x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

المسائل الفقهية

التقليد

الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

التحنيط

التشييع

التكفين

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الميت

الغسل

مسائل تتعلق باحكام الاموات

أحكام الخلوة

أقسام المياه وأحكامها

الاستحاضة

الاغسال

الانية واحكامها

التيمم (مسائل فقهية)

احكام التيمم

شروط التيمم ومسوغاته

كيفية التيمم

مايتيمم به

الجنابة

سبب الجنابة

مايحرم ويكره للجُنب

مسائل متفرقة في غسل الجنابة

مستحبات غسل الجنابة

واجبات غسل الجنابة

الحيض

الطهارة من الخبث

احكام النجاسة

الاعيان النجسة

النجاسات التي يعفى عنها في الصلاة

كيفية سراية النجاسة الى الملاقي

المطهرات

النفاس

الوضوء

الخلل

سنن الوضوء

شرائط الوضوء

كيفية الوضوء واحكامه

مسائل متفرقة تتعلق بالوضوء

مستمر الحدث

نواقض الوضوء والاحداث الموجبة للوضوء

وضوء الجبيرة واحكامها

مسائل في احكام الطهارة

الصلاة

مقدمات الصلاة(مسائل فقهية)

الستر والساتر (مسائل فقهية)

القبلة (مسائل فقهية)

اوقات الصلاة (مسائل فقهية)

مكان المصلي (مسائل فقهية)

افعال الصلاة (مسائل فقهية)

الاذان والاقامة (مسائل فقهية)

الترتيب (مسائل فقهية)

التسبيحات الاربعة (مسائل فقهية)

التسليم (مسائل فقهية)

التشهد(مسائل فقهية)

التعقيب (مسائل فقهية)

الركوع (مسائل فقهية)

السجود(مسائل فقهية)

القراءة (مسائل فقهية)

القنوت (مسائل فقهية)

القيام (مسائل فقهية)

الموالاة(مسائل فقهية)

النية (مسائل فقهية)

تكبيرة الاحرام (مسائل فقهية)

منافيات وتروك الصلاة (مسائل فقهية)

الخلل في الصلاة (مسائل فقهية)

الصلوات الواجبة والمستحبة (مسائل فقهية)

الصلاة لقضاء الحاجة (مسائل فقهية)

صلاة الاستسقاء(مسائل فقهية)

صلاة الايات (مسائل فقهية)

صلاة الجمعة (مسائل فقهية)

صلاة الخوف والمطاردة(مسائل فقهية)

صلاة العيدين (مسائل فقهية)

صلاة الغفيلة (مسائل فقهية)

صلاة اول يوم من كل شهر (مسائل فقهية)

صلاة ليلة الدفن (مسائل فقهية)

صلوات اخرى(مسائل فقهية)

نافلة شهر رمضان (مسائل فقهية)

المساجد واحكامها(مسائل فقهية)

اداب الصلاة ومسنوناتها وفضيلتها (مسائل فقهية)

اعداد الفرائض ونوافلها (مسائل فقهية)

صلاة الجماعة (مسائل فقهية)

صلاة القضاء(مسائل فقهية)

صلاة المسافر(مسائل فقهية)

صلاة الاستئجار (مسائل فقهية)

مسائل متفرقة في الصلاة(مسائل فقهية)

الصوم

احكام متفرقة في الصوم

المفطرات

النية في الصوم

ترخيص الافطار

ثبوت شهر رمضان

شروط الصوم

قضاء شهر رمضان

كفارة الصوم

الاعتكاف

الاعتكاف وشرائطه

تروك الاعتكاف

مسائل في الاعتكاف

الحج والعمرة

شرائط الحج

انواع الحج واحكامه

الوقوف بعرفة والمزدلفة

النيابة والاستئجار

المواقيت

العمرة واحكامها

الطواف والسعي والتقصير

الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

الاحرام والمحرم والحرم

اعمال منى ومناسكها

احكام عامة

الصد والحصر*

الجهاد

احكام الاسارى

الارض المفتوحة عنوة وصلحا والتي اسلم اهلها عليها

الامان

الجهاد في الاشهر الحرم

الطوائف الذين يجب قتالهم

الغنائم

المرابطة

المهادنة

اهل الذمة

وجوب الجهاد و شرائطه

مسائل في احكام الجهاد

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

حكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرائط وجوبهما

اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

احكام عامة حول الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

الخمس

مايجب فيه الخمس

مسائل في احكام الخمس

مستحق الخمس ومصرفه

الزكاة

اصناف المستحقين

اوصاف المستحقين

زكاة الفطرة

مسائل في زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت اخراج زكاة الفطرة

شرائط وجوب الزكاة

ماتكون فيه الزكاة

الانعام الثلاثة

الغلات الاربع

النقدين

مال التجارة

مسائل في احكام الزكاة

احكام عامة

علم اصول الفقه

تاريخ علم اصول الفقه

تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية

المباحث اللفظية

المباحث العقلية

الاصول العملية

الاحتياط

الاستصحاب

البراءة

التخيير

مباحث الحجة

تعارض الادلة

المصطلحات الاصولية

حرف الالف

حرف التاء

حرف الحاء

حرف الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

القواعد الفقهية

مقالات حول القواعد الفقهية

اخذ الاجرة على الواجبات

اقرار العقلاء

الإتلاف - من اتلف مال الغير فهو له ضامن

الإحسان

الاشتراك - الاشتراك في التكاليف

الاعانة على الاثم و العدوان

الاعراض - الاعراض عن الملك

الامكان - ان كل ما يمكن ان يكون حيضا فهو حيض

الائتمان - عدم ضمان الامين - ليس على الامين الا اليمين

البناء على الاكثر

البينة واليمين - البينة على المدعي واليمين على من انكر

التقية

التلف في زمن الخيار - التلف في زمن الخيار في ممن لا خيار له

الجب - الاسلام يجب عما قبله

الحيازة - من حاز ملك

الزعيم غارم

السبق - من سبق الى ما لم يسبقه اليه احد فهو احق به - الحق لمن سبق

السلطنة - التسلط - الناس مسلطون على اموالهم

الشرط الفاسد هل هو مفسد للعقد ام لا؟ - الشرط الفاسد ليس بمفسد

الصحة - اصالة الصحة

الطهارة - كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر

العقود تابعة للقصود

الغرور - المغرور يرجع الى من غره

الفراغ و التجاوز

القرعة

المؤمنون عند شروطهم

الميسور لايسقط بالمعسور - الميسور

الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها

الولد للفراش

أمارية اليد - اليد

انحلال العقد الواحد المتعلق بالمركب الى عقود متعددة - انحلال العقودالى عقود متعددة

بطلان كل عقد بتعذر الوفاء بمضمونه

تلف المبيع قبل قبضه - اذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه

حجية البينة

حجية الضن في الصلاة

حجية سوق المسلمين - السوق - أمارية السوق على كون اللحوم الموجودة فيه مذكاة

حجية قول ذي اليد

حرمة ابطال الاعمال العبادية الا ما خرج بالدليل

عدم شرطية البلوغ في الاحكام الوضعية

على اليد ما اخذت حتى تؤدي - ضمان اليد

قاعدة الالزام - الزام المخالفين بما الزموا به انفسهم

قاعدة التسامح في ادلة السنن

قاعدة اللزوم - اصالة اللزوم في العقود - الاصل في المعاملات اللزوم

لا تعاد

لا حرج - نفي العسر و الحرج

لا ربا في ما يكال او يوزن

لا شك في النافلة

لا شك لكثير الشك

لا شك للإمام و المأموم مع حفظ الآخر

لا ضرر ولا ضرار

ما يضمن و ما لا يضمن - كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وكل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

مشروعية عبادات الصبي وعدمها

من ملك شيئا ملك الاقرار به

نجاسة الكافر وعدمها - كل كافر نجس

نفي السبيل للكافر على المسلمين

يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب

قواعد فقهية متفرقة

المصطلحات الفقهية

حرف الألف

حرف الباء

حرف التاء

حرف الثاء

حرف الجيم

حرف الحاء

حرفق الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

الفقه المقارن

كتاب الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الاموات

الغسل

الكفن

التشييع

احكام التخلي

استقبال القبلة و استدبارها

مستحبات و ومكروهات التخلي

الاستنجاء

الاعيان النجسة

البول والغائط

الخمر

الدم

الكافر

الكلب والخنزير

المني

الميتة

احكام المياه

الوضوء

احكام الوضوء

النية

سنن الوضوء

غسل الوجه

غسل اليدين

مسح الرأس

مسح القدمين

نواقض الوضوء

المطهرات

الشمس

الماء

الجبيرة

التيمم

احكام عامة في الطهارة

احكام النجاسة

الحيض و الاستحاظة و النفاس

احكام الحيض

احكام النفاس

احكام الاستحاضة

الاغسال المستحبة

غسل الجنابة واحكامها

كتاب الصلاة

احكام السهو والخلل في الصلاة

احكام الصلاة

احكام المساجد

افعال الصلاة

الاذان والاقامة

التسليم

التشهد

الركوع

السجود

القراءة

القنوت

القيام

النية

تكبيرة الاحرام

سجدة السهو

الستر والساتر

الصلوات الواجبة والمندوبة

صلاة الاحتياط

صلاة الاستسقاء

صلاة الايات

صلاة الجماعة

صلاة الجمعة

صلاة الخوف

صلاة العيدين

صلاة القضاء

صلاة الليل

صلاة المسافر

صلاة النافلة

صلاة النذر

القبلة

اوقات الفرائض

مستحبات الصلاة

مكان المصلي

منافيات الصلاة

كتاب الزكاة

احكام الزكاة

ماتجب فيه الزكاة

زكاة النقدين

زكاة مال التجارة

زكاة الغلات الاربعة

زكاة الانعام الثلاثة

شروط الزكاة

زكاة الفطرة

احكام زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت وجوب زكاة الفطرة

اصناف واوصاف المستحقين وأحكامهم

كتاب الصوم

احكام الصوم

احكام الكفارة

اقسام الصوم

الصوم المندوب

شرائط صحة الصوم

قضاء الصوم

كيفية ثبوت الهلال

نية الصوم

مستحبات ومكروهات الصوم

كتاب الحج والعمرة

احرام الصبي والعبد

احكام الحج

دخول مكة واعمالها

احكام الطواف والسعي والتقصير

التلبية

المواقيت

الصد والحصر

اعمال منى ومناسكها

احكام الرمي

احكام الهدي والاضحية

الحلق والتقصير

مسائل متفرقة

النيابة والاستئجار

الوقوف بعرفة والمزدلفة

انواع الحج واحكامه

احكام الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

احكام تخص الاحرام والمحرم والحرم

العمرة واحكامها

شرائط وجوب الحج

كتاب الاعتكاف

كتاب الخمس

الفقه الاسلامي واصوله : علم اصول الفقه : تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية :

دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين

المؤلف:  ناصر مكارم الشيرازي

المصدر:  أنوَار الاُصُول

الجزء والصفحة:  ج 3 ص 152.

4-9-2016

603

إذا شككنا في أنّ الواجب في الصّلاة مثلاً هل هو تسعة أجزاء ( من دون وجوب السورة ) أو عشرة أجزاء ، فهل يجب عليه الاحتياط ، أو لا؟

وينبغي قبل الورود في أصل البحث بيان الفرق بين الأقلّ والأكثر الإرتباطيين ، والأقلّ والأكثر الاستقلاليين ، وأنّ الملاك فيه هل هو تعدّد الأغراض ووحدتها ، أو تعدّد التكاليف ووحدتها؟

ذهب في تهذيب الاصول إلى الأوّل وقال : إنّ الأقل في الاستقلالي مغاير للأكثر غرضاً وملاكاً وأمراً وتكليفاً ، كالفائتة المردّدة بين الواحد وما فوقها ، والدين المردّد بين الدرهم والدرهمين ، فهنا أغراض وموضوعات وأوامر وأحكام على تقدير وجوب الأكثر ... وأمّا الإرتباطي فالغرض قائم بالأجزاء الواقعيّة ، فلو كان الواجب هو الأكثر فالأقل خالٍ عن الغرض والأثر المطلوب ... إلى أن قال : « ومن ذلك يظهر أنّ ملاك الاستقلاليّة والإرتباطيّة باعتبار الغرض القائم بالموضوع قبل تعلّق الأمر » ، ثمّ استدلّ لضعف القول بأنّ الملاك إنّما هو وحدة التكليف وكثرته بقوله : « ضرورة أنّ وحدته وكثرته ( وحدة التكليف وكثرته ) باعتبار الغرض الباعث على التكليف ، فلا معنى لجعل المتأخّر عن الملاك الواقعي ملاكاً لتمييزهما » (1).

أقول : الصحيح هو الثاني ، أي الميزان هو وحدة التكليف وتعدّده ، وذلك لأنّه ليست الأغراض غالباً في متناول أيدينا ، ولا يمكن لنا الظفر بها والعثور عليها ، بل الواصل إلينا والموجود بأيدينا إنّما هو الأوامر والنواهي المتعلّقة بالمركّبات الشرعيّة ، فالمركّب الإرتباطي ما يتألّف من أشياء تكون الأوامر المتعلّقة بها أمراً واحداً حقيقة منبسطاً عليها ، فتكون بينها ملازمة ثبوتاً وسقوطاً ، وأمّا المركّب الاستقلالي فهو ما يتألّف من أشياء تتعلّق بها أوامر تكون لكلّ منها إطاعة مستقلّة ، فلا ملازمة بينها ثبوتاً وسقوطاً ، هذا مضافاً إلى أنّ ما ذكره لا يصحّ بناءً على مقالة النافين للأغراض.

إذا عرفت هذا فلندخل في أصل البحث فنقول : يقع الكلام في الأقلّ والأكثر الإرتباطيين في جهات ثلاث :

1 ـ الأجزاء ( في ما إذا كان الأقل والأكثر من قبيل الجزء والكلّ ).

2 ـ الشرائط ( في ما إذا كان الأقل والأكثر من قبيل الشرط والمشروط ، وكان منشأ انتزاع الشرطيّة أمراً خارجاً عن المشروط ، مبايناً له في الوجود كالطهارة بالنسبة إلى الصّلاة ).

3 ـ القيود ( في ما إذا كان الأقل والأكثر من قبيل الشرط والشروط أيضاً ، ولكن كان منشأ انتزاع الشرطيّة أمراً داخلاً في المشروط متّحداً معه في الوجود ، كوصف الإيمان بالنسبة إلى الرقبة ).

الجهة الاولى : في الأجزاء:

والأقوال فيها ثلاثة:

الأوّل: البراءة عن الأكثر، وهو المشهور بين العامّة والخاصّة.

والثاني: الاحتياط، وهو ما نقل عن الشيخ الطوسي والسيّد المرتضى(رحمهما الله) في بعض كلماته، والشهيد الأوّل والثاني(رحمه الله) وبعض آخر.

الثالث: ما ذهب إليه المحقّق الخراساني(رحمه الله) في الكفاية، وهو التفصيل بين البراءة العقليّة فلا تجري، والبراءة النقلية فتجري، فتكون النتيجة بالمآل وفي مقام الفتوى عنده هو البراءة، لحكومة أدلّة البراءة الشرعيّة.

واستدلّ الشيخ الأعظم الأنصاري(رحمه الله) في الرسائل للقول الأوّل بقاعدة قبح العقاب بلا بيان، وبأحاديث البراءة فهو يقول بانحلال العلم الإجمالي وصيرورة الشبهة بدوية بالنسبة إلى الأكثر.

والمحقّق الخراساني(رحمه الله) أنكر الانحلال، واستدلّ لوجوب الاحتياط عقلا بدليلين:

الدليل الأوّل: لزوم المحذور العقلي من الانحلال، وهو عبارة عن محذور الخلف، ومحذور لزوم عدم الانحلال من الإنحلال (أي يلزم من وجود الانحلال عدمه، وهو التناقض المحال).

أمّا محذور الخلف فبيانه : أنّ دعوى انحلال العلم الإجمالي في المقام خلاف الفرض لأنّ المفروض توقّف الانحلال على تنجّز وجوب الأقل على كلّ تقدير، سواء كان الواجب الواقعي

هو الأقل أو الأكثر، مع أنّه ليس كذلك، فإنّ الواجب الواقعي لو كان هو الأكثر لم يكن وجوب الأقل منجّزاً، إذ وجوب الأقل حينئذ يكون مقدّمياً ومن باب تبعية وجوب المقدّمة لوجوب ذي المقدّمة في التنجّز، والمفروض عدم تنجّز وجوب ذي المقدّمة وهو الأكثر لجريان البراءة فيه على الفرض، فليس وجوب الأقلّ ثابتاً على كلّ تقدير، مع أنّ المعتبر في الانحلال وجوب كذلك، وهذا خلف.

وأمّا محذور لزوم عدم الانحلال من الانحلال فتوضيحه: إنّ انحلال العلم الإجمالي بالعلم التفصيلي والشكّ البدوي منوط بالعلم بوجوب الأقلّ تفصيلا، وهذا العلم التفصيلي موقوف على تنجّز وجوب الأقلّ مطلقاً، نفسياً كان أو غيريّاً، وتنجّز وجوبه الغيري يقتضي تنجّز وجوب الأكثر نفسيّاً حتّى يترشّح منه الوجوب على الأقل، ويصير واجباً غيريّاً، ولا يخفى أنّ تنجّز وجوب الأكثر يقتضي عدم الانحلال، فلزم من الانحلال عدم الانحلال وهو محال.

أقول: لا يخفى رجوع الإشكال الثاني إلى الأوّل، لأنّ الخلف أيضاً يؤول إلى ما يلزم من وجوده عدمه.

وقد أخذ المحقّقون في الجواب عنهما، وكلّ اختار طريقاً لحلّ المشكلتين.

فقال المحقّق النائيني (رحمه الله): يرد عليه أمران:

الأوّل: إنّ ذلك مبنى على أن يكون وجوب الأقل مقدّمياً على تقدير أن يكون متعلّق التكليف هو الأكثر، إلاّ أنّ ما نحن فيه ليس من هذا القبيل، لما تقدّم من أنّ وجوب الأقلّ لا يكون إلاّ نفسيّاً على كلّ تقدير، لأنّ الأجزاء إنّما تجب بعين وجوب الكلّ، ولا يمكن أن يجتمع في الأجزاء كلّ من الوجوب النفسي والغيري.

الثاني: إنّ دعوى توقّف وجوب الأقل على تنجّز التكليف بالأكثر لا تستقيم، ولو فرض كون وجوبه مقدّمياً، وسواء اُريد من وجوب الأقلّ تعلّق التكليف به أو تنجّزه، فإنّ وجوب الأقل على تقدير كونه مقدّمة لوجود الأكثر إنّما يتوقّف على تعلّق واقع الطلب بالأكثر، لا على تنجّز التكليف به، لأنّ وجوب المقدّمة يتبع وجوب ذي المقدّمة واقعاً وإن لم يبلغ مرتبة التنجّز، وكذا تنجّز التكليف بالأقل لا يتوقّف على تنجّز التكليف بالأكثر بل يتوقّف على العلم بوجوب نفسه، فإنّ تنجّز كلّ تكليف إنّما يتوقّف على العلم بذلك التكليف، ولا دخل لتنجّز تكليف آخر في ذلك(2).

أقول: لعلّ نظر المحقّق النائيني(رحمه الله) في هذا الإشكال (الإشكال الثاني) إلى وجوب حفظ ماء الوضوء مثلا قبل الوقت، أو وجوب أخذ جواز السفر والخروج مع الرفقة قبل مجيء أيّام الحجّ فيكون وجوب المقدّمة فيهما فعليّاً ومنجّزاً مع عدم تنجّز وجوب ذيها.

لكن يرد عليه: بالنسبة إلى إشكاله الأوّل بأنّه لو قبلنا وجوب الجزء العاشر مثلا على كلّ تقدير وأنّه دخيل في قوام الكلّ فإذا سقط عن الفعلية والتنجّز سقط بالتبع وجوب سائر الأجزاء عن الفعليّة، سواء قلنا بمقدّميتها أو لم نقل.

وإذاً ينحصر الإشكال في الثاني، ويردّه أنّه يستحيل وجوب المقدّمة فعلا مع عدم وجوب ذيها فعلا لأنّ وجوب المقدّمة بناءً على المقدّميّة مترشّح من وجوب ذيها وفرع عليه، ولا يمكن زيادة الفرع على الأصل، وأمّا المثالان المذكوران فوجوب المقدّمة فيهما من أجل العلم بوجوب ذي المقدّمة في موطنهما، وحكم العقل بوجوب حفظ غرض المولى الذي يتوقّف على الإتيان بالمقدّمة كما ستأتي الإشارة إليه. ولا يخفى أنّ المقام ليس من هذا القبيل.

ثمّ إنّه اُجيب عن مقالة المحقّق الخراساني(رحمه الله) بوجوه اُخر، والمختار في الجواب:

أوّلا: النقض بعكس كلامه، لأنّه يلزم من وجب الاحتياط أيضاً عدم وجوب الاحتياط فإنّه فرع تنجّز الواقع على كلّ حال، ولازمه العلم التفصيلي بوجوب الأقلّ، ونتيجته انحلال العلم الإجمالي وجريان البراءة في الأكثر.

وثانياً: أنّ لزوم الخلف ولزوم عدم الانحلال من وجوده يتصوّر فيما إذا وجد الانحلال وعدم الانحلال في آن واحد، لا ما إذا كان وعاؤهما زمانين مختلفين، وكان أحدهما في طول الآخر، كما أنّه كذلك في الشبهة البدوية، فيجب الاحتياط قبل الفحص ولا يجب بعده، وبعبارة اُخرى: يشترط في التناقض ولزوم الخلف ثمانية شرائط: منها الوحدة في الزمان، و هي مفقودة في المقام.

وثالثاً: أنّ قاعدة قبح العقاب بلا بيان بناءً على المختار قاعدة عقلائيّة، والعقلاء ليس بناؤهم في دائرة الموالي والعبيد على إجراء الاحتياط في الاجزاء والشرائط المشكوكة في المركّبات فإذا أمر المولى عبده أو الرئيس مرؤوسه بأمر مركّب، ولم يذكر فيه إلاّ تسعة أجزاء مثلا، ثمّ شكّ العبد أو المرؤوس في لزوم جزء عاشر فلا يصحّ مؤاخذته بدون البيان، والعقاب بلا برهان.

إن قلت: ليس الأمر خالياً من إحدى الحالتين فإمّا ينحلّ العلم الإجمالي أو لا ينحلّ. فإن انحلّ فتكون الشبهة بالنسبة إلى الأكثر بدويّة، والحكم فيها هو البراءة كسائر مصاديق الشبهات البدويّة فلا خصوصيّة لما نحن فيه، وإن لم ينحلّ فكيف يكون بناء العقلاء على البراءة مع وجود العلم الإجمالي وتنجّزه عقلا؟

قلنا: إنّ العلم الإجمالي وإن لم ينحلّ بل كان منجّزاً عند العقل، لكن مع ذلك جرى بناء العقلاء على البراءة، وأمضاه الشارع المقدّس كما مرّ تفصيله عند الكلام في البراءة العقليّة مستوفاً.

هذا كلّه هو الدليل الأوّل للمحقّق الخراساني(رحمه الله) على وجوب الاحتياط.

الدليل الثاني: ما يكون مبتنيّاً على مقالة العدليّة من أنّ الواجبات الشرعيّة الطاف في الواجبات العقليّة، وإنّ الأوامر والنواهي مبنيّة على مصالح ومفاسد واقعيّة لمتعلّقاتها، وهو إنّا نقطع بوجود ملاك ومصلحة ملزمة قائمة بالأقل أو الأكثر، وإذا لم يأت بالأكثر يشكّ في حصول الملاك وتلك المصلحة، فيحكم العقل بلزوم إتيان الأكثر حتّى يحصل العلم بحصول الملاك.

إن قلت: هذا لا يلائم مقالة الأشاعرة ومبنى من يقول بوجود المصلحة في خصوص الأمر نفسه لا في متعلّقه.

قلنا: إنّا لسنا مسؤولين عن عقائد الأشاعرة بل علينا أن نبحث وفقاً لمبانينا.

إن قلت: لا يمكن في المقام تحصيل الغرض، لاحتمال اعتبار قصد الوجه (وهو إتيان الأجزاء بقصد الوجوب) فيه، وهو لا يمكن بالنسبة إلى الأكثر.

قلنا: قد مرّ كراراً عدم وجوب قصد الوجه، ولو سلّمنا بوجوبه فإنّه واجب بالإضافة إلى مجموع العمل لا كلّ جزء جزء.

أقول: هذا الدليل أيضاً غير تامّ لأنّه لا دليل على لزوم تحصيل الغرض إلاّ في ثلاث حالات:

الاُولى: فيما إذا لم يكن المولى قادراً على البيان كما إذا كان محبوساً.

الثانية: فيما إذا وقع الغرض بنفسه تحت أمر المولى كما إذا كان المأمور به في الوضوء مثلا عنوان الطهارة المعنوية التي  هي من الاُمور البسيطة، فيجب الاحتياط في الأجزاء حتّى يعلم بحصولها.

الثالثة: فيما إذا حصل لنا العلم من ناحية دليل خارجي كالإجماع ونحوه بعدم حصول غرض المولى فيجب الاحتياط حتّى يعلم بحصوله.

وفي غير هذه الموارد لا يجب تحصيل الغرض، ولا دليل على وجوبه، وإنّما الواجب على المكلّف الإتيان بالتكاليف الواصلة وامتثال الأوامر والنواهي الثابتة، فإنّها هي حلقة الإتّصال بين المولى والعبد، ولا علم للعبد بأغراض المولى، لأنّ أغراضه تحت اختياره ومربوطة به، ولا ربط للعبد بها إلاّ في ما ذكر، فيدور أمره في غيره مدار الإبلاغ والوصول. هذا أوّلا.

وثانياً: قد وقع في هذا الوجه الخلط بين قصد الوجه وقصد الجزم، فإنّ قصد الوجه حاصل في المقام لأنّه يأتي بالأكثر بقصد الوجوب لكن لا جزماً بل احتمالا، فالمفقود هو قصد الجزم (لا قصد الوجه)، ولا دليل على اعتباره، ولذلك اخترنا إمكان الاحتياط في العبادات، ولو سلّمنا باعتبار قصد الجزم فإنّه منحصر بصورة التمكّن عنه، والمقام ليس كذلك.

ثالثاً: في قول المستدلّ من أنّ المصلحة قد تكون في نفس الإنشاء: إن كان المقصود إمكان تصوّر ذلك في مقام الثبوت فلا إشكال في إمكانه، وإلاّ فإنّا لم نظفر به في الشرعيّات في مقام الإثبات حتّى في مورد واحد.

نعم قد يتوهّم بوجوده في ثلاثة موارد:

أحدها: الأوامر الامتحانيّة كما في قصّة ذبح إسماعيل (عليه السلام).

