x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الصدق والنجاة
المؤلف: محمد تقي فلسفي
المصدر: الطفل بين الوراثة والتربية
الجزء والصفحة: ج2، ص52ـ54
30-1-2017
2330
ما أكثر الأفراد الذين التزموا الصدق في المواقف الحرجة والمآزق الشديدة وكان ذلك سبب خلاصهم.
لا يجهل أحد مدى الجرائم التي قام بها الحجاج بن يوسف الثقفي والدماء التي أراقها من غير حق؟ في يوم من الأيام جيء بجماعة من اصحاب عبد الرحمن مأسورين وكان قد صمم على قتلهم جميعاً. فقام أحدهم واستأذن الأمير في الكلام
ـ إن لي عليك حقاً! فأنقذني وفاء لذلك الحق.
قال الحجاج : وما هوٌ
قال : كان عبد الرحمن يسبّك في بعض الأيام ، فقمت ودافعت عنك.
قال الحجاج : ألك شهود؟
فقام أحد الأسرى وأيّد دعوى ذلك الرجل. فأطلقه الحجاج ، ثم التفت الى الشاهد ، وقال له : ولماذا لم تدافع عني في ذلك المجلس؟!
أجاب الشاهد في أتم الصراحة : لأني كنت أكرهك.
فقال الحجاج : أطلقوا سراحه لصدقه.
(وخطب الحجاج ذات مرة فأطال، فقام رجل فقال : الصلاة ، فان الوقت لا ينتظرك ، والرب لا يعذرك. فأمر بحبسه ، فأتاه قومه وزعموا أنه مجنون وسألوه أن يخلي سبيله فقال :
ـ إن أقرّ بالجنون خلّيته.
فقيل له ، فقال: معاذ الله، لا أزعم أن الله ابتلاني وقد عافاني، فبلغ ذلك الحجاج، فعفا عنه لصدقه)(1).
وكما أن الصدق يجلب العزة والكرامة، فإن الكذب يسبب الذلة والصغار لصاحبه. يقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه و آله وسلم) : ( إياك والكذب ، فإنه يسود الوجه)(2).
بلغ المنصور الدوانيقي أن مبلغاً ضخماً من أموال بني أمية مودعة عند رجل ، فأمر الربيع باحضاره. يقول الربيع : فأحضرت الرجل وأخدته الى مجلس المنصور. فقال له المنصور : بلغني ان أموال بني أمية مودعة عندك ، فيجب أن تسلمني إياها بأجمعها.
فقال له الرجل : هل الخليفة وارث الأمويين؟!
فأجاب : كلا.
فقال : هل الخليفة وصي الأمويين؟!
فأجاب : كلا.
فقال الرجل : فكيف تطالبني بأموال بني أمية؟!
فأطرق المنصور برهة ثم قال : إن الأمويين ظلموا المسلمين وانتهكوا حقوقهم وغصبوا أموالهم ، وأنا الآن خليفة المسلمين ووليهم ، أريد أن استرد أموال المسلمين وأودعها في بيت المال فقال الرجل : إن الأمويين امتلكوا أموالاً كثيرة كانت خاصة بهم وعلى الخليفة أن يقيم شاهداً عدلاً على أن الأموال التي في يدي لبني أمية إنما هي من الأموال التي غصبوها وابتزوها من غير حق.
ففكر المنصور ساعة ، ثم قال للربيع ، ان الرجل يصدق ، فابتسم بوجهه وقال له : ألك حاجة؟!
قال الرجل : لي حاجتان.
الأولى : أن تامر بإيصال هذه الرسالة إلى أهلي بأسرع وقت ، حتى يهدأ إضطرابهم ويذهب روعهم.
والثانية : أن تأمر باحضار من أبلغك بهذا الخبر ، فو الله لا توجد عندي لبني أمية وديعة أصلاً. وعندما أحضرت بين يدي الخليفة وعلمت بالأمر تصورت أني لو تكلمت بهذه الصورة كان خلاصي أسهل. فأمر المنصور الربيع بإحضار المخبر ، وعندما حضر نظر اليه الرجل نظرة ثم قال : إنه عبدي سرق مني ثلاثة آلاف دينار وهرب. فأغلظ المنصور في الحديث مع الغلام وأيّد الغلام كلام سيده في أتم الخجل وقال : إنّي اختلقت هذه التهمة لأنجو من القبض علي. هنا رق قلب المنصور لحال العبد وطلب من سيده أن يعفو عنه ، فقال الرجل : عفوت عنه وسأعطيه ثلاثة آلاف أخرى.
فتعجب المنصور من كرامة الرجل وعظمته، وكلما ذكر اسمه كان يقول: لم أر مثل هذا الرجل)(3).
_______________
1ـ المستطرف في كل فن مستظرف للابشيهي ج2، ص7.
2ـ مستدرك الوسائل للمحدث النوري ج2، ص100.
3ـ ثمرات الأوراق ، لابن حجة الحموي ص 233.