x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

المسائل الفقهية

التقليد

الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

التحنيط

التشييع

التكفين

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الميت

الغسل

مسائل تتعلق باحكام الاموات

أحكام الخلوة

أقسام المياه وأحكامها

الاستحاضة

الاغسال

الانية واحكامها

التيمم (مسائل فقهية)

احكام التيمم

شروط التيمم ومسوغاته

كيفية التيمم

مايتيمم به

الجنابة

سبب الجنابة

مايحرم ويكره للجُنب

مسائل متفرقة في غسل الجنابة

مستحبات غسل الجنابة

واجبات غسل الجنابة

الحيض

الطهارة من الخبث

احكام النجاسة

الاعيان النجسة

النجاسات التي يعفى عنها في الصلاة

كيفية سراية النجاسة الى الملاقي

المطهرات

النفاس

الوضوء

الخلل

سنن الوضوء

شرائط الوضوء

كيفية الوضوء واحكامه

مسائل متفرقة تتعلق بالوضوء

مستمر الحدث

نواقض الوضوء والاحداث الموجبة للوضوء

وضوء الجبيرة واحكامها

مسائل في احكام الطهارة

الصلاة

مقدمات الصلاة(مسائل فقهية)

الستر والساتر (مسائل فقهية)

القبلة (مسائل فقهية)

اوقات الصلاة (مسائل فقهية)

مكان المصلي (مسائل فقهية)

افعال الصلاة (مسائل فقهية)

الاذان والاقامة (مسائل فقهية)

الترتيب (مسائل فقهية)

التسبيحات الاربعة (مسائل فقهية)

التسليم (مسائل فقهية)

التشهد(مسائل فقهية)

التعقيب (مسائل فقهية)

الركوع (مسائل فقهية)

السجود(مسائل فقهية)

القراءة (مسائل فقهية)

القنوت (مسائل فقهية)

القيام (مسائل فقهية)

الموالاة(مسائل فقهية)

النية (مسائل فقهية)

تكبيرة الاحرام (مسائل فقهية)

منافيات وتروك الصلاة (مسائل فقهية)

الخلل في الصلاة (مسائل فقهية)

الصلوات الواجبة والمستحبة (مسائل فقهية)

الصلاة لقضاء الحاجة (مسائل فقهية)

صلاة الاستسقاء(مسائل فقهية)

صلاة الايات (مسائل فقهية)

صلاة الجمعة (مسائل فقهية)

صلاة الخوف والمطاردة(مسائل فقهية)

صلاة العيدين (مسائل فقهية)

صلاة الغفيلة (مسائل فقهية)

صلاة اول يوم من كل شهر (مسائل فقهية)

صلاة ليلة الدفن (مسائل فقهية)

صلوات اخرى(مسائل فقهية)

نافلة شهر رمضان (مسائل فقهية)

المساجد واحكامها(مسائل فقهية)

اداب الصلاة ومسنوناتها وفضيلتها (مسائل فقهية)

اعداد الفرائض ونوافلها (مسائل فقهية)

صلاة الجماعة (مسائل فقهية)

صلاة القضاء(مسائل فقهية)

صلاة المسافر(مسائل فقهية)

صلاة الاستئجار (مسائل فقهية)

مسائل متفرقة في الصلاة(مسائل فقهية)

الصوم

احكام متفرقة في الصوم

المفطرات

النية في الصوم

ترخيص الافطار

ثبوت شهر رمضان

شروط الصوم

قضاء شهر رمضان

كفارة الصوم

الاعتكاف

الاعتكاف وشرائطه

تروك الاعتكاف

مسائل في الاعتكاف

الحج والعمرة

شرائط الحج

انواع الحج واحكامه

الوقوف بعرفة والمزدلفة

النيابة والاستئجار

المواقيت

العمرة واحكامها

الطواف والسعي والتقصير

الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

الاحرام والمحرم والحرم

اعمال منى ومناسكها

احكام عامة

الصد والحصر*

الجهاد

احكام الاسارى

الارض المفتوحة عنوة وصلحا والتي اسلم اهلها عليها

الامان

الجهاد في الاشهر الحرم

الطوائف الذين يجب قتالهم

الغنائم

المرابطة

المهادنة

اهل الذمة

وجوب الجهاد و شرائطه

مسائل في احكام الجهاد

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

حكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرائط وجوبهما

اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

احكام عامة حول الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

الخمس

مايجب فيه الخمس

مسائل في احكام الخمس

مستحق الخمس ومصرفه

الزكاة

اصناف المستحقين

اوصاف المستحقين

زكاة الفطرة

مسائل في زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت اخراج زكاة الفطرة

شرائط وجوب الزكاة

ماتكون فيه الزكاة

الانعام الثلاثة

الغلات الاربع

النقدين

مال التجارة

مسائل في احكام الزكاة

احكام عامة

علم اصول الفقه

تاريخ علم اصول الفقه

تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية

المباحث اللفظية

المباحث العقلية

الاصول العملية

الاحتياط

الاستصحاب

البراءة

التخيير

مباحث الحجة

تعارض الادلة

المصطلحات الاصولية

حرف الالف

حرف التاء

حرف الحاء

حرف الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

القواعد الفقهية

مقالات حول القواعد الفقهية

اخذ الاجرة على الواجبات

اقرار العقلاء

الإتلاف - من اتلف مال الغير فهو له ضامن

الإحسان

الاشتراك - الاشتراك في التكاليف

الاعانة على الاثم و العدوان

الاعراض - الاعراض عن الملك

الامكان - ان كل ما يمكن ان يكون حيضا فهو حيض

الائتمان - عدم ضمان الامين - ليس على الامين الا اليمين

البناء على الاكثر

البينة واليمين - البينة على المدعي واليمين على من انكر

التقية

التلف في زمن الخيار - التلف في زمن الخيار في ممن لا خيار له

الجب - الاسلام يجب عما قبله

الحيازة - من حاز ملك

الزعيم غارم

السبق - من سبق الى ما لم يسبقه اليه احد فهو احق به - الحق لمن سبق

السلطنة - التسلط - الناس مسلطون على اموالهم

الشرط الفاسد هل هو مفسد للعقد ام لا؟ - الشرط الفاسد ليس بمفسد

الصحة - اصالة الصحة

الطهارة - كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر

العقود تابعة للقصود

الغرور - المغرور يرجع الى من غره

الفراغ و التجاوز

القرعة

المؤمنون عند شروطهم

الميسور لايسقط بالمعسور - الميسور

الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها

الولد للفراش

أمارية اليد - اليد

انحلال العقد الواحد المتعلق بالمركب الى عقود متعددة - انحلال العقودالى عقود متعددة

بطلان كل عقد بتعذر الوفاء بمضمونه

تلف المبيع قبل قبضه - اذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه

حجية البينة

حجية الضن في الصلاة

حجية سوق المسلمين - السوق - أمارية السوق على كون اللحوم الموجودة فيه مذكاة

حجية قول ذي اليد

حرمة ابطال الاعمال العبادية الا ما خرج بالدليل

عدم شرطية البلوغ في الاحكام الوضعية

على اليد ما اخذت حتى تؤدي - ضمان اليد

قاعدة الالزام - الزام المخالفين بما الزموا به انفسهم

قاعدة التسامح في ادلة السنن

قاعدة اللزوم - اصالة اللزوم في العقود - الاصل في المعاملات اللزوم

لا تعاد

لا حرج - نفي العسر و الحرج

لا ربا في ما يكال او يوزن

لا شك في النافلة

لا شك لكثير الشك

لا شك للإمام و المأموم مع حفظ الآخر

لا ضرر ولا ضرار

ما يضمن و ما لا يضمن - كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وكل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

