التحريم بالرضاع
المؤلف:
المحقق الحلي نجم الدين جعفر بن الحسن.
المصدر:
شرائع الإسلام
الجزء والصفحة:
ج2، ص 226-221
2025-11-11
57
والنظر في شروطه و أحكامه ، أما شروطه :
انتشار الحرمة بالرضاع يتوقف على شروط : الأول أن يكون اللبن عن نكاح فلو در لم ينتشر حرمته و كذا لو كان عن زنى و في نكاح الشبهة تردد أشبهه تنزيله على النكاح الصحيح و لو طلق الزوج و هي حامل منه أو مرضع فأرضعت ولدا نشر الحرمة كما لو كانت في حباله و كذا لو تزوجت و دخل بها الزوج الثاني و حملت أما لو انقطع ثم عاد في وقت يمكن أن يكون لل ثاني كان له دون الأول و لو اتصل حتى تضع الحمل من الثاني كان ما قبل الوضع للأول و ما بعد الوضع للثاني.
الشرط الثاني الكمية وهو ما أنبت اللحم و شد العظم و لا حكم لما دون العشر إلا في رواية شاذة و هل يحرم بالعشر فيه روايتان أشهرهما أنه لا يحرم و ينشر الحرمة إن بلغ خمس عشرة رضعة أو رضع يوما و ليلة.
و يعتبر في الرضعات المذكورة قيود ثلاثة أن تكون الرضعة كاملة و أن تكون الرضعات متوالية و أن يرتضع من الثدي.
و يرجع في تقدير الرضعة إلى العرف و قيل أن يروى الصبي و يصدر من قبل نفسه.
فلو التقم الثدي ثم لفظه و عاود فإن كان أعرض أولا فهي رضعة و إن كان لا بنية الإعراض كالنفس أو الالتفات إلى ملاعب أو الانتقال من ثدي إلى آخر كان الكل رضعة واحدة و لو منع قبل استكماله الرضعة لم يعتبر في العدد.
و لا بد من توالي الرضعات بمعنى أن المرأة الواحدة تنفرد بإكمالها فلو رضع من واحدة بعض العدد ثم رضع من أخرى بطل حكم الأول.
و لو تناوب عليه عدة نساء لم ينشر الحرمة ما لم يكمل من واحدة خمس عشرة رضعة ولاء.
و لا يصير صاحب اللبن مع اختلاف المرضعات أبا و لا أبوه جدا و لا المرضعة أما و لا بد من ارتضاعه من الثدي في قول مشهور تحقيقا لمسمى الارتضاع فلو وجر في حلقه أو أوصل إلى جوفه بحقنة و ما شاكلها لم ينشر و كذا لو جبن فأكله جبنا و كذا يجب أن يكون اللبن بحاله فلو مزج بأن ألقي في فم الصبي مائع و رضع فامتزج حتى خرج عن كونه لبنا لم ينشر.
و لو ارتضع من ثدي الميتة أو رضع بعض الرضعات و هي حية ثم أكملها ميتة لم ينشر لأنها خرجت بالموت عن التحاق الأحكام فهي كالبهيمة المرتضعة و فيه تردد.
الشرط الثالث أن يكون في الحولين و يراعى ذلك في المرتضع (لقوله ع: لا رضاع بعد فطام) و هل يراعى في ولد المرضعة الأصح أنه لا يعتبر فلو مضى لولدها أكثر من حولين ثم أرضعت من له دون الحولين نشر الحرمة.
و لو رضع العدد إلا رضعة واحدة فتم الحولان ثم أكمله بعدهما لم ينشر الحرمة و كذا لو كمل الحولان و لم يرو من الأخيرة و ينشر إذا تمت الرضعة مع تمام الحولين.
الشرط الرابع أن يكون اللبن لفحل واحد فلو أرضعت بلبن فحل واحد مائة حرم بعضهم على بعض و كذا لو نكح الفحل عشرا و أرضعت كل واحدة واحدا أو أكثر حرم التناكح بينهم جميعا و لو أرضعت اثنين بلبن فحلين لم يحرم أحدهما على الآخر و فيه رواية أخرى مهجورة و يحرم أولاد هذه المرضعة نسبا على المرتضع منها.
و يستحب أن يختار للرضاع العاقلة المسلمة العفيفة الوضيئة و لا تسترضع الكافرة و مع الاضطرار تسترضع الذمية و يمنعها من شرب الخمر و أكل لحم الخنزير.
و يكره أن يسلم إليها الولد لتحمله إلى منزلها و تتأكد الكراهية في ارتضاع المجوسية.
و يكره أن يسترضع من ولادتها عن زنى (و روي: أنه إن أحلها مولاها فعلها طاب لبنها و زالت الكراهية) و هو شاذ.
و أما أحكامه فمسائل : الأولى إذا حصل الرضاع المحرم انتشرت الحرمة بين المرضعة و فحلها إلى المرتضع ومنه إليهما ف صارت المرضعة له أما و الفحل أبا و آباؤهما أجدادا و أمهاتهما جدات و أولاد هما إخوة و أخواتهما أخوالا و أعماما.
الثانية كل من ينتسب إلى الفحل من الأولاد ولادة و رضاعا يحرمون على هذا المرتضع وكذا من ينتسب إلى المرضعة بالبنوة ولادة و إن نزلوا و لا يحرم عليه من ينتسب إليها بالبنوة رضاعا.
الثالثة لا ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادة ولا رضاعا ولا في أولاد زوجته المرضعة ولادة لأنهم صاروا في حكم ولده و هل ينكح أولاده الذين لم يرتضعوا من هذا اللبن في أولاد هذه المرضعة و أولاد فحلها قيل لا و الوجه الجواز أما لو أرضعت امرأة ابنا لقوم و بنتا لآخرين جاز أن ينكح إخوة كل واحد منهما في إخوة الآخر لأنه لا نسب بينهم و لا رضاع.
الرابعة الرضاع المحرم يمنع من النكاح سابقا و يبطله لاحقا فلو تزوج رضيعة فأرضعتها من يفسد نكاح الصغيرة برضاعها كأمه و جدته و أخته و زوجة الأب و الأخ إذا كان لبن المرضعة منهما فسد النكاح ف إن انفردت المرتضعة بالارتضاع مثل أن سعت إليها فامتصت ثديها من غير شعور المرضعة سقط مهرها لبطلان العقد الذي باعتبار ه يثبت المهر و لو تولت المرضعة إرضاعها مختارة قيل كان للصغيرة نصف المهر لأنه فسخ حصل قبل الدخول و لم يسقط لأنه ليس من الزوجة و للزوج الرجوع على المرضعة بما أداه إن قصدت الفسخ و في الكل تردد مستنده الشك في ضمان منفعة البضع و لو كان له زوجتان كبيرة و صغيرة فأرضعتها الكبيرة حرمتا أبدا إن كان دخل بالكبيرة و إلا حرمت الكبيرة حسب و للكبيرة مهرها إن كان دخل بها و إلا فلا مهر لها لأن الفسخ جاء منها و للصغيرة مهرها لانفساخ العقد بالجمع و قيل يرجع به على الكبيرة و لو أرضعت الكبيرة له زوجتين صغيرتين حرمت الكبيرة و المرتضعتان إن كان دخل بالكبيرة و إلا حرمت الكبيرة ولو كان له زوجتان وزوجة رضيعة فأرضعتها إحدى الزوجتين أولا ثم أرضعتها الأخرى حرمت المرضعة الأولى و الصغيرة دون الثانية لأنها أرضعتها و هي بنته و قيل بل تحرم أيضا لأنها صارت أما لمن كانت زوجته و هو أولى و في كل هذه الصور ينفسخ نكاح الجميع لتحقق الجمع المحرم و أما التحريم فعلى ما صورناه و لو طلق زوجته فأرضعت زوجته الرضيعة حرمتا عليه.
الخامسة لو كان له أمة يطؤها فأرضعت زوجته الصغيرة حرمتا جميعا عليه و يثبت مهر الصغيرة و لا يرجع به على الأمة لأنه لا يثبت للمولى مال في ذمة مملوكته نعم لو كانت موطوءة بالعقد رجع به عليها و يتعلق برقبتها و عندي في ذلك تردد و لو قلنا بوجوب العود بالمهر لما قلنا ببيع المملوكة فيه بل تتبع به إذا تحررت.
السادسة لو كان لاثنين زوجتان صغيرة و كبيرة و طلق كل واحد منهما زوجته و تزوج بالأخرى ثم أرضعت الكبيرة الصغيرة حرمت الكبيرة عليهما و حرمت الصغيرة على من دخل بالكبيرة.
السابعة إذا قال هذه أختي من الرضاع أو بنتي على وجه يصح فإن كان قبل العقد حكم عليه بالتحريم ظاهرا و إن كان بعد العقد و معه بينة حكم بها فإن كان قبل الدخول فلا مهر و إن كان بعده كان لها المسمى و إن فقد البينة و أنكرت الزوجة لزمه المهر كله مع الدخول و نصفه مع عدمه على قول مشهور و لو قالت المرأة ذلك بعد العقد لم تقبل دعواها في حقه إلا ببينة و لو كان قبله حكم عليها بظاهر الإقرار.
الثامنة لا تقبل الشهادة بالرضاع إلا مفصلة لتحقق الخلاف في الشرائط المحرمة و احتمال أن يكون الشاهد استند إلى عقيدته و أما إخبار الشاهد بالرضاع ف يكفي مشاهدته ملتقما ثدي المرأة ماصا له على العادة حتى يصدر.
التاسعة إذا تزوجت كبيرة بصغير ثم فسخت إما لعيب فيه و إما لأنها كانت مملوكة فأعتقت أو لغير ذلك ثم تزوجت بكبير آخر و أرضعته بلبنه حرمت على الزوج لأنها كانت حليلة ابنه و على الصغير لأنها منكوحة أبيه.
العاشرة لو زوج ابنه الصغير بابنة أخيه الصغيرة ثم أرضعت جدتهما أحدهما انفسخ نكاحهما لأن المرتضع إن كان هو الذكر فهو إما عم لزوجته و إما خال و إن كان أنثى فقد صارت إما عمة و إما خاله .
الاكثر قراءة في أسباب التحريم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة