الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الأطفال المحرومون
المؤلف: محمد تقي فلسفي
المصدر: الطفل بين الوراثة والتربية
الجزء والصفحة: ج2،ص300ـ302
19-6-2016
2058
عامل من عوامل ايجاد عقدة الحقارة عند الطفل ، الحرمان من اللباس المناسب والغذاء الطيب ووسائل اللعب أو أدوات المدرسة. إن الطفل الذي يلبس حذاءً بالياً أو ثوباً رثاً بين الأطفال الأنيقين في ملابسهم أو الذي يرى مختلف وسائل اللعب بأيدي الأطفال الآخرين ويجد نفسه فاقداً لها... أو الذي يذهب الى المدرسة وهو لا يملك حقيبة أو أدوات مدرسية ، يشعر بالحقارة في نفسه ، ويرى أنه في مستوى دون مستوى الآخرين. إن الآباء الموسرين الذين يستطيعون الاستجابة لحاجات أطفالهم بصورة معتدلة، ولكنهم يقترون عليهم بسبب من لؤمهم وبخلهم يرتكبون جرماً عظيماً. فقد قال رسول الله ( صلى الله عليه واله): ( ليس منا من وسع عليه ثم قتر على عياله) (1).
وعن علي بن الحسين (عليه السلام) قال : ( أرضاكم عند الله أوسعكم على عياله) (2).
وفي حديث عن ابن عباس ، قال : قال النبي (صلى الله عليه واله ) من دخل السوق فاشترى تحفة فحملها الى عياله كان كحامل صداقة إلى قوم محاويج ، وليبدأ بالاناث قبل الذكور. فإنه من فرّح ابنته فكأنما أعتق رقبة من ولد إسماعيل ، ومن أقرّ عين ابن فكأنما بكى من خشية الله ، ومن بكى من خشية الله أدخله جنّات النعيم ) (3).
إن الأطفال الذين يصابون بعقدة الحقارة في مثل هذه الظروف يحاولون تدارك حرمانهم بصور مختلفة من الانتقام، وقد ينتهي ذلك بثمن حياة الأب المتزمت أو تمني موته على الأقل.
قال أبو الحسن الرضا (عليه السلام) : ( ينبغي للرجل أن يوسع على عياله لئلا يتمنوا موته )(4).
هؤلاء ينتقمون بواسطة الحرق أو الكسر أو التهديم وبصورة موجزة تفتيت ثروة آبائهم وتدميرها ، وقد يقدمون على سرقة أموالهم ، وبذلك ينتقمون من سلوكهم الظالم تجاههم ، ويجبرون ما تجرعوه من التحقير والحرمان.
يقول الدكتور آلاندي: (يجب أن نمتنع عن كل ظلم تجاه الطفل حتى لا ينشأ على السرقة. إن كل طفل يصبح سارقاً . لا بد وأنه قد غُبن حقه في يوم من الأيام وقوبل بالتجاوز والظلم. ليس من الضروري أن يكون هذا التجاوز حقيقياً ، بل من الممكن أيضاً أن يتخذ صورة مجازية وتصورية ... وقد يكون تصوراً طفولياً إلى درجة أن الكبار لا ينتبهون لذلك أبداً ، ولكن هذا كله لا يمنع من أن يترك آثاره العميقة والمؤلمة على روح الطفل ) .
( إذا حاولنا أن نعمل على اقتلاع جذور السرقة ، فيجب أن نحيي في الطفل منذ البداية ذلك الشعور بالحقد والإنتقام الناشيء من حرمان سابق ، ثم نعمل على تدارك الحرمان وعلاجه ).
(هناك بعض الأطفال يصرفون النقود التي سرقوها على أصدقائهم بكل سخاء، وهذا يدلنا على أنهم يرغبون في الانتقام من التحقير الذي كانوا يقابلون به ، فيشعرون عند ذاك بأنهم ذوي مكنة مادية عالية، يستطيعون جلب قلوب الناس نحوهم بها ).
( لقد وجدت بنفسي طفلاً في الثانية عشرة من عمره يسرق نقود الآخرين ولكنه يشتري لأطفالهم الذين كانوا أصغر منه سناً بعض اللُعب والدُمى. وتبين بعد ذلك أن أبوي هذا الطفل كان لا يشتريان له وسائل اللعب في الصغر ، وهو الآن يريد تدارك الحرمان الذي كان يلاقيه والظلم الذي كان يتجرعه بهذا الصورة ).
يجب على الموسرين أن يوسعوا على أطفالهم إتباعاً منهم لتعاليم الإسلام ، ويعملوا على تلبية رغباتهم
وحاجاتهم الطبيعية فيحفظوا بذلك شخصيتهم من الإصابة بعقدة الحقارة ، ويجنبّوا أنفسهم من ويلات الانتقام الناشئ من الشعور بالحرمان في الأمور المعيشية.
_____________
1ـ مستدرك الوسائل للمحدث النوري ح2، ص643.
2ـ وسائل الشيعة للحر العاملي ج5، ص132.
3ـ مكارم الاخلاق للطبرسي ص 114.
4ـ وسائل الشيعة للحر العاملي ج5، ص132.