حملت هذه المكانة السامية بعض الباحثين، وخاصة روبرتسن سميث (1)، على القول بان العرب كانت تتبع في الأزمنة القديمة نظام الامومة، وهو النظام الذي تكون فيه المرأة هي صاحبة السيادة والسيطرة في المجتمع، ويكون عادة سائدا في المجتمعات التي يمتهن رجالها الرعي والصيد، ويقضون معظم اوقاتهم خارج بيوتهم. وقد استدلوا على ذلك من ان المجتمع البدوي العربي يمتهن أهله الرعي والصيد، وانه يمكن ان نرى في اللغة العربية آثارا لنظام الامومة : فالرحم تدل على القرابة : فهم يقولون (وصل وقطع رحمه). والبطن تطلق على احدى الوحدات الاجتماعية في القبيلة. كما ان كثيرا من القبائل تسمى بأسماء مؤنثة كخندف ومزينة وعاملة وعائدة، وان كثيرا من الناس كانوا يسمون بأسماء امهاتهم. وقد الف محمد بن حبيب السكري كتابا قيما عن من سمي باسم امه من الشعراء. ويروى ان عوف بن محلم، شرط على عمرو بن حجر عندما خطب هند ام اياس بنت عوف ان (ازوجكها على ان اسمي بنيها وازوج بناتها، فقال عمرو بن حجر : اما بنونا فنسميهم بأسمائنا وأسماء ابائنا وعمومتنا. واما بناتنا، فينكحهن اكفاؤهن من الملوك). وجدير بالذكر ان اغلب الأشياء المهمة في الحياة كالشمس والأرض مؤنثة(2). هذا الى ان عددا من الشخصيات النسائية البارزة ظهرت في المجتمع الجاهلي في الدين والسياسة، كالزباء التدمرية، وسجاح التميمية، وهند زوج أبي سفيان، وخديجة زوج النبي (صلى الله عليه وآله). كما انه كانت للخال مكانة كبيرة في النسب. وكان يعتقد ان اغلب صفات الولد تورث من خاله؛ فالعرب تقول نزعه عرق الخال. ويقول الفرزدق (نزعتك والام اللئيمة تنزع). ويقول جرير :

لا تطلبن خؤولة في تغلب       فالزنج اكرم منكم اخوالا

غير ان الادلة، التي يسوقها ولكن وسميث، غير كافية لاثبات وجود الامومة عند العرب، اذ ان هناك دلائل تنقض ذلك : فالمجتمع السامي، منذ عرف في التاريخ، كان يعتبر الاب هو راس الأسرة. والبعل او الزوج هو السيد؛ والقبائل المنسوبة الى امها قليلة جدا، اذا قورنت بمن دعي باسم ابيه. كما ان اصلها قد يكون سببه الزواج بامرأتين، مما يجعل الأولاد ينتسبون لأمهاتهم لكي يتميزوا. يضاف الى ذلك ان صيغة التأنيث للفظ القبيلة لا لاسمها، وان زواج المباضعة والمتعة أحوال شاذة(3).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)  سميث : القرابة والزواج ص145 فما بعد؛ انظر أيضاً ولكن : الامومة عند العرب (ترجمة بندلي جوزي). محمد عبد المعيد خان : الاساطير العربية قبل الإسلام ص65؛ جمعة : ص79 فما بعد؛ الحوفي : المرأة العربية ص56 -67.

(2) فنسنك : Theory Sexin Semetic Language؛ انظر في الزواج أيضاً : ٍSterm: Marriage in Eariy Islam.

(3) انظر جرجي زيدان : الانساب العربية؛ جمعه : ص75 فما بعد. ؛ ناشد سيفين : الامومة عند العرب (المقتطف سنة 1931).

مواضيع ذات صلة

اغتيال الملك سيف بأحراش الدلتا.

سيف يتوغل في أصفهان.

الرحيل إلى مصر العدية.

موت قمرية.

سيف يفك حصار مدينة أفراح.

سيف بن ذي يزن تبع حمير المنتظر.

هيكل سيف بن ذي يزن.

مهد التباعنة.

سيف أرعد يصرخ: ولدي جثة بلا رأس.

حروب النيل.

الحرب الضروس في القرن الأفريقي.

ذو اليزن التبع المحتضر.