مشروعية عبادات الصبي وعدمها

من ملك شيئا ملك الاقرار به

نجاسة الكافر وعدمها - كل كافر نجس

نفي السبيل للكافر على المسلمين

يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب

قواعد فقهية متفرقة

المصطلحات الفقهية

حرف الألف

حرف الباء

حرف التاء

حرف الثاء

حرف الجيم

حرف الحاء

حرفق الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

الفقه المقارن

كتاب الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الاموات

الغسل

الكفن

التشييع

احكام التخلي

استقبال القبلة و استدبارها

مستحبات و ومكروهات التخلي

الاستنجاء

الاعيان النجسة

البول والغائط

الخمر

الدم

الكافر

الكلب والخنزير

المني

الميتة

احكام المياه

الوضوء

احكام الوضوء

النية

سنن الوضوء

غسل الوجه

غسل اليدين

مسح الرأس

مسح القدمين

نواقض الوضوء

المطهرات

الشمس

الماء

الجبيرة

التيمم

احكام عامة في الطهارة

احكام النجاسة

الحيض و الاستحاظة و النفاس

احكام الحيض

احكام النفاس

احكام الاستحاضة

الاغسال المستحبة

غسل الجنابة واحكامها

كتاب الصلاة

احكام السهو والخلل في الصلاة

احكام الصلاة

احكام المساجد

افعال الصلاة

الاذان والاقامة

التسليم

التشهد

الركوع

السجود

القراءة

القنوت

القيام

النية

تكبيرة الاحرام

سجدة السهو

الستر والساتر

الصلوات الواجبة والمندوبة

صلاة الاحتياط

صلاة الاستسقاء

صلاة الايات

صلاة الجماعة

صلاة الجمعة

صلاة الخوف

صلاة العيدين

صلاة القضاء

صلاة الليل

صلاة المسافر

صلاة النافلة

صلاة النذر

القبلة

اوقات الفرائض

مستحبات الصلاة

مكان المصلي

منافيات الصلاة

كتاب الزكاة

احكام الزكاة

ماتجب فيه الزكاة

زكاة النقدين

زكاة مال التجارة

زكاة الغلات الاربعة

زكاة الانعام الثلاثة

شروط الزكاة

زكاة الفطرة

احكام زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت وجوب زكاة الفطرة

اصناف واوصاف المستحقين وأحكامهم

كتاب الصوم

احكام الصوم

احكام الكفارة

اقسام الصوم

الصوم المندوب

شرائط صحة الصوم

قضاء الصوم

كيفية ثبوت الهلال

نية الصوم

مستحبات ومكروهات الصوم

كتاب الحج والعمرة

احرام الصبي والعبد

احكام الحج

دخول مكة واعمالها

احكام الطواف والسعي والتقصير

التلبية

المواقيت

الصد والحصر

اعمال منى ومناسكها

احكام الرمي

احكام الهدي والاضحية

الحلق والتقصير

مسائل متفرقة

النيابة والاستئجار

الوقوف بعرفة والمزدلفة

انواع الحج واحكامه

احكام الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

احكام تخص الاحرام والمحرم والحرم

العمرة واحكامها

شرائط وجوب الحج

كتاب الاعتكاف

كتاب الخمس

الفقه الاسلامي واصوله : علم اصول الفقه : تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية :

العلم الإجمالي

المؤلف:  ناصر مكارم الشيرازي

المصدر:  أنوَار الاُصُول

الجزء والصفحة:  ج 2 ص 259-263.

2-9-2016

599

[البحث في]... العلم الإجمالي وأنّه ما هو حكمه ؟ فهل يترتّب عليه جميع آثار العلم التفصيلي أو لا؟ وبعبارة اُخرى: كان العلم التفصيلي حجّة في مقامين، مقام التنجّز ومقام الامتثال، فيقع البحث في العلم الإجمالي أيضاً في مقامين:

الأوّل: في إثبات التكليف وتنجّزه به، فهل يجب موافقته ويحرم مخالفته قطعاً أو احتمالا، أو لا؟

والثاني: في أنّه هل يجوز الاكتفاء به في مقام الامتثال وإسقاط التكليف كما إذا صلّى الإنسان إلى أربع جهات مع كونه قادراً على تعيين القبلة تفصيلا؟

ولا بدّ قبل الورود في البحث من الإشارة إلى نكتة، وهي أنّه لماذا يبحث عن العلم الإجمالي في موضعين من الاُصول: مباحث القطع، ومبحث الاشتغال؟

ذهب المحقّق الخراساني (رحمه الله) في مقام بيان الفارق بين المقامين إلى أنّ البحث هنا بحث عن المقتضى، أي هل العلم الإجمالي مقتض لإثبات الحكم أو لإسقاط التكليف كالعلم التفصيلي أو لا؟ وهناك يبحث عن المانع، أي: هل يمنع مانع عن حجّية العلم الإجمالي في مقامين، أو لا؟

وأمّا شيخنا الأعظم (رحمه الله) فقد فرّق بين البابين بوجه آخر، وهو أنّ البحث هنا بحث في حرمة المخالفة القطعيّة، وهناك بحث في وجوب الموافقة القطعيّة.

ونحن نقول: لا يمكن القناعة بهذا المقدار من الفرق والتفاوت مع أنّ أدلّة المسألتين مرتبطتان، فلا وجه لتقطيع البحث والتكلّم هنا عن المقتضى وهناك عن وجود المانع، أو يبحث هنا عن حرمة المخالفة وهناك عن وجوب الموافقة.

بل الحقّ أنّ العلم الإجمالي يناسب كلا البابين، لأنّ ماهيّته علم مختلط بالشكّ، فهو من جهة شكّ يمكن أن يترتّب عليه آثار الشكّ، ومن جهة اُخرى علم يمكن أن يترتّب عليه آثار العلم، فيناسب أن يبحث عنه في مباحث القطع لجهة كونه علماً وفي مباحث الشكّ لاختلاطه بالشكّ، نعم حيث إنّه لا وجه للبحث التفصيلي عنه في كلا الموضعين يبحث عنه هنا إجمالا وهناك تفصيلا.

إذا عرفت هذا فلنشرع في البحث عن المقامين:

أمّا المقام الأوّل: في تنجّز العلم الإجمالي وعدمه:

وهو البحث عن تنجّز العلم الإجمالي ففيه أقوال أربعة:

الأوّل: ما ذهب إليه المحقّق الخراساني (رحمه الله) في المقام (مباحث القطع) من أنّ العلم الإجمالي خلافاً للعلم التفصيلي مقتض للتنجّز بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعيّة ووجوب الموافقة القطعيّة معاً وليس علّة تامّة لواحد منهما.

الثاني: ما ذهب إليه أيضاً المحقّق الخراساني (رحمه الله) لكن في مبحث الاشتغال وهو أنّه علّة تامّة لكلّ واحد من حرمة المخالفة القطعيّة ووجوب الموافقة القطعيّة، ولكن ألاّ يؤدّي هذا إلى التناقض في كلامه (قدس سره) أو لا؟ فسيأتي إن شاء الله في مبحث الاشتغال بيانه وتوجيه كلامه.

الثالث: ما اختاره الشيخ الأعظم (رحمه الله) من كونه علّة تامّة بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعيّة ومقتضياً بالنسبة إلى وجوب الموافقة القطعيّة.

الرابع: ما نسب إلى المحقّق الميرزا القمّي(رحمه الله) من أنّه مقتضي بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعيّة، وأمّا بالنسبة إلى وجوب الموافقة القطعيّة، فليس بعلّة تامّة ولا مقتضياً.

أمّا القول الأوّل: فاستدلّ له بأنّه فرق بين العلم التفصيلي والعلم الإجمالي حيث إنّ الأوّل كشف تامّ بالنسبة إلى متعلّقه، ولذا لا مجال فيه لصدور حكم ظاهري بالترخيص ولا يمكن مخالفته، بخلاف العلم الإجمالي لأنّه مخلوط بالشكّ، فيمكن للشارع الترخيص في المخالفة الاحتماليّة بل في المخالفة القطعيّة أيضاً لمكان الشكّ.

إن قلت: العلم على كلّ حال لا يجتمع مع الترخيص ومانع عنه.

وقد أجاب عنه بجوابين:

أحدهما: بالنقض بجواز الترخيص في أطراف الشبهة غير المحصورة كما قام عليه الإجماع، وهكذا في الشبهات البدويّة، لأنّ احتمال التناقض واجتماع النقيضين محال كاليقين به.

والثاني: بالحلّ وأنّ هنا حكمين: أحدهما: في مرحلة الإنشاء، والآخر: في مرحلة الفعليّة، ولا تنافي بين المرحلتين، وبعبارة اُخرى: الترخيص حكم ظاهري والمعلوم بالإجمال حكم واقعي، ولا منافاة بين الحكم الواقعي والظاهري كما سوف يأتي في محلّه إن شاء الله.

أقول: يمكن توجيه ما اختاره الشيخ (رحمه الله) وتقويته (أي تقوية أنّ العلم الإجمالي علّة تامّة بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعيّة لكنّه مقتض بالنسبة إلى الموافقة القطعيّة) بأنّ الحكم الظاهري وإن كان موضوعه الشكّ ولذا لا منافاة بينه وبين الحكم الواقعي لكن متعلّق الشكّ في العلم الإجمالي إنّما هو خصوص أحد الطرفين لا كليهما.

وبعبارة اُخرى: أنّ قوله «كلّ شيء لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام» وإن كان يشمل كلا من الطرفين لكن مجموع الطرفين من حيث المجموع داخل في الغاية، أي قوله: «حتّى تعلم أنّه حرام» وإن شئت قلت: ظهور الذيل مانع عن انعقاد الإطلاق في صدره وشموله لموارد العلم الإجمالي.

إن قلت: فكيف تحكم بالجواز في الشبهة غير المحصورة؟ قلت: جواز إرتكاب الجميع فيها أيضاً أوّل الكلام، فلا يجوز فيها إرتكاب جميع الأطراف والمخالفة القطعيّة، ولذا عدّ بعضهم من ضوابطها أن لا تكون جميع الأطراف قابلة للإرتكاب، هذا أوّلا.

ثانياً: أنّه يمكن أن يقال: إنّ احتمال انطباق العمل بالحرام الواقعي في الشبهة المحصورة ضعيف جدّاً بحيث يعدّ عند العرف كالعدم، وحينئذ لا تنجّز للعلم الإجمالي الموجود فيها،

فقياس المقام بها مع الفارق، فتأمّل.

فظهر ممّا ذكرنا أنّه لا يجوز الترخيص في المخالفة القطعيّة ويكون العلم الإجمالي علّة تامّة لحرمة المخالفة القطعيّة وإن لم تكن الموافقة القطعيّة واجبة وجازت المخالفة الاحتماليّة.

نعم، يستثنى منها موردان يجوز للشارع الترخيص فيهما:

الأول: ما إذا كان القطع الإجمالي موضوعياً فيمكن للشارع أن يقيّد القطع الذي يأخذه في موضوع الحكم بقيد التفصيلي بلا إشكال، لكنّه خارج عن محلّ البحث لأنّ البحث هنا في القطع الطريقي المحض.

الثاني: إذا صادف الحكم أحد موانع الفعلية كالعسر والحرج، ويؤدّي الاحتياط وتنجيز العلم الإجمالي للحفاظ على الحكم الواقعي إلى العسر والحرج، لكنّه لا يختصّ بموارد العلم الإجمالي بل أنّه جار في موارد العلم التفصيلي أيضاً.

لكن لتهذيب الاُصول في المقام كلام، وهو أنّ البحث في المقام عن القطع الوجداني بالتكليف الفعلي الذي لا يحتمل الخلاف ويعلم بعدم رضا المولى بتركه لكن اشتبه متعلّق التكليف بحسب المصداق أو غيره، كما أنّ البحث في باب الاشتغال إنّما هو عن العلم بالحجّة المحتمل صدقها وكذبها كإطلاق دليل حرمة الخمر الشامل لصورتي العلم بالتفصيل والإجمال، وعلى ذلك فلا شكّ أنّ العلم والقطع الوجداني بالتكليف علّة تامّة لحرمة المخالفة ووجوب الموافقة القعطيّين ولا يجوز الترخيص في بعض أطرافه فضلا عن جميعه إذ الترخيص كلا أو بعضاً ينافي بالضرورة مع ذاك العلم الوجداني، فإنّ الترخيص في تمام الأطراف يوجب التناقض بين الإرادتين في نفس المولى، كما أنّ الترخيص في بعضها يناقض ذاك العلم في صورة المصادفة ... (إلى أن قال): وممّا ذكر يظهر حال الأقوال المذكورة في الباب، فإنّ كلّ ذلك ناش عن خلط ما هو مصبّ البحث مع ما هو مصبّه في باب الاشتغال»(1).

أقول يرد عليه:

أوّلا: أنّه كيف يكون مصبّ البحث هنا هو العلم الوجداني بالتكليف الواقعي وهناك العلم بالحجّة والحكم الظاهري مع أنّا لم نجد أحداً يلتزم بهذا الفرق؟ والأمثلة في المسألتين واحدة كأدلّتهما، إلاّ أن يقال: يدلّ على كون مصبّ البحث هنا العلم الوجداني قياسه بالعلم التفصيلي، فلا شكّ في أنّ المقصود منه هو العلم التفصيلي الوجداني، ولذلك يقال بأنّه حجّة ذاتاً ولا تناله يد الجعل.

اللهمّ أن يقال: إنّ هذا لا يمنع عن كون البحث عاماً في مبحث الاشتغال كما هو ظاهر كلماتهم، وحينئذ يكون بين المسألتين عموم مطلق فلا يبقى وجه أيضاً للتكرار.

ثانياً: لو كان المعلوم بالإجمال هو الحكم الفعلي من جميع الجهات الذي لا يرضى المولى بتركه، فكيف وقع البحث عن كونه علّة تامّة للحكم وعدمه وعن أنّه هل يكون الحكم فعلياً أو لا؟ وإن هو إلاّ كالقضايا الضروريّة بشرط محمولاتها.

ثالثاً: كيف يحصل العلم الوجداني بالحكم مع أنّ الطرق الموجودة عندنا إطلاقات وعمومات التي هي طرق ظنّية توجب العلم بالحجّة لا العلم الوجداني.

وإن شئت قلت: جعل مصبّ البحث هنا العلم الوجداني يستلزم أن يكون البحث هنا بحثاً عن شيء تكون مصاديقه نادرة.

هذا كلّه في أنّ العلم الإجمالي هل هو علّة تامّة لتنجّز التكليف أو يكون مقتضياً له؟ وقد اخترنا كونه علّة تامّة بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعيّة ومقتضياً بالنسبة إلى وجوب الموافقة القطعيّة كما اختاره الشيخ الأعظم (رحمه الله).

ثمّ إنّه بعد كونه مقتضياً لحرمة المخالفة الاحتماليّة أو وجوب الموافقة القطعيّة، فهل يوجد مانع عنه من قبيل عموم قوله (عليه السلام) «كلّ شيء لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام» أو من قبيل أدلّة خاصّة تدلّ على وجود المانع، أو لا؟ فسيأتي البحث عنه في باب الاشتغال إن شاء الله تعالى.

أمّا المقام الثاني : في كفاية العلم الإجمالي في مقام الامتثال وعدمه:

وهو البحث عن كفاية العلم الإجمالي في مقام الامتثال وعدمه فهو ما تعرّضوا له في مباحث الاجتهاد والتقليد وأنّ الناس على ثلاثة أصناف: مجتهد ومقلّد ومحتاط، فهل يمكن العمل بالاحتياط مع إمكان الاجتهاد أو التقليد أو لا؟ وهو تارةً يتصوّر في الشبهة الموضوعيّة كالإتيان بأربع صلوات إلى الجهات الأربعة، واُخرى في الشبهة الحكميّة كما إذا علم إجمالا بأنّ الواجب عليه يوم الجمعة أمّا صلاة الظهر أو صلاة الجمعة، ومحلّ الكلام ما إذا قدر على تحصيل العلم التفصيلي، وإلاّ فلا ريب في تعيّن الاحتياط وكفاية الامتثال الإجمالي.

ويتصوّر للمسألة أيضاً أربع صور (والمهمّ منها هو الصورة الرابعة)، لأنّ المعلوم بالإجمال تارةً يكون من التوصّليات، واُخرى من التعبّديات، وفي كلّ منهما تارةً يكون الامتثال الإجمالي مستلزماً للتكرار، واُخرى لا يكون.

أمّا التوصّليات فلا إشكال ولا كلام في كفاية العلم الإجمالي فيها في مقام الامتثال، سواء استلزم التكرار أو لم يستلزم، وهكذا في التعبّديات إذا لم يستلزم التكرار كما إذا شككنا في جزئيّة السورة.

إنّما البحث والإشكال في العبادات إذا استلزم الامتثال الإجمالي فيها التكرار كمثال الصّلاة في أربع جهات، فأجازه قوم ومنعه آخرون، واستدلّ المانعون بوجوه متفرّقة في كتبهم يمكن جمعها وتلخيصها في ثمانية:

الوجه الأوّل: الإجماع بإحدى الصور التالية:

الاُولى: الإجماع قولا على المنع في خصوص ما إذا استلزم التكرار في العبادات، أي في خصوص محلّ النزاع.

الثانية: الإجماع قولا على المنع مطلقاً، استلزم التكرار أو لم يستلزم.

الثالثة: الإجماع عملا في خصوص العبادات، والمقصود منه أنّ سيرة علماء السلف استقرّت على عدم تكرار العبادة.

الوجه الثاني: أصالة الاشتغال، فإنّه إذا شككنا في حصول الامتثال وبراءة الذمّة مع ترك العلم التفصيلي فالاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينيّة.

الوجه الثالث: أنّه يوجب اللعب بأمر المولى خصوصاً فيما إذا تداخل علمان إجماليّان أو أكثر في مورد واحد، كما إذا أراد أن يصلّي كلّ واحد من صلاة الظهر وصلاة الجمعة في أربع جهات للحصول على القبلة وفي أثواب متعدّدة، للعلم إجمالا بطهارة واحد منها بحيث يوجب الإتيان بصلوات كثيرة بدل صلاة واحدة.

الوجه الرابع: لزوم الاخلال بقصد الوجه.

الوجه الخامس: لزوم الاخلال بقصد التمييز فلا يمكن أن يأتي بصلاة الظهر بقصد أنّها هي المأمور بها متميّزة عن غيرها.

الوجه السادس: أدلّة وجوب تحصيل العلم كقوله تعالى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ } وقوله (صلى الله عليه وآله): طلب العلم فريضة على كلّ مسلم» فإنّها ظاهرة في الوجوب التعييني فلا يجوز العمل بالاحتياط.

الوجه السابع: ظاهر أدلّة حجّية الأمارات والطرق فإنّ ظاهرها هو الوجوب التعييني أيضاً لا التخيير بين العمل بمفادها وبين الاحتياط.

الوجه الثامن: ما أفاده المحقّق النائيني (رحمه الله) في المقام ملخّصه: أنّ الإطاعة هي الانبعاث عن بعث المولى والتحرّك عن تحريكه خارجاً وهو لا يتحقّق مع الامتثال الإجمالي، بداهة أنّ المحرّك لخصوص صلاة الظهر أو الجمعة يستحيل أن يكون هو إرادة المولى وبعثه، فإنّ المفروض الشكّ في تعلّقها بكلّ منها بل المحرّك هو احتمال تعلّق الإرادة بكلّ منهما، ومع التمكّن من التحرّك عن نفس الإرادة يستقلّ العقل بعدم حسن التحرّك عن احتمالها، فإنّ مرتبة الأثر متأخّرة عن مرتبة العين (المقصود من العين هو نفس الإرادة ومن الأثر احتمالها) فكلّ ما أمكن التحرّك عن نفس الإرادة في مقام الإطاعة فلا حسن في التحرّك عن احتمالها»(2).

فملخّص كلامه استقلال العقل بعدم حسن التحرّك عن احتمال الإرادة الموجود في الامتثال الإجمالي في المقام.

هذا ـ والحقّ هو جواز العمل بالاحتياط وإن استلزم التكرار كما عليه أكثر المتأخّرين والمعاصرين، ولا يتمّ أحد هذه الوجوه.

أمّا الإجماع فجوابه واضح، لأنّ استناد المجمعين إلى الأدلّة السابقة محتمل أو معلوم فلا يكشف عن قول المعصوم.

وأمّا أصالة الاشتغال فلأنّ الأصل الجاري في المقام هو البراءة لا الاشتغال لأنّ الشكّ هنا يرجع إلى الشكّ في الشرطيّة أو الجزئيّة حيث يشكّ في اعتبار قيد عدم تكرار العمل، وهو قيد أو شرط زائداً على الشروط والأجزاء المتيقّنة تفصيلا، فينحلّ العلم الإجمالي إلى العلم التفصيلي بسائر الأجزاء والشرائط والشكّ البدوي في القيد المذكور، ولا ريب في أنّه مجرى  لأصالة البراءة لا الاشتغال، والاشتغال مصبّه غير ذلك، وهو ما إذا كان أصل المأمور به معلوماً وشكّ في وجوده خارجاً.

قال المحقّق النائيني (رحمه الله) هنا ما حاصله: أنّ أدلّة أصل البراءة كحديث الرفع جار فيما كان وضعه ورفعه بيد الشارع ويكون قاصراً عن الشمول لما يتحمّل اعتباره في الطاعة عقلا كما في المقام، حيث إن الشكّ فيه راجع إلى اعتبار أمر في الطاعة العقليّة، ضرورة أنّ حسن الاحتياط من الأحكام التي يستقلّ العقل بها، فمع الشكّ في تحقّقه لا يمكن التمسّك بحديث الرفع(3).

أقول: إن كان حسن الاحتياط في المقام من المستقلاّت العقليّة فلا معنى للشكّ فيه، لأنّ لاعقل لا يشكّ في حكم نفسه، فإمّا أن يحكم بكفاية الامتثال الإجمالي أو يحكم بعدمها، ولا تردّد له فيه، وحينئذ فلو كان هناك شكّ كان شكّاً في حكم الشرع، أي شكّاً في الجزئيّة أو الشرطيّة الشرعيّة فيرجع إلى الأقلّ والأكثر الإرتباطيين الذي يكون مجرى لأصل البراءة.

وأمّا الدليل الثالث وهو لزوم اللعب بأمر المولى فاُجيب عنه بجوابين:

أحدهما: أنّ التكرار لا يعدّ لعباً بأمر المولى إذا نشأ من دواع عقلائيّة.

ثانيهما: سلّمنا ذلك، ولكنّه لعب في كيفية الإطاعة لا في أصلها، واللعب في كيفية العمل لا يوجب بطلان أصله.

لكن الإنصاف أنّ هذا الجواب غير تامّ، لأنّ كيفية العمل ليست منفكّة عن أصل العمل بل هي متّحدة معه عرفاً.

وللمحقّق الإصفهاني(رحمه الله) هنا كلام وإليك نصّه: «إنّ المانع إمّا عدم صدور العمل عن داع إلهي بل من غيره، أو التشريك في الداعي بحيث لا يكون الأمر مستقلا في الدعوة، أو تعنون الفعل بنفسه بعنوان اللعب، أو تعنون الفعل المأتي بداعي الأمر بعنوان اللعب، والكلّ مفقود، أمّا الأوّل فلأنّ المفروض أنّ المحرّك لفعل كلّ من المحتملات هو الأمر المحتمل تعلّقه به، وأمّا الثاني فلأنّ المفروض عدم محرّك إلى ذات كلّ واحد من المحتملات سوى الأمر المحتمل فلا تشريك في الداعي، وإلاّ فلو فرض التشريك لم يكن فرق بين الداعي العقلائي وغيره في المفسدية وعدم صدور العمل عن داع إلهي مستقلّ في الدعوة، وأمّا الثالث فلأنّ المفروض أنّ ذات العمل صلاة واتّصافها باللعب والعبث باعتبار صدورها عن داع نفساني شهواني ومع فرض صدورها عن داع الأمر المستقلّ في الدعوة لا معنى لتعنون ذات الصّلاة باللعب والعبث، وأمّا الرابع فبأنّ اتّصاف المأتي به بداع الأمر بوصف اللعب والعبث بأن يكون الداعي إلى جعل الأمر داعياً غرضاً نفسانياً غير عقلائي والمفروض أنّ داعيه إلى امتثال أمر المولى ما هو الداعي في غيره من توقّع الثواب أو تحصيل مرضات المولى أو غيرها»(4).

أقول: الحقّ عدم الحاجة إلى هذا التفصيل بل روح الكلام والعمدة في المقام هو ما ذكرنا من أنّ التكرار لا يكون لعباً إذا نشأ من دواع عقلائيّة.

أمّا الدليل الرابع: وهو اعتبار قصد الوجه ففيه: أوّلا: أنّه قد ثبت في محلّه عدم اعتباره في صحّة العبادة.

وثانياً: لو سلّمنا اعتباره فإنّه حاصل في المقام لأنّه على قسمين: قصد الوجه الغائي وقصد الوجه الوصفي، والغائي حاصل في المقام لأنّ صلاته إنّما هي لغاية وجوب تلك الصّلاة الواجبة إجمالا، وكذلك الوصفي لأنّه بصدد الإتيان بالصلاة المتّصفة بالوجوب المتردّد بين الأربعة.

وأمّا قصد التمييز فهو ممّا لا دليل على اعتباره إلاّ في مورد واحد، وهو ما إذا توقّف عليه حصول عنوان من العناوين القصديّة، حيث إن العنوان القصدي لا يحصل إلاّ بتمييزه عن سائر العناوين كما إذا اشتغل مثلا ذمّة المكلّف بصيام يوم للكفّارة وبصيام يوم آخر للنذر وبصيام يوم ثالث للقضاء، وكلّ واحد من هذه الثلاثة عنوان من العناوين القصديّة يحتاج تحقّقه في الخارج إمّا إلى تمييز تفصيلي له بالنسبة إلى سائر العناوين كما إذا قال مثلا: أصوم للكفّارة، أو تمييز إجمالي كما إذا نوى ما اشتغلت به ذمّته أوّلا، وأمّا في غير هذه الصورة فلا يجب التمييز لا إجمالا ولا تفصيلا بل يكفي قصد ما في الذمّة، وما نحن فيه من هذا القبيل كما لا يخفى.

ثالثاً: أنّه لم يأت بدليل على مقالته إلاّ ما أفاده من أنّ التحرّك عن الأثر متأخّر عن التحرّك عن العين، وهذا ما لا محصّل له لأنّه إن كان المراد منه التأخّر في عالم الخارج فهذا مسلّم لكنّه لا يثبت المدّعى، وإن كان المراد التأخّر في الداعويّة والبعث فهو أوّل الكلام لأنّه ربّما يتحرّك الإنسان عن الأثر من دون أن يتحرّك عن العين كما إذا أمر الطبيب بالحمية فنهى عن أكل بعض الأغذية وشرب بعض آخر لرفع المرض والحصول على السلامة، والمريض يتركها لكن لا لجهة مرضه وتحصيل السلامة عنه بل لما يترتّب عليها من العواقب والآلام.

 

بقي هنا اُمور:

الأوّل: إنّه هنا كان البحث في جواز الامتثال الإجمالي مع القدرة على تحصيل العلم التفصيلي واخترنا فيه الجواز، أمّا إذا لم يقدر على تحصيل العلم التفصيلي بل كان قادراً على الظنّ التفصيلي الذي هو الغالب في الفقه كما مرّ وعليه يدور رحى الاجتهاد والتقليد فالكلام فيه أظهر، بل يجوز الامتثال الإجمالي فيه بطريق أولى كما أشرنا إليه سابقاً.

الثاني: أنّ ما يقال من «أنّ الاحتياط في ترك الاحتياط» فهو صحيح على الإطلاق في بعض الموارد، وهو ما إذا كان قادراً على العمل التفصيلي، والوجه فيه هو الخروج عن القول بالخلاف، أمّا إذا لم يقدر على العلم بل كان قادراً على الظنّ التفصيلي المعتبر، فحينئذ لعلّ الاحتياط من بعض الجهات كان في العمل بالاحتياط لا في تركه، وذلك لأنّ الاحتياط حينئذ يوصل الإنسان إلى الواقع قطعاً، والظنّ المعتبر يوصله إليه ظنّاً (مع قطع النظر عن ما يستلزم التكرار من مخالفة الاحتياط).

الثالث: لا يخفى أنّ ما اخترناه من جواز الاحتياط لا يجري في نفس المسألة وهي «هل يجوز العمل بالعلم الإجمالي والاحتياط مع إمكان الاجتهاد أو التقليد؟» بل لابدّ فيها من الاجتهاد أو التقليد وهو واضح لا يحتاج إلى مزيد بيان.

الرابع: كثيراً ما لا يمكن العمل بالإحتياط لكونه من موارد الدوران بين المحذورين، ويرشدنا إلى هذه الموارد الرجوع إلى أبواب الحدود والتعزيرات والقصاص وكذلك باب الإرث وكثير من أبواب المعاملات، وحينئذ لابدّ من الاجتهاد أو التقليد وعلى هذا العمل بالاحتياط مطلقاً غير ممكن.

الخامس: أنّ العمل بالاحتياط قد يوجب العسر والحرج لشخص الإنسان وقد يوجب اختلال النظام أو الاضرار بالغير كما إذا استلزم من احتياط إنسان الاضرار بعياله أو صديقه مثلا، فعلى الأوّل لا إشكال في جوازه وعدم حرمته لأنّه ليس ناشئاً من جانب الشارع بل هو نشأ من ناحية شخصه واختياره، ولا كلام في أنّ المرفوع في أدلّة العسر والحرج هو الإلزام الحاصل من حكم الشرع لا الجواز، وعلى الثاني فلا إشكال أيضاً في حرمة الاحتياط حينئذ ووجوب العمل بالاجتهاد أو التقليد. والله العالم.

_____________________

1. تهذيب الاُصول: ج2، ص52 ـ 53، طبع جماعة المدرسين.

2. أجود التقريرات: ج 2، ص 44.

3. راجع أجود التقريرات: ج2، ص45.

4. نهاية الدراية: ج2، ص39.