الخزين الإسكاني (Housing stock)
المؤلف:
د. محمد دلف احمد الدليمي
المصدر:
تخطيط المدن والاستدامة الحضرية
الجزء والصفحة:
ص 89 ـ 91
2025-11-26
163
إن معرفة ما موجود من إسكان حاليا أمر مهم في حالة التخطيط لتحسين واقع حال الإسكان أو التخطيط المستقبلي لمعرفة مقدار الحاجة إلى الإسكان أو العجز فيه ولتقييم واقع حال المخزون من الإسكان يتطلب الأمر مسحاً شاملاً لحالة السكن الحالي من حيث توفر مستلزمات السكن الداخلية من عدد غرف النوم والمرافق الصحية ونوع البناء ومادته وواقع حال البيئة السكنية من حيث مدى توفر الفضاءات الخضراء وملاعب الأطفال وطرق المواصلات والخدمات العامة ومن خلال المسح الميداني يمكن تحديد نمطين من الاسكان الموجود :-
ـ الأول هو نمط المساكن الصالحة للسكن والتي تتوفر فيها مواصفات عمرانية وخدمية تجعلها مخزونا جاهزا للمستقبل ، أما النمط الثاني وتبعا لحالة السكن فانه يتواجد عادة بنوعين ، إما أن يكون سكن قديم لا يمكن ترميمه بسبب قدم البناء واستخدامه لمواد غير دائميه أو إن تصميمه لا يتلاءم ومتطلبات العصر ، أو انه بمجمله السكن والبيئة السكنية أصبحت غير صالحه للسكن لذلك فإن مثل هذه المناطق تحتاج إلى عملية هدم وعندما تتحول المنطقة السكنية القديمة إلى أرض خاليه عند ذلك تتوفر الفرصة المناسبة لإعادة تخطيط المنطقة والخدمات العامة فيها بما يتلاءم والمرحلة الحضارية للبلد وعندما يتعارض ذلك مع ملكية الأرض يمكن عند ذلك اعتماد مبدأ التعويض العيني أو النقدي للسكان.
ـ اما النوع الثاني فيحتاج إلى عملية ترميم وبعض الإضافات التي تجعل منه أكثر صلاحية للسكن ، ان عملية حساب الخزين من الإسكان المستقبلي لا بد من أن تأخذ بنظر الاعتبار عملية الاندثار والتي يحددها عمر البناء ونمط البناء والظروف المناخية للإقليم المدروس ، وهنالك معايير استخدمت من قبل العديد من الباحثين من اجل تقدير عمر البناء ففي العراق يستخدم أحيانا معيار 20 سنة للبناء المستخدم فيه مادة الطين و 40 سنة للبناء الذي يستخدم فيه المواد الدائمة الحجر والطابوق وفي أوربا استخدم معيار 60 سنة للبيوت التي تستخدم المواد الدائمة في البناء، وهكذا فان حساب كمية الاندثار وأثرها على عمر البناء أمر مهم في تقدير الحاجه ومقدار العجز في الإسكان مستقبلا في ضوء ما تقدم من مفاهيم نظريه فإذا ما تم تحديد مقدار الحاجه إلى الإسكان في إقليم معين وكذلك تحديد الخزين من الإسكان فان العجز في الإسكان سيكون كالآتي :-
العجز في الإسكان = الحاجه إلى الإسكان ـــ الخزين من الاسكان.
اما مشكلة النوع في الاسكان الحضري تتمثل في كون المسكن ليس مجرد سقف يوفر الحماية للساكنين وإنما هو عبارة عن مأوى ورمز المكانة لساكنيه ويعكس إلى حد كبير شخصية من يسكن فيه وله مكونات عمرانية توفر الحماية والراحة لساكنيه وتجري فيه مختلف النشاطات الاسرية ، كما وانه جزء من محيطه البيني السكني خاصة وانه يشترك مع ما يحيط به من مساكن في الخدمات العامة والخدمات المجتمعية والذي ينعكس على مستوى العلاقات الاجتماعية ، ان المشكلة النوعية للسكن تأخذ أوجه عديدة منها ما يتعلق بالمسكن نفسه ومنها ما يتعلق بالبيئة السكنية التي يتواجد فيها ، إن المشكلات المتعلقة بالمسكن نفسه تكمن في مشكلة مواد البناء المستخدمة ودرجة مقاومتها وديمومتها ومدى ملائمتها للضر وف المناخية إذ من المعروف إن لكل مادة بناء درجة معينة من العزل الحراري ففي الوقت الذي تكون فيه مادة الطين ذات عزل حراري عالي تكون مادة الاسمنت، بلوك، خرسانه ، ذات عزل حراري ضعيف بينما تكون مواد الحجر والطابوق ذات درجه متوسطة في العزل الحراري ، إن ذلك سوف يؤثر بشكل غير مباشر على تكاليف التكييف الذي أصبح يشكل عبنا كبيرا على الساكنين في جميع أنحاء العالم لذا فان المتخصصين يعكفون على دراسة في هذا المجال لإيجاد مواد بناء تتوفر فيها مواصفات المتانة والعزل الحراري بهدف التقليل من تكاليف التكييف ، اما مخطط السكن يفترض أن ينسجم مع الظروف المناخية للإقليم وخاصة ما يتعلق باتجاه الشمس وحركة الرياح وان يلبي المخطط احتياجات العائلة وينسجم مع القيم الاجتماعية وبعكس ذلك ستكون حالة عدم توازن بين ما هو مادي وما هو معنوي كما هو الحال في كثير من المخططات المستوردة إذ ان شرفية المسكن أمر مهم يجب مراعاته في البلدان العربية والاسلامية . إن مساحة المسكن ومدى توفر الحدائق أمر مهم يفترض أن تكون منسجمة مع حجم العائلة بحيث يسمح بوجود فضاءات وعدد من غرف النوم مناسبه بحيث تقلل من نسبة الاشغال ، فضلاً عن وجود حديقة منزليه أمر مهم لتوفير Accupation of Room الأجواء النفسية الملائمة للساكنين ، وفي حالة السكن العمودي يفترض أن تتوفر مساحات من المناطق الخضراء بما يعوض الساكنين عن الحدائق المنزلية ، ونذكر هنا بان المعيار العالمي للسكن العمودي أن تتوفر منطقه خضراء تبلغ مساحتها ما لا يقل عن ضعف مساحة الواجهة للبناء إن عدم توفر الخدمات الاساسية في المسكن يشكل مشكله تؤثر على الوضع النفسي والصحي للساكنين كخدمات الماء ، الكهرباء ، المجاري، المرافق الصحية والحمامات ، اما من الناحية البيئية فإن الإسكان لا يعني مجرد الاقامة لأن فكرة الإسكان تشمل على العلاقات بين سكن العائلة والظروف المحيطة بها وبالجوار بصفه عامه . والمسكن من الناحية البيئية هو وسيط بين الإنسان والبيئة ومن الناحية الاجتماعية فان المسكن وسيط بين الإنسان والمجتمع الذي يعيش فيه ، وعلى هذا الأساس فان كفاءة البيئة السكنية تقاس من خلال توفر خدمات البني التحتية (Infrastructure) والتي تشتمل على خدمات شبكات الماء الكهرباء ، والاتصالات ، وطرق المواصلات ، والمجاري ، ثم الخدمات المجتمعية من تعليم وصحة وحدائق عامه وملاعب أطفال وأسواق وغيرها من الخدمات التي تؤدي بدورها إلى تقوية العلاقات الاجتماعية بين سكان الأحياء السكنية ، اضافة إلى سهولة الوصول (Accessibility) من مكان السكن إلى المدارس والأسواق وأماكن العمل بما يضمن الامان (Security) لسكان الحي السكني ، ومن هنا جاءت فكرة التعمق في دراسة الأحياء السكنية والكشف عن مزايا وعيوب الأنماط المختلفة منها بغية التوصل إلى أساليب جديدة في التخطيط للأحياء السكنية في المدن
الاكثر قراءة في جغرافية السكان
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة