المسائل الفقهية
التقليد
الطهارة
احكام الاموات
الاحتضار
التحنيط
التشييع
التكفين
الجريدتان
الدفن
الصلاة على الميت
الغسل
مسائل تتعلق باحكام الاموات
أحكام الخلوة
أقسام المياه وأحكامها
الاستحاضة
الاغسال
الانية واحكامها
التيمم (مسائل فقهية)
احكام التيمم
شروط التيمم ومسوغاته
كيفية التيمم
مايتيمم به
الجنابة
سبب الجنابة
مايحرم ويكره للجُنب
مسائل متفرقة في غسل الجنابة
مستحبات غسل الجنابة
واجبات غسل الجنابة
الحيض
الطهارة من الخبث
احكام النجاسة
الاعيان النجسة
النجاسات التي يعفى عنها في الصلاة
كيفية سراية النجاسة الى الملاقي
المطهرات
النفاس
الوضوء
الخلل
سنن الوضوء
شرائط الوضوء
كيفية الوضوء واحكامه
مسائل متفرقة تتعلق بالوضوء
مستمر الحدث
نواقض الوضوء والاحداث الموجبة للوضوء
وضوء الجبيرة واحكامها
مسائل في احكام الطهارة
الصلاة
مقدمات الصلاة(مسائل فقهية)
الستر والساتر (مسائل فقهية)
القبلة (مسائل فقهية)
اوقات الصلاة (مسائل فقهية)
مكان المصلي (مسائل فقهية)
افعال الصلاة (مسائل فقهية)
الاذان والاقامة (مسائل فقهية)
الترتيب (مسائل فقهية)
التسبيحات الاربعة (مسائل فقهية)
التسليم (مسائل فقهية)
التشهد(مسائل فقهية)
التعقيب (مسائل فقهية)
الركوع (مسائل فقهية)
السجود(مسائل فقهية)
القراءة (مسائل فقهية)
القنوت (مسائل فقهية)
القيام (مسائل فقهية)
الموالاة(مسائل فقهية)
النية (مسائل فقهية)
تكبيرة الاحرام (مسائل فقهية)
منافيات وتروك الصلاة (مسائل فقهية)
الخلل في الصلاة (مسائل فقهية)
الصلوات الواجبة والمستحبة (مسائل فقهية)
الصلاة لقضاء الحاجة (مسائل فقهية)
صلاة الاستسقاء(مسائل فقهية)
صلاة الايات (مسائل فقهية)
صلاة الجمعة (مسائل فقهية)
صلاة الخوف والمطاردة(مسائل فقهية)
صلاة العيدين (مسائل فقهية)
صلاة الغفيلة (مسائل فقهية)
صلاة اول يوم من كل شهر (مسائل فقهية)
صلاة ليلة الدفن (مسائل فقهية)
صلوات اخرى(مسائل فقهية)
نافلة شهر رمضان (مسائل فقهية)
المساجد واحكامها(مسائل فقهية)
اداب الصلاة ومسنوناتها وفضيلتها (مسائل فقهية)
اعداد الفرائض ونوافلها (مسائل فقهية)
صلاة الجماعة (مسائل فقهية)
صلاة القضاء(مسائل فقهية)
صلاة المسافر(مسائل فقهية)
صلاة الاستئجار (مسائل فقهية)
مسائل متفرقة في الصلاة(مسائل فقهية)
الصوم
احكام متفرقة في الصوم
المفطرات
النية في الصوم
ترخيص الافطار
ثبوت شهر رمضان
شروط الصوم
قضاء شهر رمضان
كفارة الصوم
الاعتكاف
الاعتكاف وشرائطه
تروك الاعتكاف
مسائل في الاعتكاف
الحج والعمرة
شرائط الحج
انواع الحج واحكامه
الوقوف بعرفة والمزدلفة
النيابة والاستئجار
المواقيت
العمرة واحكامها
الطواف والسعي والتقصير
الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة
الاحرام والمحرم والحرم
اعمال منى ومناسكها
احكام عامة
الصد والحصر*
الجهاد
احكام الاسارى
الارض المفتوحة عنوة وصلحا والتي اسلم اهلها عليها
الامان
الجهاد في الاشهر الحرم
الطوائف الذين يجب قتالهم
الغنائم
المرابطة
المهادنة
اهل الذمة
وجوب الجهاد و شرائطه
مسائل في احكام الجهاد
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
حكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرائط وجوبهما
اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
احكام عامة حول الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
الخمس
مايجب فيه الخمس
مسائل في احكام الخمس
مستحق الخمس ومصرفه
الزكاة
اصناف المستحقين
اوصاف المستحقين
زكاة الفطرة
مسائل في زكاة الفطرة
مصرف زكاة الفطرة
وقت اخراج زكاة الفطرة
شرائط وجوب الزكاة
ماتكون فيه الزكاة
الانعام الثلاثة
الغلات الاربع
النقدين
مال التجارة
مسائل في احكام الزكاة
احكام عامة
علم اصول الفقه
تاريخ علم اصول الفقه
تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية
المباحث اللفظية
المباحث العقلية
الاصول العملية
الاحتياط
الاستصحاب
البراءة
التخيير
مباحث الحجة
تعارض الادلة
المصطلحات الاصولية
حرف الالف
حرف التاء
حرف الحاء
حرف الخاء
حرف الدال
حرف الذال
حرف الراء
حرف الزاي
حرف السين
حرف الشين
حرف الصاد
حرف الضاد
حرف الطاء
حرف الظاء
حرف العين
حرف الغين
حرف الفاء
حرف القاف
حرف الكاف
حرف اللام
حرف الميم
حرف النون
حرف الهاء
حرف الواو
حرف الياء
القواعد الفقهية
مقالات حول القواعد الفقهية
اخذ الاجرة على الواجبات
اقرار العقلاء
الإتلاف - من اتلف مال الغير فهو له ضامن
الإحسان
الاشتراك - الاشتراك في التكاليف
الاعانة على الاثم و العدوان
الاعراض - الاعراض عن الملك
الامكان - ان كل ما يمكن ان يكون حيضا فهو حيض
الائتمان - عدم ضمان الامين - ليس على الامين الا اليمين
البناء على الاكثر
البينة واليمين - البينة على المدعي واليمين على من انكر
التقية
التلف في زمن الخيار - التلف في زمن الخيار في ممن لا خيار له
الجب - الاسلام يجب عما قبله
الحيازة - من حاز ملك
الزعيم غارم
السبق - من سبق الى ما لم يسبقه اليه احد فهو احق به - الحق لمن سبق
السلطنة - التسلط - الناس مسلطون على اموالهم
الشرط الفاسد هل هو مفسد للعقد ام لا؟ - الشرط الفاسد ليس بمفسد
الصحة - اصالة الصحة
الطهارة - كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر
العقود تابعة للقصود
الغرور - المغرور يرجع الى من غره
الفراغ و التجاوز
القرعة
المؤمنون عند شروطهم
الميسور لايسقط بالمعسور - الميسور
الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها
الولد للفراش
أمارية اليد - اليد
انحلال العقد الواحد المتعلق بالمركب الى عقود متعددة - انحلال العقودالى عقود متعددة
بطلان كل عقد بتعذر الوفاء بمضمونه
تلف المبيع قبل قبضه - اذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه
حجية البينة
حجية الضن في الصلاة
حجية سوق المسلمين - السوق - أمارية السوق على كون اللحوم الموجودة فيه مذكاة
حجية قول ذي اليد
حرمة ابطال الاعمال العبادية الا ما خرج بالدليل
عدم شرطية البلوغ في الاحكام الوضعية
على اليد ما اخذت حتى تؤدي - ضمان اليد
قاعدة الالزام - الزام المخالفين بما الزموا به انفسهم
قاعدة التسامح في ادلة السنن
قاعدة اللزوم - اصالة اللزوم في العقود - الاصل في المعاملات اللزوم
لا تعاد
لا حرج - نفي العسر و الحرج
لا ربا في ما يكال او يوزن
لا شك في النافلة
لا شك لكثير الشك
لا شك للإمام و المأموم مع حفظ الآخر
لا ضرر ولا ضرار
ما يضمن و ما لا يضمن - كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وكل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده
مشروعية عبادات الصبي وعدمها
من ملك شيئا ملك الاقرار به
نجاسة الكافر وعدمها - كل كافر نجس
نفي السبيل للكافر على المسلمين
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
قواعد فقهية متفرقة
المصطلحات الفقهية
حرف الألف
حرف الباء
حرف التاء
حرف الثاء
حرف الجيم
حرف الحاء
حرفق الخاء
حرف الدال
حرف الذال
حرف الراء
حرف الزاي
حرف السين
حرف الشين
حرف الصاد
حرف الضاد
حرف الطاء
حرف الظاء
حرف العين
حرف الغين
حرف الفاء
حرف القاف
حرف الكاف
حرف اللام
حرف الميم
حرف النون
حرف الهاء
حرف الواو
حرف الياء
الفقه المقارن
كتاب الطهارة
احكام الاموات
الاحتضار
الجريدتان
الدفن
الصلاة على الاموات
الغسل
الكفن
التشييع
احكام التخلي
استقبال القبلة و استدبارها
مستحبات و ومكروهات التخلي
الاستنجاء
الاعيان النجسة
البول والغائط
الخمر
الدم
الكافر
الكلب والخنزير
المني
الميتة
احكام المياه
الوضوء
احكام الوضوء
النية
سنن الوضوء
غسل الوجه
غسل اليدين
مسح الرأس
مسح القدمين
نواقض الوضوء
المطهرات
الشمس
الماء
الجبيرة
التيمم
احكام عامة في الطهارة
احكام النجاسة
الحيض و الاستحاظة و النفاس
احكام الحيض
احكام النفاس
احكام الاستحاضة
الاغسال المستحبة
غسل الجنابة واحكامها
كتاب الصلاة
احكام السهو والخلل في الصلاة
احكام الصلاة
احكام المساجد
افعال الصلاة
الاذان والاقامة
التسليم
التشهد
الركوع
السجود
القراءة
القنوت
القيام
النية
تكبيرة الاحرام
سجدة السهو
الستر والساتر
الصلوات الواجبة والمندوبة
صلاة الاحتياط
صلاة الاستسقاء
صلاة الايات
صلاة الجماعة
صلاة الجمعة
صلاة الخوف
صلاة العيدين
صلاة القضاء
صلاة الليل
صلاة المسافر
صلاة النافلة
صلاة النذر
القبلة
اوقات الفرائض
مستحبات الصلاة
مكان المصلي
منافيات الصلاة
كتاب الزكاة
احكام الزكاة
ماتجب فيه الزكاة
زكاة النقدين
زكاة مال التجارة
زكاة الغلات الاربعة
زكاة الانعام الثلاثة
شروط الزكاة
زكاة الفطرة
احكام زكاة الفطرة
مصرف زكاة الفطرة
وقت وجوب زكاة الفطرة
اصناف واوصاف المستحقين وأحكامهم
كتاب الصوم
احكام الصوم
احكام الكفارة
اقسام الصوم
الصوم المندوب
شرائط صحة الصوم
قضاء الصوم
كيفية ثبوت الهلال
نية الصوم
مستحبات ومكروهات الصوم
كتاب الحج والعمرة
احرام الصبي والعبد
احكام الحج
دخول مكة واعمالها
احكام الطواف والسعي والتقصير
التلبية
المواقيت
الصد والحصر
اعمال منى ومناسكها
احكام الرمي
احكام الهدي والاضحية
الحلق والتقصير
مسائل متفرقة
النيابة والاستئجار
الوقوف بعرفة والمزدلفة
انواع الحج واحكامه
احكام الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة
احكام تخص الاحرام والمحرم والحرم
العمرة واحكامها
شرائط وجوب الحج
كتاب الاعتكاف
كتاب الخمس
الموافقة الالتزامية
المؤلف: قريرا لبحث السيد الخميني - بقلم الشيخ السبحاني
المصدر: تهذيب الأصول
الجزء والصفحة: ج2. ص.343
10-8-2016
630
وتوضيحها يتوقّف على بيان مطالب :
الأوّل : أنّ الاُصول الاعتقادية على أقسام :
منها : ما ثبتت بالبرهان العقلي القطعي ، ويستقلّ العقل في إثباتها ونفي غيرها ، من دون أن يستمدّ من الكتاب والسنّة ، كوجود المبدأ وتوحيده وصفاته الكماليـة وتنزيهـه مـن النقائص والحشر والنشر وكونـه جسمانياً ـ على ما هـو مبرهـن في محلّـه وعند أهلـه(1) ـ والنبوّة العامّـة وما ضاهاهـا مـن العقليات المستقلّـة التي لا يستأهل لنقضه وإبرامه وإثباته ونفيه غير العقل ; حتّى لو وجدنا في الكتاب والسنّة ما يخالفه ظاهراً فلا محيص عن تأويله أو ردّ علمه إلى أهله ، كما اُمرنا بذلك(2) .
ومنها : ما ثبت بضرورة الأديان أو دين الإسلام ، كالمباحث الراجعة إلى بعض خصوصيات المعاد والجنّة والنار والخلود فيهما وما ضاهاها .
ومنها : ما ثبت بالقرآن والروايات المتواترة .
ومنها : ما لا نجد فيها إلاّ روايات آحاد قد توجب العلم والاطمئنان أحياناً ، واُخرى لا توجبه .
هذا كلّه في الاُصول الاعتقادية .
وأمّا الأحكام الفرعية أيضاً : تارة ثابتة بضرورة الدين أو المذهب ، واُخرى بظواهر الكتاب والسنّة ; آحادها أو متواترها ، وربّما تثبت بالعقل أيضاً .
الثاني : أنّ العوارض النفسانية ـ كالحبّ والبغض والخضوع والخشوع ـ ليست اُموراً اختيارية حاصلة في النفس بإرادة منها واختيار ، بل وجودها في النفس إنّما تتبع لوجود مبادئها ; فإنّ لكلّ من هذه العوارض مباد وعلل تستدعي وجود تلك العوارض .
مثلاً العلم بوجود البارئ وعظمته وقهّاريته يوجب الخضوع والخشوع لدى حضرته ـ جلّت كبرياؤه ـ والخوف من مقامه والعلم برحمته الواسعة وجوده الشامل ، وقدرته النافذة يوجب الرجاء والوثوق والتطلّب والتذلّل ، وكلّما كملت المبادئ كملت النتائج بلا ريب .
فظهر : أنّ تلك العوارض نتائج قهرية لا تستتبعه إرادة ولا اختيار ، وإنّما يدور مدار وجود مبادئها المقرّرة في محلّه وعند أهله .
الثالث ـ وهو أهمّ المطالب ـ أنّ التسليم القلبي والانقياد الجناني والاعتقاد الجزمي لأمر من الاُمور لا تحصل بالإرادة والاختيار ، من دون حصول مقدّماتها ومبادئها . ولو فرضنا حصول عللها وأسبابها يمتنع تخلّف الالتزام والانقياد القلبي عند حصول مبادئها ، ويمتنع الاعتقاد بأضدادها . فتخلّفها عن المبادئ ممتنع ، كما أنّ حصولها بدونها أيضاً ممتنع .
والفرق بين هذا المطلب وما تقدّمه أوضح من أن يخفى ; إذ البحث في المتقدّم عن الكبرى الكلّية من أنّ العوارض القلبية لا تحصل بالإرادة والاختيار ، وهنا عن الصغرى الجزئية لهذه القاعدة; وهي أنّ التسليم والانقياد من العوارض القلبية ، يمتنع حصولها بلا مبادئها ، كما يمتنع حصول أضدادها عند حصولها .
فمن قام عنده البرهان الواضح بوجود المبدأ المتعال ووحدته لا يمكن له عقد القلب عن صميمه; بعدم وجوده وعدم وحدته .
ومن قام عنده البرهان الرياضي على أنّ زوايا المثلّث مساوية لقائمتيه يمتنع مع وجود هذه المبادئ عقد القلب على عدم التساوي . فكما لا يمكن الالتزام على ضدّ أمر تكويني مقطوع به فكذلك لا يمكن عقد القلب على ضدّ أمر تشريعي ثبت بالدليل القطعي .
نعم ، لا مانع من إنكاره ظاهراً وجحده لساناً لا جناناً واعتقاداً ، وإليه يشير قوله عزّ وجلّ {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا } [النمل: 14] .
وما يقال : من أنّ الكفر الجحودي يرجع إلى الالتزام القلبي على خلاف اليقين الحاصل في نفسه(3) ، فاسد جدّاً .
هذا هو الحقّ القراح في هذا المطلب ، من غير فرق بين الاُصول الاعتقادية والفروع العلمية ، من غير فرق أيضاً بين أن يقوم عليها برهان عقلي أو ثبت بضرورة الكتاب والسنّة أو قام عليه الأدلّة الثابتة حجّيتها بأدلّة قطعية ; من الأدلّة الاجتهادية والفقاهية .
فلو قام الحجّة عند المكلّف على نجاسة الغسالة وحرمة استعمالها يمتنع عليه أن يعقّد القلب على خلافها أو يلتزم جدّاً على طهارته ، إلاّ أن يرجع إلى تخطئة الشارع ـ والعياذ بالله ـ وهو خارج عن المقام .
وبذلك يظهر : أنّ وجوب الموافقة الالتزامية وحرمة التشريع لا يرجع إلى محصّل إن كان المراد من التشريع هو البناء والالتزام القلبي على كون حكم من الشارع ، مع العلم بأنّه لم يكن من الشرع ، أو لم يعلم كونه منه . ومثله وجوب الموافقة ; وهو عقد القلب اختياراً على الاُصول والعقائد والفروع الثابتة بأدلّتها القطعية الواقعية .
والحاصل : أنّ التشريع بهذا المعنى أمر غير معقول ، بل لا يتحقّق من القاطع حتّى يتعلّق به النهي ، كما أنّ الاعتقاد بكلّ ما ثبت بالأدلّة أمر قهري تتبع مبادئها ، ويوجد غِبّ عللها بلا إرادة واختيار ، ولا يمكن التخلّف عنها ولا للحاصل له مخالفتها ، فلا يصحّ تعلّق التكليف لأمر يستحيل وجوده ، أو يجب وجوده بلا إرادة واختيار .
نعم ، التظاهر والتديّن ظاهراً وعملاً بشيء ليس من الدين ـ افتراءً عليه وكذباً على الله ورسوله وعترته الطاهرين ـ أمر ممكن محرّم لا كلام فيه .
فظهر : أنّ وجوب الموافقة الالتزامية عين وجوب العقد والتصميم اختياراً على الأحكام ، والفروع الثابتة من الشرع بعد قيام الحجّة أمر غير معقول لا تقع مصبّ التكليف . وحمل كلامهم على وجوب تحصيل مقدّمات الموافقة الالتزامية وحرمة تحصيل مقدّمات خلافها كما ترى .
وأمّا إن كان المراد منه هو البناء القلبي على الالتزام العملي وإطاعة أمر مولاه ، ويقابله البناء على المخالفة العملية فهما ـ بهذا المعنى ـ أمران معقولان يعدّان من شعب الانقياد والتجرّي .
وبذلك يتّضح : أنّ ما ذهب إليه سيّد الأساتذة ، المحقّق الفشاركي ـ رحمه الله ـ من وجود التجزّم في القضايا الكاذبة على طبقها ; حتّى جعله ـ قدس سره ـ مناطاً لصيرورة القضايا ممّا يصحّ السكوت عليها ، وأنّ العقد القلبي عليها يكون جعلياً اختيارياً(4) لا يخلو من ضعف .
وقد أوضحه شيخنا العلاّمة ـ قدس سره ـ ، وقال : إنّ حاصل كلامه أنّه كما أنّ العلم قد يتحقّق في النفس بوجود أسبابه كذلك قد يخلق النفس حالة وصفة على نحو العلم حاكية عن الخارج ، فإذا تحقّق هذا المعنى في الكلام يصير جملة يصحّ السكوت عليها ; لأنّ تلك الصفة الموجودة يحكي جزماً عن تحقّق في الخارج(5) .
لكن فيه : أنّ العلم والجزم من الاُمور التكوينية التي لا توجد في النفس إلاّ بعللها وأسبابها التكوينية ، وليس من الاُمور الجعلية الاعتبارية ، وإلاّ لزم جواز الجزم في النفس بأنّ الاثنين نصف الثلاثة ، أو أنّ الكلّ أصغر من الجزء ، وما أشبهه من القضايا البديهية . وبالجملـة : ليس الجـزم والعلم مـن الأفعال الاختياريـة ; حتّى نوجـده بالإرادة والاختيار .
وأمّا ما ذكره : من كون الجزم هو المناط في القضايا الصادقة والكاذبة فهو وإن كان حقّاً إلاّ أنّ الجزم في القضايا الصادقة حقيقي واقعي ، وفي الكاذبة ليست إلاّ صورة الجزم وإظهاره . وما هو المناط في الصدق والكذب هو الإخبار الجزمي والإخبار عن شيء بصورة الجزم والبتّ ، وأمّا التجزّم القلبي فلا ربط له لصحّة السكوت وعدمها ، ولا للصدق والكذب .
والشاهد عليه : أنّه لو أظهر المتكلّم ما هو مقطوع بصورة التردّد فلا يتّصف بالصدق والكذب ولا يصحّ السكوت عليه .
وتوهّم أنّ المتكلّم ينشأ حقيقة التردّد في الذهن ، ويصير مردّداً بلا جعل واختراع كما ترى .
نقل مقال وتوضيح حال:
إنّ بعض الأعيان من المحقّقين ـ رحمه الله ـ ذكر وجهاً لصحّة تعلّق الأمر والنهي بالالتزام والتسليم ، فقال : إنّ الفعل القلبي ضرب من الوجود النوري ، والوجود في قبال المقولات ; وهو من العلوم الفعلية دون الانفعالية ، والأفعال القلبية اُمور يساعدها الوجدان ; فإنّ الإنسان كثيراً ما يعلم بأهلية المنصوب من قِبَل من له النصب ، لكنّه لا ينقاد له قلباً ، ولا يقرّ به باطناً ; لخباثة نفسه أو لجهة اُخرى ; وإن كان في مقام العمل يتحرّك بحركته خوفاً من سوطه وسطوته.
وهكذا كان حال كثير من الكفّار بالنسبة إلى نبيّنا ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ; حيث إنّهم كانوا عالمين بحقيته ، كما نطق به القرآن ، ومع ذلك لم يكونوا منقادين ـ ولو كان ملاك الإيمان الحقيقي نفس العلم ـ لزم أن يكونوا مؤمنين به ، أو جعل الإيمان الذي هو أشرف الكمالات مجرّد الإقرار باللسان ; حتّى يلزم كفرهم لأجل عدم الإقرار(6) .
وأنت خبير : بأنّه ـ قدس سره ـ لم يبرهن على أنّ الالتزام من العلوم الفعلية دون الانفعالية ، بل من القريب كونه من انفعالات النفس ومن الكيفيات الحاصلة لها من المبادئ الموجودة فيها أو حاصلة لها .
وما قال : إنّ الكيفيات النفسانية(7) محصورة غير وجيه ; لعدم قيام برهان على حصرها . فالأشبه أن تكون نحو تلك الحالات من مقولة الكيف ، ومن الكيفيات النفسانية التي تنفعل بها النفس .
فما ادّعاه من أنّه ضرب من الوجود ، وهو لا يدخل تحت مقولة غير صحيح ; لأنّ الموجود في صقع الإمكان لا يمكن أن يكون موجوداً مطلقاً ، فيلزم وجوب وجوده ، وهو خلف ، بل يكون موجوداً مقروناً بالحدّ والحدود ، فيتألّف من وجود وماهية ، ويدخل على وجه التسامح تحت إحدى المقولات .
أضف إلى ذلك ما عرفت : أنّ الالتزام لا ينفكّ عن العلم بالشيء ، وأنّه يستتبع الالتزام في كمّه وكيفه في تفصيله وإجماله على مقدار علمه ، ويوجد ذلك الالتزام في لوح النفس غبّ حصول العلم .
وقد عرفت : أنّ جحد الكفّار لم يكن إلاّ جحداً في الظاهر ; لعنادهم وعداوتهم وحبّ الرياسة والعصبية الجاهلية ، وإلاّ فكيف يمكن الإنكار الباطني مع العلم الوجداني بالخلاف ؟ فهل يمكن إنكار وجود اليوم مع العلم بوجوده ؟
ولا يلزم ممّا ذكـر أن يكون الإيمان هـو العلم فقط حتّى يقال : إنّ الشيطان كان عالماً بجميع المعارف ، مع أنّه عدّ مـن الكفّار ، كما لا يلزم مـن ذلك أيضاً كون الانقياد والتسليم القلبي حاصلين في النفس بالاختيار ، بل الإيمان عبارة عـن مرتبة من العلم الملازم لخضوع القلب للنبوّة .
وقد فصّلنا حقيقة العلم والإيمان في بعض مسفوراتنا ، وأوضحنا فيه أنّ الإيمان ليس مطلق العلم الذي يناله العقل ، ويعدّ حظّاً فريداً له ، وبما أنّ المقام لا يسع طرح تلك الأبحاث فليرجع من أراد التفصيل إلى محالّه(8) .
فظهر : أنّه لا يلزم من عدم كون العلم عين الإيمان كون الالتزام والانقياد اختيارياً متحقّقاً بالإرادة .
هذا كلّه في إمكان تعلّق الوجوب على الالتزام وعدمه .
ثمّ إنّـه لو فرضنا إمكان التعلّق فالظاهـر عـدم وجـوبه ; لعدم الدليل عليه في الفرعيات نقـلاً ولا عقـلاً ، وعـدم اقتضاء التكليف إلاّ الموافقـة العملية ، وحكـم الوجـدان بعدم استحقاق العبد لعقوبتين على فرض مخالفـة التكليف عملاً والتزاماً ، وعـدم استحقاقـه للعقوبة مع العمل بلا التزام ، واستحقاقـه لمثوبة واحـدة مع العمل والالتزام .
كيفية الالتزام بالأحكام:
ثمّ إنّك قد عرفت(9) أنّ الموافقة الالتزامية من الاُمور القهرية التابعة للعلم بالشيء ، وليس من الاُمور الجعلية الاختيارية . وعليه : فتتبع الموافقة الالتزامية في الخصوصيات للعلم بالأحكام ; فإن تعلّق العلم بالحكم تفصيلاً يتعلّق الالتزام تفصيلاً ، وإن تعلّق به إجمالاً يصير الالتزام كذلك، ولو تعلّق العلم بما يتردّد بين المحذورين يكون الالتزام مثله .
فلو بنينا على جواز جعل حكم ظاهري في مورد الدوران بين المحذورين يكون الالتزام على طبق الحكم الظاهري غير مناف للالتزام بالحكم الواقعي ، كما لا تنافي بين الحكم الواقعي المجعول على الذات والحكم الظاهري المجعول بعنوان المشكوك فيه ، فكما يمكن جعل الحكمين والعلم بهما يمكن الالتزام بهما .
فجريان الاُصول لا مانع منه في الأطراف من ناحية لزوم الالتزام بالحكم الواقعي ، كما أنّ جريانها لا يدفع الالتزام بالحكم الواقعي ; لمكان الطولية(10) .
____________
1 ـ راجع الحكمة المتعالية 9 : 185 ـ 207 ، شرح المنظومة ، قسم الحكمة : 339 .
2 ـ راجـع النسـاء (4) : 59 ، الكافي 1 : 68 ، بحـار الأنوار 2 : 234 / 15 و 236 / 21 و 245 / 55 .
3 ـ نهاية الدراية 1 : 271 ـ 272 .
4 ـ اُنظر درر الفوائد ، المحقّق الحائري : 70 .
5 ـ نفس المصدر .
6 ـ نهاية الدراية 3 : 77 .
7 ـ نفس المصدر 3 : 76 .
8 ـ جنود عقل وجهل : 87 .
9 ـ تقدّم في الصفحة 344 .
10 ـ ثمّ إنّ سيّدنا الاُستاذ ـ دام ظلّـه ـ قـد استقصى الكلام في الـدورة السابقـة في توضيح أحكام القطع ، فأوضح مقالة الأخباريين في المقام ، كما تكلّم في حجّية قطع القطّاع ، غير أنّه ـ دام ظلّـه ـ قد أسقط في هـذه الـدورة هاتيك المباحث ، ونحـن قد اقتفينا أثره ، أطـال الله بقاه . [المؤلّف].