x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

المسائل الفقهية

التقليد

الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

التحنيط

التشييع

التكفين

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الميت

الغسل

مسائل تتعلق باحكام الاموات

أحكام الخلوة

أقسام المياه وأحكامها

الاستحاضة

الاغسال

الانية واحكامها

التيمم (مسائل فقهية)

احكام التيمم

شروط التيمم ومسوغاته

كيفية التيمم

مايتيمم به

الجنابة

سبب الجنابة

مايحرم ويكره للجُنب

مسائل متفرقة في غسل الجنابة

مستحبات غسل الجنابة

واجبات غسل الجنابة

الحيض

الطهارة من الخبث

احكام النجاسة

الاعيان النجسة

النجاسات التي يعفى عنها في الصلاة

كيفية سراية النجاسة الى الملاقي

المطهرات

النفاس

الوضوء

الخلل

سنن الوضوء

شرائط الوضوء

كيفية الوضوء واحكامه

مسائل متفرقة تتعلق بالوضوء

مستمر الحدث

نواقض الوضوء والاحداث الموجبة للوضوء

وضوء الجبيرة واحكامها

مسائل في احكام الطهارة

الصلاة

مقدمات الصلاة(مسائل فقهية)

الستر والساتر (مسائل فقهية)

القبلة (مسائل فقهية)

اوقات الصلاة (مسائل فقهية)

مكان المصلي (مسائل فقهية)

افعال الصلاة (مسائل فقهية)

الاذان والاقامة (مسائل فقهية)

الترتيب (مسائل فقهية)

التسبيحات الاربعة (مسائل فقهية)

التسليم (مسائل فقهية)

التشهد(مسائل فقهية)

التعقيب (مسائل فقهية)

الركوع (مسائل فقهية)

السجود(مسائل فقهية)

القراءة (مسائل فقهية)

القنوت (مسائل فقهية)

القيام (مسائل فقهية)

الموالاة(مسائل فقهية)

النية (مسائل فقهية)

تكبيرة الاحرام (مسائل فقهية)

منافيات وتروك الصلاة (مسائل فقهية)

الخلل في الصلاة (مسائل فقهية)

الصلوات الواجبة والمستحبة (مسائل فقهية)

الصلاة لقضاء الحاجة (مسائل فقهية)

صلاة الاستسقاء(مسائل فقهية)

صلاة الايات (مسائل فقهية)

صلاة الجمعة (مسائل فقهية)

صلاة الخوف والمطاردة(مسائل فقهية)

صلاة العيدين (مسائل فقهية)

صلاة الغفيلة (مسائل فقهية)

صلاة اول يوم من كل شهر (مسائل فقهية)

صلاة ليلة الدفن (مسائل فقهية)

صلوات اخرى(مسائل فقهية)

نافلة شهر رمضان (مسائل فقهية)

المساجد واحكامها(مسائل فقهية)

اداب الصلاة ومسنوناتها وفضيلتها (مسائل فقهية)

اعداد الفرائض ونوافلها (مسائل فقهية)

صلاة الجماعة (مسائل فقهية)

صلاة القضاء(مسائل فقهية)

صلاة المسافر(مسائل فقهية)

صلاة الاستئجار (مسائل فقهية)

مسائل متفرقة في الصلاة(مسائل فقهية)

الصوم

احكام متفرقة في الصوم

المفطرات

النية في الصوم

ترخيص الافطار

ثبوت شهر رمضان

شروط الصوم

قضاء شهر رمضان

كفارة الصوم

الاعتكاف

الاعتكاف وشرائطه

تروك الاعتكاف

مسائل في الاعتكاف

الحج والعمرة

شرائط الحج

انواع الحج واحكامه

الوقوف بعرفة والمزدلفة

النيابة والاستئجار

المواقيت

العمرة واحكامها

الطواف والسعي والتقصير

الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

الاحرام والمحرم والحرم

اعمال منى ومناسكها

احكام عامة

الصد والحصر*

الجهاد

احكام الاسارى

الارض المفتوحة عنوة وصلحا والتي اسلم اهلها عليها

الامان

الجهاد في الاشهر الحرم

الطوائف الذين يجب قتالهم

الغنائم

المرابطة

المهادنة

اهل الذمة

وجوب الجهاد و شرائطه

مسائل في احكام الجهاد

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

حكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرائط وجوبهما

اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

احكام عامة حول الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

الخمس

مايجب فيه الخمس

مسائل في احكام الخمس

مستحق الخمس ومصرفه

الزكاة

اصناف المستحقين

اوصاف المستحقين

زكاة الفطرة

مسائل في زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت اخراج زكاة الفطرة

شرائط وجوب الزكاة

ماتكون فيه الزكاة

الانعام الثلاثة

الغلات الاربع

النقدين

مال التجارة

مسائل في احكام الزكاة

احكام عامة

علم اصول الفقه

تاريخ علم اصول الفقه

تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية

المباحث اللفظية

المباحث العقلية

الاصول العملية

الاحتياط

الاستصحاب

البراءة

التخيير

مباحث الحجة

تعارض الادلة

المصطلحات الاصولية

حرف الالف

حرف التاء

حرف الحاء

حرف الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

القواعد الفقهية

مقالات حول القواعد الفقهية

اخذ الاجرة على الواجبات

اقرار العقلاء

الإتلاف - من اتلف مال الغير فهو له ضامن

الإحسان

الاشتراك - الاشتراك في التكاليف

الاعانة على الاثم و العدوان

الاعراض - الاعراض عن الملك

الامكان - ان كل ما يمكن ان يكون حيضا فهو حيض

الائتمان - عدم ضمان الامين - ليس على الامين الا اليمين

البناء على الاكثر

البينة واليمين - البينة على المدعي واليمين على من انكر

التقية

التلف في زمن الخيار - التلف في زمن الخيار في ممن لا خيار له

الجب - الاسلام يجب عما قبله

الحيازة - من حاز ملك

الزعيم غارم

السبق - من سبق الى ما لم يسبقه اليه احد فهو احق به - الحق لمن سبق

السلطنة - التسلط - الناس مسلطون على اموالهم

الشرط الفاسد هل هو مفسد للعقد ام لا؟ - الشرط الفاسد ليس بمفسد

الصحة - اصالة الصحة

الطهارة - كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر

العقود تابعة للقصود

الغرور - المغرور يرجع الى من غره

الفراغ و التجاوز

القرعة

المؤمنون عند شروطهم

الميسور لايسقط بالمعسور - الميسور

الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها

الولد للفراش

أمارية اليد - اليد

انحلال العقد الواحد المتعلق بالمركب الى عقود متعددة - انحلال العقودالى عقود متعددة

بطلان كل عقد بتعذر الوفاء بمضمونه

تلف المبيع قبل قبضه - اذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه

حجية البينة

حجية الضن في الصلاة

حجية سوق المسلمين - السوق - أمارية السوق على كون اللحوم الموجودة فيه مذكاة

حجية قول ذي اليد

حرمة ابطال الاعمال العبادية الا ما خرج بالدليل

عدم شرطية البلوغ في الاحكام الوضعية

على اليد ما اخذت حتى تؤدي - ضمان اليد

قاعدة الالزام - الزام المخالفين بما الزموا به انفسهم

قاعدة التسامح في ادلة السنن

قاعدة اللزوم - اصالة اللزوم في العقود - الاصل في المعاملات اللزوم

لا تعاد

لا حرج - نفي العسر و الحرج

لا ربا في ما يكال او يوزن

لا شك في النافلة

لا شك لكثير الشك

لا شك للإمام و المأموم مع حفظ الآخر

لا ضرر ولا ضرار

ما يضمن و ما لا يضمن - كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وكل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

مشروعية عبادات الصبي وعدمها

من ملك شيئا ملك الاقرار به

نجاسة الكافر وعدمها - كل كافر نجس

نفي السبيل للكافر على المسلمين

يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب

قواعد فقهية متفرقة

المصطلحات الفقهية

حرف الألف

حرف الباء

حرف التاء

حرف الثاء

حرف الجيم

حرف الحاء

حرفق الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

الفقه المقارن

كتاب الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الاموات

الغسل

الكفن

التشييع

احكام التخلي

استقبال القبلة و استدبارها

مستحبات و ومكروهات التخلي

الاستنجاء

الاعيان النجسة

البول والغائط

الخمر

الدم

الكافر

الكلب والخنزير

المني

الميتة

احكام المياه

الوضوء

احكام الوضوء

النية

سنن الوضوء

غسل الوجه

غسل اليدين

مسح الرأس

مسح القدمين

نواقض الوضوء

المطهرات

الشمس

الماء

الجبيرة

التيمم

احكام عامة في الطهارة

احكام النجاسة

الحيض و الاستحاظة و النفاس

احكام الحيض

احكام النفاس

احكام الاستحاضة

الاغسال المستحبة

غسل الجنابة واحكامها

كتاب الصلاة

احكام السهو والخلل في الصلاة

احكام الصلاة

احكام المساجد

افعال الصلاة

الاذان والاقامة

التسليم

التشهد

الركوع

السجود

القراءة

القنوت

القيام

النية

تكبيرة الاحرام

سجدة السهو

الستر والساتر

الصلوات الواجبة والمندوبة

صلاة الاحتياط

صلاة الاستسقاء

صلاة الايات

صلاة الجماعة

صلاة الجمعة

صلاة الخوف

صلاة العيدين

صلاة القضاء

صلاة الليل

صلاة المسافر

صلاة النافلة

صلاة النذر

القبلة

اوقات الفرائض

مستحبات الصلاة

مكان المصلي

منافيات الصلاة

كتاب الزكاة

احكام الزكاة

ماتجب فيه الزكاة

زكاة النقدين

زكاة مال التجارة

زكاة الغلات الاربعة

زكاة الانعام الثلاثة

شروط الزكاة

زكاة الفطرة

احكام زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت وجوب زكاة الفطرة

اصناف واوصاف المستحقين وأحكامهم

كتاب الصوم

احكام الصوم

احكام الكفارة

اقسام الصوم

الصوم المندوب

شرائط صحة الصوم

قضاء الصوم

كيفية ثبوت الهلال

نية الصوم

مستحبات ومكروهات الصوم

كتاب الحج والعمرة

احرام الصبي والعبد

احكام الحج

دخول مكة واعمالها

احكام الطواف والسعي والتقصير

التلبية

المواقيت

الصد والحصر

اعمال منى ومناسكها

احكام الرمي

احكام الهدي والاضحية

الحلق والتقصير

مسائل متفرقة

النيابة والاستئجار

الوقوف بعرفة والمزدلفة

انواع الحج واحكامه

احكام الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

احكام تخص الاحرام والمحرم والحرم

العمرة واحكامها

شرائط وجوب الحج

كتاب الاعتكاف

كتاب الخمس

الفقه الاسلامي واصوله : علم اصول الفقه : المباحث اللفظية :

علائم الحقيقة والمجاز

المؤلف:  ناصر مكارم الشيرازي

المصدر:  أنوَار الاُصُول

الجزء والصفحة:  ج 1 ص 82.

31-8-2016

1871

ذكروا لتشخيص الحقيقة عن المجاز علائم يحتاج الفقيه إليها في معرفة ظواهر الألفاظ، وهذا البحث من أهمّ مباحث الألفاظ وأكثرها فائدة وأتمّها آثاراً في الفقه والتفسير والحديث وغيرها ومن المباحث التي تسمّى بالمباحث الرئيسيّة، فإنّها المدار في فهم معاني الألفاظ الواردة في الكتاب والسنّة، وهي اُمور:

1 ـ التبادر:

وقد قيل في تعريفه إنّه انسباق المعنى إلى الذهن من حاق اللفظ، ويراد من حاق اللفظ ما يقابل الانسباق الحاصل من وجود القرينة.

وقيل أيضاً إنّه خطور المعنى في الذهن من حاق اللفظ. كما قيل: إنّه انفهام المعنى، لكن العبارات شتّى والمقصود واحد.

وقبل الشروع في البحث لا بدّ من ذكر مقدّمة، وهي أنّ التبادر علامة يعوّل عليها كلّ مستعلم في اللّغة صغيراً كان أو كبيراً، بل أهل اللّغة أيضاً في كثير من الموارد حتّى الصبي عند تعلّمه من اُمّه وأبيه، فإنّ الصبي إذا رأى انسباق معنى إلى أذهان والديه ومن هو أكبر منه سنّاً فيما إذا أطلق لفظ يستنتج أنّ هذا اللفظ وضع لذلك المعنى، مثلا إذا سمع لفظ الماء من واحد منهم ثمّ رأى إتيانه هذه المادّة السيّالة وتكرّر هذا منهم يعلم الصبي أنّ معنى الماء ليس إلاّ هذا، وعلى هذا الطريق يعتمد في فهم معاني الألفاظ غالباً، بل يكون هذا هو السبيل للذين يتعلّمون لغة جديدة بالمعاشرة مع أهلها، فالتبادر من أهمّ علائم الحقيقة والمجاز وله مكانة عظيمة بينها، فإنّه المدرك الوحيد في الغالب لفهم اللغات من أهلها.

إذا عرفت هذا.

فنقول: إنّ هيهنا اُموراً تنبغي الإشارة إليها:

الأمر الأوّل : في منشأ دلالة التبادر على الوضع.

وهو أمر واضح، لأنّ منشأ ظهور لفظ في معنى ومنشأ تبادر ذلك المعنى من ذلك اللفظ لا يخلو من أحد الأمرين: إمّا الوضع أو القرينة، فإذا انتفت القرينة وعلم أنّ المعنى فهم من حاق اللفظ كما هو المفروض في المقام يستكشف منه وضع ذلك اللفظ لذلك المعنى.

الأمر الثاني : فيما قد يقال من أنّ كون التبادر علامة للحقيقة يستلزم الدور المحال، لأنّ التبادر يتوقّف على العلم بالوضع، والمفروض أنّ العلم بالوضع أيضاً يتوقّف على التبادر وهذا دور واضح.

واُجيب عن هذا بوجوه عديدة:

أوّلها: قضيّة الإجمال والتفصيل. وتوضيحها: إنّ العلم الذي يتوقّف عليه التبادر هو العلم الإجمالي الارتكازي، والعلم المتوقّف على التبادر هو العلم التفصيلي، وبعبارة اُخرى: يوجد في حاق ذهن الإنسان ومرتكز أهل اللّغة معنى إجمالي يتبدّل إلى العلم التفصيلي بالتبادر.

ثمّ إنّ هذه القضيّة (الإجمال والتفصيل) قضيّة ينحلّ بها كثير من المعضلات، منها إشكال الدور المعروف الذي أُورد على الشكل الأوّل في المنطق من ناحية منكري الاستدلال والبرهان، وهو أنّه (القياس والبرهان) لا يوجب لنا علماً جديداً لأنّ جميع اشكاله ترجع إلى الشكل الأوّل، وهو دوري، لأنّ من شرائطه كلّية الكبرى، وهي تتوقّف على شمول الكبرى للنتيجة وكونها معلومة ضمن الكبرى، والحال أنّ العلم بالنتيجة أيضاً يتوقّف على كلّية الكبرى، وهذا دور ظاهر.

وقد أجاب عنه الشّيخ الرئيس بعين ما ذكرناه في التبادر وبيانه: إنّ كلّية الكبرى تتوقّف على العلم الإجمالي بالنتيجة، وأمّا ما يتوقّف على القياس فهو عبارة عن العلم التفصيلي بالنتيجة.

ثانيها: سلّمنا، ولكنّه مختصّ بما إذا اتحد العالم والمستعلم ولا يتصوّر بالنسبة إلى الجاهل باللغة المستعلم من التبادر عند أهلها، لأنّه يصير عالماً بالوضع بتبادر المعنى من اللفظ إلى ذهن العالم بالوضع، فعلمه بالوضع يتوقّف على التبادر إلى ذهن العالم، وأمّا التبادر إلى ذهن العالم فلا يتوقّف على علم الجاهل بل يتوقّف على علم نفسه، وقد عرفت أنّ موارد التبادر في الغالب هو من هذا القبيل أي تعدّد العالم والمستعلم.

ثالثها: ما حكي عن بعض المحقّقين، وحاصله إنّه لا مانع من كون كلا العلمين (المتوقّف على التبادر والمتوقّف عليه التبادر) تفصيلياً، ولا دور في البين، لأنّهما فردان متشخّصان من العلم لحصولهما في زمانين، ويكفي في ارتفاع الدور تغاير العلمين في التشخّص(1).

ولنعم ما اُجيب عنه من أنّه مع وجود العلم التفصيلي بالوضع قبل التبادر يكون تحصيل علم تفصيلي آخر تحصيلا للحاصل، إلاّ أن يعرض عليه النسيان ومع عروض النسيان يصير العلم مجملا ومرتكزاً ونحتاج في تبديله بالعلم التفصيلي إلى التبادر.

الأمر الثالث: أنّه يفهم استناد التبادر إلى حاق اللفظ من كثرة استعمال اللفظ في المعنى وكثرة تبادره منه (وإن لم يبلغ حدّ الاطّراد) حتّى يعلم إنّه لا تعتمد الدلالة على القرينة، ولا يمكن الاعتماد على أصل عدم القرينة لكونه من الاُصول العقلائيّة التي تجري لتعيين مراد المتكلّم بعد العلم بالوضع وبعد العلم بالمعنى الحقيقي والمجازي، لا عند الشكّ في الموضوع له.

الأمر الرابع: قال المحقّق العراقي (رحمه الله) في المقام ما حاصله: إنّ هذا البحث إنّما يكون منتجاً بناءً على كون مدار حجّية اللفظ على أصالة الحقيقة أو أصالة عدم القرينة تعبّداً وأنّ اللفظ حجّة في المعنى الحقيقي ولو لم ينعقد للفظ ظهور فيه، لأصالة الحقيقة أو لأصالة عدم القرينة، إذ حينئذ نحتاج إلى معرفة الموضوع له والمعنى الحقيقي بالتبادر وأمثاله، وأمّا إذا قلنا أنّ اللفظ حجّة في المعنى الظاهر ولو كان ظهوره من جهة القرينة الحافّة به كما هو التحقيق فلا نحتاج إلى معرفة المعنى الموضوع له والحقيقي بالتبادر وأمثاله، ولا فائدة لهذا البحث(2).

أقول: يمكن الجواب عنه بأنّه كثيراً ما يكون منشأ الظهور العرفي هو الوضع. أي ينعقد عند العرف للفظ ظهور في معناه الحقيقي، فإنّا وإن قلنا بكون مدار حجّية اللفظ هو أصالة الظهور لكن حيث إنّ سبب الظهور هو العلم بالوضع فنحتاج في معرفته إلى التبادر وأمثاله، وبعبارة اُخرى: الظهور العرفي لا يكون بلا سبب بل إمّا أن ينشأ من الوضع أو من القرائن، ومعرفة الموضوع له أحد أسباب الظهور، فإذا علم الفقيه بالموضوع له يحصل له العلم بما هو الظاهر عند العرف.

الأمر الخامس: «إنّ التبادر ـ كما ذكره بعض الأعلام ـ يثبت كون المعنى حقيقيّاً للفظ وكونه موضوعاً له في زمان تبادره منه، وأمّا وضع اللفظ لذلك المعنى في زمان نزول الوحي فلا يثبت بالتبادر المتأخّر، فلابدّ في إثبات ذلك من التشبّث بالاستصحاب القهقري الثابت حجّيته في خصوص باب الظهورات بقيام سيرة العقلاء وبناء أهل المحاورة عليه، فإنّهم يتمسّكون بذلك في موارد الحاجة ما لم تقم حجّة أقوى على خلافه، بل على ذلك الأصل يدور استنباط الأحكام الشرعيّة من الألفاظ الواردة في الكتاب والسنّة، ضرورة إنّه لولا اعتباره لا يثبت لنا أنّ هذه الألفاظ كانت ظاهرة في تلك الأزمنة في المعاني التي هي ظاهرة فيها في زماننا» وهكذا الكلام في استنباط المسائل من جميع الكتب العمليّة أو التاريخية أو الأشعار أو أسناد الأوقاف والوصايا.

هذا كلّه في العلامة الاُولى للحقيقة والمجاز، وهي التبادر.

2 ـ عدم صحّة السلب وصحّته (صحّة الحمل وعدم صحّته):

والمراد منهما أنّ صحّة سلب لفظ بما له من المعنى من لفظ آخر بما له من المعنى تكون علامة لكونه مجازاً فيه، وبالعكس فإن صحّة حمل لفظ بما له من المعنى على لفظ آخر بما له من المعنى تكون علامة لكونه حقيقة فيه، فإذا قلنا «الغيث هو المطر» مثلا واستحسنه الطبع (إذا كان معنى المطر معلوماً لنا وواضحاً ولم يكن معنى الغيث معلوماً إلاّ إجمالا) فنحكم حينئذ أنّ الغيث وضع لمعنى المطر وأنّ معناهما واحد، كما أنّه إذا قلنا «الرجل الشجاع ليس بأسد حقيقة» واستحسنه الطبع أيضاً، نعلم أنّ استعمال الرجل الشجاع في الأسد يكون مجازاً.

ولكن المحقّق الخراساني(رحمه الله) وغيره ممّن تبعه ذكروا هنا تفصيلا حاصله: إنّ الحمل على قسمين حمل أولى ذاتي وحمل شائع صناعي، والملاك في الحمل الاُولى هو اتّحاد المفهوم فقط، وأمّا الملاك في الحمل الشائع فهو الاتّحاد في الوجود والافتراق في المفهوم (ويسمّى شائعاً لكونه هو الشائع بين الناس، وصناعياً لكونه هو المستعمل في الصناعات) ثمّ إنّ صحّة الحمل الاُولى الذاتي يدلّ على كون الموضوع له في الموضوع والمحمول واحداً، وأمّا الصناعي فيستفاد منه كون الموضوع أحد مصاديق المحمول الحقيقية في قبال المصاديق المجازيّة، ولا يدلّ على الوضع، فالعلامة على المعنى الموضوع له هي الحمل الاولي لا الحمل الشائع، بل إنّه علامة على كون الموضوع مصداقاً حقيقيّاً للموضوع له في قبال المصداق المجازي.

أقول: إنّ كلامه جيّد مقبول عندنا، ولكن هيهنا اُمور تجب الإشارة إليها لتتميم هذا البحث:

الأمر الأوّل: ما هو السرّ في كون صحّة الحمل علامة للمعنى الحقيقي؟ وجوابه ما مرّ نظيره في التبادر (من أنّ صحّة الحمل تنشأ إمّا من القرينة أو من ناحية الوضع وحيث إنّ المفروض عدم وجود القرينة يعلم أنّها ناشئة من الوضع) فصحّة سلب معنى عن لفظ علامة عدم وضعه له وإلاّ لم يكن السلب صحيحاً.

الأمر الثاني: أنّ إشكال الدور الذي مرّ في مبحث التبادر يأتي هنا أيضاً، وبيانه: إنّ صحّة الحمل يتوقّف على العلم بالموضوع له في موضوع القضيّة ومحمولها (لأنّ صحّة الحمل فرع تصوّر الموضوع والمحمول وهو فرع العلم بهما) بينما العلم بالوضع أيضاً يتوقّف على صحّة الحمل وهذا دور واضح.

ولكن يأتي هنا أيضاً الجوابان المذكوران في التبادر:

أحدهما: إن علمنا بالوضع يكون بالإجمال والارتكاز، وأمّا العلم المتوقّف على صحّة الحمل علم تفصيلي، فالمتوقّف غير المتوقّف عليه بالإجمال والتفصيل.

ثانيهما: سلّمنا، ولكنّه يختصّ بما إذا كان المستعلم من أهل اللسان، أمّا إذا كان أجنبياً عنه فإنّه يحصل له العلم بالوضع بصحّة الحمل في استعمالات أهل اللسان فلا دور.

الأمر الثالث: أنّ لبعض الأعلام هنا اشكالا وحاصله: إنّ صحّة الحمل وصحّة السلب يكونان مسبوقين بالتبادر، فالعلامة في الحقيقة هو التبادر، وتوضيحه: إذا قلنا «الغيث هو المطر» فحيث إنّ الحمل هذا يحتاج إلى تصوّر «الغيث» و «المطر» وتصوّرهما يحتاج إلى العلم بمعناهما واتّحادهما في الخارج، والعلم هذا لا طريق لنا إليه إلاّ التبادر، فنحن عالمون بالوضع بالتبادر قبل تحقّق الحمل، فالعلامة منحصرة في التبادر هذا كلّه إذا كان المستعلم من أهل اللسان، أي كان المراد من صحّة الحمل والسلب صحّتهما عند نفسه، وأمّا إذا كان المستعلم من غيره وكان جاهلا باللسان وأراد أن يصل إلى الوضع من طريق استعمال أهل اللسان، فإنّ هذا الحمل بالنسبة إليه يرجع إلى تنصيص أهل اللّغة، والتنصيص غير صحّة الحمل، فتلخّص أنّ صحّة الحمل إمّا أن يرجع إلى التبادر أو إلى تنصيص أهل اللّغة، وليست هي نفسها من علائم الحقيقة والمجاز(3).

أقول: يمكن دفع هذا الإشكال بأنّه يكفي في صحّة الحمل قضيّة الإجمال والتفصيل، فما يتوقّف عليه صحّة الحمل هو العلم الإجمالي والارتكازي بالوضع، فلا حاجة إلى التبادر لمعرفة الوضع تفصيلا. هذا مضافاً إلى أنّ الحمل هنا ليس حملا خارجيّاً لفظيّاً بل المراد منه تقريب المحمول إلى الموضوع في الذهن، فقبل تحقيق الحمل في التلفّظ والخارج نقرّب «الغيث» مثلا بما له من المعنى الارتكازي إلى «المطر» بما له من المعنى التفصيلي، ونمارس حمله عليه حتّى نرى أيستحسنه الطبع أم لا؟ من دون أن يكون تبادر في البين، فإن استحسنه الطبع ورأى تلائم المعنيين وتناسبهما فيعلم أنّ الموضوع له فيهما واحد.

هذا كلّه في الحمل الاُولى الذاتي، وكذلك في الحمل الشائع (حمل الكلّي على المصداق) فنحتاج في معرفة المصداق الحقيقي أيضاً إلى التقريب الذهني.

وإن شئت قلت: إنّ التبادر هو الرجوع إلى الارتكاز من طريق التصوّر، وأمّا صحّة الحمل فهي الرجوع إلى الارتكاز من طريق أخذ الجملة والتصديق بمفادها فأحد الطريقين في عرض الآخر، ولا يتوقّف أحدهما على الآخر.

الأمر الرابع: في بيان الإشكال الذي ذكره بعض الأعلام في المسألة، وحاصله: إنّ الحمل الذاتي لا يكشف إلاّ عن اتّحاد الموضوع والمحمول ذاتاً ومغايرتهما اعتباراً، ولا نظر في ذلك إلى حال الاستعمال وإنّه حقيقي أو مجازي، وبكلمة اُخرى: إنّ صحّة الحمل وعدم صحّته يرجعان إلى عالم المعنى والمدلول، فمع اتّحاد المفهومين ذاتاً يصحّ الحمل وإلاّ فلا، وأمّا الحقيقة والمجاز فهما يرجعان إلى عالم اللفظ والدالّ، وبين الأمرين مسافة بعيدة، نعم لو فرض في القضيّة الحمليّة أنّ المعنى قد اُستفيد من نفس اللفظ من دون قرينة كان ذلك علامة الحقيقة، إلاّ أنّه مستند إلى التبادر لا إلى صحّة الحمل، نعم بناءً على أنّ الأصل في كلّ استعمال أن يكون حقيقيّاً كما نسب إلى السيّد المرتضى(رحمه الله) يمكن إثبات الحقيقة، إلاّ أنّه لم يثبت في نفسه، مضافاً إلى أنّه لو ثبت فهو أجنبي عن صحّة الحمل وعدمها(4).

أقول: قد مرّ أنّ صحّة الحمل والاستعمال إمّا أن تكون حاصلة من القرينة أو تنشأ من حاقّ اللفظ والوضع، فإذا لم تكن قرينة في البين وكانت القضيّة عارية من أيّة قرينة نعلم بأنّ صحّة الاستعمال نشأت من الوضع ومن حاقّ اللفظ (والعلم بكونه من حاق اللفظ يحصل من تكراره في مواضع متعدّدة وإن لم يبلغ حدّ الاطّراد) فلا يرد على هذه العلامة ما ذكره فتدبّر جيّداً.

الأمر الخامس: هناك فرق بين المراد من الحمل الاُولى والحمل الشائع في ما نحن فيه، وبين ما يكون مصطلحاً في المعقول، لأنّ الحمل الاُولى في المعقول ملاكه الاتّحاد الماهوي، سواء اتّحدا في المفهوم أيضاً ولم يتّحدا، ولكن المراد منه في ما نحن فيه حمل أحد المترادفين على الآخر، فملاكه الاتّحاد مفهوماً من دون نظر إلى الماهية والاتّحاد فيها، لأنّ عالم اللّغة عالم المفاهيم والألفاظ لا الحقائق والماهيات، نعم الاتّحاد المفهومي ملازم للإتّحاد الماهوي لا العكس كما لا يخفى. وكذلك الحمل الشائع، لأنّه في المعقول هو اتّحاد المفهومين في الوجود مع عدم ملاحظة الاتّحاد في الماهية، ولكنّه هنا بمعنى حمل الكلّي على المصداق، وملاكه كون الموضوع أحد مصاديق المحمول.

نعم، الفرد مع النظر إلى تشخّصاته الفرديّة يفترق عن الكلّي في الماهية، فيكون الفرد متّحداً للكلّي في الوجود ومفترقاً عنه في الماهية. لكن الحمل الشائع في المعقول يكون أعمّ ممّا ذكر، لأنّه أعمّ من حمل الكلّي على أفراده كما في قولنا «الإنسان كاتب» حيث لا إشكال في أنّه ليس من قبيل حمل الكلّي على أفراده.

هذا كلّه في العلامة الثانيّة من علائم الحقيقة والمجاز.

3 ـ الاطّراد وعدمه:

المعروف أنّ الاّطراد علامة للحقيقة وعدمه علامة للمجاز، واستشكل فيه المحقّق الخراساني(رحمه الله) بما حاصله: إنّ ما ذكروه من كون الاّطراد علامة للحقيقة وعدمه علامة للمجاز لعلّه بملاحظة نوع العلائق المذكورة في المجازات حيث إنّه لا يطرد صحّة استعمال اللفظ في نوع العلائق وإلاّ ففي خصوص العلاقة التي يصحّ معها الاستعمال يكون المجاز مطرداً كالحقيقة، مثلا استعمال لفظ الأسد في الرجل الشجاع مطرد، ولكن في نوع الحيوانات المشابهة له ليس مطرداً، فلا يستعمل في الرجل الأبخر، مع أنّ كلاّ من الرجل الأبخر والرجل الشجاع مشابه له، وهكذا إسناد السؤال إلى قرية ذوي العقول مطرد، ولكن إلى نوع المحلّ والمقرّ لهم ليس مطرداً،

فيصحّ أن يقال: «واسأل القرية» ولا يصحّ أن يقال «واسأل الشارع أو البساط» مع كون كلّ من القرية والشارع محلا لذوي العقول أو معبّراً لهم، فكلام المشهور إذا كان بملاحظة الصنف الخاص من العلاقة الذي يصحّ معه الاستعمال كالشجاعة من بين أصناف الشباهة أو المسكن من بين أصناف المحلّ والمقرّ فهو ليس بصحيح، لأنّ استعمال اللفظ في المعنى المجازي أيضاً مطرد كالحقيقة، ويكون الاّطراد مشتركاً بين الحقيقة والمجاز لا مختصّاً بالمعنى الحقيقي، وإذا كان كلامهم بملاحظة نوع العلائق فهو تامّ في محلّه.

هذا حاصل ما ذكره في المقام.

ولكن هيهنا قول آخر ذهب إليه المحقّق النائيني(رحمه الله) ونقله في تهذيب الاُصول وفي المحاضرات، وهو كون الاطّراد من علائم الحقيقة في خصوص الكلّي بالنسبة إلى أفراده، وحاصل بيانه: إنّه إذا صحّ استعمال كلّي في عدّة من أفراده بحيث أطرد استعماله فيها نستنتج من مجموع هذه الاستعمالات إنّ معنى هذا الكلّي هو المعنى الجامع بين تلك الأفراد، وهو الموضوع لذلك المعنى، فإذا استعمل مثلا لفظ الرجل في زيد، ثمّ استعمل أيضاً في عمرو، وثالثاً في بكر، ورابعاً في خالد نستكشف من هذا الاطّراد أنّ معنى الرجل حقيقة هو المفرد المذكّر، وإذا لم يكن استعمال الكلّي مطرداً في الأفراد كما أنّ استعمال الأسد لا يكون مطرداً بالنسبة إلى كلّ فرد شجاع نستكشف من عدم الاطّراد هذا كون استعمال الأسد في الشجاع مجازاً(5).

واُجيب عنه بأمرين:

الأمر الأوّل: إنّ استعمال الكلّي في فرده مع الخصوصيّات الفرديّة مجاز قطعاً لأنّ التشخصّات الفرديّة لا تكون جزءاً لما وضع له الكلّي، فاستعماله فيه حينئذ يكون استعمالا في غير الموضوع له:

إن قلت: إنّه يكون من باب التطبيق الكلّي على فرده أو تطبيق العامّ على الخاصّ بلا إرادة الخصوصيّة.

قلنا: فالعلامة حينئذ صحّة التطبيق لا اطّراد استعمال الكلّي في الأفراد، لأنّه لم يلاحظ الخصوصيّات الفرديّة، فلم يلاحظ تعدّد الأفراد لأنّ تعدّدها يتحقّق بتشخّصها، فلا يكون الاطّراد علامة بل العلامة صحّة التطبيق، وهي ليست إلاّ صحّة الحمل، وقد مرّ أنّ صحّة

الحمل ترجع إلى التبادر فانحصرت العلامة في التبادر.

الأمر الثاني: إنّ تطبيق الكلّي على فرده أمر عقلي لا يرتبط بعالم الاستعمال والألفاظ، فلا يمكن أن يكون علامة لكون الاستعمال حقيقة (6).

أقول: ليت شعري كيف نسوا ما يسلكونه عملا في الفقه في مقام كشف المعاني الحقيقية للألفاظ المستعملة في الأبواب المختلفة من الفقه؟ أو لسنا هناك فيما إذا أردنا فهم معنى

الغنيمة مثلا في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ...ٌ} [الأنفال: 41] وإنّه هل يعمّ كلّ فائدة، ولو كانت في غير حروب أو تختصّ بما تؤخذ في معركة الحرب؟ نتمسّك بذيل الاستعمالات المختلفة للفظ الغنيمة في الآيات والرّوايات ونهج البلاغة وأشعار العرب ونستدلّ بها على الخصم، ونقول إنّ اطّراد استعمالها في الرّوايات وغيرها في مطلق الفوائد أو في غير غنائم الحرب يدلّنا على كونها موضوعة لمطلق الفائدة ولو لم تحصل من ناحية القتال، أو إذا أردنا أن نعيّن معنى في «الكنز» في كتاب الزّكاة وإنّه هل يختصّ بما يخرج من تحت الأرض أو يعمّ كلّ مال مذخور مستور ذي قيمة؟ نتمسّك بمثل قوله تعالى: {وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا} [الكهف: 82] (في قضيّة خضر وموسى) وأشباهه ونظائره ثمّ نستدلّ باطراده في هذا المعنى في استعمالات العرب على كونه حقيقة في مطلق الأشياء الغالية المستورة عن النظر ولو لم يكن تحت الأرض، وهذا هو المحقّق النحرير الطبرسي(رحمه الله)في مجمع بيانه وغيره من المفسرين لا يزالون يتمسّكون لفهم معاني الألفاظ الواردة في القرآن بأشعار العرب وسائر موارد استعمالاتها كما لا يخفى على من راجع كلماتهم، كما إنّك ترى أيضاً رجوع كثير من أرباب اللّغة إلى استعمالات العرب في نظمهم ونثرهم، ولذلك كانوا يستأنسون بأهل البوادي ويعاشرونهم، فإذا رأوا اطّراد استعمال لفظ في معنى في محاوراتهم يحكمون بأنّه وضع لذلك المعنى، كما أنّ هذا أيضاً منهج العلماء في مناظراتهم فهم يقنعون بأبيات من أشعار العرب وغيرها إذا عرض عليهم في موارد مختلفة لإثبات معاني الألفاظ فيما إذا أطرد استعمال لفظ في معنى، وسيأتي الفرق بين هذه العلامة وبين ما هو منقول عن علم الهدى(رحمه الله).

ثمّ إنّ هيهنا اُموراً لا بدّ من الإشارة إليها:

الأمر الأوّل: إنّه كيف يدلّ الاطّراد على الحقيقة؟

وجوابه: إنّ كثرة استعمال لفظ في معنى وصحّة ذلك الاستعمال مع كثرته دليل على أنّ هذا الاستعمال لا يعتمد على القرينة ولا يضرّ احتمال وجود بعض القرائن الحاليّة وغيرها أحياناً لأنّه يتصوّر في استعمال واحد أو بالنسبة إلى موارد معدودة من الاستعمال لا بالنسبة إلى الكثير منه، فإذا ثبت أنّ صحّة الاستعمال في هذه الموارد لم يعتمد على القرينة نعلم بأنّها نشأت من الوضع.

فالإنصاف أنّ الاطّراد وعدمه من أحسن علائم الحقيقة والمجاز، وعليه العمل في كشف معاني الألفاظ، واعراض جمع من الأعلام عنه هنا قولا، مع التزامهم به في الكتب الفقهيّة عملا، غير ضارّ.

الأمر الثاني: أنّه لا يجري في الاطّراد أيضاً ما مرّ من إشكال الدور، لأنّ المستعلم هنا يستعلم الوضع من كثرة استعمالات أهل اللسان ويكون جاهلا بالوضع ولا يكون المستعلم والعالم واحداً.

الأمر الثالث: أنكر المحقّق العراقي(رحمه الله) كون الاطّراد من العلائم وحاصل كلامه: إنّه إمّا أن يكون المراد من الاطّراد الاطّراد في التبادر، أو الاطّراد في الاستعمال، فإن كان المراد هو الاطّراد في التبادر فمعناه تبادر معنى خاصّ من لفظ خاصّ في موارد كثيرة، ومرجع هذا إنّه يعتبر في دلالة التبادر على الوضع عدم إتّكائه على القرينة، وهو يحرز باطراد التبادر، فيكون الاطّراد حينئذ شرطاً من شرائط كون التبادر علامة وليس علامة مستقلّة، وإن كان المراد هو الثاني فهو ليس منحصراً بالمعنى الحقيقي لوجوده في المجازات أيضاً فلا يمكن أن يكون علامة(7).

أقول: نختار الشقّ الثاني من كلامه. وأنّ المراد من الاطّراد هو الاطّراد في الاستعمال، لكّنا نقول في جوابه: إنّ أدنى تأمّل في محاوراتنا اليوميّة يدلّنا على أنّ الاستعمالات الحقيقيّة أكثر من الاستعمالات المجازيّة بمراتب، وما قيل من أنّ أكثر كلمات العرب مجازات قول زور، ولا أساس له، نعم يمكن أن يقال: إنّ المجاز في الأشعار والخطب كثير مطّرد، ولكنّه أيضاً لا يكون بمرتبة كثرة الحقيقة فيهما، وحينئذ يكون اطّراد الاستعمال سبباً للاطمئنان بأنّه مستعمل في المعنى الحقيقي، وأمّا في الكلمات المتعارفة فالأمر أوضح، وإن شئت اختبر نفسك في يوم واحد

وما تتكلّم به من الكلمات، فترى أنّ أكثرها استعمالات حقيقيّة، والمجاز فيها قليل جدّاً.

الأمر الرابع: قال المحقّق الحائري (رحمه الله) ما نصّه: «إنّ المراد من الاطّراد حُسن استعمال اللفظ في كلّ موقع من غير اختصاص له بمواقع خاصّة كالخطب والأشعار ممّا يطلب فيها أعمال محاسن الكلام ورعاية الفصاحة والبلاغة، بخلاف المجاز فإنّه إنّما يحسن في تلك المواقع خاصّة»(8) انتهى.

وفيه: أنّه مشعر بأنّ الاطّراد في الخطب والأشعار ليس دليلا على الوضع، ولكنّك قد عرفت أنّ المجاز فيهما أيضاً ليس مطرداً وإن كان فيهما أكثر من الكلمات اليوميّة، فالاطراد فيهما أيضاً دليل على الحقيقة (فتأمّل).

الأمر الخامس: قد ظهر ممّا ذكرناه أنّه فرق بين مختارنا في المقام وما نسب إلى السيّد المرتضى (رحمه الله) من أنّ الاستعمال علامة الحقيقة وأنّ الأصل في الاستعمال هو الحقيقة، لأنّا لا نقول بأنّ احتمال القرينة واحتمال المجاز ينتفي بمجرّد الاستعمال ولو في كلام واحد، بل نقول إنّ اطّراد الاستعمال يكون نافياً ورادّاً للمجاز ووجود القرينة، وفرق بين اطّراد الاستعمال ومجرّد الاستعمال، وما ذكره ممّا لا دليل عليه كما أشار إليه المحقّقون من الأصحاب.

4 ـ من علائم الحقيقة والمجاز نصّ أهل اللّغة:

قد ذكر من العلامات نصّ أهل اللّغة، ولكن ليس هنا محلّ البحث عنه بل يبحث عنه في باب حجّية ظواهر الألفاظ وحجّية قول اللغوي، فسوف يأتي إن شاء الله تعالى في محلّه أنّه هل يكون تنصيص أهل اللّغة حجّة أو لا؟ فانتظر.

وفيه: بحث كبروي وأنّه هل يكون تنصيصهم حجّة وإن لم يحصل منه العلم بل حصل الظنّ من قول الخبرة؟ وبحث صغروي وهو أنّ كلمات اللغويين من هذا الباب، أو بيان لموارد الاستعمال؟.

_________________
1. حكاه في تهذيب الاُصول: ج1، ص40، طبع مهر.

2. راجع المقالات: ص31.

3. راجع تهذيب الاُصول: ج1، ص41، طبع مهر.

4. راجع المحاضرات: ج1، ص117.

5. راجع المحاضرات: ج1، ص121.

6. راجع المحاضرات: ص122.

7. راجع بدائع الأفكار: ج1، ص97 ـ 98.

8. درر الفوائد: ج1، ص44 طبع جماعة المدرّسين.