وقعة مؤتة
المؤلف:
الشيخ عباس القمي
المصدر:
منتهى الآمال في تواريخ الائمة والآل
الجزء والصفحة:
ج1,ص114-116.
11-12-2014
4008
كانت في..[السنة الثامنة للهجرة] وقعة مؤتة، و هي قرية من قرى البلقاء في اراضي الشام، و ذلك انّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) بعث حارث بن عمير الازدي الى ملك بصرى بكتاب- و هي قصبة من قصبات الشام- فلمّا نزل مؤتة عرض له شرحبيل بن عمرو الغساني و كان من المقربين لقيصر، فأوثقه و قتله فلمّا بلغ ذلك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أمر الجيش بالاستعداد للحرب و أن يخرجوا الى أرض الجرف و ذهب (صلّى اللّه عليه و آله) معهم الى هناك و كانوا ثلاثة آلاف مقاتل، ثم عقد الراية البيضاء و أعطاها لجعفر بن ابي طالب و جعله أمير الناس فان قتل جعفر فزيد بن حارثة، فان أصيب زيد فعبد اللّه بن رواحة فان أصيب ابن رواحة فليرتض المسلمون بينهم رجلا فليجعلوه عليهم فقال نفر من اليهود: يا أبا القاسم ان كنت نبيا، فسيصاب من سمّيت، انّ الأنبياء من بني اسرائيل لو عدّوا مائة كذلك قتلوا أجمع.
ثم أمرهم (صلّى اللّه عليه و آله) بالذهاب الى مقتل حارث و ان يدعوا الكفار الى الاسلام فان أبوا حاربوهم ... فانطلق الجيش حتى وصل مؤتة، فلمّا وصل الخبر الى شرحبيل بعث الى قيصر وطلب منه المدد، فبعث إليه بمائة الف مقاتل أو أكثر ليحارب جيش المسلمين.
واستعد المسلمون للقتال و اصطفوا كأنّهم بنيان مرصوص و لم يدخل في قلوبهم شيء من الخوف لكثرة الأعداء، فخرج جعفر و نادى يا معشر الناس انزلوا من جيادكم و قاتلوا مشاة و ذلك ليعلم المسلمون انّه لا مفرّ من القتال، فيحاربوا بشدّة.
و نزل جعفر من جواده و عقره و أخذ الراية بيده و هجم على الاعداء، فلمّا اشتد القتال حوصر جعفر بين الاعداء فقطعوا يده اليمنى، فأخذ الراية باليسرى و قاتل حتى اصيب من الامام بخمسين جرحا لم يكن واحد منها وراء ظهره، ثم قطعت شماله فأخذ الراية بساعديه و احتضنها حتى قتل، فلمّا سقطت الراية رفعها زيد بن حارثة و قاتل قتالا شديدا حتى قتل، فأخذها عبد اللّه بن رواحة بعده و قاتل حتى قتل.
والروايات في مدح جعفر كثيرة، فقد روى عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) انّه قال: «خلق الناس من اشجار شتّى و خلقت أنا و جعفر من شجرة واحدة» و قال (صلّى اللّه عليه و آله) لجعفر: «أشبهت خلقي و خلقي» .
وروى ابن بابويه عن الباقر (عليه السّلام )انّه قال: أوحى اللّه عز و جل الى رسوله (صلّى اللّه عليه و آله) انّي شكرت لجعفر بن أبي طالب أربع خصال، فدعاه النبي (صلّى اللّه عليه و آله) فأخبره، فقال: لو لا انّ اللّه تبارك و تعالى أخبرك ما أخبرتك، ما شربت خمرا قطّ، لانّي علمت إن شربتها زال عقلي، و ما كذبت قطّ، لان الكذب ينقص المروءة و ما زنيت قط لانّي خفت انّي اذا عملت عمل بي، و ما عبدت صنما قط لانّي علمت انّه لا يضر و لا ينفع، قال: فضرب النبي (صلّى اللّه عليه و آله) يده على عاتقه و قال: حقّ للّه تعالى أن يجعل لك جناحين تطير بهما مع الملائكة في الجنّة .
وفي حديث السجاد (عليه السّلام ) قال: ما من يوم أشدّ على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) من يوم أحد، قتل فيه عمّه حمزة بن عبد المطّلب أسد اللّه و أسد رسوله و بعده يوم مؤتة، قتل فيه ابن عمّه جعفر بن أبي طالب .
الاكثر قراءة في حاله بعد الهجرة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة