النحو
اقسام الكلام
الكلام وما يتالف منه
الجمل وانواعها
اقسام الفعل وعلاماته
المعرب والمبني
أنواع الإعراب
علامات الاسم
الأسماء الستة
النكرة والمعرفة
الأفعال الخمسة
المثنى
جمع المذكر السالم
جمع المؤنث السالم
العلم
الضمائر
اسم الإشارة
الاسم الموصول
المعرف بـ (ال)
المبتدا والخبر
كان وأخواتها
المشبهات بـ(ليس)
كاد واخواتها (أفعال المقاربة)
إن وأخواتها
لا النافية للجنس
ظن وأخواتها
الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل
الأفعال الناصبة لمفعولين
الفاعل
نائب الفاعل
تعدي الفعل ولزومه
العامل والمعمول واشتغالهما
التنازع والاشتغال
المفعول المطلق
المفعول فيه
المفعول لأجله
المفعول به
المفعول معه
الاستثناء
الحال
التمييز
الحروف وأنواعها
الإضافة
المصدر وانواعه
اسم الفاعل
اسم المفعول
صيغة المبالغة
الصفة المشبهة بالفعل
اسم التفضيل
التعجب
أفعال المدح والذم
النعت (الصفة)
التوكيد
العطف
البدل
النداء
الاستفهام
الاستغاثة
الندبة
الترخيم
الاختصاص
الإغراء والتحذير
أسماء الأفعال وأسماء الأصوات
نون التوكيد
الممنوع من الصرف
الفعل المضارع وأحواله
القسم
أدوات الجزم
العدد
الحكاية
الشرط وجوابه
الصرف
موضوع علم الصرف وميدانه
تعريف علم الصرف
بين الصرف والنحو
فائدة علم الصرف
الميزان الصرفي
الفعل المجرد وأبوابه
الفعل المزيد وأبوابه
أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)
اسناد الفعل الى الضمائر
توكيد الفعل
تصريف الاسماء
الفعل المبني للمجهول
المقصور والممدود والمنقوص
جمع التكسير
المصادر وابنيتها
اسم الفاعل
صيغة المبالغة
اسم المفعول
الصفة المشبهة
اسم التفضيل
اسما الزمان والمكان
اسم المرة
اسم الآلة
اسم الهيئة
المصدر الميمي
النسب
التصغير
الابدال
الاعلال
الفعل الصحيح والمعتل
الفعل الجامد والمتصرف
الإمالة
الوقف
الادغام
القلب المكاني
الحذف
المدارس النحوية
النحو ونشأته
دوافع نشأة النحو العربي
اراء حول النحو العربي واصالته
النحو العربي و واضعه
أوائل النحويين
المدرسة البصرية
بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في البصرة وطابعه
أهم نحاة المدرسة البصرية
جهود علماء المدرسة البصرية
كتاب سيبويه
جهود الخليل بن احمد الفراهيدي
كتاب المقتضب - للمبرد
المدرسة الكوفية
بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الكوفة وطابعه
أهم نحاة المدرسة الكوفية
جهود علماء المدرسة الكوفية
جهود الكسائي
الفراء وكتاب (معاني القرآن)
الخلاف بين البصريين والكوفيين
الخلاف اسبابه ونتائجه
الخلاف في المصطلح
الخلاف في المنهج
الخلاف في المسائل النحوية
المدرسة البغدادية
بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في بغداد وطابعه
أهم نحاة المدرسة البغدادية
جهود علماء المدرسة البغدادية
المفصل للزمخشري
شرح الرضي على الكافية
جهود الزجاجي
جهود السيرافي
جهود ابن جني
جهود ابو البركات ابن الانباري
المدرسة المصرية
بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو المصري وطابعه
أهم نحاة المدرسة المصرية
جهود علماء المدرسة المصرية
كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك
جهود ابن هشام الانصاري
جهود السيوطي
شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك
المدرسة الاندلسية
بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الاندلس وطابعه
أهم نحاة المدرسة الاندلسية
جهود علماء المدرسة الاندلسية
كتاب الرد على النحاة
جهود ابن مالك
اللغة العربية
لمحة عامة عن اللغة العربية
العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)
العربية الجنوبية (العربية اليمنية)
اللغة المشتركة (الفصحى)
فقه اللغة
مصطلح فقه اللغة ومفهومه
اهداف فقه اللغة وموضوعاته
بين فقه اللغة وعلم اللغة
جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة
جهود القدامى
جهود المحدثين
اللغة ونظريات نشأتها
حول اللغة ونظريات نشأتها
نظرية التوقيف والإلهام
نظرية التواضع والاصطلاح
نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح
نظرية محاكات أصوات الطبيعة
نظرية الغريزة والانفعال
نظرية محاكات الاصوات معانيها
نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية
نظريات تقسيم اللغات
تقسيم ماكس مولر
تقسيم شليجل
فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)
لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية
موطن الساميين الاول
خصائص اللغات الجزرية المشتركة
اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية
تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)
اللغات الشرقية
اللغات الغربية
اللهجات العربية
معنى اللهجة
اهمية دراسة اللهجات العربية
أشهر اللهجات العربية وخصائصها
كيف تتكون اللهجات
اللهجات الشاذة والقابها
خصائص اللغة العربية
الترادف
الاشتراك اللفظي
التضاد
الاشتقاق
مقدمة حول الاشتقاق
الاشتقاق الصغير
الاشتقاق الكبير
الاشتقاق الاكبر
اشتقاق الكبار - النحت
التعرب - الدخيل
الإعراب
مناسبة الحروف لمعانيها
صيغ اوزان العربية
الخط العربي
الخط العربي وأصله، اعجامه
الكتابة قبل الاسلام
الكتابة بعد الاسلام
عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه
أصوات اللغة العربية
الأصوات اللغوية
جهود العرب القدامى في علم الصوت
اعضاء الجهاز النطقي
مخارج الاصوات العربية
صفات الاصوات العربية
المعاجم العربية
علم اللغة
مدخل إلى علم اللغة
ماهية علم اللغة
الجهود اللغوية عند العرب
الجهود اللغوية عند غير العرب
مناهج البحث في اللغة
المنهج الوصفي
المنهج التوليدي
المنهج النحوي
المنهج الصرفي
منهج الدلالة
منهج الدراسات الانسانية
منهج التشكيل الصوتي
علم اللغة والعلوم الأخرى
علم اللغة وعلم النفس
علم اللغة وعلم الاجتماع
علم اللغة والانثروبولوجيا
علم اللغة و الجغرافية
مستويات علم اللغة
المستوى الصوتي
المستوى الصرفي
المستوى الدلالي
المستوى النحوي
وظيفة اللغة
اللغة والكتابة
اللغة والكلام
تكون اللغات الانسانية
اللغة واللغات
اللهجات
اللغات المشتركة
القرابة اللغوية
احتكاك اللغات
قضايا لغوية أخرى
علم الدلالة
ماهية علم الدلالة وتعريفه
نشأة علم الدلالة
مفهوم الدلالة
جهود القدامى في الدراسات الدلالية
جهود الجاحظ
جهود الجرجاني
جهود الآمدي
جهود اخرى
جهود ابن جني
مقدمة حول جهود العرب
التطور الدلالي
ماهية التطور الدلالي
اسباب التطور الدلالي
تخصيص الدلالة
تعميم الدلالة
انتقال الدلالة
رقي الدلالة
انحطاط الدلالة
اسباب التغير الدلالي
التحول نحو المعاني المتضادة
الدال و المدلول
الدلالة والمجاز
تحليل المعنى
المشكلات الدلالية
ماهية المشكلات الدلالية
التضاد
المشترك اللفظي
غموض المعنى
تغير المعنى
قضايا دلالية اخرى
نظريات علم الدلالة الحديثة
نظرية السياق
نظرية الحقول الدلالية
النظرية التصورية
النظرية التحليلية
نظريات اخرى
النظرية الاشارية
مقدمة حول النظريات الدلالية
أخرى
الاثار الأرسطية في الدلالة عند نقاد العرب
المؤلف:
د. فايز الداية
المصدر:
علم الدلالة، النظرية والتطبيق
الجزء والصفحة:
ص409- 419
16-8-2017
607
1- ان التعريف الأرسطي للاستعارة بأنها نقل لغوي يجد مدى لدى عدد كبير من النقاد الذين نعرض لهم ونلحظ انهم لا يتجاوزون الكلمات المحدودة الدالة على هذا الغرض العام، فليس هنالك الشروح التفصيلية ولا التعليقات، وان مقارنة تقوم بين ما أتى به ابن سينا - متتبعاً ارسطو - وما نراه من تحديدات النقاد تفيد في معرفة اكثر دقة لكيفية تداول المعارف الفنية الاغريقية، او لنقل جوانب منها، في البيئة الادبية فهؤلاء النقاد الذين يشكلون قسماً بارزاً فيما.
وقد يكون في ظاهر قولنا بأثر ارسطي في تعريف الاستعارة غلو، ذلك ان بعض الدارسين لا يسلمون بالتفاعل التلقائي بين المؤثرات الجديدة والأعمال
ص409
الأدبية المبدعة من جهة والكتابات النقدية من جهة أخرى، ويدفع هذا الاعتراض ثبوت مفهوم النقل اللغوي في معظم المواضع، وان لم يتخذ لفظ النقل بذاته، و كان هؤلاء النقاد في حل من اختيار هذا التعبير مادام عنصر المشابهة متداولاً بين مصطلحاتهم الا انهم اتبعوا هذا النهج، وان القاضي الجرجاني وقف - في الوساطة - امام مسألة التشبيه البليغ الذي يدرجه بعضهم في الاستعارة وأبدى رأيه الفارق بين الاستعارة، ومثال هذا النوع من التشبيهات ولا تغيب عنا المقارنة التي عرفت في خطابة ارسطو للمسألة(1).
ولقد كانت ثقافة قدامة بن جعفر - وما تبدى في كتابه - ترشح كي يأخذ بالتحديد الأرسطي، فإنه ضرب بسهامه في ميدان الفلسفة والمنطق، وان ادراك رغبة قدامة في التميز بعد سبق ابن المعتز له في ميدان التصنيف النقدي يفسر لنا كيف توارت الاستعارة في زاوية تكاد لا تبين في (نقد الشعر)، وقد استبدل بمصطلح (التمثيل) ذاك المصطلح الذي تصدر (بديع ابن المعتز) وساق ما يفسره على أنه " من نعوت ائتلاف اللفظ والمعنى (ويكون) التمثيل ؛ ان يريد الشاعر اشارة الى معنى فيضع كلاماً يدل على معنى اخر، وذلك المعنى الاخر والكلام ينبئان عما اليه يشير (2) " ويستشهد بعد ذلك بالبيت الذي افتتح به ابن المعتز شواهده.
اوردتهم وصدور العيس مسنفة والصبح بالكوكب الدري منحور (3)
ويفيد قدامة كذلك من شواهد (استعارة) ابن المعتز عندما يشرح المعاظلة بأنها: (فاحش الاستعارة) فإثر مثال المعاظلة كما جاءت في شعر أوس بن حجر:
ص410
وذات هدم عار نواشرها تسمط بالماء تولباً جدعا
يذكر " اشياء من الاستعارة استعملها كثير من الشعراء الفحول المجيدين، ليس فيها شناعة كهذه، وفيها لهم معاذير اذا كان مخرجها التشبيه، وههنا يسرد عدداً من الابيات التي اختارها ابن المعتز في كتابه (4).
ويؤكد سعي قدامة الى التفرد بالمصطلح استبداله (المطابقة) بالتكافؤ وجزءاً من التجنيس (الجناس الاشتقاقي) بالمطابقة (5)، وليس غرضنا مقارنة صنيع كل من صاحبي (البديع) و (نقد الشعر) وانما نهدف الى تبيان الاثر الارسطي في على قدامة رغم الغموض والتعقيد اللذين احاطا به.
اما الامدي فإنه يرى انه " تستعار اللفظة لغير ما هي له. اذا احتملت معنى يصلح لذلك الشيء الذي استعيرت له ويليق به (6) "، وينبسط (هذا النقل من موضع الى اخر لم يكن له) في موضع اخر ويستخدم الآمدي مصطلح (المعنى) الى جانب (اللفظة) فإنما " استعارت العرب المعنى لما ليس هو له اذا كان يقاربه او يناسبه او يشبهه في بعض احواله، او كان سبباً من اسبابه فتكون اللفظة المستعارة حينئذ لائقة بالشيء الذي استعيرت لا وملائمة لمعناه " (7).
ويحلل الآمدي العلاقة الاستعارية (لغة) على انها عارضة – منقولة - وليست ثابتة جوهرية في المعنى الذي آلت اليه في التعبير الشعري - والاستعاري عامة – فالشاعر ابو تمام لا يطلب منه ان يوازن عباراته فيلتزم ما يتتبع اللفظ المستعار في سائر كلامه، بل انه يستطيع تجاوز هذا فيقول بعد: (صبغت
ص411
أخلاقي برونق خلقه): (عدلت أجاجهن بعذبه) (8) " ذلك انه ليس هناك صبغ على الحقيقة فيقابل بذكر لون حق يتكافأ المعنيان، وانما هذه استعارات ينوب بعضها عن بعض، ويقوم بعضا مقام بعض لأنها ليست حقائق فيما استعيرت له " (9).
والقاضي الجرجاني يعد (الاستعارة)، أحد اعمدة الكلام، وعليها المعول في التوسع والتصرف وبها يتوصل الى تزيين اللفظ وتحسين النظم والنثر " (10)، بعد ان كان اورد في صدر الوساطة ان " العرب لا تحفل بالإبداع والاستعارة اذا حصل لها عمود الشعر ونظام القريض " (11).
ونحن نجد لديه تعريفاً واضحا فيه (التغيير) في موضع الكلمة المستعارة " فإنما الاستعارة ما اكتفي فيها بالاسم المستعار عن الاصل ونقلت العبارة فجعلت في مكان غيرها"(12) وسبق هذا التحديد تمييز فرق فيه القاضي الجرجاني بين امرين يختلطان على دارسين وادباء، يقول: " رأيت بعض اهل الادب ذكر انواعاً من الاستعارة عد فيها قول ابي نواس:
والحب ظهر انت راكبه فإذا صرفت عنانه انصرفا
ولست ادري هذا وما اشبهه استعارة، فهو اما ضرب مثل او تشبيه شيء بشيء (13) ".وبهذا يستدرك ما فات عدداً من النقاد - وابن المعتز يسرد في امثلته للاستعارة شيئاً من هذا التداخل (14) - وتقدم ما جاء بعد ذلك في (اسرار البلاغة)
ص412
لعبد القاهر (15).
ونطالع في (الموضحة) عند الحاتمي ما كتب حول الاستعارة فنجد ان حقيقتها: " نقل كلمة من شيء قد جعلت له، الى شيء لم تجعل له"(16) وهي لديه ثلاثة اضرب (المستحسن)، والمستهجن، واستعارة اسم ما يعقل لما لا يعقل.
ونعثر في (الخصائص) على تعريف الحقيقة والمجاز، وغم تعدد كتب الشروح الشعرية عند ابن جني، ذلك انه اكتفى في هذه المصنفات بتعليقاته، و كان في بعض الأحيان يغفل ذكر المصطلحات النقدية للمجاز والاستعارة كما في مواضع كثيرة في " الفتح الوهبي على مشكلات المتنبي " (17).
يقول ابن جني: " ان الحقيقة: ما اقرفي الاستعمال على اصل وضعه في اللغة والمجاز ما كان بضد ذلك - ويقصد هنا الاستعارة -، وانما يقع المجاز ويعدل إليه عن الحقيقة لمعان ثلاثة وهي: الاتساع، والتوكيد، والتشبيه " (18)، والتصريح بأصل يترك الى استعمال فيه اتساع ليس الا تفسيرا لعملية النقل اللغوية التي ينطبق عليها مصطلح (الاتساع) اساساً ويعلل بالتشبيه واننا نتأكد من هذا عندما يبسط ابن جني (الاتساع) في البيت:
تغلغل حبٌ عثمة في فؤادي فباديه مع الخافي يسير
قائلاً: " ذلك انه لما وصف الحب بالتغلغل فقد اتسع به، ألا ترى انه يجوز على هذا ان تقول:
ص413
شكوت إليها حبها المتغلغلا فما زادها شكوي الا تدللا
فيصف بالمتغلغل ما ليس في اصل اللغة ان يوصف بالتغلغل، إنما ذلك وصف يخص الجواهر لا الاحداث "(19).
ونسلك مع ابن جني - في هذا المقام - اثنين من اللغويين لتزداد الصورة وضوحاً أمامنا في المجال الادبي والمجال اللغوي: وان ابن فارس في (الصاحبي) يمس المسألة مساً رفيقاً الا انه لا يبعد عما يذهب إليه الاخرون عن عرفنا نظراتهم، فهو يقول،" ومن سنن العرب الاستعارة، وهو ان يضعوا الكلمة للشيء مستعارة من موضع اخر"، ويأتي بمثال (كشفت عن ساقها الحرب)(20)، ويذكر ايضا، " ان العرب تعير الشيء ما ليس له فيقولون: " مر بين سمع الارض وبصرها(21)".
اما الثعالبي في (سر العربية) فانه يخصص فصلاً للاستعارة لأن " من سنن العرب ان تستعير للشيء ما يليق به، ويضعوا الكلمة مستعارة له من موضع آخر " ويأتي بشواهد منها: رأس المال، عين الماء، انشقت عصاهم، افتر الصبح عن نواجذه (22)".
وفي الصناعتين لأبي هلال العسكري نرى ان الاستعارة " هي نقل العبارة عن موضع استعمالها في اصل اللغة الى غيره لغرض، وهذا الغرض: اما ان يكون شرح المعنى وفضل الابانة عنه، او تأكيده والمبالغة فيه، او الاشارة إليه بالقليل
ص414
من اللفظ او تحسين المعرض الذي يبرز فيه (23) "، والعسكري يميز في الاستعمال الاستعاري بين الحالة الجيدة – او الطارئة - والدلالة الحقيقة على المعنى - او الوقف - وهذا امر هام لديه كيما تظهر قيمة النقل والتغيير بما تحدثه من اثار جمالية وتعبيرية كانت تفتقد لولاه، ففي قول امرئ القيس:
وقد اغتدي والطير في وكناتها بمنجرد قيد الاوابد هيكل
كانت الحقيقة (مانع الاوابد) فجيء باستعمال (قيد الاوابد) الاستعاري، ويضيف العسكري ههنا فكرة المعنى المشترك بين المستعار والمستعار منه: (الحبس وعدم الافلات) (24).
ونجد فكرة النقل أيضاً، والمعنى المشترك عند لغوي نحوي اخر هو الرماني في رسالته عن اعجاز القران (25).
2- إننا نطالع في حديث المجاز لدى النقاد ظاهرة هي جزء من تصورهم للعملية الاستعارية، ذلك انهم يطلبون من الشاعر الا يبعد في استعارته، والا يوغل في تخيله، ومعيار الجودة هو ان يظل قريباً من الحقيقة، وان يقرن بين المتقاربات من المعاني فيستعير هذه لتلك دون ان يفجأ بإغراب منكر لم يألفه، ولم ترد امثاله في كتب الاشعار ومرويات الرواة.
ولا نستطيع ان نرد ما يذهب اليه هؤلاء النقاد من تطلب المقارنة في عناصر الاستعارة الى مشكلات الدلالة، فهم لا يقيمون الموازنة ٠ بين المفهومات اللغوية ومن ثم يقبلون من المجازات ما اقتربت فيه مكونات الطرفين بعضا من بعض، وينكرون ما تباعدت جزئيات مفهوماتها كأن يربط بين مجالات متباعدة تباعداً
ص415
كبيرا فلا يجد المرء سبيلا الى الجمع بين اشياء مشتركة - ولو ضئيلة - فيما بينها. ان النقاد لم يسلكوا هذا السبيل في تحليلاتهم لصور الاستعارة المبالغة او المتمثل فيها الغلو، والاغراب، ولو فعلوا ذلك لاستطعنا تأويل صنيعهم بأنه يسمى الى الحفاظ على القاسم المشترك بن المبدعين من الشعراء والكتاب وقرائهم ومستمعيهم في اطار المتعارف اللغوي - الاتفاقي - على الرغم من ان الشعراء لهم ان يذهبوا في احيان الى مسافات ابعد مما نألف كيما يبعثوا الحيوية في التكوين اللغوي بدافع من حسهم المتقدم بضرورة تجاوز بعض المدلولات المألوفة والمتحولة الى قوالب في الميراث التصويري.
ونعرض لبعض المواقف التي تحدث النقاد فيها عن هذه الظاهرة بادئين بابن طباطبا الذي يقول: " ينبغي للشاعر ان يستعمل من المجاز ما يقارب الحقيقة ولا يبعد عنها، ومن الاستعارات ما يليق بالمعاني التي يأتي بها(26) "، ويناقش بيتي المثقب في وصف ناقته:
تقول وقد درأت لها وضيني أهذا دينه ابداً وديني
اكل الدهر حلٍّ وارتحال اما يبقي عليّ ولا يقيني
" فهذه الحكاية كلها عن ناقته من المجاز المباعد للحقيقة "، و كانت تجب الاشارة الى انها لا تتحدث حديث البشر ولكن لو تكلمت لأعربت عن شكواها، وهذا ما يحرص عليه عنترة وبذا فهو مصيب وغير بعيد عن الحقيقة:
فازورّ من وقع القنا بلبانه وشكا إليّ بعبرة وتحمحم
فالفرس حديثه الحمحمة، وكذا ينص: بشار على ان شكوى (العانة) ليست بخطاب الناس:
ص416
عدت عانة تشكو بأبصارها الصدى الى الجأب الا أنها لا تخاطبه(27)
وهذه الامثلة ستجد مكانها في كتب كثيرة تالية (لعيار الشعر) كما في الموضحة، والموشح، والصناعتين، وشرح الارجوزة(28).
ويفتتح الآمدي موازنته برأي لخصوم ابي تمام في شعره فهو " عدل في شعره عن مذاهب العرب المألوفة الى الاستعارات البعيدة المخرجة للكلام الى الخطأ او الاحالة(29) " وان المصنف يتحدث عن المقاربة وحدود الاستعارة في مواضع من كتابه بما يقرب من هذا الرأي، فهو يرى " الاستعارة لا تستعمل الا فيما يليق بالمعاني، ولا تكون المعاني به متضادة متنافية، ولهذا حدود اذا خرجت عنها صارت الى الخطأ(29) "، وعندما يتجه الى تطبيقها تحكمه معايير (1) متابعة القديم المألوف عند العرب. (2) عدم الايغال في تجسيم المجردات او الحيوان واعضاء الانسان (3) الاحتكام الى الواقع.
1) فقول ابي تمام: (امر التجلد بالتلدد حرقة) لا يسوغ فأي لفظ اسخف من ان يجعل الحرقة آمرة - وان كان ليس خطأ - وإنما العادة في مثل هذا ان تكون باعثة او جالبة، او نحو هذا، اما الامر فليس هذا موضعه(30) ".
2) وفي بيت ابي تمام:
لا تلمني على البكاء فإني نضو شجو ما لمت فيه البكاء
ص417
مجال لمحاورة طويلة حول بعد الاستعارة " فالمجاز لا يتسع لان نلوم البكاء كما نلوم العين ولا لان نلوم انحدار الدمع، كما نلوم الدمع، ولا تنتهي الاستعارة الى هذا الوضع، واذا استجزنا ان نلوم البكاء فينبغي ان نلوم ايضا: الضرب، والقتل والقيام وسائر افعال الفاعلين " (32).
٣) ومن امثلة الاحتكام الى الواقع الطبيعي (الحرفي) تعليق الآمدي على استعمال مجازي لأبي تمام:
واقاح منور في بطاح هزه في الصباح روض أريض
فقوله: وهزه روض اريض " ليس بالجيد اللائق، لأن الأقاحي هي من الروض والروض انما يهزه ويحركه الندى والنسيم، لا أن يهز بعضه بعضاً " (33).
وتتردد هذه الاكار والمعايير في احكام النقاد الاخرين عن جاؤوا بعد الآمدي فالحاتمي يصنف الاستعارات بحسب ما عرف وما قرب الى الحسية في طرف منه، وانه لينكر على المتنبي ان يجعل (الظنون تظلع) فلم يعرف للظن فعل ليستبدل بفعل اخر (34)، اما استعارة الظلع للريح فهو اقرب واذ يكن غريباً، والسبب في القبول هنا يرد الى انه يقال، ريح حسرى وريح مريضة، يريد كلالها ونقصان هبوبها فجاز ان يوضع مكان الكلال الظلع " (35) فهنا يعلل الحاتمي حكمه بالتعارف على هذه التعبيرات وان تكون مستعارة، وقد يكون لحركة الريح وتأثيرها الحسي أثر في تصور استعارات: (الضعف والقوة) في الريح.
ص418
ويبين القاضي الجرجاني الخطر الذي يتهدد كيان اللغة اذا ما اسرف الشعراء في استعاراتهم واغرقوا في التجسيم على نحو تختلط فيه الأشياء والكلمات، ويحدد الخطوات التي ينبغي ان تتبع، وهي منوطة بالتوسط والاعتدال، وقد استجاز العرب أن ينسبوا الى الدهرالجور والميل، وان يقذفوه بالعسف والظلم، وقالوا: قد اعرض عنا واقبل على فلان وكان الميل / والاعراض / إنما وقع بانحراف الاخدع وازورارالمنكب، فاستحسن ابو تمام ان يجعل للدهر اخدعاً وان يأمر بتقويمه في قوله:
يادهر قوم من اخدعيك فقد اضججت هذا الانام من خرقك
ويجمل القاضي الجرجاني المسألة، فهذه امور متى حملت على التحقيق، وأجريت على المساحة، أدت الى فساد اللغة، واختلاط الكلام، وانما القصد منها التوسط والاجتزاء بما قرب وعرف، والاقتصار على ما ظهر ووضح " (36).
وهكذا نرى ان تفسير هذه الظاهرة في تحليل نقاد القرن الرابع للاستعارة يحتمل - بأدوات بحثنا - الحمل على الخصائص الدلالية، واضافة الى هذا لا نستطيع ان نجد الاثر الارسطي الذي يدعو الى تخير الاستعارات فلا تتباعد عن موضوعاتها المنقولة اليها، فالروح المهيمن على مصنفات النقد لا يمتح من المعين الارسطي، وان يكن التشابه العام الباهت مغرياً بالربط بينهما.
ص419
_______________
(1) سنعرض هذه الفقرة للمسألة عند القاضي الجرجاني.
(2) نقد الشعر، قدامة ٥٨ - ٦٠ ، وينظر البديع لابن المعتز ٢ .
(3) نقد الشعر ٦٧ ، والبديع ابن المعتز ٧-11.
(4) نقد الشعر ٦٧ ، والبديع ابن المعتز ٧ - ١١.
(5) نقد الشعر 51-53 - ٦٠ .
(6) الموازنة (1/201).
(7) الموازنة (1/266).
(8) الموازنة (1/ ٤٠٣ ).
(9) الموازنة (1/403) .
(10) الوساطة للجرجاني 428.
(11) الوساطة 33-34.
(12) الوساطة ٤١ .
(13) الوساطة ٤١ .
(14) البديع، ابن المعتز ٥ - ٦ : " العلم قفل، مفتاحه السؤال ".
(15) أسرار البلاغة لعبد القاهر الجرجاني في ٢٧٧ ط المنار ط ٤ ، ١٣٦7 هـ ١9٤٧ م، للشيخ محمد رشيد رضا.
(16) الموضحة للحاتمي ٧٢ .
(17) ينظر الفتح الوهبي ٥٢ ، ٥٧ ، ٦٥ ، ٣٨ ، ١٧9 ، ١٤٥ على سبيل المثال.
(18) الخصائص لابن جني ( 2/ ٤٤٢) .
(19) الخصائص لابن جني (٢ / ٤4٤) .
(20) الصاحبي لابن فارس ٢٠٤ - ٢٠٥ .
(21) الصاحبي ٢٥٧ .
(22) سر العربية المطبوع من فقه اللغة، الثعالبي ٣٨٣ ، تحقيق مصطفى السقا واخرين ط مصطفى الباني الحلبي ١٩٧٤ .
(23) الصناعتين، ابو هلال العسكري ٢٦٨ .
(24) الصناعتين ٢٧١ .
(25) النكت في اعجاز القران، علي بن عيسى الرماني٨٥ - ٨٦ .
(26) عيار الشعر لابن طباطبا 119-120.
(27) عيار الشعر لابن طباطبا ١١٩ - ١٢٠ .
(28) الموضحة للحاتمي ٩٤ - ٩٥ ، الموشح للمرزباني ١٤٣ ، الصناعتين للعسكري ١٦٣ ، وشرح ارجوزة ابي نواس لابن جني ٩٦ - ٩٩ .
(29) الموازنة للآمدي (١ / ٢٣ ).
(30) الموازنة (١ / 3٥٤ ، ٢٧٥ - ٢٧6 ).
(31) الموازنة (١ / ٢٢٢) ، والموازنة (2/٤٤ - ٤٥ ).
(32) الموازنة (1/551 – 552)، الموازنة (2/49، 89، 98).
(33) الموازنة (2/105).
(34) الموضحة للحاتمي 73، والرسالة الحاتمية 277.
(35) الوساطة للقاضي الجرجاني 432-233، وكذا 181، وينظر في الصناعتين لأبي هلال العسكري 303، 306، 320.
(36) الوساطة للقاضي الجرجاني 432-433 ، وكذا 181 ، وينظر في الصناعتين لأبي هلال العسكري 303 ، 306 ، 320 .