x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

المسائل الفقهية

التقليد

الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

التحنيط

التشييع

التكفين

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الميت

الغسل

مسائل تتعلق باحكام الاموات

أحكام الخلوة

أقسام المياه وأحكامها

الاستحاضة

الاغسال

الانية واحكامها

التيمم (مسائل فقهية)

احكام التيمم

شروط التيمم ومسوغاته

كيفية التيمم

مايتيمم به

الجنابة

سبب الجنابة

مايحرم ويكره للجُنب

مسائل متفرقة في غسل الجنابة

مستحبات غسل الجنابة

واجبات غسل الجنابة

الحيض

الطهارة من الخبث

احكام النجاسة

الاعيان النجسة

النجاسات التي يعفى عنها في الصلاة

كيفية سراية النجاسة الى الملاقي

المطهرات

النفاس

الوضوء

الخلل

سنن الوضوء

شرائط الوضوء

كيفية الوضوء واحكامه

مسائل متفرقة تتعلق بالوضوء

مستمر الحدث

نواقض الوضوء والاحداث الموجبة للوضوء

وضوء الجبيرة واحكامها

مسائل في احكام الطهارة

الصلاة

مقدمات الصلاة(مسائل فقهية)

الستر والساتر (مسائل فقهية)

القبلة (مسائل فقهية)

اوقات الصلاة (مسائل فقهية)

مكان المصلي (مسائل فقهية)

افعال الصلاة (مسائل فقهية)

الاذان والاقامة (مسائل فقهية)

الترتيب (مسائل فقهية)

التسبيحات الاربعة (مسائل فقهية)

التسليم (مسائل فقهية)

التشهد(مسائل فقهية)

التعقيب (مسائل فقهية)

الركوع (مسائل فقهية)

السجود(مسائل فقهية)

القراءة (مسائل فقهية)

القنوت (مسائل فقهية)

القيام (مسائل فقهية)

الموالاة(مسائل فقهية)

النية (مسائل فقهية)

تكبيرة الاحرام (مسائل فقهية)

منافيات وتروك الصلاة (مسائل فقهية)

الخلل في الصلاة (مسائل فقهية)

الصلوات الواجبة والمستحبة (مسائل فقهية)

الصلاة لقضاء الحاجة (مسائل فقهية)

صلاة الاستسقاء(مسائل فقهية)

صلاة الايات (مسائل فقهية)

صلاة الجمعة (مسائل فقهية)

صلاة الخوف والمطاردة(مسائل فقهية)

صلاة العيدين (مسائل فقهية)

صلاة الغفيلة (مسائل فقهية)

صلاة اول يوم من كل شهر (مسائل فقهية)

صلاة ليلة الدفن (مسائل فقهية)

صلوات اخرى(مسائل فقهية)

نافلة شهر رمضان (مسائل فقهية)

المساجد واحكامها(مسائل فقهية)

اداب الصلاة ومسنوناتها وفضيلتها (مسائل فقهية)

اعداد الفرائض ونوافلها (مسائل فقهية)

صلاة الجماعة (مسائل فقهية)

صلاة القضاء(مسائل فقهية)

صلاة المسافر(مسائل فقهية)

صلاة الاستئجار (مسائل فقهية)

مسائل متفرقة في الصلاة(مسائل فقهية)

الصوم

احكام متفرقة في الصوم

المفطرات

النية في الصوم

ترخيص الافطار

ثبوت شهر رمضان

شروط الصوم

قضاء شهر رمضان

كفارة الصوم

الاعتكاف

الاعتكاف وشرائطه

تروك الاعتكاف

مسائل في الاعتكاف

الحج والعمرة

شرائط الحج

انواع الحج واحكامه

الوقوف بعرفة والمزدلفة

النيابة والاستئجار

المواقيت

العمرة واحكامها

الطواف والسعي والتقصير

الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

الاحرام والمحرم والحرم

اعمال منى ومناسكها

احكام عامة

الصد والحصر*

الجهاد

احكام الاسارى

الارض المفتوحة عنوة وصلحا والتي اسلم اهلها عليها

الامان

الجهاد في الاشهر الحرم

الطوائف الذين يجب قتالهم

الغنائم

المرابطة

المهادنة

اهل الذمة

وجوب الجهاد و شرائطه

مسائل في احكام الجهاد

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

حكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرائط وجوبهما

اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

احكام عامة حول الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

الخمس

مايجب فيه الخمس

مسائل في احكام الخمس

مستحق الخمس ومصرفه

الزكاة

اصناف المستحقين

اوصاف المستحقين

زكاة الفطرة

مسائل في زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت اخراج زكاة الفطرة

شرائط وجوب الزكاة

ماتكون فيه الزكاة

الانعام الثلاثة

الغلات الاربع

النقدين

مال التجارة

مسائل في احكام الزكاة

احكام عامة

علم اصول الفقه

تاريخ علم اصول الفقه

تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية

المباحث اللفظية

المباحث العقلية

الاصول العملية

الاحتياط

الاستصحاب

البراءة

التخيير

مباحث الحجة

تعارض الادلة

المصطلحات الاصولية

حرف الالف

حرف التاء

حرف الحاء

حرف الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

القواعد الفقهية

مقالات حول القواعد الفقهية

اخذ الاجرة على الواجبات

اقرار العقلاء

الإتلاف - من اتلف مال الغير فهو له ضامن

الإحسان

الاشتراك - الاشتراك في التكاليف

الاعانة على الاثم و العدوان

الاعراض - الاعراض عن الملك

الامكان - ان كل ما يمكن ان يكون حيضا فهو حيض

الائتمان - عدم ضمان الامين - ليس على الامين الا اليمين

البناء على الاكثر

البينة واليمين - البينة على المدعي واليمين على من انكر

التقية

التلف في زمن الخيار - التلف في زمن الخيار في ممن لا خيار له

الجب - الاسلام يجب عما قبله

الحيازة - من حاز ملك

الزعيم غارم

السبق - من سبق الى ما لم يسبقه اليه احد فهو احق به - الحق لمن سبق

السلطنة - التسلط - الناس مسلطون على اموالهم

الشرط الفاسد هل هو مفسد للعقد ام لا؟ - الشرط الفاسد ليس بمفسد

الصحة - اصالة الصحة

الطهارة - كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر

العقود تابعة للقصود

الغرور - المغرور يرجع الى من غره

الفراغ و التجاوز

القرعة

المؤمنون عند شروطهم

الميسور لايسقط بالمعسور - الميسور

الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها

الولد للفراش

أمارية اليد - اليد

انحلال العقد الواحد المتعلق بالمركب الى عقود متعددة - انحلال العقودالى عقود متعددة

بطلان كل عقد بتعذر الوفاء بمضمونه

تلف المبيع قبل قبضه - اذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه

حجية البينة

حجية الضن في الصلاة

حجية سوق المسلمين - السوق - أمارية السوق على كون اللحوم الموجودة فيه مذكاة

حجية قول ذي اليد

حرمة ابطال الاعمال العبادية الا ما خرج بالدليل

عدم شرطية البلوغ في الاحكام الوضعية

على اليد ما اخذت حتى تؤدي - ضمان اليد

قاعدة الالزام - الزام المخالفين بما الزموا به انفسهم

قاعدة التسامح في ادلة السنن

قاعدة اللزوم - اصالة اللزوم في العقود - الاصل في المعاملات اللزوم

لا تعاد

لا حرج - نفي العسر و الحرج

لا ربا في ما يكال او يوزن

لا شك في النافلة

لا شك لكثير الشك

لا شك للإمام و المأموم مع حفظ الآخر

لا ضرر ولا ضرار

ما يضمن و ما لا يضمن - كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وكل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

مشروعية عبادات الصبي وعدمها

من ملك شيئا ملك الاقرار به

نجاسة الكافر وعدمها - كل كافر نجس

نفي السبيل للكافر على المسلمين

يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب

قواعد فقهية متفرقة

المصطلحات الفقهية

حرف الألف

حرف الباء

حرف التاء

حرف الثاء

حرف الجيم

حرف الحاء

حرفق الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

الفقه المقارن

كتاب الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الاموات

الغسل

الكفن

التشييع

احكام التخلي

استقبال القبلة و استدبارها

مستحبات و ومكروهات التخلي

الاستنجاء

الاعيان النجسة

البول والغائط

الخمر

الدم

الكافر

الكلب والخنزير

المني

الميتة

احكام المياه

الوضوء

احكام الوضوء

النية

سنن الوضوء

غسل الوجه

غسل اليدين

مسح الرأس

مسح القدمين

نواقض الوضوء

المطهرات

الشمس

الماء

الجبيرة

التيمم

احكام عامة في الطهارة

احكام النجاسة

الحيض و الاستحاظة و النفاس

احكام الحيض

احكام النفاس

احكام الاستحاضة

الاغسال المستحبة

غسل الجنابة واحكامها

كتاب الصلاة

احكام السهو والخلل في الصلاة

احكام الصلاة

احكام المساجد

افعال الصلاة

الاذان والاقامة

التسليم

التشهد

الركوع

السجود

القراءة

القنوت

القيام

النية

تكبيرة الاحرام

سجدة السهو

الستر والساتر

الصلوات الواجبة والمندوبة

صلاة الاحتياط

صلاة الاستسقاء

صلاة الايات

صلاة الجماعة

صلاة الجمعة

صلاة الخوف

صلاة العيدين

صلاة القضاء

صلاة الليل

صلاة المسافر

صلاة النافلة

صلاة النذر

القبلة

اوقات الفرائض

مستحبات الصلاة

مكان المصلي

منافيات الصلاة

كتاب الزكاة

احكام الزكاة

ماتجب فيه الزكاة

زكاة النقدين

زكاة مال التجارة

زكاة الغلات الاربعة

زكاة الانعام الثلاثة

شروط الزكاة

زكاة الفطرة

احكام زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت وجوب زكاة الفطرة

اصناف واوصاف المستحقين وأحكامهم

كتاب الصوم

احكام الصوم

احكام الكفارة

اقسام الصوم

الصوم المندوب

شرائط صحة الصوم

قضاء الصوم

كيفية ثبوت الهلال

نية الصوم

مستحبات ومكروهات الصوم

كتاب الحج والعمرة

احرام الصبي والعبد

احكام الحج

دخول مكة واعمالها

احكام الطواف والسعي والتقصير

التلبية

المواقيت

الصد والحصر

اعمال منى ومناسكها

احكام الرمي

احكام الهدي والاضحية

الحلق والتقصير

مسائل متفرقة

النيابة والاستئجار

الوقوف بعرفة والمزدلفة

انواع الحج واحكامه

احكام الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

احكام تخص الاحرام والمحرم والحرم

العمرة واحكامها

شرائط وجوب الحج

كتاب الاعتكاف

كتاب الخمس

الفقه الاسلامي واصوله : علم اصول الفقه : تاريخ علم اصول الفقه :

أدوار الفكر الأصولي

المؤلف:  محاضرات السيد علي الحسيني السيستاني بقلم السيد منير السيد عدنان القطيفي

المصدر:  الـرافـــد فـي عــلـم الاصـول

الجزء والصفحة:  ص 16 – 30.

1-9-2016

602

إن معيار الدور بحسب تصورنا لا يرتبط بالمرحلة الزمنية للعلم ، إذ ربما تمر المرحلة الزمنية من دون حصول أي تطور وتجديد في مسيرة العلم وتكامله ، وإنما معيار الدور المتميز عن غيره من الأدوار هو ببروز النظريات المتطورة التي تدفع بمسيرة الفكر للإمام ، وهذا إنما يحدث عادة نتيجة التنافس العلمي والمبارزات الثقافية، فكما أن المجتمعات تترقى في سلم الحضارة نتيجة التنافس الاقتصادي والثقافي فيما بينها ، فكذلك تطور أي فكر كان يحتاج لنوع من الصراع الحاد بين أقطاب هذا الفكر ليساهم ذلك الصراع في بلورة النظريات وتجددها ، وعلى هذا الأساس ـ أي أساس صراع الأفكار ـ سنحدد أدوار الفكر الأصولي عند الشيعة الإمامية .

الدور الأول :

وهو عبارة عن موقف علماء الشيعة من المدارس الفكرية الأخرى ومن العلماء الشيعة المتاثرين بهذه المدارس .

بيان ذلك : إن هناك مدرستين متصارعتين في مجال تحديد الحكم الشرعي ، وهما : مدرسة الرأي ومدرسة الحديث ، فمدرسة الرأي بدأت شرارتها من بعض الصحابة والخلفاء الذين منعوا من تدوين السنة لأهداف سياسية معينة وأخذوا بآرائهم وتصوارتهم الشخصية فيما يناسب المصلحة العامة، وامتدت هذه المدرسة للقرن الثاني حيث كانت هي الطابع العام للعراقيين أتباع أبي حنيفة الذين قالوا بحجية القياس والاستحسان والتزموا بالنقد الداخلي للأحاديث بمقارنتها مع الأصول العامة في الإسلام ، وأما مدرسة الحديث التي نشأت كرد فعل لامتداد مدرسة الرأي وتجسدت في المذهب الحنبلي والمالكي أكثر من بقية المذاهب فقد أفرطت في الاعتماد على الحديث بمجرد كونه خبر ثقة من دون ملاحظة القواعد العامة، وقد تأثر بكل واحدة من المدرستين بعض علماء الشيعة كما حكي عن ابن الجنيد في قوله بالقياس إن صح ذلك وحكي عن بعض اخر ما يناسب أقوال الحشوية . لذلك ومن هذا المنطلق خاض علماء الشيعة الفكر الأصولي وبدأ الدور الأول من مسيرته في مواجهة مدرسة الرأي ومدرسة الحديث ومن تأثر بهما من علماء الإمامية ، فكتبت رسائل في عدم حجية القياس وفي الحديثين المختلفين من بعض بني نوبخت وغيرهم كما يلاحظ في كتب الرجال ، وذكر الشيخ الطوسي في الفهرست والسيد المرتضى في الانتصار معارضات حادة لمنهج ابن الجنيد (1) ،كما كتب (2) الشيخ المفيد رسالة في بطلان القياس وكتاب مقابس الأنوار في الرد على أهل الأخبار، وهذه الرسائل اعطت الفكر الأصولي نضجاً وتطوراً ملحوظاً كما في عدة الشيخ الطوسي ، ثم استمر الفكر الأصولي بعد رحيل الطوسي بين تطور وتوقف ، ففي عصر الديالمة تقدم بعض الخطوات لوجود التنافس الفكري ولكنه توقف عن حركة التطور في عصر السلاجقة لوجود الضغط والتضييق ، ورجع للتفوق بعد غزو التتار لانفتاح آفاق الحرية الفكرية آنذاك فقد أبرز المحقق والعلامة في التذكرة والمعتبر مدى عمق الفكر الأصولي في الفقه المقارن ، وهذه الفترة الزمنية وإن كانت قصيرة إلا أنها وضعت بصماتها حتى على فكر بعض علماء المذاهب الأخرى، فقد ذكر أبو زهرة في كتابه (ابن تيمية) أن ابن تيمية تأثر بالفقه الشيعي المعاصر له ، كما يظهر من بعض مسائل الطلاق في فقهه ، وبعد  انتهاء هذه الفترة رجع الفكر الأصولي والفقه الخلافي للركود فلا يلاحظ في كتب الشهيد الأول إشارة للفقه المقارن ومواطن إبداع الإمامية في الفكر الأصولي ، بل ذكر الشهيد الثاني في كتاب القضاء أنه يكفي للطالب دراسة مختصر ابن الحاجب في المنطق والأصول (3)، مع أن هذا الكتاب لا يمثل الإبداع الإمامي .

الدور الثاني :

وهو عبارة عن الصراع الفكري بين المدرسة الأصولية والأخبارية .

بيان ذلك : أن الشيعة بعد استقرارهم السياسي في عهد الصفوية في أوائل القرن العاشر برزت فيهم المدرسة الأخبارية المتمثلة في الملا أحمد أمين الاسترابادي ومن تأثر به كالمجلسيين والفيض الكاشاني والحر العاملي والشيخ يوسف البحراني ، وكان من عوامل بروز هذه المدرسة تصور بعض علماء الشيعة أن القواعد الأصولية المساهمة في استنباط الحكم الشرعي تعتمد على الفكر الكلامي والفلسفي مما أدى لابتعاد الحكم الشرعي عن مصادره الصافية وهي روايات أهل البيت عليهم السلام ، ومن هنا بدأ الصراع الفكري الحاد بين المدرستين واستفاد الفكر الأصولي تطوراً كبيراً من هذا الصراع وتقدم تقدماً عجيباً على يد الوحيد البهبهاني والمحقق القمي وصاحب الفصول والعلامة الأنصاري.

الدور الثالث:

وهو عبارة عن المرحلة الفعلية التي نعيشها .

بيان ذلك : أن الفترة التي نعيشها الان بمقتضى العوامل الاقتصادية والسياسية تمثل الصراع الحاد بين الثقافة الإسلامية والثقافات الأخرى على مختلف الأصعدة، فلا بد من تطوير علم الأصول وصياغته بالمستوى المناسب للوضع الحضاري المعاش . وقد ركزنا في بحوثنا على بعض الشذرات الفكرية  التي تلتقي مع حركة التطوير لعلم الاصول من خلال الاستفادة من العلوم المختلفة قديمها وحديثها كالفلسفة وعلم القانون وعلم النفس وعلم الاجتماع ومن خلال محاولة التجديد على مستوى المنهجية وعلى مستوى النظريات الكبروية استمداداً من كلمات الأعلام (قدهم) في عدة حقول .

الحقل الفلسفي :

هناك عدة نظريات فلسفية ذكرناها في علم الأصول ورتبنا عليها بعض الأفكار الأصولية ، منها نظرية التكثر الإدراكي والتي تعني أن الذهن البشري ليس صندوقاً أميناً في استقبال المعلومات الخارجية كما كان يذكر قدماء الفلاسفة بان الذهن البشري كصفحة المرآة يرتسم فيها صور المحسوسات بلا تغيير ولا تبديل ، بل الذهن قد يتلقى بعض الصور بعدة وجوه وأشكال لحكومة العوامل الخارجية والنفسية على الذهن أثناء تصوره كما تتحرك القوة المتخيلة لإدراك الشيء على عدة أنحاء، فقد نتصور الإنسان بصورة إجمالية بسيطة ونعبرعنها بالإنسان أو البشر وقد نتصوره بصورة تفصيلية مركبة ونعبر عنه بالحيوان الناطق مع أنه حقيقة واحدة، وهذا دليل على الفعالية الذهنية في كثرة مدركاتها . ومما رتبناه على هذه النظرية الفلسفية تحليل مفهوم الوجود الرابط الذي يعتقد أغلب الفلاسفة أنه وجود واقعي حقيقته عين الربط والتعلق بطرفيه وهما الجوهر والعرض وأنه يتحقق في الذهن كذلك ، فكما يوجد في الخارج مثلا زيد وقيام وربط واقعي بينهما فكذلك في الذهن ، لكننا نعتقد ان الوجود الرابط مجرد عمل إبداعي ذهني يرتبط بهذه النظرية وهي نظرية التكثر الإدراكي فالخارج لا يحوي غير وجودين جوهري وعرضي كزيد والقيام بلا حاجة للربط بينهما، فإن عرضية العرض متقومة بكون وجوده في نفسه عين وجوده لغيره من دون حاجة لوجود رابط وراء ذلك ، والذهن عندما يتلقى صورة القيام وزيد مثلاً يتلقاها على نحوين بمقتضى نظرية التكثر الادراكي :

1 ـ الهوهوية والاتحاد بين الوجودين وكأنهما وجود واحد، وهذا لون من ألوان الوجود الرابط .

2 ـ ثبوت شيء لشيء آخر فيحتاج الذهن حينئذٍ لعمل إبداعي وهو الدمج والربط بينهما، وهذا لون اخر من ألوان الوجود الرابط الذي طرحه الأصوليون في بحث المعنى الحرفي ، وبحث بساطة المشتق وتركيبه ، وفي بحث اجتماع الأمر والنهي ، وفي بحث استصحاب العدم الأزلي، ومما رتبناه على نظرية التكثر الادراكي أيضاً نظرية تحليل المعنى الحرفي الذي وقع النزاع عند علماء الأصول في الفارق بينه وبين المعنى الاسمي على قولين :

1 ـ أن الفارق بينهما فارق ذاتي ، وهو الذي ذهب له معظم الأصوليين حيث قالوا بأن الفرق بين مفهوم لفظة ـ في ـ ومفهوم لفظة ـ الظرفية ـ أن الثاني يعبر عن الوجود النفسي للحلول والظرفية، بينما الأول يعبر عن الوجود الاندكاكي في الطرفين الذي لا مفهوم له أصلاً حتى مفهوم التعلق بالطرفين فإنه مفهوم اسمي لا حرفي .

2 ـ أن الفارق لحاظي ، وذهب له صاحب الكفاية ، وقال : بأن حقيقة المعنى واحدة ومشتركة وهي حقيقة الظرفية ـ مثلاً ـ إلا أن الذهن تارة يتصور هذا المعنى على نحو الاستقلالية ويعبر عنه بالمعنى الاسمي وتارة يتصوره بنحو الآلية أو المرآتية ـ على اختلاف في تحليل مطلب الكفاية ـ ويعبر عنه بالمعنى الحرفي (4)، وهذا التفنن في التصور هو ما نعبر عنه بنظرية التكثر الإدراكي الذهني ، ونحن قد اخترنا القول الثاني أيضاً ، لكننا ذهبنا لكون الفارق اللحاظي بين المعنيين ليس هو الاستقلالية والآلية بل هو الخفاء والوضوح ، بمعنى أن هناك معنى واحداً وهو حقيقة الحلول ـ مثلاً ـ ولكننا تارة نتصور هذا المعنى بصورة تفصيلية واضحة ونعبر عنه بالظرفية فهذه الكلمة تعكس مفهوم الحلول بنحو تفصيلي واضح السمات ، وتارة نتصوره بصورة مجملة داكنة ونعبر عنه بلفظ ـ في ـ الذي يعكس المعنى نفسه بنحو من الإجمال والخفاء لعوامل متعددة يأتي عرضها في بحث المعنى الحرفي .

ومن النظريات الفلسفية التي نهتم بها كثيراً في بحوثنا الأصولية نظرية وحدة الموجود .

