإنس والجن القرآن، وهذا الاحتمال الثاني وإن لم يتعرضوا له لكنه أقرب الاحتمالين لأن السورة تخاطب في تضاعيف آياتها الجن كالإنس ولولا شمول التعليم في قوله: {علم القرآن} لهم لم يتم ذلك.
وقيل: المفعول المحذوف محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أو جبرئيل والأنسب للسياق ما تقدم.
قوله تعالى: {خلق الإنسان علمه البيان} ذكر خلق الإنسان وسيذكر خصوصية خلقه بقوله: {خلق الإنسان من صلصال كالفخار}، والإنسان من أعجب مخلوقات الله تعالى أو هو أعجبها يظهر ذلك بقياس وجوده إلى وجود غيره من المخلوقات والتأمل فيما خط له من طريق الكمال في ظاهره وباطنه ودنياه وآخرته، قال تعالى: { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [التين: 5، 6].
وقوله: {علمه البيان} البيان الكشف عن الشيء والمراد به الكلام الكاشف عما في الضمير، وهومن أعجب النعم وتعليمه للإنسان من عظيم العناية الإلهية المتعلقة به فليس الكلام مجرد إيجاد صوت ما باستخدام الرئة وقصبتها والحلقوم ولا ما يحصل من التنوع في الصوت الخارج من الحلقوم باعتماده على مخارج الحروف المختلفة في الفم.
بل يجعل الإنسان بإلهام باطني من الله سبحانه الواحد من هذه الأصوات المعتمدة على مخرج من مخارج الفم المسمى حرفا أو المركب من عدة من الحروف علامة مشيرة إلى مفهوم من المفاهيم يمثل به ما يغيب عن حس السامع وإدراكه فيقدر به على إحضار أي وضع من أوضاع العالم المشهود وإن جل ما جل أودق ما دق من موجود أو معدوم ماض أو مستقبل، ثم على إحضار أي وضع من أوضاع المعاني غير المحسوسة التي ينالها الإنسان بفكره ولا سبيل للحس إليها يحضرها جميعا لسامعه ويمثلها لحسه كأنه يشخصها له بأعيانها.
ولا يتم للإنسان اجتماعه المدني ولا تقدم في حياته هذا التقدم الباهر إلا بتنبهه لوضع الكلام وفتحه بذلك باب التفهيم والتفهم، ولولا ذلك لكان هو والحيوان العجم سواء في جمود الحياة وركودها.
ومن أقوى الدليل على أن اهتداء الإنسان إلى البيان بإلهام إلهي له أصل في التكوين اختلاف اللغات باختلاف الأمم والطوائف في الخصائص الروحية والأخلاق النفسانية وبحسب اختلاف المناطق الطبيعية التي يعيشون فيها، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} [الروم: 22].
وليس المراد بقوله: {علمه البيان} أن الله سبحانه وضع اللغات ثم علمها الإنسان بالوحي إلى نبي من الأنبياء أو بالإلهام فإن الإنسان بوقوعه في ظرف الاجتماع مندفع بالطبع إلى اعتبار التفهيم والتفهم بالإشارات والأصوات وهو التكلم والنطق لا يتم له الاجتماع المدني دون ذلك.
على أن فعله تعالى هو التكوين والإيجاد والرابطة بين اللفظ ومعناه اللغوي وضعية اعتبارية لا حقيقية خارجية بل الله سبحانه خلق الإنسان وفطره فطرة تؤديه إلى الاجتماع المدني ثم إلى وضع اللغة بجعل اللفظ علامة للمعنى بحيث إذا ألقي اللفظ إلى سامعه فكأنما يلقى إليه المعنى ثم إلى وضع الخط بجعل الأشكال المخصوصة علائم للألفاظ فالخط مكمل لغرض الكلام، وهو يمثل الكلام كما أن الكلام يمثل المعنى.
وبالجملة البيان من أعظم النعم والآلاء الربانية التي تحفظ لنوع الإنسان موقفه الإنساني وتهديه إلى كل خير.
هذا ما هو الظاهر المتبادر من الآيتين، ولهم في معناهما أقوال: فقيل: الإنسان هو آدم (عليه السلام) والبيان الأسماء التي علمه الله إياها، وقيل: الإنسان محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والبيان القرآن أو تعليمه المؤمنين القرآن، وقيل: البيان الخير والشر علمهما الإنسان، وقيل: سبيل الهدى وسبيل الضلال إلى غير ذلك وهي أقوال بعيدة عن الفهم.
قوله تعالى: {الشمس والقمر بحسبان} الحسبان مصدر بمعنى الحساب، والشمس مبتدأ والقمر معطوف عليه، وبحسبان خبره، والجملة خبر بعد خبر لقوله: {الرحمن} والتقدير الشمس والقمر يجريان بحساب منه على ما قدر لهما من نوع الجري.
قوله تعالى: {والنجم والشجر يسجدان} قالوا: المراد بالنجم ما ينجم من النبات ويطلع من الأرض ولا ساق له، والشجر ما له ساق من النبات، وهو معنى حسن يؤيده الجمع والقرن بين النجم والشجر وإن كان ربما أوهم سبق ذكر الشمس والقمر كون المراد بالنجم هو الكواكب.
وسجود النجم والشجر انقيادهما للأمر الإلهي بالنشوء والنمو على حسب ما قدر لهما كما قيل، وأدق منه أنهما يضربان في التراب بأصولهما وأعراقهما لجذب ما يحتاجان إليه من المواد العنصرية التي يغتذيان بها وهذا السقوط على الأرض إظهارا للحاجة إلى المبدأ الذي يقضي حاجتهما – وهو في الحقيقة الله الذي يربيهما كذلك - سجود منهما له تعالى.
والكلام في إعراب قوله: {والنجم والشجر يسجدان} وهو معطوف على الآية السابقة كالكلام في قوله: {الشمس والقمر بحسبان{ والتقدير والنجم والشجر يسجدان له.
قال في الكشاف،: فإن قلت: كيف اتصلت هاتان الجملتان بالرحمن يعني قوله: {الشمس والقمر - إلى قوله – يسجدان}؟ قلت: استغني فيهما عن الوصل اللفظي بالوصل المعنوي لما علم أن الحسبان حسبانه والسجود له لا لغيره.
وقال في وجه إخلاء الآيات السابقة - خلق الإنسان علمه البيان الشمس والقمر بحسبان - عن العاطف ما محصله أن هذه الجمل الأول واردة على سنن التعديد ليكون كل واحدة من الجمل مستقلة في تفريع الذين أنكروا الرحمن وآلاءه كما يبكت منكر أيادي المنعم عليه من الناس بتعديدها عليه فيقال: زيد أغناك بعد فقر، أعزك بعد ذل، كثرك بعد قلة، فعل بك ما لم يفعل أحد بأحد فما تنكر من إحسانه؟.
ثم رد الكلام إلى منهاجه بعد التبكيت في وصل ما يحب وصله للتناسب والتقارب بالعاطف فقيل: {والنجم والشجر يسجدان والسماء رفعها} إلخ، انتهى.
قوله تعالى: {والسماء رفعها ووضع الميزان} المراد بالسماء إن كان جهة العلو فرفعها خلقها مرفوعة لا رفعها بعد خلقها وإن كان ما في جهة العلو من الأجرام فرفعها تقدير محالها بحيث تكون مرفوعة بالنسبة إلى الأرض بالفتق بعد الرتق كما قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا } [الأنبياء: 30] ، والرفع على أي حال رفع حسي.
وإن كان المراد ما يشمل منازل الملائكة الكرام ومصادر الأمر الإلهي والوحي فالرفع معنوي أو ما يشمل الحسي والمعنوي.
وقوله: {ووضع الميزان} المراد بالميزان كل ما يوزن أي يقدر به الشيء أعم من أن يكون عقيدة أو قولا أو فعلا ومن مصاديقه الميزان الذي يوزن به الأثقال، قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ } [الحديد: 25].
فظاهره مطلق ما يميز به الحق من الباطل والصدق من الكذب والعدل من الظلم والفضيلة من الرذيلة على ما هو شأن الرسول أن يأتي به من عند ربه.
وقيل: المراد بالميزان العدل أي وضع الله العدل بينكم لتسووا به بين الأشياء بإعطاء كل ذي حق حقه.
وقيل: المراد الميزان الذي يوزن به الأثقال والمعنى الأول أوسع وأشمل.
قوله تعالى: {ألا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان} الظاهر أن المراد بالميزان الميزان المعروف وهو ميزان الأثقال، فقوله: {ألا تطغوا} إلخ على تقدير أن يراد بالميزان في الآية السابقة أيضا ميزان الأثقال، وهو بيان وضع الميزان، والمعنى أن معنى وضعنا الميزان بينكم هو أن اعدلوا في وزن الأثقال ولا تطغوا فيه.
وعلى تقدير أن يراد به مطلق التقدير الحق أو العدل هو استخراج حكم جزئي من حكم كلي، والمعنى أن لازم ما وضعناه من التقدير الحق أو العدل بينكم هو أن تزنوا الأثقال بالقسط ولا تطغوا فيه.
وعلى أي حال الظاهر أن {إن} في قوله: {أن لا تطغوا} تفسيرية، و{لا تطغوا} نهي عن الطغيان في الميزان و{أقيموا الوزن بالقسط} أمر معطوف عليه، والقسط العدل و{لا تخسروا الميزان} نهي آخر مبين لقوله: {لا تطغوا} إلخ، ومؤكد له.
والإخسار في الميزان التطفيف به بزيادة أو نقيصة بحيث يخسر البائع أو المشتري.
وأما جعل {أن} ناصبة و{لا تطغوا} نفيا، والتقدير: لئلا تطغوا، فيحتاج إلى تكلف توجيه في عطف الإنشاء على الإخبار في قوله: {وأقيموا الوزن} إلخ.
قوله تعالى: {والأرض وضعها للأنام} الأنام الناس، وقيل: الإنس والجن، وقيل: كل ما يدب على الأرض، وفي التعبير في الأرض بالوضع قبال التعبير في السماء بالرفع لطف ظاهر.
قوله تعالى: {فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام} المراد بالفاكهة الثمرة غير التمر، والأكمام جمع كم بضم الكاف وكسرها وعاء التمر وهو الطلع، وأما كم القميص فهو مضموم الكاف لا غير كما قيل.
قوله تعالى: {والحب ذو العصف والريحان} معطوف على قوله: {فاكهة} أي وفيها الحب والريحان، والحب ما يقتات به كالحنطة والشعير والأرز، والعصف ما هو كالغلاف للحب وهو قشره، وفسر بورق الزرع مطلقا وبورق الزرع اليابس، والريحان النبات الطيب الرائحة.
قوله تعالى: {فبأي آلاء ربكما تكذبان} الآلاء جمع إلى بمعنى النعمة.
والخطاب في الآية لعامة الثقلين: الجن والإنس ويدل على ذلك توجيه الخطاب إليهما صريحا فيما سيأتي من قوله: {سنفرغ لكم أيها الثقلان{ وقوله: {يا معشر الجن والإنس} إلخ، وقوله: {يرسل عليكما شواظ} إلخ، فلا يصغى إلى قول من قال: إن الخطاب في الآية للذكر والأنثى من بني آدم، ولا إلى قول من قال: إنه من خطاب الواحد بخطاب الاثنين ويفيد تكرر الخطاب نحويا شرطي اضربا عنقه أي اضرب عنقه اضرب عنقه.
وتوجيه الخطاب إلى عالمي الجن والإنس هو المصحح لعد ما سنذكره من شدائد يوم القيامة وعقوبات المجرمين من أهل النار من آلائه ونعمه تعالى، فإن سوق المسيئين وأهل الشقوة في نظام الكون إلى ما تقتضيه شقوتهم ومجازاتهم بتبعات أعمالهم من لوازم صلاح النظام العام الجاري في الكل الحاكم على الجميع فذلك نعمة بالقياس إلى الكل وإن كان نقمة بالنسبة إلى طائفة خاصة منهم وهم المجرمون وهذا نظير ما نجده في السنن والقوانين الجارية في المجتمعات فإن التشديد على أهل البغي والفساد مما يتوقف عليه حياة المجتمع وبقاؤه وليس يتنعم به أهل الصلاح خاصة كما أن إثابة أهل الصلاح بالثناء الجميل والأجر الحسن كذلك.
فما في النار من عذاب وعقاب لأهلها وما في الجنة من كرامة وثواب آلاء ونعم على معشر الجن والإنس كما أن الشمس والقمر والسماء المرفوعة والأرض الموضوعة والنجم والشجر وغيرها آلاء ونعم على أهل الدنيا.
ويظهر من الآية أن للجن تنعما في الجملة بهذه النعم المعدودة في خلال الآيات كما للإنس وإلا لم يصح إشراكهم مع الإنس في التوبيخ.
__________________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج19 ، ص82-87.
بداية النعم الإلهية:
لمّا كانت هذه السورة ـ كما قلنا ـ تبيّن أنواع النعم والهبات الإلهيّة العظيمة، فإنّها تبدأ باسم (الرحمن) والذي يرمز إلى الرحمة الواسعة، ولولم تكن (الرحمانية) من صفاته لم ينعم بهذا الخير العميم على عباده الصالحين والعاصين، لذلك يقول: (الرحمن)(2).
(علّم القرآن) وبهذا فانّ أوّل وأهمّ نعمة تفضّل بها الله سبحانه، هي نعمة «تعليم القرآن»، وما أروعه من تعبير! حيث أنّنا إذا تأمّلنا جيّداً فإنّنا ندرك أنّ هذا الكتاب العظيم هو مصدر كلّ الخير والنعم والعطايا الإلهيّة العظيمة، كما أنّه وسيلة للوصول إلى السعادة والخيرات المادية والمعنوية.
والظريف هنا أنّ بيان نعمة (تعليم القرآن) ذُكرت قبل (خلق الإنسان) و(علّمه البيان) في الوقت الذي يفترض فيه أن تكون الإشارة أوّلا إلى مسألة خلق الإنسان، ومن ثمّ نعمة تعليم البيان، ثمّ نعمة تعليم القرآن، وذلك إستناداً للترتيب الطبيعي، إلاّ أنّ عظمة القرآن الكريم أوجبت أن نعمل خلافاً للترتيب المفترض.
وقد جاءت هذه الآية جواباً لمشركي العرب حينما طلب منهم الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم)السجود للرحمن، فسألوه «وما الرحمن»؟ (ـ الفرقان ـ) فأجابهم بتوضيح ذلك حيث يقول سبحانه: «الرحمن هو الذي علّم القرآن وخلق الإنسان وعلّمه البيان».
وعلى كلّ حال فإنّ لإسم «الرحمن» أوسع المفاهيم بين أسماء الباريء عزّوجلّ بعد إسم الجلالة (الله) لأنّنا نعلم أنّ لله رحمتين: (الرحمة العامّة) و(الرحمة الخاصّة) واسم «الرحمن» يشير إلى رحمة الله العامّة التي تشمل الجميع، كما أنّ إسم «الرحيم» يشير إلى «الرحمة الخاصّة» بأهل الإيمان والطاعة، ولعلّه لهذا السبب لا يطلق إسم الرحمن على غير الله سبحانه (إلاّ إذا كانت كلمة عبد قبله)، أمّا وصف «الرحيم» فيقال لغير الله أيضاً، وذلك لأنّه لا أحد لديه الرحمة العامّة سوى الله تعالى، الرحمة أمّا الرحمة الخاصّة فإنّها موجودة في المخلوقات وإن كانت بصورة محدودة.
وفي حديث للإمام الصادق (عليه السلام) نقرأ ما يلي: «الرحمن اسم خاصّ بصفة عامّة، والرحيم اسم عام بصفة خاصّة». (يعني أنّه اسم مخصوص لله، ورحمته تشمل جميع خلقه)، لكن الرحيم اسم عام لصفة خاصّة (يعني أنّه وصف يستعمل لله وللخلق)، وكما عرّف القرآن المجيد الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّه (رؤوف رحيم) حيث يقول سبحانه: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }(3) [التوبة: 128] .
وهنا يطرح التساؤل التالي: من الذي علّمه الله سبحانه القرآن الكريم.
ذكر المفسّرون في ذلك تفسيرات عديدة، فبعضهم قال: إنّ الله علّم القرآن لجبرئيل والملائكة، وقال آخرون: إنّ الله سبحانه علّمه للرسول، وذكر ثالث: أنّه عُلِّمَ للإنس والجنّ.
ولكون هذه السورة تبيّن الرحمة الإلهيّة للإنس والجنّ ولذا أكّد سبحانه إقرارهم بنعمه إحدى وثلاثين مرّة، وذلك بقوله: (فبأي آلاء ربّكما تكذّبان) لهذا فإنّ التّفسير الأخير هو الأنسب، أي أنّ الله علّم القرآن للإنس والجنّ بواسطة نبيّه الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)(4).
وبعد ذكره سبحانه لنعمة القرآن التي لا مثيل لها ينتقل إلى أهمّ نعمة في الترتيب المذكور ويقول: (خَلَقَ الإنسان).
من الطبيعي أنّ المقصود هنا هو نوع الإنسان وليس آدم (عليه السلام) فقط، حيث سيتحدّث عنه سبحانه في الآيات اللاحقة بصورة مستقلّة، كما أنّه ليس المقصود بذلك النّبي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) مع العلم أنّ الرّسول محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو أفضل وأعلى مصداق للإنسان.
وإطلاق كلمة (البيان) التي تأتي بعد خلق الإنسان دليل آخر على عمومية كلمة الإنسان، وبناءً على هذا فإنّ التفاسير الاُخرى التي ذكرت لم تكن صحيحة.
والحقيقة أنّ خلق الإنسان هذا الكائن الذي تتجمّع فيه كلّ عجائب الوجود، هذا الموجود الذي هو خلاصة الموجودات الاُخرى، هذا العالم الصغير الذي إندرج فيه العالم الكبير، لهو نعمة منقطعة النظير حيث إنّ كلّ بعد من أبعاد وجوده المختلفة نعمة كبيرة.
وبالرغم من أنّ بداية الإنسان ليست أكثر من نطفة لا قيمة لها، بل الأصحّ أنّ بدايته عبارة عن موجود مجهري يسبح في نطفة لا وزن لها، إلاّ أنّه في ظلّ الرعاية الإلهيّة يسير في مراحل التكامل بصورة يرتقي فيها إلى مقام أشرف موجود في عالم الخلق.
أنّ ذكر إسم «الإنسان» بعد «القرآن» هو الآخر يستوجب التأمّل، ذلك لأنّ القرآن الكريم يمثّل مجموعة أسرار الكون بصورة مدوّنة «الكتاب التدويني»، والإنسان هو خلاصة هذه الأسرار بصورة تكوينية «الكتاب التكويني»، كما أنّ كلّ واحدة منها هو صورة من هذا العالم الكبير.
وتشير الآية اللاحقة إلى أهمّ النعم بعد نعمة خلق الإنسان حيث يقول الباريء عزّوجلّ: {علّمه البيان}.
كلمة (البيان) لها معنى لغوي واسع، حيث تقال لكلّ شيء يوضّح ويبيّن شيئاً معيّناً، وبناءً على هذا فإنّها لا تشمل النطق والكلام فحسب، بل تجمع الكتابة والخطّ وأنواع الإستدلالات العقليّة والمنطقية التي تبيّن المسائل المختلفة والمعقّدة أيضاً رغم أنّ معالم هذه المجموعة هي التكلّم والنطق.
ونظراً لتعوّدنا ممارسة الكلام، فقد نتصوّر أنّه أمر بسيط وسهل، والحقيقة أنّ التكلّم من أعقد وأظرف أعمال الإنسان، ويمكننا القول بعدم وجود عمل على شاكلته من ناحية التعقيد والظرافة.
فمن جهة نجد أنّ الأجهزة المختّصة لإصدار الصوت تتساعد وتتعاون مع بعضها لإيجاد الأصوات المختلفة. فالرئة تجمع الهواء لتخرجه من الحنجرة تدريجيّاً، والأوتار الصوتية تهتزّ لتولّد أصواتاً مختلفة تماماً، بعضها تعبّر عن حالة الرضى، والاُخرى عن الغضب، والثالثة تعبّر عن النجدة والإستغاثة وطلب العون، والرابعة عن المحبّة أو العداوة وهكذا. ثمّ إنّ هذه الأصوات ـ بمساعدة اللسان والشفتين والأسنان والحلق ـ تصنع الحروف الأبجدية بسرعة وظرافة خاصّة، وبتعبير آخر: إنّ الصوت الممتدّ والمتساوي الذي يخرج من الحنجرة يقطّع إلى أشكال وقياسات مختلفة حيث تتشكّل منه الحروف.
ومن جهة اُخرى فهناك مسألة اللغات، حيث إنّ الإنسان يبتدع لغات مختلفة حسب إحتياجاته الماديّة والمعنوية، وذلك إثر تطوّره وتقدّمه الفكري. والعجيب هنا عدم وجود أي محدودية في وضع اللغات، حيث نلاحظ تعدّد الألسن في عالمنا هذا بصورة يصعب إحصاؤها بصورة دقيقة، كما أنّنا نلحظ أيضاً نشوء لغات جديدة وألسن جديدة بصورة تدريجيّة مع مرور الزمن. ويعتقد البعض أنّ عدد اللغات الموجودة في عالمنا اليوم يصل إلى ثلاثة آلاف لغة، ويذهب آخرون إلى أكثر من ذلك(5).
والظاهر أنّ ذلك يتعلّق باللغات والألسن الأصليّة، أمّا إذا أخذت اللهجات المحليّة بنظر الإعتبار فإنّها ستصبح أكثر من ذلك بكثير قطعاً، حيث لاحظ المتتبعون لأمور اللهجات أنّ قريتين متجاورتين تتحدّثان بلسانين مختلفين أحياناً.
ومن جهة ثالثة هناك مسألة ترتيب الجمل والاستدلال وبيان العواطف عن طريق العقل والفكر، لأنّها تمثّل روح البيان والنطق ... ولهذا الأمر فإنّ التكلّم أمر خاصّ بالإنسان فقط.
صحيح أنّ الكثير من الحيوانات تحدث أصواتاً مختلفة كي تعبّر عن إحتياجاتها، إلاّ أنّ عدد هذه الأصوات محدود جدّاً ومبهم وغير معلوم، في حين أنّ البيان وضع في إختيار الإنسان بصورة واسعة وغير محدودة، لأنّ الله تعالى قد أعطاه القدرة الفكرية اللازمة للتكلّم.
وإذا تجاوزنا كلّ ذلك وأخذنا دور البيان في تكامل وتقدّم الحياة الإنسانية، فمن الواضح أنّ الإنسان لم يكن بمقدوره وإمكانه أن ينقل تجاربه وعلومه من جيل إلى آخر بهذه السهولة وبالتالي أدّى إلى التقدّم والعلم والدين والأخلاق ... وإذا ما سلبت هذه النعمة العظيمة من الإنسان ليوم واحد فإنّ المجتمع الإنساني سوف يأخذ طريقه نحو التقهقر بسرعة، ولو أخذنا «البيان» بمعناه الواسع الذي يشمل الخطّ والكتابة والفنون المختلفة، فإنّه سيتّضح لدينا بصورة أكثر دوره الهامّ في الحياة الإنسانية.
ومن هنا ندرك لماذا جاءت عبارة (تعليم البيان) بعد نعمة خلق الإنسان في سورة الرحمن التي هي مجموعة من هبات الله تعالى.
ويتطرّق بعد ذلك إلى النعمة الإلهيّة الرابعة والتي هي هبة من هبات الله العظيمة أيضاً، حيث يقول تعالى: {الشمس والقمر بحسبان}(6).
إنّ أصل وجود الشمس من أكبر النعم الإلهيّة للإنسان، لأنّ العيش في المنظومة الشمسية بدون نور وحرارة الشمس أمر غير ممكن، وكما بيّنا سابقاً فإنّ كلّ حركة في الكرة الأرضية مصدره حرارة الشمس، حيث أنّ نمو ونضج النبات والمواد الغذائية أجمع، بالإضافة إلى سقوط الأمطار وهبوب الرياح، كلّها ببركة هذه الهبة الإلهيّة.
كما أنّ للقمر دوراً هامّاً في حياة الإنسان، فبالإضافة إلى أنّه يضيء الليالي المعتمة، فإنّ جاذبيته هي علّة المدّ والجزر في البحار والمحيطات، وهي عامل لبقاء الحياة في البحار، كما أنّها تقوم بدورها في إرواء كثير من المناطق القريبة للسواحل والتي تصبّ الأنهار بالقرب منها.
وبالإضافة إلى ذلك فإنّ ثبات الإنتظام لهاتين الحركتين (حركة القمر حول الأرض، وحركة الأرض حول الشمس) هو السبب في الظهور المنتظم لليل والنهار والسنين والشهور والفصول المختلفة، وبالتالي فإنّه سبب أساسي لإنتظام الحياة الإنسانية وبرمجة الاُمور التجارية والصناعية والزراعية، وإن فقد الإنتظام فيها فسوف تضطرب الحياة البشرية وتختلّ الكثير من مرتكزاتها.
وليس لحركة هذين الكوكبين نظام دقيق جدّاً فحسب، بل إنّ مقدار كثافة وجاذبية ومسافة كلّ منهما عن الأرض هي الاُخرى محسوبة بدقّة وحساب (وحسبان).
ومن المؤكّد أنّ إختلال كلّ واحدة من هذه الاُمور سيولّد إختلالات عظيمة في المنظومة الشمسية، ومن ثمّ في النظام الحياتي للبشر.
والعجيب هنا أنّ هذه الأجزاء عندما إنفصلت من الشمس كانت في حالة من الإضطراب والفوضى، إلاّ أنّها ثبتت وإستقرّت أخيراً بالشكل الحالي، حيث يقول في هذا المجال أحد علماء العلوم الطبيعيّة:
«وجدت منظومتنا الشمسية ـ في الظاهر ـ من مخلوط من مواد متنوّعة وعناصر مختلفة إنفصلت عن الشمس بدرجة حرارية عالية تبلغ (000/12) درجة وبسرعة فائقة تناثرت في الفضاء الواسع.
وبالرغم من هذا الإضطراب الظاهري فقد لوحظ الإنتظام الدقيق والترتيب المنسّق بحيث أنّنا نستطيع أن نتنبّأ بالحوادث المستقبلة حتّى بالدقائق واللحظات، ونتيجة لهذا النظام والترتيب نلاحظ أنّ الأوضاع الفلكية هذه باقية على هذا الحال مدّة ألف مليون سنة»(7).
والجدير بالذكر أنّ الشمس بالرغم من أنّها في وسط المنظومة الشمسية وتبدو ساكنة وثابتة، إلاّ أنّها مع جميع كواكبها وأقمارها تسير في وسط المجرّة المتعلّقة بها إلى نقطة معيّنة (تسمّى هذه النقطة بنجمة فيكا) وهذه الحركة لها أيضاً نظام وسرعة معينان.
ثمّ يتحوّل بنا الله إلى نعمة عظيمة اُخرى هي الخامسة في مسلسل ما ذكره سبحانه من النعم في هذه السورة المباركة، حيث يوجّه النظر إلى ألطافه في الأرض حيث يقول: {والنجم والشجر يسجدان}.
«النجم» يأتي أحياناً بمعنى كوكب، ويأتي اُخرى بمعنى النبات الذي لا ساق له، ولمّا جاءت الكلمة هنا بقرينة «الشجر» فيكون المقصود هو المعنى الثاني، أي النباتات بدون سيقان(8).
وهذا المصطلح معناها في الأصل (الطلوع) وإذا أطلق على النباتات (نجم) فلأنّها تخرج من الأرض، وإذا أطلق على النجمة فلأنّها تطلع.
ومن الواضح أنّ النبات مصدر جميع المواد الغذائية للإنسان، حيث يستهلك قسماً مباشراً منه، والقسم الآخر تستهلكه الحيوانات الاُخرى التي هي جزء أساسي من غذاء الإنسان، ومن هنا فإنّ النبات هو مصدر غذاء الإنسان بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
وهذا المعنى يصدق أيضاً في عالم الحيوانات البحرية، لأنّها تتغذّى على نباتات صغيرة جدّاً تنبت في البحر وتوجد بكثرة هائلة تقدّر بملايين البليارات، وهي المصدر الغذائي لهذه الحيوانات البحرية. وتنمو هذه النباتات الصغيرة في البحر بتأثير الضوء (أشعّة الشمس) التي تتحرّك بين الأمواج.
وبهذا فإنّ «النجم» أنواع من النباتات الصغيرة الزاحفة (مثل اليقطين والخيار وأمثاله). أمّا (الشجر) فإنّه النوع الآخر من النباتات التي لها سيقان وتشمل أشجار الفاكهة ونباتات الغلاّت وغير ذلك.
وتعبير (يسجدان) إشارة إلى التسليم والخضوع أمام القدرة الإلهيّة وقوانين الخلقة والإبداع الإلهي لأجل نفع الإنسان، هذا المسير الذي عيّنه الله لهم يسيرون فيه بدون أي تخلّف، وذلك بموجب الإرادة الإلهية.
وهنا إشارة إلى الأسرار التوحيدية أيضاً حيث توجد في كلّ ورقة وكلّ بذرة آيات عجيبة من عظمة وقدرة الله سبحانه(9).
كما يحتمل أن يكون المقصود من «النجم» في الآية المذكورة هي «النجوم»، ولكن المعنى الأوّل طبقاً للقرائن الموجودة في الآية الكريمة هو الأنسب.
وقوله تعالى : {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ( 7 ) أَلاَّ تَطْغَوْا فِى الْمِيزَانِ ( 8 )وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ( 9 ) وَالاْرْضَ وَضَعَهَا لِلاَنَامِ ( 10 ) فِيهَا فَكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الاْكْمَامِ ( 11 ) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ ( 12 ) فبأي ءَالاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}:
السماء رفعها ووضع الميزان:
هذه الآيات هي إستمرار لبيان النعم الإلهيّة التي جاء ذكر خمس منها في الآيات السابقة، حيث تحدّثت عن أهمّ الهبات التي منحها الله سبحانه.
وفي الآية مورد البحث يتحدّث سبحانه عن النعمة السادسة، ألا وهي نعمة خلق السماء حيث يقول: (والسماء رفعها).
(السماء) في هذه الآية سواء كانت بمعنى جهة العلو، أو الكواكب السماوية، أو جو الأرض (والذي يعني الطبقة العظيمة من الهواء والتي تحيط بالأرض كدرع يقيها من الأشعّة الضارّة والصخور السماوية وحرارة الشمس، والرطوبة المتصاعدة من مياه البحار لتتكوّن الغيوم وتنزل الأمطار) ... إنّ كلّ واحدة من هذه المعاني هبة عظيمة ونعمة لا مثيل لها، وبدونها تستحيل الحياة أو تصبح ناقصة.
نعم إنّ النور الذي يمنحنا الدفء والحرارة والهداية والحياة والحركة يأتينا من السماء وكذلك الأمطار، والوحي أيضاً، وبذلك فإنّ للسماء مفهوماً عامّاً، ماديّاً ومعنوياً).
وإذا تجاوزنا كلّ هذه الاُمور، فإنّ هذه السماء الواسعة مع كلّ عوالمها هي آية عظيمة من آيات الله، وهي أفضل وسيلة لمعرفة الله سبحانه، وعندما يتفكّر أُولو الألباب في عظمتها فسوف يقولون دون إختيار {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا} [آل عمران: 191].
ثمّ يستعرض سبحانه النعمة السابعة حيث يقول تعالى: (ووضع الميزان).
«الميزان» كلّ وسيلة تستعمل للقياس، سواء كان قياس الحقّ من الباطل، أو العدل من الظلم والجور، أو قياس القيم وقياس حقوق الإنسان في المراحل الإجتماعية المختلفة.
و(الميزان) يشمل كذلك كلّ نظام تكويني ودستور إجتماعي، لأنّه وسيلة لقياس جميع الأشياء.
و«الميزان» لغة: (المقياس) وهو وسيلة لوزن الأجسام الماديّة المختلفة، إلاّ أنّ المقصود في هذه الآية، ـ والذي ذكر بعد خلق السماء ـ أنّ لها مفهوماً واسعاً يشمل كلّ وسيلة للقياس بما في ذلك القوانين التشريعيّة والتكوينية، وليس وسيلة منحصرة بقياس الأوزان الماديّة فقط.
ومن هنا فلا يمكن أن تكون الأنظمة الدقيقة لهذا العالم، والتي تحكم ملايين الأجرام السماوية بدون ميزان وقوانين محسوبة.
وعندما نرى في بعض العبارات أنّ المقصود بالميزان هو «القرآن الكريم»، أو «العدل»، أو «الشريعة»، أو «المقياس». ففي الحقيقة إنّ كلّ واحدة من هذه المعاني مصداق لهذا المفهوم الواسع الشامل.
ونستنتج من الآية اللاحقة إستنتاجاً رائعاً حول هذا الموضوع حيث يضيف بقوله تعالى: {ألاّ تطغوا في الميزان}.
حيث يوجّه الخطاب لبني الإنسان الذين يشكّلون جزءاً من هذا العالم العظيم ويلفت إنتباههم إلى أنّهم لا يستطيعون العيش بشكل طبيعي في هذا العالم إلاّ إذا كان له نظم وموازين، ولذلك فلابدّ أن تكون للبشر نظم وموازين أيضاً حتى يتلاءموا في العيش مع هذا الوجود الكبير الذي تحكمه النواميس والقوانين الإلهيّة، خاصّة أنّ هذا العالم لو زالت عنه القوانين التي تسيّره فإنّه سوف يفنى، ولذا فإنّ حياتكم إذا فقدت النظم والموازين فإنّكم ستتجهون إلى طريق الفناء لا محالة.
يا له من تعبير رائع حيث يعتبر القوانين الحاكمة في هذا العالم الكبير منسجمة مع القوانين الحاكمة على حياة الإنسان (العالم الصغير) وبالتالي ينقلنا إلى حقيقة التوحيد، حيث مصدر جميع القوانين والموازين الحاكمة على العالم هي واحدة في جميع المفردات وفي كلّ مكان.
ويؤكّد مرّة اُخرى على مسألة العدالة والوزن حيث يقول سبحانه: {وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان}.
والنقطة الجديرة بالذكر هنا أنّ كلمة «الميزان» ذكرت ثلاث مرّات في هذه الآيات، وكان بالإمكان الإستفادة من الضمير في المرحلة الثانية والثالثة، وهذا ما يدلّل على أنّ كلمة (الميزان) هنا قد جاءت بمعان متعدّدة في الآيات الثلاث السابقة، لذا فإنّ الإستفادة من الضمير لا تفي بالغرض المطلوب، وضرورة التناسب للآيات يوجب تكرار كلمة «الميزان» ثلاث مرّات، لأنّ الحديث في المرحلة الاُولى، كان عن الموازين والمعايير والقوانين التي وضعها الله تعالى لكلّ عالم الوجود.
وفي المرجلة الثانية يتحدّث سبحانه عن ضرورة عدم طغيان البشر في كلّ موازين الحياة، سواء كانت الفردية أو الإجتماعية.
وفي المرحلة الثالثة يؤكّد على مسألة الوزن بمعناها الخاصّ، ويأمر البشر أن يدقّقوا في قياس ووزن الأشياء في التعامل، وهذه أضيق الدوائر.
وبهذا الترتيب نلاحظ الروعة العظيمة للإنسجام في الآيات المباركة، حيث تسلسل المراتب وحسب الأهمية في مسألة الميزان والمقياس، والإنتقال بها من الدائرة الأوسع إلى الأقل فالأقل(10).
إنّ أهميّة الميزان في أي معنى كان عظيمة في حياة الإنسان بحيث إنّنا إذا حذفنا حتّى مصداق الميزان المحدود والصغير والذي يعني (المقياس) فإنّ الفوضى والإرتباك سوف تسود المجتمع البشري، فكيف بنا إذا ألغينا المفهوم الأوسع لهذه الكلمة، حيث ممّا لا شكّ فيه أنّ الإضطراب والفوضى ستكون بصورة أوسع وأشمل.
ويستفاد من بعض الرّوايات أنّ (الميزان): قد فسّر بوجود (الإمام)، وذلك لكون الوجود المبارك للإمام المعصوم هو وسيلة لقياس الحقّ من الباطل، ومعيار لتشخيص الحقائق وعامل مؤثّر في الهداية(11). وهكذا في تفسير «الميزان» بالقرآن الكريم ناظر إلى هذا المعنى.
ونظراً إلى أنّ هذه الآيات تتحدّث عن النعم الإلهية، فإنّ وجود الميزان سواء في نظم العالم أجمع أو المجتمع الإنساني أو الروابط الإجتماعية أو مجال العمل التجاري ... فإنّها جميعاً نِعَم من قبل الله سبحانه.
ثمّ ينتقل سبحانه من السماء إلى الأرض فيقول عزّوجلّ: {والأرض وضعها للأنام}.
«الأنام» فسّرها البعض بمعنى (الناس)، وفسّرها آخرون بمعنى (الإنس والجنّ)، وفسّروها أيضاً بأنّها تشمل كلّ موجود (ذي روح).
إلاّ أنّ قسماً من أئمّة اللغة فسّرها بمطلق (الخلق) ولكن القرائن الموجودة في السورة وطبيعة النداءات الموجّهة للإنس والجنّ تدلّل على أنّها المقصود هنا (الجنّ والإنس).
نعم، إنّ الكرة الأرضية التي ذكرت هنا بعنوان هبة إلهيّة مهمّة، وفي آيات اُخرى ذكرت بعنوان (مهاد) مأوى ومستقرّ للإنسان الذي لا يدرك قدرها غالباً في الحالات الإعتيادية، إلاّ أنّه في حالة حدوث تغيّر بسيط كزلزلة مدمّرة أو بركان بإمكانه أن يدفن مدينة بأكملها تحت المواد المذابة وعتمة الدخان ولهيب النار، هنا ندرك كم أنّ هدوء الأرض نعمة عظيمة، خصوصاً إذا وضعنا الأرقام التي توصّل إليها العلماء أمامنا فيما يتعلّق بسرعة حركة الأرض حول نفسها وحول الشمس(12)، عند ذلك يتبيّن لنا أهميّة هذا الهدوء الكامن في أعماق هذه الحركة السريعة جدّاً والتي هي ليست نوعاً واحداً، بل أنواع مختلفة.
التعبير بـ (وَضَعَ) عن الأرض في مقابل (رَفَعَ) عن السماء، إضافةً إلى الروعة البلاغية في هذا التقابل فهو إشارة إلى تسخير الأرض ومنابعها للإنسان حيث يقول سبحانه: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك: 15] وبهذا الترتيب فقد ذكر لنا سبحانه النعمة العظيمة الثامنة في هذه السلسلة.
وفي الآية اللاحقة يستعرض ذكر النعمتين التاسعة والعاشرة من النعم الإلهية، والتي تتضمّن قسماً من المواد الغذائية التي وهبها الله سبحانه للإنسان حيث يقول تعالى: (فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام).
«الفاكهة» تشمل كلّ نوع من الفاكهة كما يقول الراغب في المفردات، وفسّرها البعض بأنّها تشمل جميع أنواع الفاكهة باستثناء التمر، حيث ذكر «النخيل» في هذه السورة بصورة مستقلّة، ويمكن أن يكون ذكر النخيل بسبب أهميّة النخل والتمر لا إستثناءً من عموم لفظ الفاكهة.
«وقد أوردنا بحثاً مفصّلا حول فوائد التمر من الناحية الغذائية والمواد الحياتية المختلفة لدى تفسير الآية 11 من سورة النحل، والآية 25 من سورة مريم».
«أكمام» جمع (كِم) على وزن (جِن) تطلق على الغلاف الذي يغطّي الفاكهة. و(كُمْ) على وزن (قُمْ) القسم الخاصّ باليدين من الثوب، و(كمة) على وزن (قبة) بمعنى القبعة التي تغطّي الرأس(13).
إنّ إختيار هذا الوصف لفاكهة شجرة النخل ـ والتي تكون في البداية مختفية في غلاف ثمّ ينشقّ الغلاف عن ثمر منظود وبشكل جميل وجذّاب ـ يمكن أن يكون لهذا الجمال الأخّاذ، أو للمنافع الجمّة الكامنة في هذا الغلاف، فهو بالإضافة إلى كونه يقوم بمهمّة حفظ الثمرة من الآفات لحين النمو المناسب والقدرة الملائمة ويكون دوره كرحم الاُمّ الذي يحافظ على الجنين فترة زمنية مناسبة قبل خروجه إلى عالم الدنيا ... فإنّه كذلك يحوي عصارة (الأسانس) الخاصّة والتي تتميّز بالمنافع الطبيّة والغذائية.
كما أنّ الروعة تكمن في الوضع الخاصّ لفاكهة هذه الشجرة أيضاً، حيث تتجمّع في كميّات كبيرة منها بصورة عناقيد لتسهّل عملية قطف ثمارها، ولو إفترضنا أنّ ثمار هذه الشجرة متناثرة كما في شجرة التفاح فإنّ عملية قطف الثمار ستكون صعبة للغاية قياساً لطول شجرة النخل.
ثمّ يتحدّث سبحانه عن النعمة الحادية عشرة والثانية عشرة حيث يقول سبحانه: {والحبّ ذو العصف والريحان}.
الحبوب مصدر أساسي لغذاء الإنسان، وأوراقها الطازجة واليابسة هي غذاء للحيوانات التي هي لخدمة الإنسان، حيث يستفيد من حليبها ولحومها وجلودها وأصوافها، وبهذا الترتيب فلا يوجد شيء فيها غير ذي فائدة.
ومن جهة اُخرى، فإنّ الله تعالى خلق الأزاهير المعطّرة والورود التي تعطّر مشام الجسم والروح وتبعث الإطمئنان والنشاط، ولذا فإنّ الله سبحانه قد أتمّ نعمه على الإنسان.
(الحبّ) يقال لكلّ نوع من أنواع الحبوب.
(عَصْفْ) على وزن «حرب» بمعنى الأوراق والأجزاء التي تنفصل عن النبات وينشرها الهواء في جهات مختلفة، ويقال لها التبن أيضاً.
وذكروا أنّ «للريحان» معاني عديدة من جملتها النباتات المعطّرة، وكذلك كلّ رزق، والمعنى الأوّل هو الأنسب هنا.
وبعد ذكر هذه النعم العظيمة (المادية والمعنوية) ينقلنا في آخر آية من البحث مخاطباً الجنّ والإنس بقوله تعالى: (فبأي آلاء ربّكما تكذّبان) حيث يلفت نظرهم إلى كلّ هذه النعم الكبيرة التي شملت كلّ مجالات الحياة وكلّ واحدة منها أثمن وأعظم من الاُخرى ... ألا يدلّ كلّ هذا على لطف وحنان الخالق ... فكيف يمكن التكذيب بها إذاً؟
إنّ هذا الإستفهام إستفهام تقريري جيء به في مقام أخذ الإقرار، وقد قرأنا في بداية السورة رواية تؤكّد على ضرورة تعقيبنا بهذه العبارة {لا شيء من آلائك ربّي اُكذّب} بعد كلّ مرّة نتلو فيها الآية الكريمة: {فبأي آلاء ربّكما تكذّبان}.
وبالرغم من أنّ الآيات السابقة تحدّثت عن الإنسان فقط، ولم يأت حديث عن طائفة (الجنّ) إلاّ أنّ الآيات اللاحقة تبيّن أنّ المخاطب في ضمير التثنية هم (الجنّ) كما سنرى ذلك.
وعلى كلّ حال، فإنّ الله تعالى يضع (الإنس والجنّ) في هذه الآية مقابل الحقيقة التالية: وهي ضرورة التفكّر في النعم الإلهيّة السابقة التي منحها الله لكم وتسألون أنفسكم وعقولكم هذا السؤال: (فبأي آلاء ربّكما تكذّبان) فإن لم تكذّبوا بهذه النعم، فلماذا تتنكّرون لوليّ نعمتكم؟ ولماذا لا تجعلون شكره وسيلة لمعرفته؟ ولماذا لا تعظّمون شأنه؟
إنّ التعبير بـ (أي) إشارة إلى أنّ كلّ واحدة من هذه النعم دليل على مقام ربوبية الله ولطفه وإحسانه، فكيف بها إذا كانت هذه النعم مجتمعة؟
________________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج13، ص426-439.
2 ـ الرحمن: مبتدأ وخبرها (علّم القرآن)، و(خلق الإنسان) خبر بعد خبر. كما توجد إحتمالات اُخرى أيضاً لإعراب هذه الجملة لم تذكر هنا لعدم أهميّتها.
3- المصباح الكفعمى ، ص317.
4 ـ إختلف المفسّرون حول أنّ المفعول الأوّل لـ (علّم) هو المحذوف، أو أنّ المحذوف هو المفعول الثاني، والأنسب أنّ المفعول الأوّل هو المحذوف حيث في التقدير يكون: (علّم الإنس والجنّ القرآن).
كما يحتمل البعض أنّ (علّم) لم تأخذ أكثر من مفعول واحد بمعنى موضع العلاقة وهذا مستبعد جدّاً.
5 ـ دائرة المعارف لفريد وجدي، ج8، ص364 مادّة (لغة).
6 ـ «حسبان» على وزن (غفران) وهي مصدر بمعنى الحساب والنظم والترتيب، وللآية محذوف تقديره (والشمس والقمر تجريان بحسبان).
7 ـ سرّ خلق الإنسان، ص28.
8 ـ الراغب في مفرداته حيث يقول: النجم ما لا ساق له من النبات.
9 ـ بحثنا تفصيلا حول معنى (سجود الموجودات المختلفة في عالم الوجود) في هامش الآية رقم 18 سورة الحجّ. وكذلك في هامش الآية 44 من سورة الإسراء.
10 ـ يقول الفخر الرازي في تفسيره لكلمة (الميزان) في الآية الاُولى: إنّها اسم (آلة) بمعنى وسيلة للقياس، وفي الآية الثانية جاء مصدراً (يعني الوزن)، وفي الآية الثالثة أتى مفعولا بمعنى (جنس الموزون).
11 ـ رُوي هذا الحديث في تفسير علي بن إبراهيم عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) والحديث مفصّل وقد ذكر مضمونه هنا فقط (تفسير علي بن إبراهيم، ج2، ص343).
12 ـ سرعة الأرض حول الشمس (الحركة الإنتقالية) 35 كم في الثانية، وسرعة سيرها حول نفسها بحدود (1600) كم في الساعة (في المناطق الاستوائية).
13 ـ لنا بحث مفصّل في هذا الموضوع في تفسيرنا هذا، ذيل الآية (47) من سورة فصّلت.