الحلم والعفو
المؤلف:
الخطيب الشيخ حسين انصاريان
المصدر:
الاُسرة ونظامها في الإسلام
الجزء والصفحة:
ص 197 ــ 200
2025-11-10
64
ربما يرتكب الزوج أو الزوجة خطأ تجاه بعضهما البعض، إذ ربما تقع الزوجة في الخطأ اثناء تدبيرها لشؤون البيت كأعداد الطعام ومداراة الأولاد واداء حق الزوج، وقد يخطئ الزوج أيضاً في سلوكه وتصرفه واخلاقه وأسلوبه في ادارة شؤون البيت وتقييمه لزوجته، فما كان من الاخطاء يمكن التغاضي والحلم عنه من قبل الطرفين فالتجاوز يكون في محله، أما في الاحوال التي تكون الحياة تقطع أشواطها الطبيعية فلا مجال فيها للتجاوز.
أن الواجب الشرعي والاخلاقي يحتم على الزوج العفو عن زوجته عند الحاجة، وكذا بالنسبة للمرأة، ومن القبيح هنا التشبث بالمكابرة والتعنت والانانية وعدم الاعتناء بحيثيات الطرف المقابل والتنكر للتعاليم الإلهية ووصايا الانبياء والائمة فيما يتعلق بالعفو والحلم وذلك مما يعد محرماً في بعض الحالات ويستوجب العقاب الالهي.
العفو والحلم من متفرعات الاحسان، والمحسن استناداً للمنطق القرآني يعتبر حبيب الله: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134].
والعفو والحلم من الأهمية بمكان بحيث أن أجر العافي يقع على الله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40].
قال الامام الصادق (عليه السلام): (ثلاث من مكارم الدنيا والآخرة: تعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك وتحلم إذا جهل عليك) (1).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ان الله عفو يحب العفو) (2).
وقال (صلى الله عليه وآله) أيضاً: (من اقال مسلماً عثرته، أقال الله عثرته يوم القيامة) (3).
وقال الامام الصادق (عليه السلام): (إنا أهل البيت مروتنا العفو عمن ظلمنا) (4).
وقال النبي (صلى الله عليه وآله): (تجاوزوا عن ذنوب الناس يدفع الله عنكم بذلك عذاب النار) (5).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (قلة العفو أقبح العيوب، والتسرع إلى الانتظام أعظم الذنوب) (6).
وعنه (عليه السلام) انه قال: (شر الناس من لا يعفو عن الزلة ولا يستر العورة) (7).
وقال الصادق (عليه السلام): (عفواً من غير عفوية، ولا تعنيف ولا عتب) (8).
واستناداً إلى الآيات القرآنية والروايات، فإن الله يحب العفو، وهو تعالى تكفل بأجر العافي، والعفو من مكارم الدنيا والآخرة، ومدعاة للنجاة من النار. واتباع لأهل البيت (عليهم السلام)، وقلة العفو دليل على المرض النفسي وشرانية نفس الانسان.
فلماذا لا يعفو الزوجان عن بعضهما البعض إذا بدر من أحدهما خطأ خلال مسيرة حياتهما كي يصبحا احباء الله وينعما بثوابه ويتحولا إلى منهل لمكارم الدنيا والآخرة، ويعبر عن ولائهما لائمة أهل البيت (عليه السلام) ويصبحا من زمرتهم. فكل ذلك انما هو ثمرة تجارة معنوية مع الله سبحانه من غير المعقول تضييعها، لا سيما وان التحلي بذلك يعتبر فعلاً يسيراً وبسيطاً لا تكليف فيه.
فإذا ما اتخذ الزوجان من العفو منهجاً لهما ومارسا هذه الخصلة الالهية لفترة وجيزة، فأنها سوف تترسخ لديهما وبذلك يصبحا ممن اتصف بهذه الميزة الالهية بعد قصير من الوقت.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ البحار: ج 71، ص 400.
2ـ ميزان الحكمة: ج 6، ص 367.
3ـ المصدر السابق.
4ـ المصدر السابق.
5ـ المصدر السابق: ص 368 ـ 370.
6ـ المصدر السابق.
7ـ المصدر السابق.
8ـ لمصدر السابق.
الاكثر قراءة في الزوج و الزوجة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة