المسؤولية السياسية في الدساتيرالكويتية الصادرة قبل الاستقلال
المؤلف:
محمد عبد الكاظم عوفي
المصدر:
مسؤولية الحكومة السياسية في دستور جمهورية العراق لسنة 2005
الجزء والصفحة:
ص39-41
2025-12-09
19
وتتمثل هذه الدساتير بثلاث دساتير صدرت منذ سنة 1921 ولغاية استقلال الكويت في سنة 1961(1). حيث ان الوثيقة الدستورية الاولى صدرت سنة 1921 ، ولكن هذه الوثيقة رغم قصرها وإيجازها ، فأنها عبرت عن ظهور الدساتير المكتوبة في الكويت في مرحلة زمنية مبكرة بعكس القواعد الدستورية العرفية التي كانت سائدة قبل سنة 1921(2). ولكن يلاحظ بأن هذه الوثيقة لم تتبنى نظام سياسي محدد ، إذ ذهب البعض الى ان طبيعة النظام السياسي في ظل هذه الوثيقة هو نظام حكومة الجمعية ولكن بصورة مبسطة والدليل على ذلك انها جعلت رئيس الدولة – وهو الحاكم في الوقت ذاته – رئيسا لمجلس الشورى مع قيامه هو والمجلس المنتخب بإدارة شؤون البلاد(3).(4). في حين ذهب رأي آخر الى إن نظام الحكم الذي اقامته هذه الوثيقة كان قائما على اساس السلطة العليا للحاكم(5). وبغض النظر عن هذا الخلاف فلا يمكن الحديث عن وجود مسؤولية سياسية للحكومة في ظل هذه الوثيقة لعدم وجود تلك الحكومة اصلا ، كما امتاز المجلس بالضعف وتباعد جلساته مما ادى الى حله في النهاية بعد مدة قصيرة(6). كذلك الحال بالنسبة للوثيقة الدستورية الثانية التي اتفق عليها مجلس الشورى مع (الشيخ احمد الجابر الصباح) في سنة 1921 أيضا(7). ليعود العمل بنظام الشورى وفقا للوضع الذي كان سائدا قبل 1921 واستمر ذلك لحين وضع الوثيقة الثالثة لسنة 1938 ، ففي ثلاثينيات القرن الماضي تم تأليف جمعية سرية بعثت الى الشيخ احمد الجابر الصباح كتابا يطالبونه فيه تشكيل مجلس تشريعي ، وبالفعل وافق على هذا الكتاب وتم تشكيل مجلس تولى وضع هذه الوثيقة الدستورية التي وافق الامير عليها بتاريخ 2/7/1938. ويلاحظ على هذه الوثيقة انها بخلاف الوثيقة الاولى لسنة 1921 قد جمعت كل السلطات تقريبا بيد المجلس التشريعي مما كان له اثر في اثارة الخلاف بين المجلس والأمير الذي حاول استرداد صلاحياته ، وقابل المجلس ذلك بمحاولة وضع مشروع دستور جديد يجرد الحاكم من جميع سلطاته تقريبا ويجعله حاكما شرفيا ما دفع الامير الى حل المجلس(8). وبعد تجربة دامت ستة اشهر في ديسمبر 1938 وعد الامير بأجراء انتخابات وبالفعل جرت الانتخابات في مارس 1939 ولكن لم يعود الاعضاء الذي اشتهروا بصلابتهم الى المجلس الجديد ، لذا فقد النظام هيبته ولم يمارس المجلس سلطة تشريعية بل تحول الى مجلس مهمته ابداء النصح ، ورغم قصر مدة هذه التجربة في تاريخ الشعب الكويتي الا إنهم مازالوا يعتبرونها بداية الرقي السياسي ويسمون عام 1938 " بسنة المجلس "(9). أما بالنسبة للمسؤولية السياسية فيذهب رأي الى إن هذه الوثيقة قد اخذت بنظام حكومة الجمعية(10). ولكن الرأي الراجح يذهب الى إن تلك الوثيقة لم تأخذ اصلا بمبدأ الفصل بين السلطات(11). إذ إنها جمعت كافة وظائف الدولة بيد المجلس التشريعي(12). ومن ثم فإن هذه الوثيقة هي الاخرى قد جاءت خالية من تنظيم للمسؤولية السياسية . وبالنسبة لمشروع القانون الاساسي الكويتي الذي اعده المجلس التشريعي في سنة 1938 فرغم عدم موافقة الشيخ (احمد الجابر الصباح) عليه ولم يشرع فإنه – بخلاف الوثائق الدستورية السابقة – اخذ بمبدأ الفصل بين السلطات ونظم المسؤولية السياسية بنوعيها وبين الاثار المترتبة عليها(13).
____________
1- حول نشأة دولة الكويت وتطور نظامها السياسي قبل سنة 1921 ينظر المصادر الآتية :-
د. حسين خلف خزعل ، تاريخ الكويت السياسي ، ج (1) ، مكتبة الحياة ، بيروت ، لبنان ، 1962 ، ص 117 وما بعدها . وكذلك د. نعمة السعيد ، النظم السياسية في الشرق الأوسط ، شركة الطبع والنشر الأهلية ، بغداد ، 1968 ، ص 300 وما بعدها. ود. صلاح العقاد ، التيارات السياسية في الخليج العربي ، مكتبة الانجلو المصرية ، القاهرة ، 1974 ، ص 236 وما بعدها . ود. ميمونة خليفة الصباح ، نشأة الكويت وتطورها في القرن الثامن عشر ، بحث منشور في مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية ، السنة (12) ، العدد (46) ، دون سنة نشر ، ص 17 وما بعدها . و جبار إسماعيل عبد الجبوري ، النظام السياسي الكويتي ( دراسة تحليلية للتطورات الدستورية المعاصرة) ، رسالة ماجستير ، كلية العلوم السياسية - جامعة بغداد ، 2006 ، ص 7 وما بعدها.
2- د. محمد عبد المحسن المقاطع ، الوسيط في النظام الدستوري الكويتي ومؤسساته السياسية ، وحدة التأليف والنشر ، كلية الحقوق ، جامعة الكويت ، 2006 ، ص 74 وما بعدها .
3- د. محمد عبد المحسن المقاطع ، المنظور الدستوري للأسرة الحاكمة في الكويت ، اصدار مجلة الحقوق ، كلية الحقوق ، جامعة الكويت ، السنة (36) ، ملحق العدد (3) ، 2012 ، ص 33.
4- وهذا واضح من البند (الرابع) من هذه الوثيقة الذي ينص على أن " المعين المذكور يكون بصفته رئيس مجلس الشورى " . للمزيد حول بنود هذه الوثيقة ينظر د. عادل الطبطبائي ، مجموعة الوثائق الدستورية الكويتية (1921-1962) ، إصدارات مجلة الحقوق ، كلية الحقوق ، جامعة الكويت ، 2000 ، ص 12.
5- محمد جاسم محمد ، النظم السياسية والدستورية في الخليج العربي والجزيرة العربية ، منشورات مركز دراسات الخليج العربي ، جامعة البصرة ، 1984 ، ص 115.
6- وهذا ما عبر عنه المؤرخ الكويتي عبد العزيز الرشيد بقوله " أن هذا المخلوق الصغير كان قصير العمر جداً فما كاد أن يحكم حتى زهقت روحه وألحد في قبره " . ينظر مؤلفه تاريخ الكويت ، مكتبة الحياة ، بيروت ، لبنان ، دون تاريخ نشر ، ص 235.
7- ينظر بنود هذه الوثيقة د. عادل الطبطبائي ، مجموعة الوثائق الدستورية الكويتية (1921-1962) ، إصدارات مجلة الحقوق ، كلية الحقوق ، جامعة الكويت ، 2000 ، ص 13.
8- د. عادل الطبطبائي ، المصدر السابق نفسه ، ص 17.
9- د. صلاح العقاد ، التيارات السياسية في الخليج العربي ، مكتبة الانجلو المصرية ، القاهرة ، 1974. ص 241.
10- د. عـلي الباز ، تطـورات النظـام الدستوري الكـويتي (منذ نشأة الدولة وحتى نفاذ دستورها النافذ 1756 - 1963) ، ط (1) ، مطبوعات أكاديمية الشرطة ، الكويت ، 1988 ، ص 101 . وكذلك د. محمد عبد المحسن المقاطع ، مصدر سابق ، ص 42. ود. عادل الطبطبائي ، السلطة التشريعية في دول الخليج العربي (نشأتها - تطورها – العوامل المؤثرة فيها) ، منشورات مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية ، العدد (4) ، الكويت ، 1985، ص 69.
11- د. عبد الفتاح حسن ، مبادئ النظام الدستوري في الكويت ، دار النهضة العربية ، بيروت ، لبنان ، 1968. ص 110.
12- وهذا واضح من المادة (4) من هذه الوثيقة التي تنص على أنه " بما أن البلاد ليس فيها محكمة استئناف فان مهام المحكمة تناط بمجلس الأمة التشريعي حتى تتشكل هيئة مستقلة لهذا الغرض " . وكذلك المادة (5) منها التي تنص على أن " رئيس مجلس الأمة التشريعي هو الذي يمثل السلطة التنفيذية في البلاد " .
13- وهذا واضح من المادة (32) منه التي تنص على أنه " إذا قرر المجلس التشريعي عدم الثقة بالهيئة التنفيذية بأكثرية الاعضاء الحاضرين فتعتبر مقالة ، وإذا كان القرار المذكور يمس احد اعضاء الهيئة التنفيذية فيعتبر هذا العضو مقالا ، وعلى المجلس في كلا الحالتين أن ينتخب بدل اعضاء الهيئة التنفيذية المقالة أو احد اعضائها المقال من يخلفهم " . وكذلك المادة (33) منه التي تنص على أن " عضو الهيئة التنفيذية الذي يقال أو يستقيل منها يبقى على عضويته في المجلس التشريعي " .
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة