x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

المسائل الفقهية

التقليد

الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

التحنيط

التشييع

التكفين

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الميت

الغسل

مسائل تتعلق باحكام الاموات

أحكام الخلوة

أقسام المياه وأحكامها

الاستحاضة

الاغسال

الانية واحكامها

التيمم (مسائل فقهية)

احكام التيمم

شروط التيمم ومسوغاته

كيفية التيمم

مايتيمم به

الجنابة

سبب الجنابة

مايحرم ويكره للجُنب

مسائل متفرقة في غسل الجنابة

مستحبات غسل الجنابة

واجبات غسل الجنابة

الحيض

الطهارة من الخبث

احكام النجاسة

الاعيان النجسة

النجاسات التي يعفى عنها في الصلاة

كيفية سراية النجاسة الى الملاقي

المطهرات

النفاس

الوضوء

الخلل

سنن الوضوء

شرائط الوضوء

كيفية الوضوء واحكامه

مسائل متفرقة تتعلق بالوضوء

مستمر الحدث

نواقض الوضوء والاحداث الموجبة للوضوء

وضوء الجبيرة واحكامها

مسائل في احكام الطهارة

الصلاة

مقدمات الصلاة(مسائل فقهية)

الستر والساتر (مسائل فقهية)

القبلة (مسائل فقهية)

اوقات الصلاة (مسائل فقهية)

مكان المصلي (مسائل فقهية)

افعال الصلاة (مسائل فقهية)

الاذان والاقامة (مسائل فقهية)

الترتيب (مسائل فقهية)

التسبيحات الاربعة (مسائل فقهية)

التسليم (مسائل فقهية)

التشهد(مسائل فقهية)

التعقيب (مسائل فقهية)

الركوع (مسائل فقهية)

السجود(مسائل فقهية)

القراءة (مسائل فقهية)

القنوت (مسائل فقهية)

القيام (مسائل فقهية)

الموالاة(مسائل فقهية)

النية (مسائل فقهية)

تكبيرة الاحرام (مسائل فقهية)

منافيات وتروك الصلاة (مسائل فقهية)

الخلل في الصلاة (مسائل فقهية)

الصلوات الواجبة والمستحبة (مسائل فقهية)

الصلاة لقضاء الحاجة (مسائل فقهية)

صلاة الاستسقاء(مسائل فقهية)

صلاة الايات (مسائل فقهية)

صلاة الجمعة (مسائل فقهية)

صلاة الخوف والمطاردة(مسائل فقهية)

صلاة العيدين (مسائل فقهية)

صلاة الغفيلة (مسائل فقهية)

صلاة اول يوم من كل شهر (مسائل فقهية)

صلاة ليلة الدفن (مسائل فقهية)

صلوات اخرى(مسائل فقهية)

نافلة شهر رمضان (مسائل فقهية)

المساجد واحكامها(مسائل فقهية)

اداب الصلاة ومسنوناتها وفضيلتها (مسائل فقهية)

اعداد الفرائض ونوافلها (مسائل فقهية)

صلاة الجماعة (مسائل فقهية)

صلاة القضاء(مسائل فقهية)

صلاة المسافر(مسائل فقهية)

صلاة الاستئجار (مسائل فقهية)

مسائل متفرقة في الصلاة(مسائل فقهية)

الصوم

احكام متفرقة في الصوم

المفطرات

النية في الصوم

ترخيص الافطار

ثبوت شهر رمضان

شروط الصوم

قضاء شهر رمضان

كفارة الصوم

الاعتكاف

الاعتكاف وشرائطه

تروك الاعتكاف

مسائل في الاعتكاف

الحج والعمرة

شرائط الحج

انواع الحج واحكامه

الوقوف بعرفة والمزدلفة

النيابة والاستئجار

المواقيت

العمرة واحكامها

الطواف والسعي والتقصير

الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

الاحرام والمحرم والحرم

اعمال منى ومناسكها

احكام عامة

الصد والحصر*

الجهاد

احكام الاسارى

الارض المفتوحة عنوة وصلحا والتي اسلم اهلها عليها

الامان

الجهاد في الاشهر الحرم

الطوائف الذين يجب قتالهم

الغنائم

المرابطة

المهادنة

اهل الذمة

وجوب الجهاد و شرائطه

مسائل في احكام الجهاد

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

حكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرائط وجوبهما

اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

احكام عامة حول الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

الخمس

مايجب فيه الخمس

مسائل في احكام الخمس

مستحق الخمس ومصرفه

الزكاة

اصناف المستحقين

اوصاف المستحقين

زكاة الفطرة

مسائل في زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت اخراج زكاة الفطرة

شرائط وجوب الزكاة

ماتكون فيه الزكاة

الانعام الثلاثة

الغلات الاربع

النقدين

مال التجارة

مسائل في احكام الزكاة

احكام عامة

علم اصول الفقه

تاريخ علم اصول الفقه

تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية

المباحث اللفظية

المباحث العقلية

الاصول العملية

الاحتياط

الاستصحاب

البراءة

التخيير

مباحث الحجة

تعارض الادلة

المصطلحات الاصولية

حرف الالف

حرف التاء

حرف الحاء

حرف الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

القواعد الفقهية

مقالات حول القواعد الفقهية

اخذ الاجرة على الواجبات

اقرار العقلاء

الإتلاف - من اتلف مال الغير فهو له ضامن

الإحسان

الاشتراك - الاشتراك في التكاليف

الاعانة على الاثم و العدوان

الاعراض - الاعراض عن الملك

الامكان - ان كل ما يمكن ان يكون حيضا فهو حيض

الائتمان - عدم ضمان الامين - ليس على الامين الا اليمين

البناء على الاكثر

البينة واليمين - البينة على المدعي واليمين على من انكر

التقية

التلف في زمن الخيار - التلف في زمن الخيار في ممن لا خيار له

الجب - الاسلام يجب عما قبله

الحيازة - من حاز ملك

الزعيم غارم

السبق - من سبق الى ما لم يسبقه اليه احد فهو احق به - الحق لمن سبق

السلطنة - التسلط - الناس مسلطون على اموالهم

الشرط الفاسد هل هو مفسد للعقد ام لا؟ - الشرط الفاسد ليس بمفسد

الصحة - اصالة الصحة

الطهارة - كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر

العقود تابعة للقصود

الغرور - المغرور يرجع الى من غره

الفراغ و التجاوز

القرعة

المؤمنون عند شروطهم

الميسور لايسقط بالمعسور - الميسور

الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها

الولد للفراش

أمارية اليد - اليد

انحلال العقد الواحد المتعلق بالمركب الى عقود متعددة - انحلال العقودالى عقود متعددة

بطلان كل عقد بتعذر الوفاء بمضمونه

تلف المبيع قبل قبضه - اذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه

حجية البينة

حجية الضن في الصلاة

حجية سوق المسلمين - السوق - أمارية السوق على كون اللحوم الموجودة فيه مذكاة

حجية قول ذي اليد

حرمة ابطال الاعمال العبادية الا ما خرج بالدليل

عدم شرطية البلوغ في الاحكام الوضعية

على اليد ما اخذت حتى تؤدي - ضمان اليد

قاعدة الالزام - الزام المخالفين بما الزموا به انفسهم

قاعدة التسامح في ادلة السنن

قاعدة اللزوم - اصالة اللزوم في العقود - الاصل في المعاملات اللزوم

لا تعاد

لا حرج - نفي العسر و الحرج

لا ربا في ما يكال او يوزن

لا شك في النافلة

لا شك لكثير الشك

لا شك للإمام و المأموم مع حفظ الآخر

لا ضرر ولا ضرار

ما يضمن و ما لا يضمن - كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وكل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

مشروعية عبادات الصبي وعدمها

من ملك شيئا ملك الاقرار به

نجاسة الكافر وعدمها - كل كافر نجس

نفي السبيل للكافر على المسلمين

يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب

قواعد فقهية متفرقة

المصطلحات الفقهية

حرف الألف

حرف الباء

حرف التاء

حرف الثاء

حرف الجيم

حرف الحاء

حرفق الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

الفقه المقارن

كتاب الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الاموات

الغسل

الكفن

التشييع

احكام التخلي

استقبال القبلة و استدبارها

مستحبات و ومكروهات التخلي

الاستنجاء

الاعيان النجسة

البول والغائط

الخمر

الدم

الكافر

الكلب والخنزير

المني

الميتة

احكام المياه

الوضوء

احكام الوضوء

النية

سنن الوضوء

غسل الوجه

غسل اليدين

مسح الرأس

مسح القدمين

نواقض الوضوء

المطهرات

الشمس

الماء

الجبيرة

التيمم

احكام عامة في الطهارة

احكام النجاسة

الحيض و الاستحاظة و النفاس

احكام الحيض

احكام النفاس

احكام الاستحاضة

الاغسال المستحبة

غسل الجنابة واحكامها

كتاب الصلاة

احكام السهو والخلل في الصلاة

احكام الصلاة

احكام المساجد

افعال الصلاة

الاذان والاقامة

التسليم

التشهد

الركوع

السجود

القراءة

القنوت

القيام

النية

تكبيرة الاحرام

سجدة السهو

الستر والساتر

الصلوات الواجبة والمندوبة

صلاة الاحتياط

صلاة الاستسقاء

صلاة الايات

صلاة الجماعة

صلاة الجمعة

صلاة الخوف

صلاة العيدين

صلاة القضاء

صلاة الليل

صلاة المسافر

صلاة النافلة

صلاة النذر

القبلة

اوقات الفرائض

مستحبات الصلاة

مكان المصلي

منافيات الصلاة

كتاب الزكاة

احكام الزكاة

ماتجب فيه الزكاة

زكاة النقدين

زكاة مال التجارة

زكاة الغلات الاربعة

زكاة الانعام الثلاثة

شروط الزكاة

زكاة الفطرة

احكام زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت وجوب زكاة الفطرة

اصناف واوصاف المستحقين وأحكامهم

كتاب الصوم

احكام الصوم

احكام الكفارة

اقسام الصوم

الصوم المندوب

شرائط صحة الصوم

قضاء الصوم

كيفية ثبوت الهلال

نية الصوم

مستحبات ومكروهات الصوم

كتاب الحج والعمرة

احرام الصبي والعبد

احكام الحج

دخول مكة واعمالها

احكام الطواف والسعي والتقصير

التلبية

المواقيت

الصد والحصر

اعمال منى ومناسكها

احكام الرمي

احكام الهدي والاضحية

الحلق والتقصير

مسائل متفرقة

النيابة والاستئجار

الوقوف بعرفة والمزدلفة

انواع الحج واحكامه

احكام الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

احكام تخص الاحرام والمحرم والحرم

العمرة واحكامها

شرائط وجوب الحج

كتاب الاعتكاف

كتاب الخمس

الفقه الاسلامي واصوله : القواعد الفقهية : البينة واليمين - البينة على المدعي واليمين على من انكر :

قاعدة « البينة واليمين - البينة على المدعى واليمين على من أنكر»

المؤلف:  الشيخ ناصر مكارم الشيرازي

المصدر:  القواعد الفقهية

الجزء والصفحة:  ج2 ص 334 – 351 .

16-9-2016

824

[ والكلام في القاعدة يكون فيما يأتي ] :  

- مدارك القاعدة من عموم السنة وخصوصها‌ .

- معيار معرفة «المدعى» من «المنكر»‌ .

- ما استثنى من القاعدة من مسألة الدماء‌ .

- شرائط سماع الدعوى من المدعى‌ .

- عدم اشتراط الخلطة‌ .

- هل المدار في معرفة المدعى والمنكر على مصب الدعوى أو نتيجتها ؟

قاعدة البينة واليمين ومن القواعد المشهورة بين جميع علماء الإسلام قديما وحديثا قاعدة «البينة على المدعى واليمين على من أنكر» التي استدلوا بها في أبواب القضاء كلها بل هي الأصل الوحيد قبل كل شي‌ء في القضاء الشرعي الإسلامي، وهي التي استقر عليه عمل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في حياته والأئمة المعصومين عليهم السّلام بعد وفاته صلّى اللّه عليه وآله وقضاة الشرع في اجواء العالم الإسلامي طي القرون والأعصار في كل مكان.

وهذه العبارة (البينة على المدعي واليمين على من أنكر) وان ترد بعينها في لسان الأدلة إلا قليلا ولكن معناها ورد في روايات كثيرة نبوية، وغيرها، والعمدة بهذه العبارة «البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه».

واللازم التكلم هنا في مقامات :

1- في مدرك هذه القاعدة.

2- في معنى المدعي والمنكر وملاكهما.

3- في ما يتفرع عليها ويستثنى منها أحيانا.

الأول: في مدرك هذه القاعدة :

هذه القاعدة وان كان مجمعا عليه بين الخاصة والعامة بل هي كالضروريات في الفقه الإسلامي، ولكن العمدة في مدركها هي الروايات العامة التي تدل بعمومها‌ على هذه القاعدة، والأحاديث الخاصة الواردة في أبواب معينة التي يمكن اصطياد العموم من ملاحظة مجموعها.

اما الأول فهي عدة روايات وردت من طرقنا وطرق المخالفين.

ومما وردت من طرقنا هي عدة روايات :

1- ما رواه جميل وهشام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله:

«البينة على من ادعى واليمين على من ادعى عليه» «1».

2- ما رواه بريد بن معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن القسامة فقال:

«الحقوق كلها البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه الا في الدم خاصة» «2».

و سيأتي الكلام ان شاء اللّه في استثناء حكم الدماء عن هذه القاعدة وشرائطه.

3- ما أرسله الصدوق قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: «البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، والصلح جائز بين المسلمين الا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا» «3».

4- ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «ان اللّه حكم في دمائكم بغير ما حكم فيه في أموالكم، حكم في أموالكم ان البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، وحكم في دمائكم ان البينة على من ادعى عليه واليمين على من ادعى لئلا يبطل دم امرئ مسلم» «4».

5- ما رواه منصور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث تعارض البينتين في شاة في يد رجل، قال قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «حقها للمدعي ولا اقبل من الذي في يده بينة، لان اللّه عز وجل إنما أمر ان تطلب البينة من المدعي فان كانت له بينة والا‌ فيمن الذي هو في يده هكذا أمر اللّه عز وجل» «5».

6- وما رواه محمد بن سنان عن الرضا عليه السّلام فيما كتب اليه من جواب مسائله في العلل: «و العلة في أن البينة في جميع الحقوق على المدعي واليمين على المدعى عليه ما خلا الدم، لان المدعى عليه جاحد ولا يمكنه إقامة البينة على الجحود لأنه مجهول (الحديث) «6».

7- ويشهد له ما دل على ان النبي صلّى اللّه عليه وآله كان يطلب البينة من المدعي في أول الأمر، فان لم يكن له بينة طلب اليمين من المدعى عليه، مثل ما رواه علي بن عدي عن أبيه قال اختصم امرئ القيس، ورجل من حضرموت الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في أرض فقال أ لك بينة؟ قال لا، قال: فيمنه، قال اذن واللّه يذهب بأرضي قال ان ذهب بيمينه كان ممن لا ينظر اللّه اليه يوم القيمة، ولا يزكيه، وله عذاب اليم، قال ففزع الرجل وردها اليه «7».

8- ما رواه عثمان بن عيسى، وحماد بن عثمان، جميعا عن ابي عبد اللّه عليه السّلام في حديث فدك ان أمير المؤمنين عليه السّلام قال لأبي بكر: «أ تحكم فينا بخلاف حكم اللّه في المسلمين؟ قال: لا، قال فان كان في يد المسلمين شي‌ء يملكونه ادعيت انا فيه، من تسئل البينة؟! قال إياك كنت اسئل البينة، على ما تدعيه على المسلمين، قال فاذا كان في يدي شي‌ء فادعى فيه المسلمون تسئلني البينة على ما في يدي وقد ملكته في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وبعده؟ ولم تسئل المؤمنين البينة على ما ادعوا علي كما سئلتني البينة على ما ادعيت عليهم؟- الى أن قال - وقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: البينة على من ادعى واليمين على من أنكر» «8».

9- ما رواه في دعائم الإسلام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السّلام ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال : «البينة في الأموال على المدعي واليمين على المدعى عليه» قال أمير المؤمنين عليه السّلام : «و البينة في الدماء على من أنكر برأيه مما ادعى عليه واليمين على من ادعى» «9».

وهي وان كانت مختصة بالأموال ولكن الظاهر ان المراد منها مطلق الحقوق ما عدا الدم الذي له حكم خاص في مسألة القضاء سيأتي الإشارة اليه ان شاء اللّه عن قريب.

10- وما رواه في الغوالي عن النبي صلّى اللّه عليه وآله انه قال: البينة على المدعي واليمين على من أنكر «10».

الى غير ذلك مما يعثر عليه المتتبع.

واما من طرق العامة فهي أيضا عدة روايات :

1- ما رواه أحمد في مسنده عن ابن عباس ان رجلين اختصما الى النبي صلّى اللّه عليه وآله فسأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله المدعي البينة، فلم يكن له بينة فاستحلف المطلوب (الحديث) «11».

2- ما رواه ابن ماجه في سننه عن الأشعث بن قيس قال كان بيني وبين رجل من اليهود ارض فجحدني فقدمته إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله فقال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله هل لك بينة؟ قلت: لا، قال لليهودي: احلف (الحديث) «12».

3- ما رواه البخاري في صحيحه عن الأشعث بن قيس قال لفي واللّه أنزلت «قوله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77].كانت بيني وبين رجل خصومة في بئر، فاختصمنا الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله:

شاهدك أو يمينه- الحديث- «13».

دل على ان المعتبر في القضاء، الشاهد ولو لم يكن فيمين المدعى عليه.

4- ما رواه البخاري مرسلا في باب «اليمين على المدعى عليه في الأموال والحدود» قال: قال النبي صلّى اللّه عليه وآله: شاهداك أو يمينه «14».

5- ما رواه في التاج عن الترمذي عن عبد اللّه بن عمر عن النبي صلّى اللّه عليه وآله قال:

البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه «15».

6- ما رواه البيهقي عن ابن عباس قال ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء رجال وأموالهم، ولكن البينة على الطالب واليمين على المطلوب «16».

7- ما رواه البيهقي عن ابن عباس ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودمائهم ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر «17».

وفي معناه رواية أخرى عنه في نفس الباب.

8- وما رواه أحمد أيضا عن وائل بن حجر قال كنت عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فأتاه رجلان يختصمان في أرض فقال أحدهما ان هذا انتزى على ارضي يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله‌ في الجاهلية، وهو امرؤ القيس ابن عابس الكندي، وخصمه ربيعة بن عبدان، فقال له: بيّنتك؟ قال: ليس لي بينة، قال: يمينه «18».

الى غير ذلك مما لا يخفى على المتتبع.

أضف الى ذلك كله الروايات الخاصة الكثيرة الواردة في موارد معينة يمكن اصطياد العموم من مجموعها :

مثل ما رود في أبواب الرهن عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام- الى ان قال- البينة على الذي عنده الرهن انه بكذا وكذا، فان لم تكن له بينة، فعلى الذي له الرهن اليمين «19».

وفي معناه روايات كثيرة أخرى مروية في ذاك الباب بعينه أو ما يليه من الباب (17) و(20).

ويؤيد جميع ذلك ما روي بالطرق المتعددة عن ابي عبد اللّه عن كتاب علي عليهما السّلام ان نبيا من الأنبياء شكى الى ربه فقال يا رب كيف اقضي فيما لم أر ولم اشهد؟ قال فأوحى اللّه إليه: احكم بينهم بكتابي وأضفهم إلى اسمي فحلفهم به، وقال هذا لمن لم تقم له بينة «20».

وفي معناه غيره، بل الظاهر ان قوله «هذا لمن لم تقم له بينة» من كلام أمير المؤمنين علي أو الصادق عليهما السّلام فيكون دليلا على المطلوب.

والانصاف ان هذه الروايات المروية بأسانيد مختلفة في أصول الشيعة والسنة ربما تكون متواترة ويثبت بها المطلوب بدون اي شك.

 (2) من المدعى ومن المنكر؟

قد عرفت ان هذه القاعدة حاكمة على جميع أبواب المنازعات لا تختص بباب دون باب ولكن الكلام بعد في المراد من «المدعي» و«المنكر» (كما في قليل من النصوص) أو «المدعي» و«المدعى عليه» (كما في أكثرها) وهو المهم في هذا الباب ويتفرع عليه فروع كثيرة.

واختلف الأصحاب في تفسيرهما وقد ذكروا في تعريف المدعي، الذي يستفاد منه مقابله، أمورا:

1- ما هو المحكي عن المشهور ان المدعي هو الذي يترك لو ترك الخصومة- ذكره المحقق في الشرائع والعلامة في القواعد وغيرهما.

2- «المدعي» هو الذي يدعي خلاف الظاهر، فمن ادعى ان المال الذي في يد الأخر ماله لا بد عليه من اقامة البينة، لأن قوله مخالف لظاهر اليد، وكذلك من يدعي إرادة المجاز من لفظ عقد أو وصية أو غيرهما، ويطلب بذلك شيئا، فعليه إقامة البينة.

ذكر هذا التعريف في القواعد، وظاهر كلامه انه موافق للتعريف الأول في المعنى والنتيجة.

3- المدعي من يكون قوله مخالفا للأصل، كمن يدعي اشتغال ذمة شخص بشي‌ء، مع ان الأصل براءته- ذكره ذلك أيضا في القواعد والشرائع.

4- المدعي هو الذي يدعي أمرا خفيا وهذا أخص من كثير من التعاريف السابقة- ذكر هذا التعريف أيضا في الشرائع- أو أمرا خفيا يخالف الظاهر- كما هو المحكي عن الجمهور.

5- وعن الدروس المدعي هو الذي يخلّى وسكوته، أو يخالف الأصل، أو الظاهر.

والظاهر كما ذكره جمع من المحققين انه ليس لهذا اللفظ حقيقة شرعية، بل ليس فيه مظنة ذلك، فاللازم ان يحمل على معناه اللغوي والعرفي ، وإيكال امره الى العرف ، ولعل التعاريف السابقة أيضا ناظرة إلى تنقيح معناه العرفي، ولذا قد يرى في بعض كلماتهم الجمع بين تعريفين أو تعاريف متعددة كما في الشرائع والقواعد مع ان بينها فرقا ربما تتفاوت سعة وضيقا.

نعم ظاهر كلام المحقق في تعريفه ان المدعي هو الذي يترك لو ترك الخصومة وقيل هو الذي يدعي خلاف الأصل أو أمرا خفيا، اختلاف الأقوال في المسألة، وقد يقال ان المنشأ في اختلاف القولين اختلاف قول الشافعي كما حكى عن الروضة للرافعي:

«في معرفة المدعي والمدعى عليه قولان مستنبطان من اختلاف قول الشافعي في مسألة إسلام الزوجين، أظهرهما عند الجمهور ان المدعي من يدعي أمرا خفيا يخالف الظاهر والثاني من لو سكت خلي وسكوته ولم يطالب بشي‌ء. الى ان قال:

ولا يختلف موجبهما غالبا، وقد يختلف كما إذا أسلم زوجان قبل الدخول، فقال الزوج أسلمنا معا فالنكاح باق، وقالت بل على التعاقب ولا نكاح، فان قلنا ان المدعي من لو سكت ترك فالمرأة مدعية فيحلف ويستمر النكاح (اي يحلف الرجل) وان قلنا بالأظهر فالزوج مدع لان ما يزعمه خلاف الظاهر (اي تقارن الإسلامين) وهي مدعى عليها فتحلف (المرأة) ويرتفع النكاح- انتهى-» «21».

ولكن مع ذلك نرى الجمع بين التعاريف الثلاث في بعض كلمات العلامة حيث قال: المدعي هو الذي يترك لو ترك الخصومة، أو الذي يدعي خلاف الظاهر، أو خلاف الأصل «22».

وظاهر هذه العبارة عدم الاختلاف بين مفاد هذه التعاريف.

والانصاف رجوع الجميع الى معنى واحد في الغالب كما ذكره السبزواري في الكفاية «23» والمحقق القمي في جامع الشتات «24».

انما الكلام في موارد تظهر النتيجة بين هذه الأقوال كما ذكروه في مسألة إسلام الزوجين قبل الدخول ودعوى الزوج التقارن في الإسلام يبقي الزوجية، والزوجة التعاقب لينفسخ، فالتقارن موافق للأصل، والتعاقب مخالف له، لأن أصالة تأخر الحادث تقتضي ذلك لكن التعاقب هو الظاهر لندرة وقوع التقارن فيختلف مورد التعريفين.

والانصاف انه لا يهمنا وجود القولين في المسألة كما يظهر من بعضهم أو ثلاثة أقوال كما يظهر من بعض آخر أو رجوع الأقوال إلى واحد كما عرفت من بعضهم بعد عدم ورود دليل تعبدي في المسألة، ولزوم حمل الروايات المتضافرة أو المتواترة الواردة في لزوم البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، على ما يستفاد من معنى هاتين اللفظتين عرفا.

والحاصل ان المدعى هو الذي يدعى شيئا من الأخر ويطلب منه، ويلزمه إقامة حجة على مدعاه، بحيث إذا لم يقم حجة لا يقبل قوله، فهذا هو الذي يستفاد من محتوى هذا اللفظ في العرف واللغة، ولعل التفاوت بين التعاريف كان أول الأمر من قبيل اختلاف التعبير، ثمَّ حسبوا لزوم الجمود على هذه التعابير ومن هنا نشأ القولان أو ثلاثة أقوال أو أكثر. ولكن الأمر بحمد اللّه ظاهر لا سترة عليه.

وعلى كل حال المنكر أو المدعى عليه هو مقابل هذا وهو الذي لا يطلب منه حجة ولا يؤخذ منه شي‌ء بدون إقامة البينة، نعم اليمين حق المدعى عليه إذا لم يكن بينة.

تنبيهات :

الأول - ما استثنى عن هذه القاعدة :

هناك موارد مستثناة من «قاعدة البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه» لا يطالب فيها البينة من المدعي بل قد تطلب من المنكر، ويكفي اليمين من المدعي وعمدته مسألة الدماء فان المشهور بين الأصحاب، بل حكى الإجماع عليه، انه إذا كان هناك لوث في الدم (أي قرائن توجب الظن بارتكاب القتل من ناحية شخص أو أشخاص وفي هذا المقام تطلب من المدعى عليه إقامة البينة على عدم القتل فان لم يقمها فعلى المدعي الإتيان بقسامة خمسين رجلا لإثبات مقصوده، وان لم يفعل ذلك طولب المدعى عليه القسامة كذلك، فان اتى بها سقطت الدعوى عنه، والا لزمه الدم.

وهذه المسألة على إجمالها مقبولة عند الأصحاب، وان كان في بعض خصوصياتها اختلاف وكلام والعمدة في ذلك الروايات المتضافرة الدالة على ان الحكم في الدماء على خلاف الحكم في الأموال احتياطا على دماء الناس.

1- مثل ما رواه بريد بن معاوية، عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن القسامة فقال الحقوق كلها البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، الا في الدم خاصة، فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بينما هو يخبر إذ فقدت الأنصار رجلا منهم وجدوه قتيلا فقالت الأنصار ان فلان اليهودي قتل صاحبنا.

الى ان قال- قال صلّى اللّه عليه وآله: انما حقن دماء المسلمين بالقسامة لكي إذا رأى الفاجر فرصة حجزه مخافة القسامة أن يقتل به، فكف عن قتله والا حلف المدعى عليه قسامة خمسين رجلا ما قتلناه، ولا علمنا قاتلا (الحديث) «25».

2- ما رواه أبو بصير عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال: ان اللّه حكم في دمائكم بغير‌ ما حكم به في أموالكم، حكم في أموالكم ان البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه، وحكم في دمائكم «ان البينة على المدعى عليه واليمين على من ادعى» لئلا يبطل دم امرئ مسلم «26».

3- ما رواه زرارة إنما جعلت القسامة احتياطا للناس، لكيما إذا أراد الفاسق ان يقتل رجلا أو يغتال رجلا حيث لا يراه احد، خاف ذلك فامتنع من القتل «27».

الى غير ذلك مما ورد في هذا الباب، وهو مستفيض، فيها روايات معتبرة معمول بها بين الأصحاب كما عرفت.

والظاهر ان هذا الحكم ليس معمولا بين العقلاء من أهل العرف، فلا يحكمون للمدعي بمجرد القسامة وشبهها، وانما المدار عندهم على البينات والشهود، والطرق القطعية أو الظنية المعتبرة عندهم، والسر في ذلك ان الشارع المقدس له عناية خاصة بحفظ دماء المسلمين، وليس عنده أمر أهم- بعد الإسلام- من حفظ النفوس والدماء- وقد مر عليك انه لو لزمت البينة حتى في الدماء ولم تقبل قسامة تبطل دماء كثيرة، ولا يبقى مجال للقصاص عمن قتل غيلة، فيكثر القتل اغتيالا، لأنه ليس هناك مشاهد وبينة تدل على جناية القاتل، فيجترئ الفساق دماء الابرياء، كما يرى مصاديقه في العصر الحاضر.

ومن هنا حكم الشارع المقدس بان المتهم بالقتل إذا كان هناك لوث أي أمارات على اتهامه مثل ما إذا كان القتيل على باب داره وكان بينهما خصومة، وشهد صبي مثلا على ارتكابه ذلك، أو ما أشبهه من أمارات التهمة، فعليه إقامة البينة على براءته، وان لم يكن له بينة تقبل القسامة خمسون رجلا يقسمون على وقوع القتل منه، ومن المعلوم ان قيام القسامة على القتل أيضا مشكل، ولكن بابه مفتوح وكفى بذلك تحذيرا للفاسق الفاجر عن قتل الابرياء غيلة.

هذا وللحكم بما ذكرنا شرائط كثيرة مذكورة في أبواب القصاص من الفقه فيما يثبت به القتل، وعلى كل حال هذا تعبدي يقتصر على القدر المتيقن من مورده ولا يتجاوز منه على غيره.

نعم هناك اشكال جدير بالذكر وهو انه ان كانت القسامة خمسون رجلا يقسمون على أمر معلوم عندهم، فهذا يعود إلى الشهادة، وفي الشهادة يكفي اثنان من دون حاجة الى أكثر منهما، فهل يفرض الكلام فيما إذا كانوا جميعا من الفساق ؟

وهذا أمر بعيد جدا لا سيما مع ملاحظة روايات الباب، وانه ليس من هذا فيها عين ولا اثر، وقع ما يتراءى من كون العدالة أمرا سهلا في أحكام الشرع تثبت بحسن الظاهر.

والذي اخترناه لحل هذه المشكلة في «مباحث اللوث والقسامة» ان الحلف فيها وان كان اللازم ان يكون عن علم، ولا يكفي مجرد الظن، الا ان منشأ القطع فيه يمكن ان يكون مبادي حدسية التي لا تكفي في الشهادة فلذا أوجب الشارع فيها خمسين نفرا.

والدقة في اخبار القسامة أيضا يؤيد هذا النظر، وانها في مورد لم يكن هناك شهود برأى العين وكان القتل غيلة، وشبهها، فعلى هذا تنحل العويصة، ولا تضاد أحكام القسامة احكام الشهادة.

هذا مجمل الكلام في المسألة وتمامه في محله.

2- شرائط سماع الدعوى عن المدعى.

قد ذكروا السماع الدعوى عن المدعي شرائط كثيرة، انحاها بعضهم إلى‌ عشرة أو أكثر: منها كونه واجدا لشرائط التكليف مثل البلوغ والعقل.

ومنها اعتبار الرشد فيه على اشكال.

ومنها ان يكون ما يدعيه على خصمه لنفسه أو لموكله أو لمن له الولاية عليه بأحد أنواع الولاية أو يكون حاكما في الحسبيات.

ومنها ان يكون ما يدعيه امرا ممكنا عقلا وعادة وجائزا شرعا.

ومنها ان يكون مورد الدعوى غير مجهول ولا مبهم بل معلوما بالنوع والوصف والقدر.

ومنها ان تكون الدعوى صريحة في استحقاق المدعي شيئا.

ومنها ان يكون في مقابله خصم ينكر ما يدعيه.

ومنها ان يكون دعواه عن بت وجزم.

ومنها انه لا بد من تعيين المدعى عليه بشخصه. الى غير ذلك مما ذكروه.

ولكن الإنصاف ان جل هذه الأمور ليست من قبيل الشرائط الزائدة على ماهية الدعوى وصيرورة المدعي مدعيا، بل أمور مستفادة من هذا المفهوم وتحليل مغزاه بعينه، فمثل صراحة الدعوى (أو ظهوره) وكذلك كونه عن بت وجزم، لا عن احتمال وظن، معتبر في مفهوم الدعوى، فإنها بدونه لا يعد دعوى، وكذلك إذا كان ما يدعيه امرا غير ممكن عقلا فلا يعد عند العقلاء دعوى وكذا إذا لم يكن في مقابله خصم.

وهكذا إذا لم يكن الدعوى لنفسه أو لمن إليه أمره، بل كان غير مرتبط به فان هذا أيضا لا يعد دعوى عند العقلاء، وهكذا غيره من أشباهه. فإذا ادعى رجل حق رجل مظلوم واقام الدعوى له يقال له هذا أمر لا يعنيك حتى تدعي، واعانة المظلوم وان كان حقا ولكن في مسألة اقامة الدعوى لا بد ان يكون من ناحية صاحبه أو وكيله أو الولي الفقيه أو القاضي المنصوب عموما أو خصوصا من قبله، نعم إذا‌ لم يكن هناك الحاكم الشرعي فيتصدى لذلك عدول المؤمنين.

هذا ولكن بعضها يمكن اعتبارها شرطا كالبلوغ، فيقال ان غير البالغ لا تجوز له اقامة الدعوى بل المتصدي له وليه، وكذا الرشد في الأمور المالية إذا كان مورد الدعوى امرا ماليا على القول باعتباره بعض الشرائط الأخر مما يكون امره ظاهرا ودليله واضحا لا يحتاج الى مزيد تفصيل.

3- هل تشترط الخلطة أم لا ؟

قد عرفت ان مدلول الأدلة لزوم البينة على المدعي أي شخص كان، واليمين على من ادعي عليه كذلك، ولم يرد في شي‌ء من الأدلة اعتبار وجود الخلطة بينهما حتى تحتاج في إقامة الدعوى الى استفسار حالهما وانه هل يكون بينهما خلطة أم لا؟

وخالف في ذلك بعض فقهاء المالكية، وهو شاذ ضعيف، يرده إجماع أهل العلم وتضافر الروايات على عدم هذا القيد بحكم الإطلاق فيها.

ولنعم ما قال الشهيد (قدس اللّه سره) في القواعد والفوائد حيث قال: «كل من ادعي على غيره سمعت دعواه وطولب باليمين مع عدم البينة، سواء علم بينهما خلطة أم لا، لعموم قوله عليه السّلام «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» وقوله عليه السّلام «شاهداك أو يمينه» ولإمكان ثبوت الحقوق بدون الخلطة، فاشتراطها يرد الى ضياعها، لأنها واقعة تعم بها البلوى فلو كانت الخلطة شرطا لعلمت ونقلت (انتهى) «28».

واحتج مشترط الخلطة «29» بأدلة ضعيفة جدا.

منها إيراد الحديث المعروف هكذا «البينة على المدعي واليمين على من‌ أنكر إذا كان بينهما خلطة»! وفيه ان هذا حديث شاذ، مخالف لما رواه المحدثون من الخاصة والعامة في كتبهم، وقد عرفت إيراد الحديث بطرق متواترة أو كالمتواترة ليس في شي‌ء منها هذا القيد، ولو كان لبان، وظهر ظهورا تاما لكثرة الابتلاء به.

واستدلوا أيضا بأنه لو لا هذا الشرط لاجترأ السفهاء على ذوي المروات فادعوا عليهم بدعاوي فاضحات فإن أجابوا افتضحوا، وان صالحوا على مال ذهب مالهم.

وهذا أضعف من سابقة فإنه معارض بأنه لو اشترط الخلطة لضاعت حقوق كثيرة لأنه كثيرا ما تكون الحقوق في غير ذوي الخلطة.

هذا، مضافا الى ما نرى في الخارج من العمل بالروايات المعروفة مع عدم وجود ما ذكره من المحذور، ولو فرض وقوع ذلك نادرا لا يكون مانعا عن الأخذ بالقواعد الكلية، فكم من قاعدة كلية يرد عليها في مثل هذه النقوض في موارد جزئية.

وبالجملة هذا الشرط ضعيف في الغاية. ولذا التجأ بعضهم بالاستثناء من اعتبار الخلطة مواضع مثل الصانع والمتهم بالسرقة، والوديعة، والعارية، وغير ذلك.

4- هل المدار في المدعي والمنكر مصب الدعوى أو نتيجتها وغايتها ؟

وقلما وقع البحث عنه في كلماتهم مع انه من الأمور المبتلى بها في القضاء، وله أمثلة كثيرة منها ما إذا تنازعا في ان العقد الواقع منهما كان بيعا أو هبة، فالمالك للمثمن يدعي كونه هبة، وغرضه إمكان الرجوع فيه، لأن الهبة جائزة، والأخذ يدعي كونه بيعا حتى يكون لازما.

فان كان الملاك هو مصب الدعوى فلا شك انه من قبيل التداعي لأن كل واحد منهما يدعي أمرا مخالفا للأصل فكل منهما مدع لأمر ومنكر لما يدعيه الأخر‌ فرجع الأمر إلى التحالف وشبهه، من أحكام التداعي، واما ان كان بالنظر الى النتيجة والغرض، فالمدعي للزوم العقد قوله موافق للأصل لأن الأصل في العقود اللزوم، فيكون في الواقع منكرا، واما المدعي لكونه هبة فهو مدع لان قوله مخالف للأصل.

هذا إذا لم يكن نزاع في العوض، واما لو كان المدعي للهبة ناظرا الى نفي الثمن عن ذمته فقوله موافق لأصالة براءة ذمته فيكون منكرا واما مدعي البيع فهو يدعي شيئا في ذمة الطرف فهو مدع.

الى غير ذلك من الأمثلة.

والحق ان يقال ان المدار على مصب الدعوى لما عرفت من ان المعيار صدق عنوان المدعي والمنكر، أو المدعي والمدعى عليه، ومن المعلوم انه في المثال كل واحد منهما مدع، ولا يعتنى الى مئال هذه الدعوى ونتيجتها، أو غرض طرفي الدعوى فليس على القاضي إلا ملاحظة الصدق العرفي بما عرفت من معنى المدعي والمنكر بحسب ظاهر اللفظ وظاهر الحال وما يفهمه العرف من لفظهما، واما الأغراض فهي أمور خارجة لا دخل لهما بهذا الأمر (و اللّه العالم بحقائق الأمور).

________________

(1) الوسائل ج 18 كتاب القضاء أبواب كيفية الحكم الباب 3 الحديث 1.

(2) الوسائل ج 18 كتاب القضاء أبواب كيفية الحكم الباب 3 الحديث 2.

(3) الوسائل ج 18 كتاب القضاء أبواب كيفية الحكم الباب 3 الحديث 5.

(4) الوسائل ج 18 كتاب القضاء أبواب كيفية الحكم الباب 3 الحديث 3.

(5) الوسائل ج 18 كتاب القضاء أبواب كيفية الحكم الباب 3 الحديث 4.

(6) الوسائل ج 18 كتاب القضاء أبواب كيفية الحكم الباب 3 الحديث 6.

(7) الوسائل ج 18 كتاب القضاء أبواب كيفية الحكم الباب 3 الحديث 7.

(8) الوسائل ج 18 كتاب القضاء أبواب كيفية الحكم الباب 25 الحديث 3.

(9) مستدرك الوسائل ج 3 كتاب القضاء أبواب كيفية الحكم الباب 3 الحديث 1.

(10) مستدرك الوسائل ج 3 كتاب القضاء أبواب كيفية الحكم الباب 3 الحديث 4.

(11) مسند احمد ج 2 ص 70 (طبعة دار صادر).

(12) السنن لابن ماجه ج 2 ص 778 (باب البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه).

(13) صحيح البخاري ج 3 ص 188 (باب في اختلاف الراهن والمرتهن).

(14) صحيح البخاري ج 3 ص 232.

(15) التاج الجامع للأصول ج 3 ص 61.

(16) السنن للبيهقي ج 10 ص 252 كتاب الدعوى والبينات.

(17) السنن للبيهقي ج 10 ص 252 كتاب الدعوى والبينات.

(18) مسند احمد ج 4 ص 317 (في أحاديث وائل بن حجر).

(19) الوسائل ج 13 كتاب الرهن الباب 16 الحديث 1.

(20) الوسائل ج 18 كتاب القضاء أبواب كيفية الحكم الباب 1 الحديث 1.

(21) الجواهر ج 40 ص 374.

(22) مفتاح الكرامة كتاب القضاء ص 61.

(23) كفاية الأحكام للسبزواري ص 274.

(24) جامع الشتات ج 2 ص 683 كتاب القضاء.

(25) الوسائل ج 19 كتاب القصاص أبواب دعوى القتل الباب 9 الحديث 3.

(26) الوسائل ج 19 كتاب القصاص أبواب دعوى القتل الباب 9 الحديث 4.

(27) الوسائل ج 19 كتاب القصاص أبواب دعوى القتل الباب 9 الحديث 11.

(28) القواعد والفوائد ج 2 ص 194 (القاعدة 218).

(29) وهو «سحنون عبد السلام بن سعيد» الفقيه المالكي وغيره.