والصحيح أنّ المصلحة فيها أيضاً في نفس العمل لا في خصوص الإنشاء: فإنّ في قصّته (عليه السلام) وإن لم تكن المصلحة في المأمور به المباشري وهو الذبح، لكنّها كانت موجودة في مقدّماته وفعل التهيّؤ للذبح والإقدام به، ولعلّ المأمور به الواقعي عند المولى كان هو الإتيان بمقدّمات الذبح الدالّة على كمال إيثار الخليل والذبيح وإخلاصهما، كما يشهد عليه قوله تعالى (قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا) كما لا يخفى.

ثانيها: الأوامر الجزائيّة كما في قصّة البقرة لنبي إسرائيل فقد ورد في الحديث: «ولكن شدّدوا فشدّ الله عليهم » (3) فإنّ ظاهره عدم وجود المصلحة في لونها وسنّها، بل المصلحة كانت في مجازاتهم بالتضييق عليهم.

لكن الإنصاف فيه أيضاً أنّ المصلحة في المنشأ لا في الإنشاء، فإنّ اللون الخاصّ مثلا وإن لم يكن ذا مصلحة بعنوان الأوّلي (لعدم كونه قيداً في المأمور به في ابتداء الأمر) لكنّه صار ذا مصلحة بعنوان ثانوي وهو سدّ باب الأعذار الواهيّة واللجاج من المكلّفين في مقابل الأوامر الإلهيّة.

ثالثها: بعض الأوامر الواردة في مقام التقيّة، حيث إنّ الإمام (عليه السلام) ينشأ الوجوب في ذلك المقام، مع أنّه لا وجوب في الواقع ولا مصلحة في الفعل المتعلّق للأمر الذي صدر تقيّة، وإنّما المصلحة في نفس الإنشاء.

والصحيح خروج هذا القسم عن محلّ البحث أيضاً، لأنّ محلّه هو الأوامر الجدّية، أي البحث في المقام في أنّه هل يوجد في الشريعة قانون جدّي كانت المصلحة فيه في نفس الإنشاء، أو لا؟ والأوامر الصادرة تقيّة ليست جدّية، ولذا يقال: إنّ أصالة الجدّ فيها ساقطة.

هذا كلّه في البراءة العقليّة.

وأمّا البراءة النقلية فالمحقّق الخراساني(رحمه الله) تبعاً للمشهور ذهب إلى جريانها، لأنّ عموم حديث الرفع قاض برفع جزئية ما شكّ في جزئيّته، ويعيّن الواجب في الأقلّ.

ثمّ يستشكل على نفسه بما حاصله: أنّ البراءة تجري فيما تناله يد الوضع والرفع التشريعيين، وجزئيّة السورة المجهولة مثلا ليست بمجعولة شرعاً، لأنّها ليست أثراً شرعيّاً (كحرمة شرب التتن أو وجوب الدعاء عند رؤية الهلال) وممّا يترتّب عليها أثر شرعي (كالشكّ في الالتزام النفساني المجرّد عن اللفظ في باب النذر الذي يكون سبباً لوجوب الوفاء شرعاً).

ويجيب عنه: بأنّ الجزئيّة وإن لم تكن مجعولة لكونها أمراً انتزاعياً، إلاّ أنّ منشأ انتزاعها وهو الأمر مجعول شرعي، وهذا كاف في صحّة جريان البراءة فيها.

ثمّ استشكل ثانياً: بأنّه بعد جريان البراءة في الأمر بالأكثر (الذي هو منشأ انتزاع الجزئيّة) لا يبقى أمر يتعلّق بالأقل لأنّ متعلّق الأمر هو الكلّ لا الجزء، وحينئذ لا وجه لجريان البراءة وتعيّن الواجب في الأقل.

وأجاب عنه أيضاً: بأنّ الأمر بالأقلّ يثبت بالجمع بين أدلّة الاجزاء وأدلّة البراءة الشرعيّة، حيث إنّ وجوب الأقل معلوم بنفس أدلّة الاجزاء، ووجوب الأكثر منفي بالبراءة الشرعيّة فيكون حديث الرفع بمنزلة الإستثناء لأدلّة الأجزاء، ويقيّد إطلاقها لحالتي العلم والجهل بجزئيّة الأجزاء فكأنّ الشارع قال: «يجب في الصّلاة التكبير والقراءة والركوع والسجود والتشهّد مطلقاً، علم بها المكلّف أم لا، وأمّا السورة ف هي واجبة في خصوص ما إذا علم بجزئيّتها»، أو أنّه قال: «ايت بالكلّ إلاّ السورة لأنّك لا تعلم أنّه واجب».

أقول: لا حاجة في حلّ المشكلة إلى طيّ هذا الطريق، لإمكان حلّها بالأوامر الضمنيّة فيقال: إنّ حديث الرفع ينفي خصوص الوجوب الضمني المتعلّق بما شكّ في جزئيته، ولا ينفي الوجوب عن الباقي.

بقي هنا أمران:

الأوّل: قد يقال أنّ المحقّق الخراساني قد عدل عن مقالته في بعض كلماته، وذهب إلى عدم جريان البراءة عقلا وشرعاً فقال في تعليقته على كتابه (كفاية الاُصول) ما لفظه «لكنّه لا يخفى أنّه لا مجال للنقل فيما هو مورد حكم العقل بالاحتياط، وهو ما إذا علم إجمالا بالتكليف الفعلي، ضرورة أنّه ينافيه رفع الجزئيّة المجهولة، وإنّما يكون مورده ما إذا لم يعلم به، بل علم مجرّد ثبوته واقعاً (يعني ولو لم يكن فعليّاً)(4).

ولعلّه مبنيّ على ما اختاره سابقاً من أنّ العلم الإجمالي إذا علم كونه فعلياً من جميع الجهات يكون علّة تامّة للتنجّز فلا يمكن صدور الترخيص لأطرافه من ناحية الشارع.

ولكن بما أنّ الصحيح المختار في ذلك البحث عدم كون العلم الإجمالي علّة تامّة، وإنّه ليس إلاّ مجرّد المقتضي للإحتياط (وذلك لأنّه لا يستفاد من أدلّة الواجبات والمحرّمات إلاّ كونها مقتضية للفعليّة، غير منافية لما يعرض عليها من العناوين الثانوية وغيرها ممّا يمنعها عن الفعليّة، وإنّه لا طريق لنا إلى كشف الفعليّة من جميع الجهات من ظواهر الأدلّة نعم إذا ثبت المقتضي ولم يمنع منه مانع نحكم بفعليّته) فلا مانع حينئذ من جريان البراءة في ما نحن فيه.

الثاني: قد يتصوّر إمكان جريان أصالة الاشتغال في ما نحن فيه، وذلك من طريقين:

أحدهما: استصحاب اشتغال الذمّة بالتكليف.

وفيه: أنّ البراءة مقدّمة على الإشتغال لأنّها في محلّ الكلام بمنزلة الأصل السببي، وأصالة الاشتغال أصل مسبّبي، لأنّ منشأ الشكّ في فراغ الذمّة إنّما هو الشكّ في جزئية السورة مثلا، وهو يرتفع بجريان البراءة فيرتفع موضوع أصالة الاشتغال.

ثانيهما: أنّ الشكّ في المقام يرجع إلى الشكّ في المحصّل، لأنّ المأمور به وهو عنوان الصّلاة مثلا عنوان بسيط، ولا نعلم أنّه هل يحصل بإتيان تسعة أجزاء، أو لا؟ فلا بدّ لإحرازه من إتيان الجزء العاشر أيضاً.

وفيه: أنّه ليست الصّلاة أمراً خارجاً وراء الاجزاء، حاصلا منها ومسبّباً عنها حتّى يكون الشكّ شكّاً في المحصّل، بل إنّما هي عين الاجزاء، والأمر بها منبسط على الاجزاء.

هذا كلّه في الجهة الاولى ، و هي ما إذا كان الأقل والأكثر من قبيل الجزء والكلّ.

الجهة الثانية : في الشرائط:

( في ما إذا كان الأقل والأكثر من قبيل الشرط والمشروط ، وكان منشأ انتزاع الشرطيّة أمراً خارجاً عن المشروط مبايناً له في الوجود كالطهارة بالنسبة إلى الصّلاة ).

وقد ذهب المحقّق الخراساني  رحمه الله هنا أيضاً إلى التفصيل بين البراءة العقليّة والبراءة الشرعيّة كما ذهب إليه في المقام الثالث الآتي أيضاً ( وهو الشكّ في القيود ) فقال بجريان البراءة شرعاً وعدم جريانها عقلاً بناءً على مسلكه المتقدّم في المقام الأوّل ( الشكّ في الأجزاء)، وادّعى أنّ عدم جريان البراءة العقليّة في الشرائط والقيود أظهر من عدم جريانها في الأجزاء بدعوى أنّ الإنحلال المتوهّم ( هناك بتقريب كون الأقل ممّا علم وجوبه تفصيلاً إمّا نفسياً أو مقدّمياً ) لا يكاد يتوهّم في المقام ، فإنّ الجزء الخارجي ممّا يمكن فيه دعوى اتّصافه بالوجوب الغيري المقدّمي ، إذ لكلّ جزء خارجي وجود آخر مستقلّ غير وجود الجزء الآخر وإن كان العرف يرى للمجموع وجوداً واحداً ، بخلاف الجزء التحليلي المتصوّر في المقام كالتقيّد والاشتراط فلا وجود له خارجاً غير وجود المجموع الواجب بالوجوب النفسي الاستقلالي ، فلا يتّصف بالوجوب حتّى الوجوب النفسي الضمني. هذا في البراءة العقليّة.

وأمّا البراءة النقليّة فقد فصّل فيها بين الشرائط والقيود ، وقال بجريانها في الشرائط

 

وعدم جريانها في القيود لأنّ المشروط بالشرط المشكوك ( وهو الصّلاة مع الطهارة ) مع المطلق ( وهو الصّلاة المطلق ) يكون في نظر العرف من قبيل الأقل والأكثر ، فيأتي فيه ما ذكره من التفصيل في الاجزاء ، وأمّا المقيّد بالقيد المشكوك ( كالرقبة المؤمنة ) مع المطلق (وهو الرقبة المطلقة ) يكون في نظر العرف من قبيل المتباينين الأجنبيين فلا تجري فيه البراءة النقليّة كالبراءة العقليّة.

أقول : الحقّ جريان البراءة مطلقاً في الشرائط أيضاً كالأجزاء ( وأمّا القيود فسيوافيك البحث عنها في الجهة الثالثة تفصيلاً فانتظر ) وذلك لشمول الأمر الضمني للشرائط كالأجزاء ، والفرق بينهما أنّ الأمر الضمني في الأجزاء يتعلّق بالجزء نفسه ، وأمّا في الشرائط فيتعلّق بوصف الاشتراط لا بنفس الشرط ، وهذا المقدار من الفرق لا يمنع عن الانحلال في الشرائط.

وبالجملة إنّ مسألة الانحلال في المقام مبنية على تعلّق الأمر الضمني بالشرائط لا على تعلّق الأمر المقدّمي الغيري بها حتّى يتوهّم محذور الخلف أو محذور لزوم عدم الانحلال من الانحلال الذي مرّ بيانهما تفصيلاً في استدلال المحقّق الخراساني  رحمه الله.

الجهة الثالثة : في القيود:

( أي في ما إذا كان الأقل والأكثر من قبيل الشرط والمشروط أيضاً ولكن كان منشأ انتزاع الشرطيّة أمراً داخلاً في المشروط متّحداً معه في الوجود كوصف الإيمان بالنسبة إلى الرقبة ) وفيها ثلاثة أقوال :

1 ـ ما ذهب إليه المحقّق الخراساني  رحمه الله من كونها من قبيل المتباينين فيجب فيها الاحتياط مطلقاً.

2 ـ ما ذهب إليه المحقّق النائيني  رحمه الله من التفصيل بين القيود المقوّمة وغير المقوّمة ووجوب الاحتياط في الاولى دون الثانية.

3 ـ ما ذهب إليه الشيخ الأعظم الأنصاري  رحمه الله في تهذيب الاصول وهو القول بالبراءة المطلقة.

واستدلّ المحقّق الخراساني  رحمه الله للقول الأوّل بأنّ القيود من الاجزاء التحليليّة التي لا يميّزها إلاّ العقل ، فلا تميز لها في الخارج أصلاً ، فيعدّ واجد الجزء التحليلي وفاقده من المتباينين ، لا من الأقل والأكثر ، فدعوى الانحلال فيها بتخيّل إنّ ذات المطلق كالرقبة والعام كالحيوان مطلوبان قطعاً بالطلب النفسي أو الغيري ، ومطلوبية المقيّد والخاصّ مشكوكة ، مدفوعة بأنّ ذاتي المطلق والعام ليستا مقدّمتين للمقيّد والخاص حتّى يكونا واجبتين على كلّ تقدير.

واستدلّ المحقّق النائيني  رحمه الله بما حاصله : أنّ القيد والخصوصيّة الزائدة المشكوكة إذا كانت من مقوّمات المعنى المتخصّص بها عقلاً كالفصل بالنسبة إلى الجنس ، بمعنى أنّ الأكثر كان مركّباً من الجنس والفصل كما إذا كان الواجب مردّداً بين ذبح الحيوان مطلقاً ـ بقرة كان أو شاة ـ وبين ذبح الشاة بالخصوص ففي هذه الصورة يجب الاحتياط بإتيان الأكثر ( وهو الشاة التي ينحلّ بالتحليل العقلي إلى جنس وفصل ) لأنّ الأكثر وإن كان مركّباً عند العقل إلاّ أنّه بنظر العرف يكون مفهوماً بسيطاً مبايناً لمفهوم الأقل فالشاة والحيوان عند العرف من المتباينين.

وإن شئت قلت : إنّه من قبيل دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، ومقتضى القاعدة فيه هو التعيين لا البراءة عن الخصوصيّة ، وهكذا إذا كانت الخصوصيّة الزائدة المشكوكة من مقوّمات المعنى المتخصّص بها بنظر العرف وإن لم يكن من مقوّماته عقلاً ، كما إذا كان الواجب مردّداً بين شراء جارية رومية وبين جارية مطلقاً ، حيث إنّ الروميّة ليست من مقوّمات الجارية عقلاً ولكن العرف يرونها نوعاً آخر مقابل الجارية الحبشية مثلاً ، وأمّا إذا لم تكن الخصوصيّة الزائدة المشكوكة من مقوّمات المعنى لا عقلاً ولا عرفاً كما إذا كان الواجب مردّداً بين الرقبة المطلقة وبين الرقبة المؤمنة أو بين العبد المطلق وبين العبد الكاتب فيجوز إجراء البراءة بالنسبة إليها لأنّ اعتبار قيد الإيمان أو الكتابة مثلاً يحتاج إلى مؤونة زائدة من البيان في عالم الثبوت والإثبات ، ثمّ قال في ذيل كلامه : إنّ الضابط في المقوّمية كون التخلّف في المعاملة من قبيل التخلّف في العنوان فتكون المعاملة باطلة كما إذا قال بعتك شاة ولم تكن شاة بل كان فرساً مثلاً ، والضابط في عدمها كون التخلّف من قبيل الأوصاف التي يوجب تخلّفها خيار تخلّف الوصف فقط كما إذا قال بعتك هذا العبد الكاتب ولم يكن كاتباً (5) ( انت هي ).

واستدلّ في تهذيب الاصول للقول الثالث : بما حاصله : أنّ متعلّق البعث والزجر إنّما هو الماهيات والعناوين دون المصاديق الخارجيّة ، وعليه فالمدار في دوران الأمر بين الأقل والأكثر إنّما هو ملاحظة لسان الدليل الدالّ على الحكم حسب الدلالة اللفظيّة العرفيّة ، لا المصاديق الخارجيّة ، ومن المعلوم أنّ البعث إلى الطبيعة ( كطبيعة الرقبة ) غير البعث إلى الطبيعة المقيّدة ( كطبيعة الرقبة المؤمنة ) ، والنسبة بين المتعلّقين هو القلّة والكثرة وإن كانت المصاديق على غير هذا النحو ، وحينئذٍ نقول : إنّ البعث إلى طبيعة الرقبة معلوم ، وتعلّقه إلى المؤمنة مشكوك فيه ، فتجري البراءة عن المشكوك ، وهكذا المركّبات التحليليّة كالجنس والفصل لأنّ الموضوع ينحلّ عند العقل إلى معلوم ومشكوك فيه ، فالصلاة المشروطة بالطهارة عين ذات الصّلاة في الخارج ، كما أنّ الرقبة المؤمنة عين مطلقها فيه ، والإنسان عين الحيوان وهكذا ، وإنّما الافتراق في التحليل العقلي ، وهو في الجميع سواء ، فكما تنحلّ الصّلاة المشروطة بالصلاة والاشتراط ، كذا ينحلّ الإنسان إلى الحيوان والناطق ، ففي جريان البراءة وقيام الحجّة على المتيقّن دون المشكوك سواء في الجميع » (6).

أقول : الأقوى هو القول الثاني وهو ما ذهب إليه المحقّق النائيني  رحمه الله ، نعم بالنسبة إلى القيود غير المقوّمة ، المختار هو البراءة العقلائيّة لا العقليّة بناءً على ما حقّقناه في مبحث البراءة.

وعلى أي حال لا فرق بين الأجزاء والشرائط والقيود إلاّفي القيود المقوّمة لأنّها في نظر العرف من قبيل المتباينين وإن لم يكن كذلك بالدقّة العقليّة ، وإن شئت فاختبر نفسك فيما إذا أمر المولى بصناعة مصنوع خشبي يتردّد بين كونه سريراً أو نافذة ، ففي هذه الحالة وإن كانت وصف السريرية وغيرها من الأعراض للخشب لكنّها تعدّ عند العرف من المقوّمات ، والسرير والنافذة عندهم متباينان كالسيّارة والطائرة ، وإن كانتا مصنوعتين من الخشب والحديد ، ولذلك يوجب التخلّف فيهما بطلان المعاملة لا مجرّد خيار تخلّف الوصف.

وبالجملة إنّ المعيار في التباين والوحدة ليس الجنس والفصل المنطقيين بل المعيار الصدق العرفي وإن كان الاختلاف في الاعراض.

هذا ـ بخلاف ما إذا كانت القيود غير مقوّمة عند العرف كقيد الإيمان في الرقبة المؤمنة وقيد الكتابة في العبد الكاتب ، فيكون الفاقد والواجد من قبيل الأقل والأكثر فتجري البراءة بالنسبة إلى الأكثر.

ومن هنا يظهر الإشكال في كلمات الأعلام الثلاثة :

أمّا المحقّق الخراساني  رحمه الله فيرد عليه أنّ المقيّد والفاقد للقيد إنّما يكونان من المتباينين فيما إذا كانا من قبيل الماهيّة بشرط شيء والماهيّة بشرط لا ، مع أنّ مطلق الرقبة والرقبة المؤمنة مثلاً يكونان من قبيل الماهيّة بشرط شيء والماهيّة لا بشرط ، وإلاّ يلزم أن يكون الفاقد للجزء والواجد له أيضاً من المتباينين وأن تكون الصّلاة بشرط الجزء العاشر مباينة للصّلاة بشرط تسعة الاجزاء ، وهذا مخالف لما ذهب إليه نفسه من كونهما من قبيل الأقل والأكثر.

هذا مضافاً إلى أنّ الميزان كما قلنا صدق التباين وعدمه عند العرف ، وكون القيد من القيود المقوّمة وعدم كونه منها في نظر العرف ، فربّ وصف لا يعدّ مقوّماً لموصوفه عرفاً كالقراءة والكتابة في العبد القاري والكاتب فيكون التخلّف فيه من قبيل التخلّف في الوصف موجباً للخيار فقط ، وربّ وصف يعدّ من مقوّمات موصوفه عند العرف كوصف السريريّة والنافذية فيما إذا اشترى شيئاً بعنوان إنّه سرير فتبيّن كونه نافذة. فيكون التخلّف فيه من قبيل التخلّف في العنوان، الموجب لبطلان المعاملة.

إن قلت : ما هو الضابط في التباين وعدمه وفي المقوّميّة وعدمها عند العرف؟

قلنا : إنّما يرى العرف التباين فيما إذا كانت الآثار المترتّبة متفاوتة مختلفة كالآثار المترتّبة على السرير والنافذة ، وإذا كانت الآثار قريبة كالآثار المترتّبة على العبد الكاتب وغير الكاتب (حيث إنّهما مشتركان في خدمات كثيرة ) فلا يحكم العرف بالتباين بل يرى التخلّف فيه مجرّد التخلّف في وصف من الأوصاف.

وأمّا ما ذهب إليه في تهذيب الاصول من أنّ متعلّق البعث والزجر إنّما هو الماهيّات والعناوين.

فيرد عليه : إنّه إمّا أن يكون المراد منه الفاظ الماهيّات كلفظ الغنم والشاة ، أو يكون المراد الصور المتصوّرة في الذهن ، والأوّل لا معنى له كما لا يخفى ، والثاني يحتمل فيه وجهان :

أحدهما : أن يكون المقصود الصور الذهنيّة بما  هي صور ذهنيّة ، والثانية : الصور الذهنيّة بما  هي مشيرة إلى الخارج ، والأوّل أيضاً لا يمكن أن يكون متعلّقاً للأمر والنهي قطعاً ، فيتعيّن أن يكون المتعلّق العناوين بما  هي مشيرة إلى الخارج ، وهذا يرجع في الحقيقة إلى كون المتعلّق هو الخارج لا الماهية والعنوان ، وأمّا تعلّقهما ابتداءً بالعنوان فلأجل العبور إلى الخارج.

وإن شئت قلت : الطلب التشريعي كالطلب التكويني ، فكما أنّ المولى في طلبه التكويني للماء مثلاً يطلب الماء الموجود في الخارج لأنّه منبع كلّ أثر ، كذلك في طلبه التشريعي كما إذا أمر عبده بإتيان الماء عوضاً عن تصدّي نفسه لإتيانه ، فلا إشكال في أنّ متعلّق أمره وطلبه هذا أيضاً إتيان الماء الموجود في الخارج ، وقسّ عليه سائر الأوامر والنواهي الصادرة من سائر الموالي والشارعين.

وهاهنا امور ينبغي التنبيه عليها :

الأمر الأوّل : الشك في جزئيّة شيء أو شرطيّته عند النسيان

فيما إذا شكّ في جزئيّة شيء أو شرطيته في حال نسيانه ، وإنّه هل يوجب النسيان ارتفاع الجزئيّة أو الشرطيّة أو لا؟ وبعبارة اخرى : هل الأصل في الأجزاء والشرائط ركنية كلّ واحد منها ( حتّى يوجب النسيان بطلان العمل ) أو لا؟

والبحث فيه يقع في ثلاث مقامات :

المقام الأوّل : في مقتضى الدليل الاجتهادي.

المقام الثاني : في مقتضى الأصل العملي.

المقام الثالث : في كيفية الخطاب بالنسبة إلى الناسي بناءً على عدم اطلاق دليل الجزء أو الشرط لحال النسيان.

أمّا المقام الأوّل : فيتصوّر له صور ثلاث :

الاولى : ما إذا دلّ الدليل على الجزئيّة أو الشرطيّة بلسان الحكم الوضعي كقوله  عليه السلام : « لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب » فلا إشكال في إطلاقه حينئذٍ لحال النسيان.

الثانية : ما إذا كان الدليل بلسان الأمر ، وكان إرشاداً إلى الجزئيّة أو الشرطيّة فلا إشكال أيضاً في اطلاقه لحال النسيان.

الثالثة : ما إذا استفدنا الجزئيّة أو الشرطيّة من أمر مولوي تكليفي ، ودلّ على الجزئيّة بمدلولها الالتزامي ففي هذه الصورة تختصّ الجزئيّة أو الشرطيّة بحال الذكر والإلتفات ، لإمتناع توجّه الخطاب إلى الناسي ، فيكون مقتضى القاعدة الأوّلية حينئذٍ اختصاص الجزء أو الشرط

 

بالعالم الملتفت بخلاف الصورتين الأوّليين لعموم الدليل فيهما ، اللهمّ إلاّ أن يكون هناك قاعدة حاكمة عليه كقاعدة لا تعاد وحديث رفع النسيان وشبه ذلك.

أمّا المقام الثاني : أي الذي تصل النوبة إليه بعد فقدان الدليل الاجتهادي فيأتي فيه كلّ واحد من الأقوال الثلاثة المطروحة في الأقل والأكثر الارتباطيين ( القول بالاشتغال مطلقاً والقول بالبراءة مطلقاً والقول بالتفصيل بين البراءة العقليّة والبراءة النقليّة ) لأنّ المقام من صغريات ذلك البحث لأنّا نعلم إجمالاً بتعلّق التكليف بالجزء أو الشرط ونشكّ في اطلاقه لحالتي الذكر والنسيان ( وهو الأكثر ) أو اختصاصه بحال الالتفات فقط ( وهو الأقل ) فالمختار حينئذٍ في ما نحن فيه هو البراءة عقلاً ونقلاً كما مرّ هناك ، والمراد من البراءة النقليّة هنا إنّما هو مفاد فقرة « رفع ما لا يعلمون » من حديث الرفع ، لا فقرة « رفع النسيان » لأنّها من الأدلّة الاجتهاديّة، وحاكمة على اطلاق أدلّة الجزئيّة والشرطيّة لو كان هناك اطلاق.

أمّا المقام الثالث : فقد وقع الأعلام ( القائلون باختصاص أوامر الجزئيّة والشرطيّة بحال الذكر ) في حلّ مشكلة تعدّد الخطابين في حيص وبيص ، فذهب المحقّق النائيني  رحمه الله إلى عدم إمكان توجّه الخطاب إلى الناسي ، وتصحيح صلاته من طريق وجود الملاك ( ملاك المحبوبيّة) وذهب جماعة إلى إمكان توجّه الخطاب إليه وذكروا لتصحيحه طرقاً ثلاثة :

الأوّل : ما ذكره الشيخ الأعظم  رحمه الله وهو أنّه يكفي في تصحيح عبادة الناسي اعتقاده توجّه أمر الملتفت إليه فيأتي بالفاقد للجزء بداعي إطاعة الأمر بالصلاة ، وإنّما الخطأ في التطبيق.

وأورد على هذا الوجه : بأنّ الخطأ في التطبيق متوقّف على تصوير خطاب للناسي في الرتبة السابقة ، وهو محلّ الكلام والإشكال.

الثاني : أن يكلّف الملتفت بتمام المأمور به ، والناسي بما عدا المنسي ، لكن لا بعنوان الناسي حتّى يلزم الانقلاب إلى الذاكر بمجرّد توجّه الخطاب إليه بل بعنوان آخر عام ، ملازم لجميع مصاديقه ، كعنوان الصائم إذا فرض كونه ملازماً لمصاديق النسيان فيقال : « أيّها الصائم أقم الصّلاة بتسعة الأجزاء ».

ويرد عليه : إنّ اختيار عنوان ملازم عام في جميع الموارد أمر مشكل جدّاً أو محال.

الثالث : أن يوجّه الخطاب بالنسبة إلى تسعة أجزاء مثلاً بعنوان أيّها المكلّفون ، وبالنسبة إلى الجزء العاشر بعنوان أيّها الذاكر. وهذا وجه جيّد.

الأمر الثاني : في زيادة الأجزاء والشرائط

وتنقيح البحث فيه يحتاج إلى رسم امور :

الأوّل : في أنّ اعتبار أجزاء المركّب يتصوّر على ثلاث صور : تارةً يعتبر بشرط لا ، كما إذا دلّ الدليل على لزوم إتيان الركوع بشرط الوحدة ، واخرى لا بشرط ، كما في ذكر التسبيح الكبرى في الركوع ، و هي بنفسها على قسمين : فتارةً تعتبر الزيادة جزء للصّلاة كما في مثال التسبيح في الركوع ، واخرى لا تعتبر جزء للصلاة كما أنّها ليست مضرّة بصحّة العمل ( كما في زيادة المسح في الوضوء ) إلاّمن ناحية التشريع المحرّم ، وثالثة نشكّ في كيفيّة اعتبارها.

ومن ناحية اخرى : تارةً تكون الزيادة من سنخ المأمور به كما في الركوع الزائد ، واخرى تكون من غير نسخه كما إذا أتى في الصّلاة بأذكار أو أفعال من غير نسخ أفعالها وأذكارها.

ثمّ إنّ كلّ ذلك إمّا يأتي به بقصد الجزئيّة فيكون نوعاً من التشريع ، أو يأتي بها من غير قصد الجزئيّة ، فلابدّ من البحث في أنّه ما هو مقتضى الأصل العملي حينئذٍ؟ فانتظر.

الثاني : قد يستشكل في أصل تصوير الزيادة في الأجزاء حقيقة فيقال : أساساً لا تتصوّر الزيادة في الاجزاء لأنّها إمّا أخذت في عنوان المأمور به بشرط لا فترجع الزيادة حينئذٍ إلى النقصان ، لأنّ للمركّب حينئذٍ قيد عدمي ( وهو عدم إتيان الزيادة ) وهو ينعدم بإتيان الزيادة ، أو أخذت لا بشرط فلا تصدق الزيادة حينئذٍ ، أي لا يكون الزائد زائداً في المأمور به ، لأنّ المأمور به حينئذٍ إنّما هو طبيعي الجزء من غير اعتبار وجود فرد آخر من الطبيعي معه ، ولا اعتبار عدمه لأنّه على الفرض غير مقيّد بكونه وجوداً واحداً ولا بكونه متعدّداً ، فلو وجد فردان من الطبيعي أو أكثر يصدق على الجميع أنّها من مصاديق المأمور به فلا تتصوّر الزيادة.

وقد اجيب عنه بوجوه أحسنها : أنّ الزيادة وإن ترجع إلى النقيصة بالدقّة العقليّة لكنّه لا إشكال في صدقها عند العرف ، والمقصود في المقام إنّما هو البحث في إيجاب الزيادة العرفيّة بطلان المأمور به وعدمه.

وإن شئت قلت : إنّ الحكم في ما نحن فيه لا يدور مدار التسمية وصدق عنوان الزيادة أو النقيصة ، بل البحث في أنّ ما أتى به زائداً على الاجزاء هل يوجب الفساد أو لا ، سواء صدق عليه اسم الزيادة أو لا.

ومن تلك الوجوه : أنّه يتصوّر في اعتبار المأمور به شقّ ثالث ، وهو أن يعتبر المولى

 

صرف الوجود من الطبيعة ، أي ما هو عادم العدم ونقيضه ، فقهراً ينطبق المأمور به على أوّل وجود من تلك الطبيعة التي أخذت جزءً ، ولا ينطبق على الوجود الثاني ، بل يصدق عليه عنوان الزيادة حقيقة.

ولكن يرد عليه : أنّه لا يخلو الأمر في مقام الثبوت والواقع من إحدى الحالات الثلاثة فإمّا أخذت الماهيّة لا بشرط أو بشرط شيء أو بشرط لا ، والحصر عقلي لا يتصوّر فيه شقّ رابع بعنوان صرف الوجود ، بل لا يكون صرف الوجود أيضاً خارجاً من هذه الثلاثة.

الثالث : في مقتضى الأصل العملي فيما إذا أتى بالزائد من دون قصد الجزئيّة والتشريع.

ربّما يقال : إنّ جميع المباني المذكورة في النقيصة تأتي هنا أيضاً ، فيكون الأصل ( بناءً على ما هو المختار هناك ) هو البراءة لأنّه لو كانت الزيادة مضرّة وموجبة للبطلان لكان على الشارع البيان.

وإن شئت قلت : إنّ كون الزيادة موجبة للبطلان سواء كانت عمدية أو سهوية متوقّف على اعتبار الجزء بشرط لا ، أي اعتباره مقيّداً بعدم الزيادة ، والشكّ فيه يرجع إلى الأقل والأكثر في المركّبات التحليلية ، وقد تقدّم أنّ المختار فيها جريان البراءة ، فمقتضى الأصل عدم البطلان إلاّ أن يدلّ دليل خاصّ على أنّ الزيادة مطلقاً موجبة للبطلان ، كما ورد الدليل على البطلان في باب الصّلاة والطواف عند الزيادة العمدية.

لكن يمكن أن يقال : بأنّ بناء العقلاء في المركّبات المخترعة مثل الأدوية والأغذية على عدم جواز إتيان الزيادة ، فلو أمر المولى بمعجون من كذا وكذا لم يجز التعدّي من الأجزاء والحدود التي بيّنها ، وهذا يمنع عن حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، وعن جريان أصل البراءة الشرعيّة ( قاعدة رفع ما لا يعلمون ) لأنّ السيرة العقلائيّة ـ بعد امضاء الشارع ولو بعدم الردع ـ بمنزلة الأمارة وتوجب رفع موضوع البراءة ( وهو الشكّ ) وتكون واردة عليها ، والنتيجة حينئذٍ قاعدة الاشتغال وبطلان العمل بالزيادة.

الرابع : بناءً على كون الأصل الأوّلي هو البراءة ـ هل يلزم البطلان من ناحية اعتبار قصد القربة في التعبّديات أو لا؟

وهذا يتصوّر له صورتان : تارةً يأتي بالزيادة بقصد الزيادة بحيث لولاها لا يأتي بالعمل برأسه فلا إشكال حينئذٍ في البطلان لعدم تحقّق قصد القربة وعدم تمشّيه ، ولكن مثل هذا نادر

 

جدّاً ، واخرى يأتي بها من باب تطبيق المأمور به عليها من دون أن يكون محرّكه الإتيان بالزيادة بل المحرّك هو إطاعة المولى كيفما كان ، فالحكم بالصحّة هو الأقوى على فرض جريان البراءة في المقام.

الأمر الثالث : هل يسقط الوجوب عند تعذر وجود الجزء أو الشرط ...؟

إذا تعذّر وجود جزء أو شرط أو عدم مانع بواسطة الاضطرار أو أحد الأعذار الاخر ، بمعنى أنّه اضطرّ إلى ترك جزء من أجزاء الواجب أو ترك شرط من شرائطه أو اضطرّ إلى وجود مانع أو اكره مثلاً إلى ترك ما لوجوده دخل في الواجب أو إلى فعل ما لعدمه دخل ، فيه فهل مقتضى القواعد والأدلّة سقوط الوجوب عن الباقي ، أو لا؟

وبعبارة اخرى : هل الجزئيّة والشرطيّة والمانعية مطلقة شاملة لحالتي الاختيار والعذر أو تختصّ بحال الاختيار ولازمه وجوب الإتيان بالباقي؟

لابدّ من إيراد البحث في أربع مقامات :

الأوّل : في مقتضى الأدلّة الخاصّة في كلّ مورد.

الثاني : في مقتضى إطلاقات أدلّة الجزئيّة والشرطيّة.

الثالث : في مقتضى الاصول العمليّة.

الرابع : في مقتضى « قاعدة الميسور » ودائرة شمولها.

أمّا المقام الأوّل : فمحلّ البحث عنه هو الفقه لا الاصول كما لا يخفى.

وأمّا المقام الثاني : فالتحقيق فيه أن يقال : يتصوّر لأدلّة الجزئيّة والشرطيّة ثلاث حالات :

تارةً : تكون الأدلّة بلسان الحكم الوضعي كقوله  عليه السلام : « لا صلاة إلاّ بطهور » ، فلا إشكال في إطلاقها وشمولها لحالتي الإختيار والعذر.

واخرى : يكون لسانها لسان الحكم التكليفي مع كونها من قبيل الأوامر الإرشاديّة ، أي تكون إرشادية إلى الجزئيّة أو الشرطيّة كقوله تعالى : {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ... وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا...} [المائدة: 6] فلا إشكال أيضاً في الاطلاق.

وثالثة : تكون الأدلّة بلسان الحكم التكليفي مع كونها أوامر مولويّة ، فالصحيح حينئذٍ اختصاصها بحال الاختيار لاستحالة تعلّق الأمر بفاقد القدرة ، وامتناع التكليف بما لا يطاق.

وأمّا المقام الثالث : فلا إشكال في أنّ الأصل الجاري في المقام هو البراءة عن وجوب الباقي ، أي وجوب الصّلاة بدون الطهارة على فاقد الطهورين مثلاً.

ولكن قد يقال ، بجريان استصحاب الوجوب ، ويقدّم على البراءة إمّا لكونه حاكماً عليها أو من باب أخصيّة أدلّته من أدلّة البراءة ( كما هو المختار في محلّه ).

يمكن الإيراد عليه :

أوّلاً : بعدم اتّحاد قضية المشكوكة والمتيقّنة من حيث الموضوع ، لأنّ الموضوع في المتيقّنة هو مجموع القيد والمقيّد ( الطهارة مع الصّلاة ) وفي المشكوكة ذات المقيّد من دون القيد.

واجيب عنه بوجهين :

أحدهما : أنّ المستصحب هنا إنّما هو كلّي الصّلاة ، أي القدر الجامع بين الصّلاة من دون الطهارة والصّلاة مع الطهارة ، وهو واحد في القضيتين.

ثانيهما : وجود الوحدة عرفاً ، لأنّ الجزء أو القيد المتعذّر كثيراً مّا لا يكون من مقوّمات الموضوع في نظر العرف بل يكون من حالاته.

والإنصاف عدم تماميّة كلا الوجهين :

أمّا الوجه الأوّل : فلأنّ استصحاب الكلّي في المقام من مصاديق القسم الثالث منه ( وهو ما إذا إنعدمت الطبيعة الموجودة ضمن فرد بإنعدام ذلك الفرد ، وشككنا في وجودها ثانياً بقيام فرد جديد مقام الفرد الأوّل ) والمعروف عند المحقّقين عدم حجّيته.

وأمّا الوجه الثاني : فلعدم وجود الاتّحاد عند العرف بين واجد الجزء وفاقده ، كالحجّ مع الوقوف في عرفات والحجّ مع عدم الوقوف فيها ، وأمّا التسامح العرفي فهو يأتي فيما إذا كان التفاوت جزئيّاً ، كما إذا نقص من الماء الكثير رطلاً مثلاً وشككنا في بقائه على الكرّية.

وثانياً : بأنّ استصحاب الوجوب يتصوّر بالنسبة إلى ما إذا فُقد الطهورين مثلاً بعد دخول الوقت، وأمّا إذا فقد قبله فلا تجب عليه الصّلاة حتّى يستصحب وجوبها ، اللهمّ إلاّ أن يقال بوجوبها قبل الوقت أيضاً على نحو الواجب المعلّق ، لكن المختار عدم صحّته فلا وجه لجريان استصحاب الوجوب ، بل الجاري إنّما هو استصحاب عدم الوجوب.

وقد يقال : إنّ هذا الاستصحاب من قبيل القسم الثاني للكلّي لا الثالث لأنّه من قبيل الشكّ في بقاء الحيوان من جهة تردّده بين طويل العمر وقصير العمر لأنّ الوجوب المتعلّق بالمركّب هنا مردّد بين تعلّقه به على أن يكون الجزء المتعذّر جزءاً له مطلقاً فيسقط الوجوب بتعذّره ، أو يكون جزءاً له في حال الاختيار فقط فيبقى التكليف بالباقي على حاله.

واجيب عنه : بأنّه غير معقول لأنّه لازمه تعلّق طلب واحد بعشرة أجزاء تارةً ، وبتسعة أجزاء اخرى ، هذا محال ، لأنّ الطلب الواحد لا يتعلّق بشيئين مختلفين ، فلا يمكن اندراجه في القسم الثاني من استصحاب الكلّي.

ثمّ إنّه ذكر في المقام وجه آخر للاستصحاب ، وهو أن يستصحب شخص الوجوب السابق المتعلّق بالمركّب لأنّه منبسط على أجزاء المركّب ، وبعد تعذّر بعض أجزائه يكون الوجوب في المركّب الناقص عين الوجوب الأوّل الذي كان منبسطاً على المركّب التامّ ، غايته أنّ حدّه قد تبدّل بحدّ آخر ، نظير البياض المنبسط على جسم طويل فيما إذا انفصل منه جزء وصار قصيراً ، حيث إنّ البياض الباقي في الجسم القصير هو عين ذلك البياض الأوّل ، غايته أنّه تبدّل حدّه بحدّ آخر.

والجواب عنه : إنّ المركّب الناقص الباقي كان واجباً ضمن المركّب التامّ لا مستقلاً مع أنّ المراد في هذا الوجه استصحاب وجوب الباقي بالاستقلال ، فيتبدّل الموضوع من الوجوب الضمني إلى الوجوب الاستقلالي ، ويلزم منه عدم وجود شرط الاتّحاد المعتبر في موضوع الاستصحاب ، اللهمّ إلاّ أن يكون الجزء المتعذّر أمراً غير هامّ بحيث يعدّ من الحالات المتواردة على الموضوع ، لا المقوّمة له.

فتلخّص من جميع ما ذكرنا أنّ الأصل الجاري في المقام هو البراءة لولا دليل خاصّ اجتهادي يدلّ على بقاء الوجوب ، نظير ما ورد في باب الصّلاة من « أنّ الصّلاة لا تدرك بحال ».

ثمّ إنّ المحقّق العراقي  رحمه الله استدلّ في المقام لوجوب الباقي بعمومات الإضطرار كقوله  عليه السلام في خبري زرارة ومحمّد بن مسلم : « التقية في كلّ شيء ، وكلّ شيء اضطرّ إليه ابن آدم فقد أحلّه الله له » (7) ، بناءً على كون المراد من الحلّية فيها معناها اللغوي الشامل للحلّية الوضعيّة أيضاً ، وتقريب الاستدلال : إنّ حلّية الجزء والشرط والمانع المتعذّر عبارة عن سقوطه عن الجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة في حال تعذّره ، ومقتضى ذلك بعد حكومة هذه العمومات على الأدلّة المثبتة للأجزاء والشرائط ، والموانع هو تخصيص الجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة المستفادة منها بغير حال التعذّر ، ولازمه وجوب الإتيان بالباقي لكونه تمام المركّب المأمور به في هذا المستلزم لفراغ الذمّة وعدم وجوب الإعادة عليه بعد ارتفاع الاضطرار ، وربّما يشهد لما ذكرناه ما في كثير من النصوص من استشهاد الإمام  عليه السلام بمثل هذه العمومات لرفع جزئية المتعذّر أو شرطيّته وإيجاب الأمر بالبقيّة ( انت هي ملخّصاً ) (8).

أقول : من هذه الروايات ما رواه منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبدالله  عليه السلام : الرجل يعتريه البول ولا يقدر على حبسه ، قال فقال لي : « إذا لم يقدر على حبسه فالله أولى بالعذر يجعل خريطة » (9).

ومنها : ما رواه سماعة قال : سألته عن الرجل يكون في عينيه الماء فينتزع الماء منها فيستلقي على ظهره الأيّام الكثيرة : أربعين يوماً أو أقلّ أو أكثر ، فيمتنع من الصّلاة الأيّام إلاّ إيماءً وهو على حاله ، فقال : « لا بأس بذلك وليس شيء ممّا حرّم الله إلاّ وقد أحلّه لمن اضطرّ إليه » (10).

ومنها : ما رواه أبو بصير قال : سألت أبا عبدالله  عليه السلام عن المريض هل تمسك له المرأة شيئاً فيسجد عليه؟ فقال : « لا إلاّ أن يكون مضطرّاً ليس عنده غيرها ، وليس شيء ممّا حرّم الله إلاّ وقد أحلّه لمن اضطرّ إليه » (11).

ويمكن أن يقرّب الاستدلال بهذه الروايات لمطلق موارد الاضطرار بطريقين :

أحدهما : طريق القياس المنصوص العلّة فإنّها ظاهرة في أنّ علّة سقوط الجزء أو الشرط المضطرّ إليه عن الجزئيّة أو الشرطيّة ووجوب باقي الأجزاء إنّما هو الإضطرار به ، وهو موجود في جميع موارد الاضطرار.

ولكن يمكن الجواب عنه : بأنّ غاية ما يستفاد من هذه الرّوايات مجرّد رفع الجزئيّة والشرطيّة عن المتعذّر وأنّها لا تقتضي إيجاب فعل الباقي ، وأمّا وجوب الباقي المفروض في مورد هذه الروايات وهو الصّلاة فلعلّه كان مستفاداً من الخارج ( لا من نفس الأمر الموجود في هذه النصوص ) مثل قوله عليه‌ السلام : « لا تترك الصّلاة بحال ». فالمقدار المستفاد من هذه الروايات على نهج القياس المنصوص العلّة إنّما هو سقوط الجزء أو الشرط عن الجزئيّة والشرطيّة في تمام موارد الاضطرار ، وأمّا وجوب الباقي فلا يستفاد منها ، بل لابدّ فيه من دليل خاصّ من الخارج كما في باب الصّلاة.

ثانيهما : طريق الاستقراء عن موارد الاضطرار في الأبواب المختلفة من الفقه فإنّه يقتضي حصول القطع بوجوب الباقي ، نظير ما ورد في باب القيام من وجوب إتيان الصّلاة جالساً ثمّ مستلقياً ثمّ على جانب الأيمن والأيسر ، واستدلال الإمام عليه ‌السلام بقوله تعالى : ( الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ) وهكذا ما ورد في باب القبلة.

ويمكن الجواب عن هذا أيضاً : بأنّ موارد الاستقراء مختصّة بأبواب الصّلاة لا غير ، فاحتمال إلغاء الخصوصيّة مشكل كما لا يخفى.

هذا تمام الكلام في المقام الثالث.

قاعدة الميسور:

وأمّا المقام الرابع : ( أي الاستدلال بقاعدة الميسور لوجوب غير المتعذّر من الأجزاء والشرائط في جميع أبواب الفقه ) فلابدّ أوّلاً من ملاحظة أدلّة هذه القاعدة ، ثمّ مقدار دلالتها ، فنقول : يمكن إثباتها من طرق الروايات وبناء العقلاء :

أمّا الروايات فالعمدة فيها ثلاث روايات يشار إليها غالباً في كلمات المتأخّرين :

الرواية الاولى : نبويّة ، و هي قوله  صلى الله عليه وآله : « إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم » ، نقلت من طريق الخاصّة مرسلة في المستدرك ، ج 2 ، كتاب الحجّ عن عوالي اللئالي وفي البحار كتاب الصّلاة باب صلاة العراة (12) والموجود في هذا الطريق « فأتوا به ما استطعتم » بدل « فأتوا منه ما استطعتم ».

ونقلت من طريق العامّة في سنن البيهقي (13) عن أحمد بن حنبل في سننه عن يزيد بن هارون عن أبي هريرة قال : خطبنا رسول الله  صلى الله عليه وآله قال : « أيّها الناس قد فرض الله عليكم الحجّ فحجّوا » ، فقال رجل ( وفي رواية : قال عكاشة ) أكلّ عام يارسول الله؟ فسكت  صلى الله عليه وآله حتّى قالها ثلاثاً فقال رسول الله  صلى الله عليه وآله : « لو قلت نعم لوجب ولما استطعتم ، ثمّ قال صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله : ذروني ما تركتكم ، فإنّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه ».

ونقلت في سنن النسائي (14) أيضاً ، ولكن الموجود فيه « فأتوا به » بدل « فأتوا منه ».

ولا شبهة في أنّ الرواية من طريق الخاصّة من المراسيل ، ومن طرق العامّة وإن كانت مسندة ولكن في طريقها من لا يخفى حالهم ، مضافاً إلى أنّها غير موجودة في كتب قدماء الأصحاب ، وإنّما رواها المتأخّرون نقلاً عن عوالي اللئالي ، وقد تصدّى للقدح عليه من ليس من عادته القدح في كتب الأخبار كصاحب الحدائق  رحمه الله.

الرواية الثانية : هي المرسلة المحكيّة عن كتاب الغوالي أيضاً عن أمير المؤمنين  عليه السلام إنّه قال : « ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه » (15).

الرواية الثالثة :  هي المرسلة المنقولة عن كتاب الغوالي أيضاً عن أمير المؤمنين  عليه السلام أنّه قال : « الميسور لا يسقط بالمعسور » (16).

وهاتان العلويتان أيضاً لا يخفى الإشكال فيهما من ناحية السند من جهة الارسال.

نعم لا يبعد أن يقال بانجبار ضعفها ( أي ضعف كلّ واحدة من الثلاثة ) بعمل المشهور ، ولكن إستشكل فيه في مصباح الاصول صغرى وكبرى :

أمّا الصغرى فبعدم ثبوت استناد الأصحاب عليها في مقام العمل ، وأنّ مجرّد موافقة فتوى الأصحاب لخبر ضعيف لا يوجب الإنجبار ما لم يثبت استنادهم عليه.

وأمّا الكبرى فبأنّه لو سلّمنا صغرى الاستناد إلاّ أنّه لا يوجب الجبر بعد كون الخبر في نفسه ضعيفاً غير داخل في موضوع الحجّية ( لأنّه من قبيل ضمّ اللاّحجّة إلى اللاّحجّة ، أي ضمّ العدم إلى العدم كما مرّ في محلّه ) (17).

ويرد عليه ما مرّ أيضاً في محلّه من أنّ الميزان في اعتبار السند الوثوق بالرواية لا الوثوق بالراوي ، واستناد المشهور إلى رواية يوجب الوثوق بها ، وتمام الكلام في محلّه ، هذا بالنسبة إلى الكبرى.

وأمّا الصغرى فيردّها أنّه إذا أفتى المشهور بشيء ولم تكن فيما بين أيديهم إلاّ رواية أو روايات معيّنة فإنّ ظاهر الحال استنادهم إليها في إثبات الحكم بعد ما علمنا بأنّ عادة قدماء الأصحاب رضوان الله تعالى عليهم كانت على ذكر الفتاوي وحذف الأدلّة.

هذا كلّه بالنسبة إلى السند.

أمّا الدلالة فالمحتملات في الرواية الاولى أربعة بناءً على كون النسخة « فأتوا منه » :

الأوّل : أن تكون كلمة « من » تبعيضية بحسب الأجزاء ، ويكون المعنى « إذا أمرتكم بشيء فأتوا من أجزائه ما استطعتم » وهذا هو المطلوب في المقام.

الثاني : أن تكون كلمة « من » تبعيضية ولكن بحسب الأفراد ، والمعنى حينئذٍ « فأتوا من افراده ما استطعتم » وهذا خارج عن البحث في ما نحن فيه ولا ينفعنا في المقصود ، لأنّ الكلام في الميسور من الأجزاء لا الأفراد.

ويشهد لهذا الاحتمال رواية عكاشة (18) حيث إنّ سؤاله فيها بقوله : « أكلّ عام يارسول الله » إنّما يكون عن وجوب الحجّ في كلّ سنة فسؤاله عن الأفراد لا الاجزاء.

الثالث : أن تكون كلمة « من » للتعدية بمعنى الباء فيكون قوله صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله « فأتوا به» نظير قولك « أتى به » أو « يأتون به » والمعنى حينئذٍ « فأتوا بالعمل ما استطعتم » والمقصود منه تكرار العمل بقدر الاستطاعة وتكون الرواية ناظرة حينئذٍ إلى الأفراد أيضاً.

الرابع : ما ذكره في مصباح الاصول من أن تكون كلمة « من » بيانية وكلمة « ما » موصولة فيكون حاصل المعنى : إنّه إذا أمرتكم بطبيعة فأتوا ما استطعتم من أفرادها (19).

هذه هي الاحتمالات المتصوّرة في الرواية ، ولا يخفى أنّ الاحتمال الأخير ممّا لا وجه له ولا معنى محصّل له ، لأنّه لا معنى لأن يكون الضمير ( في كلمة « منه » ) بياناً لكلمة « ما الموصولة » فإنّ الضمير لا يكون بياناً بل يحتاج إلى البيان.

وأمّا الاحتمالات الثلاثة الاخر فالمفيد بالمقصود ( كما مرّ ) إنّما هو الاحتمال الثاني ، ولكنّه لا يناسب مورد الرواية كما قلنا.

نعم يمكن أن يقال : إنّ كلمة « شيء » في الرواية مطلق يشمل كلّ ما يكون ذات أجزاء سواء كانت مستقلّة كما في صيام رمضان أو غير مستقلّة كما في أجزاء الصّلاة.

وإن شئت قلت : يتصوّر الجزء في الطبيعة ذات الأفراد كما يتصوّر في المركّب ذات الأجزاء ، حيث إنّ الفرد بعض من الطبيعة وفي الحقيقة جزء منها ، وحينئذٍ مقتضى هذا الاطلاق وجوب الإتيان بالباقي في كلا الموردين ، ولا تضرّنا خصوصيّة المورد لأنّ المورد لا يخصّص.

هذا بالنظر إلى كلمة « من » ، وأمّا بالنسبة إلى كلمة « ما » فحيث إنّه يتحمّل أن تكون موصولة ومفعولاً لقوله : « فأتوا » ، أي فأتوا منه شيئاً استطعتم ، ويحتمل أن تكون مصدريّة زمانيّة ، والمعنى حينئذٍ : فأتوا به ما دمتم قادرين أو ما دمتم على الاستطاعة ، فلا يمكن الاستدلال بالرواية على المطلوب لإجمالها حينئذٍ.

والوجه في ذلك أنّه يتعيّن الاحتمال الثاني بناءً على نسخة النسائي والبحار ، أي نسخة « فأتوا به » ( فيكون حاصل المعنى حينئذٍ خذوا به ما دمتم على الاستطاعة ) لأنّ مفعول « فأتوا به » إنّما هو كلمة « به » ولا يمكن أن تكون كلمة « ما » مفعولاً آخر له حتّى تكون موصولة ، كما يتعيّن الاحتمال الأوّل بناءً على النسخة الاخرى أي نسخة « فأتوا منه » لأنّ « ما » حينئذٍ يكون مفعولاً لقوله « فأتوا » ولا يمكن أن تكون مصدريّة زمانيّة كما لا يخفى ، وحيث إنّ نسخ الحديث مختلفة فيصير مجملاً لا يمكن الاستدلال به.

هذا مضافاً إلى أنّ التمسّك بهذا الحديث لإثبات مطلوبيّة الباقي يستبطن الدور المحال ، لأنّ كون الأجزاء الباقية مقدورة ومستطاعة للمكلّف شرعاً متوقّف على كونها واجدة للملاك ، وهذا في المركّبات الشرعيّة لا يحرز إلاّ بتعلّق الأمر بالباقي وإحراز تعدّد المطلوب من قبل ، ولا أمر في البين إلاّ نفس الأمر الوارد في هذا الحديث ، فكون الباقي مقدوراً متوقّف على تعلّق أمر به، وتعلّق الأمر به أيضاً متوقّف على كونه مقدوراً من قبل ، وهذا دور محال ، ولا مناصّ عنه إلاّ بإحراز تعدّد المطلوب من قبل ، وحينئذٍ يكون الحديث مؤكّداً لحكم العقل ، وليس فيه تعبّد شرعي.

ثمّ إنّه لا إشكال في شمول هذا الحديث للتكاليف المستحبّة والواجبة معاً ، فيكون الأمر الوارد فيه وهو قوله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله : « فأتوا » مستعملاً في الجامع بين الوجوب والاستحباب ، ففي مورد الوجوب يكون المأمور به الإتيان بقدر الاستطاعة وجوباً ، وفي مورد الاستحباب يكون المأمور به الإتيان بقدر الاستطاعة إستحباباً ، ولا ضير في كون مورد الحديث من المستحبّات لأنّ ذيله من قبيل الكبرى الكلّية التي لا تخصّصها خصوصية المورد ، واستعمال الأمر في الجامع لا ينافي المطلوب لأنّ ظاهر الحديث إنّ حكم الميسور في كلّ من الواجب والمستحبّ حكم أصله.

هذا كلّه بالنسبة إلى دلالة الرواية الاولى.

وأمّا الرواية الثانية و هي قوله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله : « الميسور لا يسقط بالمعسور » فتقريب الاستدلال بها واضح ، لكن يرد عليه :

أوّلاً : بمثل ما اورد على الحديث الأوّل من أنّ كلمة « الميسور » مردّد بين الميسور من الأفراد والميسور من الأجزاء ، فلا يمكن الاستدلال به ، لكونه خارجاً عن محلّ الكلام على أحد الاحتمالين.

لكن يمكن الجواب عن هذا بما مرّ نظيره في الحديث الأوّل ، وهو اطلاق كلمة « الميسور »

 

المحلّى بلام الجنس ، مضافاً إلى أنّ إشكال خصوصيّة المورد ( أفراد الحجّ ) لا موضوع له في هذا الحديث.

وثانياً : بأنّ المجموع من الاجزاء واجبة بوجوب استقلالي ، والباقي من الأجزاء واجب بوجوب ضمني ، وليس الواجب بالوجوب الضمني ميسوراً للواجب بالوجوب الاستقلالي ، فيتعيّن أن يكون هذا الحديث مختصّاً بالميسور من الأفراد ولا يشمل الميسور من الأجزاء.

والجواب عنه : إنّ هذا نوع مغالطة ، لأنّ الميسور والمعسور ليسا من أوصاف الوجوب حتّى يتصوّر فيهما الضمنيّة والاستقلاليّة بل إنّهما من أوصاف الواجب ، ولا إشكال في أنّ تسعة الأجزاء ميسورة للعشرة عرفاً.

وثالثاً : بأنّه لا إشكال في اطلاق الحديث وشموله للمستحبّات ، فلم يستعمل النفي أو النهي الوارد فيه ( وهو قوله صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله : « لا يسقط » ) إلاّفي الجامع بين الوجوب والاستحباب ، وحيث إنّه لا مرجّح لأحدهما على الآخر فلا يستفاد من الحديث إلاّ رجحان الإتيان بما هو الميسور لا وجوبه.

والجواب عنه : أنّ قوله صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله : « لا يسقط » وإن استعمل في القدر الجامع إلاّ أنّه لا يقتضي مجرّد رجحان الإتيان بالميسور في جميع الموارد بل ظاهره أن تكون مطلوبيّة الإتيان في كلّ مورد بحسبه ففي مورد الوجوب بنحو الوجوب ، وفي مورد الاستحباب بنحو الاستحباب ، أي لا يسقط الميسور من الواجب وجوباً ولا يسقط الميسور من المستحبّ استحباباً كما مرّ آنفاً.

ورابعاً : بأنّ التمسّك بهذا الحديث لوجوب الميسور من الأجزاء يستبطن الدور المحال كما مرّ نظيره في الحديث الأوّل.

أقول : هذا الإشكال وارد على الاستدلال بهذا الحديث كما كان وارداً على سابقه ، ولا مناصّ عنه إلاّ بإحراز تعدّد المطلوب في المركّبات الشرعيّة من قبل ، وحينئذٍ يكون مؤكّداً لحكم العقل، فليس في الحديث تعبّد شرعي حينئذ كما مرّ.

وخامساً : بما ذكره في مصباح الاصول من « أنّ السقوط فرع الثبوت وعليه فالرواية مختصّة بتعذّر بعض أفراد الطبيعة باعتبار أنّ غير المتعذّر منها كان وجوبه ثابتاً قبل طروّ التعذّر ، فيصدق إنّه لا يسقط بتعذّر غيره ، بخلاف بعض أجزاء المركّب ، فإنّه كان واجباً بوجوب ضمني قد سقط بتعذّر المركّب من حيث المجموع فلو ثبت وجوبه بعد ذلك فهو

 

وجوب استقلالي وهو حادث ، فلا معنى للإخبار عن عدم سقوطه بتعذّر غيره ، وكذلك الحال في المرتبة النازلة فإنّ وجوبها لو ثبت بعد تعذّر المرتبة العالية لكان وجوباً حادثاً جديداً لا يصحّ التعبير عنه بعدم السقوط ، فإرادة معنى عام من الرواية شامل لموارد تعذّر بعض الأفراد ، وموارد تعذّر بعض الأجزاء وموارد تعذّر المرتبة العالية تحتاج إلى عناية لا يصار إليها إلاّ بالقرينة » (20).

أقول : ليس هذا إلاّ دقّة عقليّة في مسألة عرفيّة لا يعتني بها أهل العرف ، حيث إنّ المرتبة النازلة تعدّ عند العرف ميسورة من المرتبة العالية ، وتكون تسعة أجزاء مثلاً تابعة وبقية لعشرة أجزاء في نظره ، لا أمراً حادثاً بعدها حتّى يكون وجوبها أيضاً وجوباً حادثاً جديداً فلا يصحّ التعبير عنه بعدم السقوط.

فتلخّص من جميع ما ذكرناه أنّ الوارد من هذه الوجوه هو الوجه الرابع ، وعليه لا يتمّ الاستدلال بهذا الحديث في المقام.

أمّا الرواية الثالثة : و هي قوله  عليه السلام : « ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه » فيرد على الاستدلال بها في ما نحن فيه إثنان من الإشكالات الخمسة الواردة على الرواية السابقة :

أحدهما : إجمال كلمة « كلّ » ودورانه بين المجموع بحسب الأفراد والمجموع بحسب الأجزاء.

والجواب عنه هو الجواب ، وهو اطلاق ما الموصولة الواردة في الحديث ، مضافاً إلى أنّ ظهور كلمة « كلّه » في الأجزاء أشدّ من ظهوره في الأفراد كما لا يخفى.

الثاني : إجمال قوله  عليه السلام : « لا يترك » ودورانه بين إرادة الوجوب بالخصوص واردة الأعمّ من الوجوب والندب ، فلا يمكن الاستدلال بها لأنّه بناءً على الاحتمال الثاني لا يستفاد منها وجوب الإتيان بالباقي.

والجواب عنه أيضاً هو الجواب ، وهو أنّ ظاهر الحديث كون حكم ما لا يترك في كلّ من الواجب والمستحبّ حكم أصله.

نعم ، يرد عليها ما أُورد على الروايتين السابقتين ، وهو لزوم إحراز تعدّد المطلوب من قبل ، ومعه تكون الرواية مؤكّدة لحكم العقل ، وليس فيها تعبّد شرعي.

وإن شئت قلت : أنّ قاعدة الميسور قاعدة عقلائيّة يعمل به العقلاء في ما إذا علم تعدّد المطلوب ( أي مطلوبيّة الباقي مضافاً إلى مطلوبية المجموع ) من قبل فتكون جميع الروايات ناظرة إليها، وليس فيها تعبّد شرعي.

هذا كلّه في مدلول أحاديث الباب.

وأمّا بناء العقلاء فقد مرّ بيانه في تفسير الأحاديث ، وحاصله أنّه إذا كان هناك مطلوب له درجات مختلفة يستقلّ بعضها عن بعض ، أو كان هناك مطلوبات مختلفة تترتّب مجموعها على مجموع أجزاء المركّب وبعضها على بعض ، فلا يشكّ أحد في وجوب الأجزاء التي يترتّب عليها بعض مراتب المطلوب أو بعض المطلوبات المختلفة ، ولا يزال العقلاء من أهل العرف يعبّرون في هذه الموارد بتعبيرات قريبة ممّا ورد في روايات القاعدة ، حتّى صار عملهم في بعضها من قبيل ضرب المثل بينهم ، ممّا لا يخفى على المتتبّع.

بقي هنا امور :

الأمر الأوّل : قال في مصباح الاصول : « لم يعلم من الأصحاب العمل بقاعدة الميسور إلاّ في الصّلاة ، وفيها دليل خاصّ دلّ على عدم جواز تركها بحال فلم يعلم استنادهم إلى الرواية المذكورة » (21).

ولكنّه ليس بتامّ لتعرّضهم لها في سائر الأبواب أيضاً ، فقد تعرّض لها صاحب الجواهر في باب الوضوء في أحكام الجبيرة ( كما وردت أيضاً في الحديث الوارد في باب الجبيرة ، وهو ما رواه عبد الأعلى مولى آل سام قال : قلت لأبي عبدالله  عليه السلام : عثرت فانقطع ظفري فجعلت على اصبعي مرارة فكيف أصنع بالوضوء؟ قال : « يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عزّ وجلّ ، قال الله تعالى : ما جعل عليكم في الدين من حرج ، امسح عليه » (22) ، فإنّ مقتضى قاعدة نفي الحرج وجوب المسح على البشرة وأمّا وجوب المسح على المرارة فليس إلاّ بقاعدة الميسور كما لا يخفى ) ولم يستشكل فيها بعدم عمل الأصحاب لها في غير باب الصّلاة ، بل إستشكل فيها بأمر آخر يأتي ذكره في الأمر الثاني ، والمتتبّع في كلامه وكلام غيره يجد موارد كثيرة في غير أبواب الصّلاة استندوا فيها إلى هذه القاعدة ، وإليك شطر منها :

1 ـ في الجواهر في أحكام الجبائر في ذيل كلام المحقّق ( من كان على بعض أعضاء طهارته جبائر فإن أمكنه نزعها أو تكرار الماء عليها حتّى يصل البشرة وجب ) : « ... نعم يمكن أن يقال : يجتزي به ( أي بتكرار الماء إذا حصل منه إصابة من غير تحقّق للجريان الذي بدونه لا يتحقّق الغسل ) ويقدّم على المسح على الجبيرة عند تعذّر النزع والغسل ، لكونه أقرب إلى المأمور به ، أو لأنّ مباشرة الماء للجسد واجبة للأمر بالصبّ ونحوه ، والغسل واجب آخر ، وتعذّر الثاني لا يسقط الأوّل ، إذ لا يترك الميسور بالمعسور ، وما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه » (23).

2 ـ وفيه في أحكام الجبائر أيضاً عند نقل كلمات الاستاذ الأكبر في شرح المفاتيح : « ثمّ أيّده بقوله  عليه السلام : لا يسقط الميسور بالمعسور » (24).

3 ـ وفيه أيضاً في باب غسل الميّت في ذيل كلام المحقّق  رحمه الله ( إذا وجد بعض الميّت فإن كان فيه الصدر أو الصدر وحده غسل وكفن وصلّى عليه ودفن ) : « فيدلّ على تلك الأحكام الاستصحاب ... وقاعدة عدم سقوط الميسور بالمعسور وما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه » (25).

4 ـ وفيه في باب غسل الميّت أيضاً : « وهل يلحق بالصدر بعضه كما هو قضيّة بعض الأدلّة السابقة من الاستصحاب وعدم سقوط الميسور بالمعسور ... » (26).

5 ـ وفيه في نفس الباب في مسألة الصّلاة على القطعة ذات العظم : « وكيف كان فيؤيّد ما ذهب إليه الاسكافي بعد الاستصحاب وقاعدة الميسور ... » (27).

6 ـ وفيه في نفس الباب وفي نفس المسألة أيضاً : « فإن لم يكن له عظم إقتصر على لفّه في خرقة ودفنه ، وقد يؤيّده ما سمعت من القاعدة السابقة ( قاعدة الميسور ) لعدم معارضة الإجماع بها هنا » (28).

7 ـ وفيه في نفس الباب في مسألة عدم جواز الاقتصار على أقلّ من الغسلات المذكورة إلاّ عند الضرورة : « ... وكأنّه لقاعدة الميسور والاستصحاب على بعض الوجوه » (29).

8 ـ وفيه في ذيل كلام المحقّق  رحمه الله في كتاب الحجّ ( إذا نذر الحجّ ماشياً وجب أن يقوم في مواضع العبور ) : « لخبر السكوني ... ولأنّ المشي يتضمّن القيام والحركة ، ولا يسقط الميسور منهما بالمعسور » (30).

9 ـ وفي كتاب الطهارة لشيخنا الأعظم الأنصاري  رحمه الله في أحكام الجبائر حاكياً عن الذكرى : « لو التصق بالجرح خرقة أو قطنة أو نحوهما وأمكن النزع وإيصال الماء حال الطهارة وجب كما في الجبيرة ، وإلاّ مسح عليه ، ولو استفاد بالنزع غسل البعض الصحيح ، فالأقرب الوجوب لأنّ الميسور لا يسقط بالمعسور » (31).

10 ـ وفي موضع آخر منه في نفس الباب : « ولو ألصق الحاجب عبثاً أو التصق به اتّفاقاً وتعذّر نزعه فصرّح في الذكرى بإلحاقه بالجبيرة ، وهو حسن بناءً على أنّ حكم الجبيرة المتعذّر نزعها مطابق للقاعدة المستفادة من قولهم الميسور لا يسقط بالمعسور ... » (32).

لكن الشيخ  رحمه الله إستشكل بعد ذلك في ثبوت القاعدة في مثل المقام لأمور تختصّ به (بالمقام ).

11 ـ وفيه أيضاً : « ثمّ إنّك لتعرف ممّا ذكرنا من حكم الجروح والقروح الكائنة في محلّ الغسل حكم الكائن منها في محلّ المسح فيمسح على الجبيرة مراعياً لكيفية المسح على البشرة ، وفي وجوب تكرار الماء حتّى يمسّ البشرة وجه استظهره جامع المقاصد تمسّكاً بقاعدة الميسور لا يسقط بالمعسور » (33).

12 ـ وقال في باب غسل الميّت عند فقد الماء للغسلات الثلاثة : « ... فيه إنّ المستفاد من أدلّة عدم سقوط الميسور بالمعسور وجوب إيجاد الجزء المقدور على النحو الذي وجب إيجاده حال إنضمام غير المقدور إليه » (34).

13 ـ وقال في ذلك الباب عند فقد السدر والكافور في توجيه وجوب الغسل بماء القراح ثلاثاً : « ... فالأولى التمسّك بأدلّة عدم سقوط الميسور بالمعسور حيث إنّها جارية في المقام عرفاً » (35).

ويتحصّل من جميع ذلك وأشباهه أنّ الاستناد إلى القاعدة في غير أبواب الصّلاة من ناحية أساطين الفنّ مثل صاحب الجواهر وشيخنا الأنصاري والمحقّق الثاني والشهيد رضوان الله عليهم ليس بعزيز.

الأمر الثاني : فيما أورده صاحب الجواهر  رحمه الله على القاعدة ، وهو : « إنّ الاستدلال بقاعدة الميسور موقوف على الانجبار بفهم الأصحاب ، وإلاّ لو أخذ بظاهره في سائر التكاليف لأثبت فقهاً جديداً لا يقول به أحد من أصحابنا » (36).

ولعلّ مقصوده من سائر التكاليف مثل الصيام ، فإنّه لا يجوز فيه التبعيض لا من ناحية الزمان بحيث يكتفى ببعض اليوم إذا لم يقدر على الصوم في تمامه ، ولا من ناحية المفطرات بحيث لو قدر على ترك عشرة منها مثلاً ولكن لم يقدر على ترك اثنين منها وجب عليه أن يتركها ( نعم قد يقال في جواز الشرب عند شدّة العطش بلزوم الاكتفاء بقدر ما يمسك به الرمق ، ولكنّه أيضاً غير مسلّم ) ، ومثل الصّلاة إذا لا يقدر المكلّف إلاّعلى بعض ركعاتها فلا يجوز له الاكتفاء به ، ومثل الغسل إذا لم يجد الماء لتمام الغسل فلا يجوز أن يكتفي بغسل بعض الأعضاء ، استناداً إلى هذه القاعدة ، وهكذا الوضوء فيما إذا لم يجد الماء إلاّ لغسل بعض الأعضاء ، وباب الحجّ إذا لم يقدر على بعض الوقوفات أو بعض الطواف ، إلى غير ذلك من أشباهها ، فلو إكتفينا بجميع ذلك للزم منها فقه جديد لا يلزم به أحد.

إن قلت : ما الوجه في كون المعيار في العمل بهذه القاعدة هو عمل الأصحاب مع أنّها عامّة؟

قلنا : الوجه في ذلك أنّ الأخذ بظاهر القاعدة وبعمومها يستلزم تخصيص الأكثر وهو مستهجن ، فيستكشف منه أنّه كان للقاعدة معنى آخر لوجود قرائن خاصّة محفوفة بها لم تصل إلينا ، وحينئذٍ لابدّ من الاكتفاء بتطبيقات أصحابنا الأقدمين رضوان الله عليهم ، وعليه يكون مصير قاعدة الميسور مصير قاعدة لا ضرر في قلّة فائدتها وسقوط عمومها عن الحجّية إلاّ فيما عمل به الأصحاب ( للزوم هذا المحذور بعينه فيها أيضاً بناءً على العمل بعمومها ، وذلك لخروج مثل باب الحجّ والزكاة والجهاد وأبواب الحدود وغيرها من الواجبات المشتملة على الضرر ).

أقول : الإنصاف أنّه من المستبعد جدّاً وجود قرائن خاصّة محفوفة بخبر الميسور ( وكذلك خبر لا ضرر ) لم تصل إلينا ، والذي أوجب اختيار مثل صاحب الجواهر  رحمه الله هذه الفرضيّة أنّه لم يتمكّنوا من حلّ مشكلة التخصيص بالأكثر ، ولكن الصحيح عدم لزوم هذه المشكلة لا في باب قاعدة لا ضرر ولا في المقام.

أمّا في الأوّل فلعدم كون ما يتوهّم شموله على الضرر ضررياً فإنّ مثل الزكاة والجهاد ممّا يتوقّف عليه حفظ نظام المجتمع ، ومصلحة العامّة من الأمن والأمان ، وإيجاد الطرق وتهيئة رجال الأمن والجنود ، والحجّ عزّ للإسلام يوجب شوكة المسلمين ، وهكذا غيرها من الواجبات التي مصالحها ومنافعها أكثر من المصارف المالية والجهود البدنية ، فيحكم العقل قطعاً بعد كسر وإنكسار بعدم كونها ضرريّة ، ولذا قد نشاهد نظائرها بين العقلاء من أهل العرف ، كأخذ الضرائب والمكوس لحفظ نظام المجتمع.

وأمّا قاعدة الميسور فلما مرّ من أنّها لا تدلّ على أكثر ممّا هو ثابت بين العقلاء ، وناظرة إلى إمضاء القاعدة الموجودة عندهم فيما ثبت فيه تعدّد المطلوب والملاك ، فإنّهم يتمسّكون بها فيما إذا ثبت من الخارج أنّ العمل الفلاني اشتمل على ملاكات مختلفة بين ناقص وتامّ ، بعد تعذّر شيء منها ، والأمثلة المذكورة في توضيح كلام صاحب الجواهر ممّا لم يثبت فيه تعدّد المطلوب فليست مشمولة للقاعدة حتّى يلزم من إخراجها تخصيص الأكثر.

والشاهد على هذا ما ورد في كلام أمير المؤمنين  عليه السلام في نهج البلاغة : « ولو أقام لأخذنا ميسوره » (37) حيث إنّ الخطبة وردت فيمن ابتاع سبي بني ناجية من عامل أمير المؤمنين  عليه السلام وأعتقهم ، فلمّا طالبه بالمال خان به وهرب إلى الشام ، فيكون المورد من الامور المالية التي لا إشكال في كون الملاك فيها متعدّداً.

الأمر الثالث : قد يقال : إنّ جريان قاعدة الميسور يتوقّف على أن يصدق ميسور الطبيعة على الباقي عرفاً ، ويستدلّ له بأنّه المستفاد من قوله (ع) : « الميسور لا يسقط بالمعسور » بدعوى « أنّه يحتمل في بادي النظر وجوهاً أربعة : الأوّل : أنّ ميسور الطبيعة لا يسقط بمعسورها. الثاني : أنّ الاجزاء الميسورة من الطبيعة لا يسقط بالمعسور من اجزائها. الثالث : أنّ الطبيعة الميسورة لا يسقط بالمعسور من أجزائها. الرابع : عكس الثالث ، فعلى الأوّل والثالث يدلّ على المقصود وأنّه لابدّ أن يكون المأتي به صادقاً عليه الطبيعة بوجه من الوجوه ، ولا يبعد أظهريّة الاحتمال الأوّل ، ويمكن أن يقال : المتيقّن من الحديث هو ميسور الطبيعة المأمور بها » (38).

أقول : إنّ وحدة السياق تقتضي كون المراد من المعسور نفس ما اريد من الميسور ، فيسقط حينئذٍ الاحتمال الثالث والرابع ، ويدور الأمر بين الاحتمالين الأوّلين ، والأقرب منهما هو الأوّل كما مرّ ، وهو يقتضي صدق عنوان ميسور الطبيعة عرفاً على الباقي ، ولكن لا يبقى موضوع لهذه الدعوى مع ما مرّ من أنّ الملاك إحراز تعدّد المطلوب ، وإنّ بناء العقلاء على الإتيان بالميسور فيما إذا أحرز تعدّد المطلوب ، سواء صدق على الباقي أنّه ميسور الطبيعة أم أنّه بعضها.

إلى هنا تمّ الكلام في قاعدة الميسور.

بقي هنا شيء :

وهو ما ذكره المحقّق الخراساني رحمه‌ الله في ذيل البحث عن الأقل والأكثر الارتباطيين من أنّه إذا دار الأمر بين جزئيّة شيء أو شرطيّته ، وبين مانعيته أو قاطعيته لكان من قبيل المتباينين ولا يكاد يكون من الدوران بين المحذورين ، فيكون الواجب الاحتياط ( خلافاً لما ربّما يظهر من الشيخ الأنصاري رحمه ‌الله من كونه من الدوران بين المحذورين ، وأنّ الأقوى فيه هو التخيير ).

أقول : الفرق بين المانع والقاطع أنّ الأوّل يمنع عن تأثير المقتضي فيقابل الشرط الذي يكمّل اقتضاء المقتضي ، ويوجب إتمام تأثيره ، وأمّا الثاني فهو ما يتخلّل بين الأجزاء ويقطع المقتضي ، فهو يمنع عن وجود المقتضي ، بينما الأوّل يمنع عن تأثيره بعد وجوده.

وكيف كان ، الحقّ مع المحقّق الخراساني رحمه ‌الله ، أي يكون المقام من قبيل دوران الأمر بين المتباينين ، لأنّ دوران الأمر بين المحذورين يتصوّر بالنسبة إلى العمل الواحد ، وفي ما نحن فيه يمكن إتيان العمل مرّتين ، أي تكرار العبادة بقصد الرجاء ، وفعلها تارةً مع ذلك الشيء المشكوك ، واخرى بدونه.

______________

1. تهذيب الاصول : ج 2 ، ص 321 و 322 ، طبع جماعة المدرّسين.

2. راجع فوائد الاُصول: ج4، ص156 ـ 158، طبع جماعة المدرّسين.

3. بحار الأنوار: ج13، ص262، ح2.

4. كفاية الاُصول: ص366، طبع مؤسسة آل البيت(عليهم السلام).

5. راجع أجود التقريرات : ج 2 ، ص 297 ـ 298 ، طبع مؤسسة مطبوعات ديني.

6. راجع تهذيب الاصول : ج 2 ، ص 345 ـ 346 ، طبع جماعة المدرّسين.

7. بحار الأنوار : ج 62 ، ص 82 ، ح 2.

8. نهاية الأفكار : القسم الثاني ، من الجزء الثالث ، ص 453 ـ 454.

9. وسائل الشيعة : الباب 19 ، من أبواب نواقض الوضوء ، ح 2.

10. المصدر السابق : الباب 1 ، من أبواب القيام ، ح 6.

11. المصدر السابق : الباب 1 ، من أبواب القيام ، ح 7.

12. بحار الانوار : ج 80 ص 214 ، وقد أشار إليها العلاّمة المجلسي  رحمه الله في طيّات كلماته في مقام الإستدلال على مقالته بقوله : فيدخل في قوله : « فأتوا به ما استطعتم ».

13. سنن البيهقي : ج 4 ، ص 326.

14. سنن النسائي : ج 5 ، ص 110 ، باب وجوب الحجّ.

15. عوالي اللئالي : ج 4 ، ص 58 ، طبع سيّد الشهداء.

16. المصدر السابق.

17. راجع مصباح الاصول : ج 2 ، ص 478 ، طبع مكتبة الداوري.

18. لا يخفى دلالة هذا الحديث على ثبوت الولاية التشريعيّة للرسول صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله في الجملة ونحن قد بحثنا في هذا المجال مفصّلاً حين البحث عن ولاية الفقيه في المكاسب، واخترنا ثبوتها للرسول صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله في الجملة.

19. راجع مصباح الاصول : ج 2 ، ص 479 ، طبع مكتبة الداوري.

20. مصباح الاصول : ج 2 ، ص 485 ، طبع مكتبة الداوري.

21. مصباح الاصول : ح 2 ، ص 478 ، طبع مكتبة الداوري.

22. وسائل الشيعة : الباب 39 ، من أبواب الوضوء ، ح 5.

23. الجواهر : ج 2 ، ص 293.

24. المصدر السابق : ج 2 ص 297.

25. المصدر السابق : ج 4 ، ص 101.

26. المصدر السابق : ج 4 ، ص 104.

27. الجواهر : ج 4 ، ص 109.

28. المصدر السابق : ج 4 ، ص 114.

29. المصدر السابق : ج 4 ، ص 136.

30. المصدر السابق : ج 17 ، ص 351.

31. وسائل الشيعة : كتاب الطهارة ، ص 143 ، الطبع الحجري لمؤسسة آل البيت.

32. المصدر السابق : ص 114.

33. وسائل الشيعة : كتاب الطهارة ، ص 148.

34. المصدر السابق : ص 290.

35. المصدر السابق : ص 291.

36. الجواهر : ج 2 ، أبواب الجبائر في الوضوء ، ص 303.

37. نهج البلاغة : صبحي الصالح ، خ 44.

38. تهذيب الاصول : ج 2 ، ص 409 ، طبع جماعة المدرّسين.