x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الجغرافية الطبيعية
الجغرافية الحيوية
جغرافية النبات
جغرافية الحيوان
الجغرافية الفلكية
الجغرافية المناخية
جغرافية المياه
جغرافية البحار والمحيطات
جغرافية التربة
جغرافية التضاريس
الجيولوجيا
الجيومورفولوجيا
الجغرافية البشرية
الجغرافية الاجتماعية
جغرافية السكان
جغرافية العمران
جغرافية المدن
جغرافية الريف
جغرافية الجريمة
جغرافية الخدمات
الجغرافية الاقتصادية
الجغرافية الزراعية
الجغرافية الصناعية
الجغرافية السياحية
جغرافية النقل
جغرافية التجارة
جغرافية الطاقة
جغرافية التعدين
الجغرافية التاريخية
الجغرافية الحضارية
الجغرافية السياسية و الانتخابات
الجغرافية العسكرية
الجغرافية الثقافية
الجغرافية الطبية
جغرافية التنمية
جغرافية التخطيط
جغرافية الفكر الجغرافي
جغرافية المخاطر
جغرافية الاسماء
جغرافية السلالات
الجغرافية الاقليمية
جغرافية الخرائط
الاتجاهات الحديثة في الجغرافية
نظام الاستشعار عن بعد
نظام المعلومات الجغرافية (GIS)
نظام تحديد المواقع العالمي(GPS)
الجغرافية التطبيقية
جغرافية البيئة والتلوث
جغرافية العالم الاسلامي
الاطالس
معلومات جغرافية عامة
مناهج البحث الجغرافي
مشكلة تعريف الحدود وأقاليم الحدود أو التخوم
المؤلف: محمد رياض
المصدر: الأصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا
الجزء والصفحة: ص 148-152
28-1-2016
7508
مشكلة تعريف الحدود وأقاليم الحدود أو التخوم(1) :
أيا كان تعقد مسألة الحدود في الوقت الراهن فإن مشكلة الحدود البرية قد أثارت وما زالت تثير كافة المشكلات المتضمنة في جوهر العلاقات السياسية بين الدول، كما أنها راسخة في الأذهان كافة، المتخصصين وغير المتخصصين؛ لأنها تمثل الإطار الذي تمارس فيه الدولة سيادتها الفعلية، ذلك لأن الحدود البرية للدول هي الأماكن أو النقاط التي تلتقي فيها الدول وتحتك فيها كتل الناس وتتفرق فيها المصالح الاقتصادية بتوجيه الدولة، ولهذا أثارت الحدود البرية مشكلات كثيرة خاصة بتعريفها: هل هي خط الحدود أم نطاق الحدود والتخوم؟
وقد كان فريدريك راتزل من أوائل الجغرافيين المحدثين الذين تناولوا مشكلة تعريف الحدود، وفي كتابه (الجغرافيا السياسية) (1985) ذكر راتزل عدة إيضاحات لهذه المشكلة، فهو يقول: إن نطاق الحدود هو الحقيقة الواقعة، أما خط الحدود فليس سوى تجريد لهذا النطاق (ص ٥٣٨ ).
ويقول أيضا: في مناطق الحدود يقع جزء كبير من ثقل التوازن السياسي (ص ٥٨٤ ). وفي مكان ثالث يؤكد أن نطاق الحدود هو المكان الذي يشير إلى نمو أو تقلص الدول، ففي الدول القوية يظهر ارتباط وثيق بين نطاق الحدود وقلب الدولة، فإن أي ميل إلى ضعف هذا الارتباط يؤدي إلى ضعف الدولة وإلى خسارة جزء من أراضيها، وعلى الدول أن تسعى إلى الحصول على أقصر خطوط للحدود لأنها أقواها وأحسنها، وأن تقيم استحكامات عسكرية على طول مناطق الحدود، ويدعم هذا التدبير باتخاذ الجبال والأنهار مناطق للحدود.
لكن راتزل لم يغفل مقومات أخرى للحدود الجيدة، فإلى جانب ارتكاز الحدود على بعض الظاهرات الطبيعية يتكلم راتزل عن نوع السكان والموارد المتاحة والبناء السياسي داخل الدولة كمقومات للحدود الجيدة، وقد كان راتزل يسوق نهضة ألمانيا السياسية وتغير حدودها وتوسعها كمثال للحدود المتغيرة تعبيرا عن نظريته العضوية ارتباط الحدود الجديدة باستغلال مصادر الغاز الأرضي في القسم الجنوبي من بحر الشمال، وبالبترول والغاز الأرضي في الوسط، وبحقول البترول الممتازة في القسم النرويجي والبريطاني في شمال ذلك البحر.
وقد ظهرت في الكتابات اللاحقة لراتزل نقاط ضعف في النظرية العضوية للدولة، لكن من المدهش أن الكثير من مفهومات راتزل عن الحدود بقيت دون أن تهدم، ولعل ذلك راجع إلى أن راتزل حاول أن يؤسس قوانين خاصة لنمو وسلوك الحدود، ولا شك أن تعميم مثل هذه القوانين أمر خاطئ، فكل حد سياسي له ظروفه وخلفيته مما يجعله ظاهرة خاصة، ومع ذلك فإن قوانين راتزل عن الحدود يمكن أن تطبق على بعض الحدود بشيء كثير من الصحة.
ومن أمثلة قوانينه التي يمكن أن تطبق على كثير من الحدود قوله: إن القانون العام لنمو (المكان) التاريخي هو أن حدود المنطقة الأكبر تنمو على حساب حدود المنطقة الأصغر، وكذلك قانونه القائل: إن تطور الحدود هو السعي إلى تبسيطها، وإن التبسيط هو السعي إلى تقصير (أطوال) خط الحدود، ولا شك في صحة هذه القوانين، فالخط المتعرج المتداخل طويل ضعيف، بينما الحد القصير أقوى في الدفاع والهجوم.
وقد أيد عدد من الكتاب أفكار راتزل في عدد من النقاط، وخاصة تلك التي تفصل بين نطاق الحدود وخطوط الحدود، وفي ذلك قالت ألين سمبل ( ١٩١١ ): إن الطبيعة تكره خطوط الحدود والانتقالات الفجائية، بل إن كل القوى الطبيعية تتكاتف ضد مثل هذه الخطوط … وإذا حدث فاصل طبيعي لسبب من الأسباب فإن القوى الطبيعية تبدأ على الفور في إزالة هذا الخط بخلق أشكال انتقالية وبذلك تنشئ منطقة الحدود، وكذلك الكولونيل ت. ه. هولديك (1916):(2) الطبيعة لا تعرف خط حدود، وحقا إن للطبيعة تخومها نطاقات انتقال لكنها تكره الخطوط، وخاصة الخطوط المستقيمة.
وإلى خبير الحدود المعروفة اللورد كرزون يرجع الفضل في التمييز بين (الحدود الطبيعية) - وهي تلك المبنية على مظهر من المظاهر الطبيعية وبين مجموعة (التخوم الطبيعية)، وهي تلك التي تدعيها الأمم حدودا طبيعية بدافع من الرغبة في التوسع أو تحت إلحاح عواطف قومية، ويقول لورد كرزون إن محاولة تحقيق مثل هذه التخوم الطبيعية كانت المسئولة عن الكثير من الحروب والمآسي في التاريخ ( ١٩٠٧).(3)
وقد رأى المحامي الفرنسي ب. دي لابرادل (1928)(4) أن الحدود والتخوم أمران مختلفان، فهو بذلك يتفق مع راتزل في أن الحدود لا يمكن فصلها عن إقليم الحدود أو التخوم، ويرى أن التخوم قائمة كأمر واقع قبل تحديد الحدود، وأنها لها صفاتها الخاصة السياسية والاقتصادية والقانونية، فالتخوم عنده هي بيئة انتقالية ويقسمها إلى ثلاثة أقسام :
( 1 ) المنطقة الحدية territoire limitrophe : وهي المنطقة التي يمر فيها خط الحدود.
( 2 ) نطاق الحدود Frontières : وهي المنطقة التي تمتد على جانبي الحدود وتخضع كل منها لقوانين الدولة التي تنتمي إليها.
( 3 ) الجوار Le Voisinage : وهي المنطقة كلها التي تشتمل على القسمين السابقين.
أما الجغرافي الفرنسيج. آنسل (J. Ancel)(5 فيقول ان دراسة الحدود ومناطق الحدود ليست مثمرة قدر دراسة محتوى العلاقات الدولية، فهو يقول: ليس الإطار هو المهم بل المهم هو ما يحتويه، وكذلك يقول:لا توجد مشكلة حدود وتخوم، بل المشكلة هي مشكلة أمم (١٩٣٨)، ويستند في ذلك إلى أمثلة من الشعوب البدائية مؤكدا على سبيل المثال أن القبائل البادية ليس لها حدود، وأن السيادة على أرضما مرتبطة بالمجتمع البدوي أكثر من ارتباط ذلك بالأرض نفسها، (لكن لا شك أن البدو يدعون ملكية أرض معينة).
ويقول آنسل إن هناك نوعين من الحدود: الحدود الثابتة والمتحركة، ويعارض آراء راتزل التي تؤكد أن الحدود عضو من أعضاء الدولة يعكس قوة أو ضعف الدولة، ويؤكد أن الحدود عبارة عن خط توازن بين قوتين، لكن هذا الرأي في واقعه لا يختلف عن وصف راتزل للحدود، فهي خط يفصل بين العضوين الخارجيين لدولتين متجاورتين.
وقد تعرض آخرون لتعريف الحدود والتخوم مثل س. ب. جونز (1932)،(6) مودي (1943)، (7) أ. فيشر (1949)8 وغيرهم. وبرغم بعض الاختلافات فإن الاتفاق سائد بين الدارسين حتى الآن على التمييز بين الحدود التي تمثلها الخطوط الفاصلة بين سيادتين مختلفتين، وأقاليم الحدود، أو التخوم أو الجوار التي تمثل نطاقا انتقاليا بين الدولتين المتجاورتين.
ويمكننا أن نلخص مجمل الآراء في تعريف الحدود بأن كل خط من خطوط الحدود هو في الواقع خلق متعمد عبارة عن خط تجريدي يفصل بين دولتين أو جهازين عضويين على حد تعبير راتزل وبالتالي يعرب عن نبض كل من الدولتين.
إن هذا الشكل التجريدي من الحدود الخطية الفاصلة لم تصل إليه القوى السياسية والقومية إلا مؤخرا نتيجة تضاغط المصالح والقوى في كل دولة، وعلى هذا فإن الحدود السياسية الحالية تمثل طغيانا حديثا على مناطق الحدود والتخوم القديمة، التي قال بها غالبية الجغرافيين ابتداء من فريدريك راتزل، واقتسام هذه المناطق الحدية إلى آخر شبر يمكن أن تصل إليه القوى الضاغطة من جانب واحد أو من الجانبين.
ففي الماضي كان المتبع ترك مناطق حدية فاصلة تخوم بين المجتمعات القبلية أو الدول القديمة، وهذه المناطق هي ما نعرفه حاليا باسم (الشقة الحرام No man's Land) التي تلجأ اليها الدول المتحاربة احيانا في محاولة لتقليل فرصة الاحتكاك بين هذه الدول، مثال ذلك الأرض منزوعة السلاح بين فيتنام الجنوبية والشمالية، وهذه الشقة الحرام كانت عبارة عن أراض مهجورة من السكان تتكون غالبا من بيئة صعبة مثل التلال أو المستنقعات أو الغابات والأحراش.
وفي الماضي أيضا كان يمكن إنشاء دويلة أو إمارات صغيرة كمنطقة حاجزة بين دولتين أو مجتمعين متحاربين، وذلك أيضا من أجل تحقيق الحد الأدنى من الاحتكاك العسكري، ومن الأمثلة المشهورة على ذلك سويسرا التي قامت كدولة حاجزة بين فرنسا وألمانيا وإمبراطورية النمسا في منطقة التخوم الجبلية الفاصلة.
وتعطينا الخريطة رقم (1) نموذجا لأنواع الحدود عند مجتمعات قبلية ودول قديمة في نيجيريا، وأهم ما توضحه هذه الخريطة تعدد أنواع حدود الاتصال والانفصال في الدولة الواحدة، فإمبراطورية الفولاني التي تتمثل في الخريطة في دولتي سوكوتو وجاندو ترتبط وتنفصل عن الدول والقبائل المجاورة بشتى أنواع الحدود، على سبيل المثال الحدود الشمالية معظمها حدود فاصلة تعبر مناطق شبه جافة تفصلها عن إمارات زندر وجوبير وغيرها من إمارات الهوسا، بينما حدودها الجنوبية عبر نهر النيجر مع ممالك اليوربا الصغيرة هي حدود اتصال وعدم استقرار في منطقة إيلورين كدليل على اتجاه التوسع الفولاني صوب نطاق الغابات الاستوائية الغني في جنوب نيجيريا، كما أن حدودها مع مملكة بورنو كانت مناطق تخوم وغابات في الجنوب وقبائل وثنية في الشمال وإمارات صغيرة في الوسط، وعلى هذا تتضح مرونة الحدود القديمة بالقياس إلى تصلب الحدود الفاصلة الحالية الناجم عن الضغوط السكانية والاقتصادية الحديثة.
_________________________
(1)اعتمدنا في مشكلات تعريف الحدود والآراء المختلفة الواردة تحت هذا العنوان على ما جاء في كتاب برسكوت القيم : Prescott, J. R. V. “The Geography of Fro tiers and Boundaries”, London 1967, pp. 9–31.
(2)Holdich, Sir T. H. “Political Frontiers and Boundary Making”, London 1916.
(3)Curzon of Keddleston, Lord, “Frontiers” Oxford 1907.
(4)Lapradelle, P. de, “La Frontiere: étude de droit international”, Paris, 1928.
(5)Ancel, J. “Les Frontières; etude de géographic politique” Recueil des Cours, pp. 207–97, 1936.
(6)Jones, S. B. “Boundary-Making, a handbook for Statesmen” Washington, 1945.
(7) Moodie, A. E. “The Italo-Yugoslav Boundary” Geog. J. 1943.