x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الفضائل
الاخلاص والتوكل
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
الإيثار و الجود و السخاء و الكرم والضيافة
الايمان واليقين والحب الالهي
التفكر والعلم والعمل
التوبة والمحاسبة ومجاهدة النفس
الحب والالفة والتاخي والمداراة
الحلم والرفق والعفو
الخوف والرجاء والحياء وحسن الظن
الزهد والتواضع و الرضا والقناعة وقصر الامل
الشجاعة و الغيرة
الشكر والصبر والفقر
الصدق
العفة والورع و التقوى
الكتمان وكظم الغيظ وحفظ اللسان
بر الوالدين وصلة الرحم
حسن الخلق و الكمال
السلام
العدل و المساواة
اداء الامانة
قضاء الحاجة
فضائل عامة
آداب
اداب النية وآثارها
آداب الصلاة
آداب الصوم و الزكاة و الصدقة
آداب الحج و العمرة و الزيارة
آداب العلم والعبادة
آداب الطعام والشراب
آداب الدعاء
اداب عامة
حقوق
الرذائل وعلاجاتها
الجهل و الذنوب والغفلة
الحسد والطمع والشره
البخل والحرص والخوف وطول الامل
الغيبة و النميمة والبهتان والسباب
الغضب و الحقد والعصبية والقسوة
العجب والتكبر والغرور
الكذب و الرياء واللسان
حب الدنيا والرئاسة والمال
العقوق وقطيعة الرحم ومعاداة المؤمنين
سوء الخلق والظن
الظلم والبغي و الغدر
السخرية والمزاح والشماتة
رذائل عامة
علاج الرذائل
علاج البخل والحرص والغيبة والكذب
علاج التكبر والرياء وسوء الخلق
علاج العجب
علاج الغضب والحسد والشره
علاجات رذائل عامة
أخلاقيات عامة
أدعية وأذكار
صلوات و زيارات
قصص أخلاقية
قصص من حياة النبي (صلى الله عليه واله)
قصص من حياة الائمة المعصومين(عليهم السلام) واصحابهم
قصص من حياة امير المؤمنين(عليه السلام)
قصص من حياة الصحابة والتابعين
قصص من حياة العلماء
قصص اخلاقية عامة
إضاءات أخلاقية
التفكر النافع
المؤلف: محمد مهدي النراقي
المصدر: جامع السعادات
الجزء والصفحة: ج1. ص:231-236
21-7-2016
1910
التفكر النافع محصور بين التفكر في صفات اللّه و عجائب أفعاله ، و التفكر في ما يقرب العبد إلى اللّه ليفعله و فيما يبعده عنه ليتركه.
وغير ذلك من الأفكار ليس نافعا و لا متعلقا بالدين , مثال ذلك أن حال السائر إلى اللّه الطالب للقائه ، كحال العاشق المستهتر، فكما أن تفكره لا يتجاوز عن التفكر في معشوقه و جماله و في صفاته و أفعاله و في أفعال نفسه التي تقربه منه و تحببه إليه ليتصف بها ، أو التي تبعده عنه و تسقطه عن عينه ليتنزه عنها ، و لو تفكر في غير ذلك كان ناقص العشق ، كذلك المحب الخالص للّه ينبغي أن يحصر فكره في اللّه و في صفاته و أفعاله و فيما يقربه منه و يحببه اليه أو يبعده عنه ، و لو تفكر في غير ذلك كان كاذبا فيما يدعيه من الشوق و الحب ثم التفكر في ذات اللّه ، بل في بعض صفاته مما لا يجوز، و قد منعته الشريعة الحقة الإلهية و الحكمة المتعالية الحقيقية ، لأن ذاته أجل من أن تكون مرقى لأقدام الأفهام ، أو مرمى لسهام الأوهام ، فطرح النظر إليه يورث اختلاط الذهن و الحيرة ، و جولان الفكر فيه يوجب اضطراب العقل و الدهشة و بعض الصديقين المتجردين عن جلباب البدن لو أطاقوا إليه مد البصر فإنما هو كالبرق الخاطف ، و لو تجاوزوا عن ذلك لاحترقوا من سبحات وجهه.
وحال الصديقين في ذلك كحال الإنسان في النظر إلى الشمس ، فإنه و إن قدر على مد البصر إليها ، إلا أن إدامته يورث الضعف و العمش ، بل لا مشابهة بين الحالين ، و إنما هو مجرد تقريب و تفهيم ، فإن المناسبة بين نور الشمس و نور البصر في الجملة ثابتة ، و أين مثل هذه المناسبة بين نور البصر و نور الأنوار القاهر على كل نور بالإحاطة و الغلبة ، و ما من نور إلا وهو منبجس من نوره و مترشح عن ظهوره ، فكل نور في مرتبة نوره زائل ، و كل ظهور في جنب ظهوره و شروقه مضمحل باطل.
ولما كان التفكر في ذاته تعالى مذموما ، فانحصر التفكر الممدوح في التفكر في عجائب صنعه و بدائع خلقه - و قد تقدم - و في ما يقرب العبد إلى اللّه من الفضائل الخلقية و الطاعات العضوية ، و ما يبعده عنه من الملكات الباطنة و المعاصي الظاهرة.
وهذه الملكات و الأفعال هي المعبر عنها بالمنجيات و المهلكات و الطاعات و السيئات التي تذكر في هذا الكتاب و في غيره من كتب الأخلاق ، و المراد بالتفكر فيها ههنا أن يتفكر العبد في كل يوم و ليلة في وقت واحد أو أوقات متعددة في أخلاقه الباطنة و أعماله الظاهرة ، و يتفحص عن حال قلبه و أعضائه ، فإن وجد قلبه مستقيما على جادة العدالة متصفا بجميع الفضائل الخلقية و مجتنبا عن الرذائل الباطنة ، و وجد أعضاءه ملازمة للطاعات و العبادات المتعلقة بها تاركة للمعاصي المنسوبة إليها ، فليشكر اللّه على عظيم توفيقه ، و إن وجد في قلبه شيئا من الرذائل أو رآه خاليا عن بعض الفضائل ، فليبادر إلى العلاج بالقوانين المقررة ، بعد التفكر في سوء خاتمته و أدائه إلى مقت اللّه و هلاكه ، و كذلك إن عثر بالتفكر على صدور معصية أو ترك طاعة منه فليتداركه بالندم و التوبة و قضاء تلك الطاعة.
ولا ريب في أن هذا القسم من التفكر له مجال متسع و القدر الضروري منه يستغرق اليوم بليلته و الاستقصاء فيه خارج عن حيطة شهر و سنة ، إذ اللازم منه أن يتفكر في كل يوم و ليلة في كل واحد من الملكات المهلكة : من البخل ، و الكبر، و العجب ، و الرياء ، و الحقد ، و الحسد. و الجبن ، و شدة الغضب و الحرص و الطمع و شره الطعام و الوقاع ، و حب المال ، و حب الجاه ، و النفاق ، و سوء الظن ، و الغفلة ، و الغرور و غير ذلك.
وينظر بنور الفكرة و البصيرة في زوايا قلبه ، و يتفقد منها هذه الصفات ، فإن وجدها بظنه خالية عنها ، فليتفكر في كيفية امتحان القلب و الاستشهاد بالعلامات الدالة على البراءة اليقينية فإن النفس قد تلبس الأمر على صاحبها : فإن ادعت البراءة من الكبر، فينبغي أن يمتحن بحمل قربة ماء أو حزمة حطب في السوق ، فإن ادعت البراءة من الغضب فليجرب بإيقاعها في معرض إهانة السفهاء ، و هكذا فليمتحن في غيرهما من الصفات بالامتحانات التي كان الأولون والسلف الصالحون يجربون بها أنفسهم ، حتى يطمئن بانقطاع أصولها و فروعها من قلبه.
ولو وجد بالامتحان أو تصريح المشاهدة و العيان شيئا منها في قلبه.
فليتفكر في كيفية الخلاص من المعالجة بالضد أو بالموعظة و النصيحة و التوبيخ و الملامة أو ملازمة أولى الأخلاق الفاضلة و مجالسة أصحاب الورع و التقوى ، أو بالرياضة و المجاهدة و غير ذلك , فإن نفع شيء منها في الإزالة بالسهولة فليحمد اللّه على ذلك ، و إلا فليواظب على هذه المعالجات و تكررها حتى يوفقه اللّه للخلاص بمقتضى وعده.
ثم يتفكر في كل واحد من الفضائل المنجية : كاليقين ، و التوكل ، و الصبر على البلاء ، و الرضا بالقضاء ، و الشكر على النعماء ، و اعتدال الخوف و الرجاء ، و الشجاعة و السخاء والزهد و الورع ، و الإخلاص في العمل ، و ستر العيوب ، و الندم على الذنوب ، و حسن الخلق مع الخلق ، و حب اللّه و الخشوع له و غير ذلك ، فإن وجد قلبه متصفا بالجميع فليجربه بالعاملات حتى يطمئن من تلبيس النفس - كما علمت طريقه - و إن وجد قلبه خاليا من شيء منها فليتفكر في طريق تحصيله - كما أشير إليه -.
ثم يتوجه إلى كل واحد من أعضائه و يتفكر في المعاصي المتعلقة به ، مثل أن ينظر في لسانه ويتفكر في أنه هل صدر منه شيء من الغيبة ، أو الكذب ، أو الفحش ، أو فضول الكلام أو النميمة ، أو الثناء على النفس ، أو غير ذلك.
ثم ينظر في سمعه ، و يتفكر في أنه هل سمع شيئا من ذلك.
ثم ينظر في بطنه هل عصى اللّه بأكل حرام أو شبهة ، أو كثرة مانعة عن صفاء النفس و غير ذلك .
و هكذا يفعل في كل عضو عضو.
ثم يتفكر في الطاعات المتعلقة بكل واحد منها و فيما خلق هذا العضو لأجله من الفرائض و النوافل ، فإن وجد - بعد التفكر- عدم صدور شيء من المعاصي عن شيء منها - و إتيانها بالطاعات المفروضة عليها بأسرها و بالنوافل المرغبة إليها بقدر اليسر و الاستطاعة فليحمد اللّه على ذلك ، و إن عثر على صدور شيء من المعاصي أو ترك شيء من الفرائض ، فليتفكر أولا في الأسباب الباعثة على ذلك ، من الاشتغال بفضول الدنيا أو مصاحبة أقران السوء أو غير ذلك ، فليبادر إلى قطع السبب ، ثم التدارك بالتوبة و الندم ، لئلا يكون غده مثل يومه.
وهذا القدر من التفكر في كل يوم و ليلة لازم لكل ديّن معتقد بالنشأة الآخرة ، و قد كان ذلك عادة و ديدنا لسلفنا المتقين في صبيحة كل يوم أو عشية كل ليلة ، بل كانت لهم جريدة يكتبون فيها رءوس المهلكات و المنجيات و يعرضون في كل يوم و ليلة صفاتهم عليها ، و مهما اطمأنوا بقطع رذيلة أو الاتصاف بفضيلة يخطون عليها في الجريدة ، و يدعون الفكر فيها ، ثم يقبلون على البواقي ، و هكذا يفعلون حتى يخطوا على الجميع ، و من كان أقل مرتبة منهم من الصلحاء ربما يثبتون في جريدتهم بعض المعاصي الظاهرة من أكل الحرام ، و الشبهة ، و إطلاق اللسان ، و الكذب ، و الغيبة و المزاء ، و النميمة ، و المداهنة مع الخلق بترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر , و غير ذلك ، و يفعلون بمثل ما مر.
وبالجملة : كان إخواننا السالفون و سلفنا الصالحون لا ينفكون عن هذا النوع من التفكر، و يرونه من لوازم الإيمان بالحساب ، فأف علينا حيث تركنا بهم التأسي و القدوة ، و خضنا في غمرات الغفلة ، و لعمري إنهم لو رأونا لحكموا بكفرنا و عدم إيماننا بيوم الحساب ، كيف و أعمالنا لا تشابه أعمال من يؤمن بالجنة و النار.
فإن من خاف شيئا هرب منه ، و من رجا شيئا طلبه ، و نحن ندعي الخوف من النار و نعلم أن الهرب منها بترك المعاصي و مع ذلك منهمكون فيها ، و ندعي الشوق إلى الجنة و نعلم أن الوصول إليها بكثرة الطاعات و مع ذلك مقصرون في فعلها.
ثم هذا النوع من التفكر إنما هو تفكر العلماء و الصالحين ، و أما تفكر الصديقين فأجل من ذلك لأنهم مستغرقون في لجة الحب و الأنس ، و منقطعون بشراشرهم إلى جناب القدس ، ففكرهم مقصور على جلال اللّه و جماله و قلبهم مستهتر به ، بحيث فنى عن نفسه و نسى صفاته و أحواله ، فحالهم أبدا كحال العشاق المستهترين عند لقاء المعشوق ، و لا تظن أن هذا التفكر- بل أدنى مراتب التلذذ بالتفكر في عظمة اللّه و جلاله - ممكن الحصول بدون الانفكاك عن جميع الرذائل المهلكة و الاتصاف بجميع الفضائل المنجية ، فإن حال المتفكر في جلال اللّه و عظمته مع اتصافه بالأخلاق الرذيلة ، كحال العاشق الذي خلي بمحبوبته ، و كان تحت ثيابه حيات و عقارب تلدغه مرة بعد أخرى ، فتمنعه عن لذة المشاهدة و الأنس.
ولا يتم ابتهاجه إلا بإخراجها عن ثيابه و لا ريب أن الملكات الرذيلة كلها كالحيات و العقارب مؤذيات و مشوشات ، و من كان له أدنى معرفة و توجه إلى مناجاة ربه و كان في نفسه شيء منها ، يجد أنه كيف يشوشه و يصده عن الابتهاج ، ثم إن لدغ هذه الصفات لا يظهر ظهورا بينا للمنهمكين في علائق الطبيعة ، و بعد مفارقة النفس عن البدن يشتد ألم لدغها بحيث يزيد على ألم لدغ الحيات و العقارب بمراتب شتى .