بيان ذلك : أن النظرية المشهورة في الفلسفة التقليدية هي تعدد الموجود لجوهر وعرض ، وأن الوجود الجوهري ما كان موجودا لا في موضوع والوجود العرضي ما كان وجوده في الموضوع ، واختلف أصحاب هذه النظرية في كون التركيب بينهما إذا اجتمعا هل هو تركيب اتحادي أم تركيب انضمامي كانضمام الحجر للحديد في بناء الدار مثلاً، ولكننا نختار ما طرحه بعض فلاسفة الغرب كالفيلسوف الفرنسي ـ روسوا ـ وبعض فلاسفة الشرق وهو آقا علي مدرسي من اتحاد هذين المفهومين وهما الجوهر والعرض وجوداً، وذلك لأن الموجود لشيء واحد في الخارج إلا أنه يعيش حركة تطورية تكاملية والأعراض ما هي إلا أنحاء وجوده التطوري وألوان حركته التكاملية المتجددة لا أنها وجودات محمولية أخرى ترتبط بوجوده وتنضم إليه ، وقد رتبنا على هذه النظرية كثيراً من البحوث الفلسفية ، منها عدم الحاجة لدعوى واقعية الوجود الرابط خارجاً كما هو المشهور في الفلسفة ، باعتبار أننا إنما نحتاج للقول بالوجود الرابط نتيجة تعدد الموجود ولكن مع وحدته لا نرى حاجة لوجود رابط متعلق بطرفين إذ لا يوجد طرفان في الخارج أصلاً، كذلك بعض البحوث الأصولية التي ترتبط بهذه النظرية ، فمثلاً بحث اجتماع الأمر والنهي قد ربطه المحقق النائيني بنظرية تعدد الموجود حيث قال في مثال اجتماع الصلاة والغصب في صورة واحدة في الأرض المغصوبة : باننا إن قلنا في مثال اجتماع الصلاة والغصب أن حيثية الغصب والصلاة حيثيتان تقييديتان ، بمعنى أن الصلاة عمل يرتبط بمقولة الوضع والغصب حركة ترتبط بمقولة الأين والأعراض اجناس عالية متباينة بتمام الذات ، فالحركتان اجتمعتا على نحو التركيب الانضمامي لا الاتحادي ، وبالتالي لا مانع من اجتماع الأمر والنهي لتعدد المتعلق ، وإن قلنا بأن الحيثيتين تعليليتان ومجتمعتان في هوية واحدة فالتركيب بينهما اتحادي ـ بحسب نظره ـ وبالتالي نقول بامتناع الاجتماع ، ودخول بحث اجتماع الأمر والنهي في بحث التعارض لا بحث التزاحم ، لأن التنافي بينهما ثبوتي في نفس مرحلة الجعل لاستحالة اجتماعهما في هوية واحدة ووجود فارد(5).

أما نحن فنقول في هذا البحث بان الأعراض ما هي إلا ألوان الوجود التطوري للجوهر، فلا نقول بوجود أجناس عالية متباينة بتمام الذات وأنه لا يلتقي الأين والوضع في وجود واحد؛ إذ كل ذلك لا وجه له بناءً على نظرية وحدة الموجود الامكاني فليس هناك الا موجود واحد ينتزع منه مفهومان : مفهوم الصلاة ومفهوم الغصب ، فلا اساس للبحث المطروح وهو أن الحيثيتين تقييديتان أو تعليليتان وأن التركيب بينهما اتحادي أو انضمامي ، لأن كل ذلك فرع تعدد الموجود ولا تعدد له ، ومع ذلك فنحن من القائلين بجواز الاجتماع ، لأن المبنى الصحيح عندنا تعلق الأحكام بالعناوين الاعتبارية الموجودة في وعاء الجعل الاعتباري نفسه لا بالمعنونات الخارجية أصلاً سواءاً اتحد المعنون أم تعدد، وبما أن العناوين متعددة في نفسها فذلك كاف في القول بجواز الاجتماع ، غاية الأمر أن وحدة العمل خارجاً تدخل بحث الاجتماع في باب التزاحم لا باب التعارض .

الحقل الاجتماعي :

لقد طرحنا عند بحثنا حول بناء العقلاء وسيرة المتشرعة عدة نظريات مهمة في هذا المجال كالتفريق بين العادات والأعراف والتقاليد، وبيان أقسام العرف ، والمناشىء النفسية والإجتماعية لبناء العقلاء وارتكازاتهم ، وبيان الفرق بين رجوع الأصولي لبناء العقلاء للاستدلال به وبين رجوع الفقيه للعرف من أجل تشخيص الموضوع .

الحقل المنطقي :

إننا اعتمدنا على الدليل الرياضي المعروف وهو دليل حساب الاحتمالات الذي هو عبارة عن تراكم الاحتمالات حول محور معين في عدة نظريات أصولية، منها تحليل مفهوم الشبهة المحصورة وغير المحصورة حيث إن درجة الاحتمال إذا تضاءلت في أطراف العلم الإجمالي إلى مستوى عدم الباعثية والمحركية فالشبهة غير محصورة وأما إذا كانت درجة الاحتمال محتفظة بقوتها وباعثيتها فالشبهة محصورة ، ومنها شرح معنى التواتر وأقسامه المعنوي واللفظي والإجمالي الذي يعتمد قوامه على تراكم الاحتمالات ، ومنها ما ذكرناه في بحث القطع من الفرق بين اليقين الذاتي واليقين الموضوعي فإن اليقين الذاتي هو الناشىء عن العوامل النفسية والمزاجية والمحيطية وهذا لا قيمة له في المنجزية والمعذرية بحسب نظرنا وإن ذهب الأعلام إلى كون حجية القطع ذاتية مطلقاً ، واليقين الموضوعي هو النابع عن مقدمات علمية وقرائن موثوقة بالاعتماد على دليل حساب الاحتمالات وتمركزها حول محور معين .

الحقل اللغوي :

لقد طرحنا في بعض البحوث بعض النظريات الأدبية المساهمة في تحليل المفاهيم الأصولية، ومن جملتها نظرية التورية وانقسامها للتورية البديعية والتورية العرفية ، فالتورية البديعية تعني إطلاق لفظ له معنيان : قريب وبعيد مع إرادتهما جداً ، وقد استفدنا من هذه النظرية في بحث استعمال اللفظ في أكثر من معنى حيث ذهب كثير من علماء الأصول لعدم جواز الاستعمال في المعاني المتعددة ، وذهبنا لجواز ذلك استناداً لوقوعه في شعر العرب وخطبهم والوقوع خير دليل على الإمكان ومن شواهد الوقوع هو التورية البديعية كقول الشاعر:

 

أي المكان تروم ثم من الذي * تمضي إليه أجبته المعشوقا

والتورية العرفية هي الستر على المراد الجدي الواقعي بعدة أساليب ، وقد ذكرنا في بحث علل اختلاف الأحاديث في باب تعارض الأدلة الشرعية أن من أسباب اختلاف الحديث الصادر عنهم عليهم السلام هو استخدامهم عليهم السلام للتورية العرفية كما ورد عنهم عليهم السلام : «إن كلامنا لينصرف إلى سبعين وجها لنا منها المخرج» (6).

ومما يرتبط بالنظريات الأدبية بيان الفارق بين الاعتبار القانوني والاعتبار الأدبي، وقد شرحنا ذلك مفصلاً في هذا الكتاب في بحث علاقة علم الأصول بالعلوم الأدبية، لكننا نذكر في المقام مثالاً أصولياً مترتباً على ذلك هو مثال الحكومة التي هي عبارة عن تصرف دليل في دليل اخر تصرفاً موضوعياً كما إذا قال المولى أكرم العلماء ثم قال زيد ليس بعالم مع أنه عالم حقيقة، وقد وقع النزاع في ملاك تقديم الدليل الحكم على المحكوم فقال بعض المعاصرين (7) : بأن الملاك هو القرينية فالحاكم يعد قرينة شخصية على المحكوم كما أن المخصص قرينة نوعية على العام، «والمقصود بالقرينية الشخصية» هو النظر أي أن الحاكم ناظر للدليل المحكوم ومتصرف في موضوعه سعة وضيقاً (8) ، ونحن نقول بأن الحكومة لون من الوان الاعتبار الأدبي لأنها تحتوي على التنزيل سواءاً في صورة التوسعة أم في صورة التضييق ، والاعتبار الأدبي يحتاج لمصحح والمصحح عدم الاصطدام المباشر مع مرتكزات العرف ، فمثلاً في الحكومة التضييقية إذا قال أكرم العلماء ثم قال زيد ليس بعالم فهنا المراد الجدي هو إخراج زيد من الأمر إخراجاً حكمياً ، وهذا المراد الجدي مشترك بين الحكومة والتخصيص ثبوتاً وإنما الفارق بينهما إثباتي في مقام الصياغة الأدبية فقط ، فالتخصيص هو تعبير صريح عن المراد الجدي بينما الحكومة وهي قولنا زيد ليس بعالم تعبير غير مباشر عن المراد الجدي ، والمصحح له أن المرتكز الإجتماعي قائم على شمول الحكم الوارد على الطبيعة للأفراد فإذا قال ولا تكرم زيداً العالم فهذا بيان يصطدم مع الارتكاز الاجتماعي المذكور للتصريح فيه بعدم الشمول لذلك الفرد ، فيتجنب المقنن هذا الأسلوب محافظة على عدم إثارة الارتكاز العام ضد القانون ويقول زيد ليس بعالم فيخرجه عن الحكم بلسان إخراجه عن الموضوع حتى لا يقع الاصطدام، فالمصحح لتقديم الدليل الحاكم على الدليل المحكوم هو رفع الترابط بين حكم الطبيعة والفرد بما لا يصطدم مع مشاعر الجمهور ومرتكزاته لا النظر والقرينية الشخصية فهذا مثال من أمثلة الاعتبار الأدبي في الأصول .

ومما يرتبط بالأدب أننا عندما تحدثنا عن حجية قول اللغوي في مبحثه المخصص له تناولنا بالبحث تاريخ تدوين اللغة، وتاريخ علماء اللغة ومعرفة طريقة التدوين ، ووصلنا إلى نتيجة مهمة وهي أن من عوامل عدم الاعتماد على قول اللغوي هو أن اللغويين يتأثرون بمذاهبهم الفكرية في تفسيراتهم اللغوية ، فبعض اللغويين من المتكلمين وبعضهم من الفقهاء مثلاً فينعكس إتجاهه المذهبي في تفسيره وشرحه للمفردات اللغوية فلا يكون كلامه تعبيراً عن الفهم العربي الصافي .

الحقل الروائي :

قد بحثنا في باب حجية خبر الواحد عن المسلك العقلائي في الأمارات واخترنا أن المعتمد عليه عند العقلاء هو الوثوق الناشىء عن مقدمات عقلائية، ومن هذه المقدمات كون الخبر صادراً من ثقة أو كون المضمون مشهوراً أو مجمعاً عليه ، فهذه العناوين وهي خبر الثقة والشهرة والإجماع لا موضوعية لها عند العقلاء وإنما هي مقدمات للوثوق الذي هو الحجة الواقعية . ومن مقدمات الوثوق أيضاً الموافقة الروحية بمعنى أن مضمون الخبر موافق للأصول الإسلامية والقواعد العقلية والشرعية ، وهذا معنى قولهم عليهم السلام : «إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه» (9) ، هذا مسلكنا في مقابل المسلك التجزيئي وهو اعتبار خبر الثقة حجة مستقلة وكذلك الشهرة والإجماع المنقول حجتان مستقلتان لو قيل بحجيتهما لا أن هذه الأمور مقدمات تكوينية للحجة الواقعية كما يراه المسلك الأول ، وبناءاً على مسلك الوثوق فقد طرحنا بحثاً في تاريخ تدوين الحديث وكيفيته لنتعرف من خلاله على الكتب الحديثية عند الشيعة والسنة ومدى كفاءة مؤلفيها في الاعتماد على نقلهم وطريقة التأليف والجمع عندهم ، وهذا يفيدنا معرفة قيمة أحاديث الشيعة وقيمة كتب الحديث بالمقارنة من حيث الضبط والدقة بين الكتب الأربعة ويفيدنا أوثقية أحاديثنا بالنسبة لأحاديث الصحاح الستة، لأنه قد يدعى عكس ذلك بحجة أن أحاديثهم أقرب لعصر الرسالة لكن الاطلاع على تاريخ تدوين الحديث عند أهل السنة وطريقة تأليفهم يفيد الإنسان بصيرة بضعف أكثر الأسناد وعدم الضبط في نقلها وتدوينها .

ومما يبتني على مسلك الوثوق أيضا بحث أسباب اختلاف الحديث فإنه بحث لم يطرح في كتب علم الأصول عند السابقين وطرحه بعض المتأخرين طرحاً مختزلاً بدون شواهد حديثية وروائية على البحث ، ونحن نرى ان أهم بحوث تعارض الأدلة هو بحث أسباب اختلاف الحديث فإن الفقيه إذا احاط بهذه الأسباب استطاع الجمع بين الأحاديث المختلفة جمعاً عرفياً من خلال خبرته بأسباب الخلاف من دون حاجة للرجوع إلى روايات العلاج ، فإنها بين ما هو غير تام دلالة وما هو غير تام سنداً حتى حملها صاحب الكفاية على الاستحباب ، ونحن قد فصلنا هذا البحث وملأناه بالشواهد التاريخية والحديثية بحيث يرى الطالب العلاقة العملية الوثيقة بين كبريات علم الأصول وموارد التطبيق في الفقه .

وقد طرحنا عدة نقاط في هذا البحث :

أ ـ تاريخ مشكلة اختلاف الحديث منذ بدايتها وحتى المرحلة التي توسعت فيها وظهرت في الكتب الحديثية.

ب ـ الأثار العقائدية والفقهية للمشكلة .

ج ـ تصدي العلماء لعلاج هذه المشكلة على صعيد مدرسة المتكلمين وصعيد مدرسة المحدثين وصعيد علم الأصول .

د ـ أسباب الاختلاف وهي قسمان : أسباب داخلية وأسباب خارجية والمقصود بالأسباب الداخلية هي الأسباب التي صدرت من قبل أهل البيت أنفسهم والمقصود بالأسباب الخارجية هي الأسباب التي صدرت من الرواة والمدونين ، فالأسباب الداخلية عدة منها :

ا ـ النسخ : وتحدثنا فيه عن امكان صدور النسخ من قبل أهل البيت عليهم السلام للآية القرآنية والحديث النبوي والحديث المعصومي السابق ، وأقسام النسخ من النسخ التبليغي الذي يعني كون الناسخ مودعاً عندهم عليهم السلام من قبل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لكنهم يقومون بتبليغه في وقته ، والنسخ التشريعي وهو عبارة عن صدور النسخ منهم ابتداءاً وهذا يبتني على ثبوت حق التشريع لهم عليهم السلام كما كان ثابتاً للرسول ، صلى الله عليه وآله وسلم وقد طرحنا هذا الموضوع أيضاً ضمن بحث النسخ .

2 ـ انقسام الحكم الصادر إلى قسمين :

أ ـ حكم قانوني .

ب ـ حكم ولايتي ، وهذا من اسباب اختلاف الاحاديث لاختلاف نوع الحكم الصادر، وهناك نبحث عن الفارق بين الحكمين وعن وجودهما في أحاديثنا وعن حدود الحكم الولايتي مع بيان حدود ولاية ألفقيه وانقسامها للولاية العامة والولاية في الامور العامة .

3 ـ الكتمان : أي كتمان بعض الامور الواقعية في حديث وذكرها في حديث آخر فيحصل الاختلاف المذكور، وتحدثنا في بحث الكتمان عن اربعة امور:

أولاً : في إثبات حق الكتمان لهم عليهم السلام ، وثانياً : في أسباب الكتمان وهي متعددة : منها: اختلاف اسلوب التبليغ على نوعين :

أ ـ التعليم :وهو طرح الكبريات الشرعية على الفقهاء من أصحابهم كزرارة ومحمد بن مسلم .

ب ـ الافتاء: وهو طرح نتيجة تطبيق الكبرى على الصغرى من دون إشارة لعملية التطبيق المذكور، وهذا الاسلوب يتم مع عوام الناس الذين يستفتون أهل البيت شفاهاً أو مكاتبة. واختلاف اسلوب التبليغ سبب في اختلاف الحديث ، ومنشأ أيضاً لكتمان بعض الأحكام كالحكم الكلي حين استخدام اسلوب الافتاء مثلاً، حيث إن الافتاء يتعلق بالحكم الجزئي لا الكلي .

ومنها فقر اللغة العربية من المصطلحات القانونية مما يضطر الامام لاستخدام اسلوب واحد كالأمر والنهي لبيان نوعين من القوانين ، فيحدث الاختلاف بين الاحاديث نتيجة اختلاف المضمون مع وحدة الاسلوب ، كما لو قام الامام بتبليغ الوجوب الشرطي والوجوب المولوي كليهما باسلوب الامر مع اختلافهما مضموناً، وهذا النوع من التبليغ فيه نوع من الكتمان لبعض القوانين التي لا يمكن اظهارها بالاسلوب الصريح لعدم وجود مفرداتها في اللغة العربية .

ومن اسباب الكتمان المداراة أي مداراة ظروف السائل في كونه ملحداً أو حديث عهد بالاسلام أو حديث عهد بالتشيع فلا يلقى له الحكم الصريح حفاظاً على شعوره وهدايته ، أو كونه من الغلاة أو المقصرين أو اصحاب المذاهب الاقتصادية أو السياسية او الفكرية فيحذر الامام ان يلقي له الحكم الواقعي فيكون مؤيداً لخطه المنحرف الذي يدعو له ، أو كونه يعيش في بيئة منحرفة لا تتحمل هذا الحكم فيراعي الامام عليه السلام بيئته ومحيطه .

ومن اسباب الكتمان التقية بأنواعها، وهي التقية من السلطة الحاكمة أو من المذهب المشهور عند الجمهور أو من التيارات الفكرية المناوئة ، واستعمال الامام للتقية تارة بإلقاء الاختلاف بين الشيعة حتى لا يطمع فيهم اعداؤهم نتيجة لاختلافهم كما ورد في الروايات ، وتارة بإخفاء الحكم الواقعي .

ومن اسباب الكتمان السوق للكمال فقد يبدي الامام عليه السلام الحكم المستحب بدون قرينة على الترخيص في تركه رغبة منه في سوق المكلفين لدرجات الكمال المعنوي .

ثالثاً : البحث في طرق الكتمان وهي السكوت والتورية بقسميها البديعية والعرفية، والتورية العرفية على انواع أيضاً، منها : العدول عن سؤال السائل إلى بيان مطلب آخر، ومنها : القاء الجواب المجمل أو المختلف .

رابعاً: في تحديد نوع الاحكام التي يصح فيها طريق السكوت ، ونوع الاحكام التي يصح فيها طريق التورية، ونوع الاحكام التي يصح فيها طريق القاء الاختلاف بين الشيعة . وهذا بيان اجمالي للأسباب الداخلية لاختلاف الحديث.

وأما الأسباب الخارجية : فهي ما قام بها الرواة والمؤلفون وهي متعددة :

1 ـ الوضع : وتحدثنا فيه عن أهدافه وأنواعه من تأليف كتاب أو الدس بين النصوص أو الزيادة والنقيصة في الرواية .

2 ـ النقل بالمعنى وأخطاره .

3 ـ الحديث المدرج ويعني قيام بعض المؤلفين بإدراج تعليقه على الحديث

في ضمن الحديث بدون فرز بينهما .

4 ـ التقطيع للروايات .

5 ـ تشابه الخطوط .

6 ـ التصحيح القياسي .

7 ـ الخلط بين كلام الامام وكلام غيره من الفقهاء في سياق واحد من قبل الراوي .

فهذا مجمل بحث علل اختلاف الحديث الذي هو من اهم البحوث الاصولية وامسها بعملية الاستنباط ، وقد طرحنا فيه الشواهد الكثيرة من أحاديث أهل البيت عليهم السلام وكتب المحدثين.

الحقل القانوني :

من المفاهيم القانونية التي طرحناها مفهوم متمم الجعل التطبيقي ، ومعناه قيام الشارع المقدس بتطبيق الماهية الاعتبارية على مصاديق معينة بلحاظ أن الأمر الاعتباري لا ينطبق على مصاديقه قهراً كالأمر التكويني وإنما يحتاج انطباقه عليها لتدخل الجعل والاعتبار، سواء كان أصل المفهوم الذي يراد تطبيقه مجعولاً شرعياً كالصلاة التي هي عبارة عن اللين الخضوعي في جميع الشرائع وقامت كل شريعة بتطبيقها على مصاديق معينة، أم كان مجعولاً عقلائياً كمفهوم الدينار التي تختلف المؤسسات المالية في مقام تطبيقه على المصداق الورقي . ونظرية متمم الجعل التطبيقي لها علاقة ببحث الحقيقة الشرعية وبحث الصحيح والاعم كما هو واضح وبحث التزاحم ، فمثلاً اذا نظرنا لقاعدة الاضطرار، وهي «ما من شيء حرمه الله إلا وقد أحله لمن أضطر اليه» (10) ودار عنوان المضطر إليه بين محرمين على نحو التزاحم فما هو المقدم منهما ليكون مصداقاً لعنوان المضطر إليه ، فهنا يأتي دور متمم الجعل التطبيقي ليقدم

أحدهما لأهميته عند الشرع او العقلاء، او يعتبر ما ينتخبه الانسان بطبعه هو المضطر إليه في صورة تساويهما وعدم أهمية أحدهما على الآخر.

ومن المفاهيم القانونية التي طرحناها بحث القدرة وأنواعها، فإن علماء الاصول عندما يدخلون بحث التزاحم يذكرون نقطتين:

أ : الفرق بين التزاحم والتعارض حيث إن التعارض هو تنافي الدليلين ثبوتاً وجعلاً والتزاحم هو تنافيهما في مرحلة الامتثال لقصور القدرة عن الجمع بين الامتثالين .

ب : مرجحات باب التزاحم ، بينما طريقتنا في بحث التزاحم هي أننا أولاً : تحدثنا عن انواع القدرة، وهي القدرة على أصل الفعل المعبر عنها بـ : إن شاء فعل وان يشاء لم يفعل . والقدرة على الموافقة القطعية والمخالفة القطعية والقدرة على الجمع بين الامتثالين ، وثانياً : تحدثنا عن دخالة القدرة بأنواعها، فهل هي دخيلة في مرحلة الجعل أم هي دخيلة في مرحلة الفعلية أم هي دخيلة في مرحلة التنجز، وعلى بعض الصور يدخل المتنافيان في عنوان التعارض وعلى بعضها يدخلان في عنوان التزاحم وعلى بعضها تصح نظرية الترتب ولا تصح على البعض الأخر.

هذا تمام الحديث حول بعض المحاولات المساهمة في تطوير علم الأصول من خلال الاستفادة من العلوم المختلفة والاستمداد من أطروحات علمائنا الأعلام .

____________________________
(1) الفهرست : 134 | 601، الانتصار : 8.

(2) الفهرست : 157 | 706 ، رجال النجاشي : 399| 1067.

(3) شرح اللمعة 3 : 65.

(4) الكفاية : 12 .

(5) أجود التقريرات 1 : 354 .

(6) معاني الاخبار : 2، نوادر الاخبار : 50.

(7) لعل المقصود به السيد الصدر في ـ تعارض الادلة الشرعية ـ : 166.

(8) تعرضنا لهذا البحث في صفحة : 142 .

(9) الوسائل 27 : 109 | 33343.

(10) الوسائل 5 : 482| ذيل الحديث 7118.