أخلاقيات العمل الإعلامي: أشكاله وإشكالياته ومواثيقه
المؤلف:
الدكتور خالد العزي
المصدر:
التشريعات الإعلامية واخلاقيات المهنة
الجزء والصفحة:
ص 68- 72
2025-10-30
33
أخلاقيات العمل الإعلامي: أشكاله وإشكالياته ومواثيقه:
يحدد الكاتب الأمريكي جون م. هاتلنج في كتابه أخلاقيات الصحافة 1983، حيث تتلخص أخلاقيات العمل الإعلامي في نقاط أهمها:
1. الصدق:
هو الدافع لأدبيات التعامل مع المادة الإعلامية، فالحقيقة هي المحور المحرك للإعلامي، والوصول إليها ليس بالطرق الملتوية ولا القصيرة المشوبة بما يخدش دقتها وصدقها وواقعيتها، بل بطرق صعبة ولكن سليمة تكون مدعاة للسرور والاطمئنان في تميز وعمل شخص مقارنة مع شخص آخر في مجال المصدر، صحيفة كانت أو إذاعة أو تلفاز ذلك لأن الوسائل الإعلامية تسعى للوصول إلى الحقائق عند الناس أو في الوقائع ضمن بيئتها وأزمانها.
2. احترام الكرامة الإنسانية:
يقتضب عرض الأخبار والصور بما لا يمس هذه الكرامة جماعية كانت "فئة أو ثقافة أو دين" أم فردية "مثل عرض صورة شخص دون إذن"، إن هذا يقتضي استعمال وسائل قانونية سليمة للحصول على المعلومات، بحيث لا يجوز استعمال أساليب الخداع أو التوريط أو الابتزاز أو التلاعب بالأشخاص "مثل التسجيل أو التصوير غير القانوني".
3. النزاهة:
وتعني تقديم الخبر والصور بنوع من الحياد وتجنب الخلط بين الأمور مثل الخلط بين الخبر والتعليق أو الإشهار وبين الصالح العام والصالح الخاص والاعتبارات الذاتية. كما تفيد النزاهة في التجرد من الهوى والاستقلالية في العمل وعدم الخضوع لأي تأثير أو رقابة داخلية (المنشاة) أم خارجية (الجمهور) والضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بجميع أشكالها.
4. المسؤولية:
أي أنه يجب على الإعلامي أن يتحمل مسؤولية الصحة في أخباره بمعنى أنه لا يجوز نقل أي خبر دون التحقق منه والتحري بشأنه والتزام الدقة في معالجته والحذر في نشره.
مما لا شك فيه بأن المسؤولية الإعلامية هي من أهم الشروط لممارسة العمل الإعلامي، فمن هو غير قادر على تحمل المسؤولية فالأجدر أن يبحث عن مهنة أخرى، وهذه المسؤولية تنطلق من مسؤوليات الإعلامي عن الحقيقة ومحاولة، إبرازها مع قدر من الحرية، الشرط الأساس فيها ألا تتجاوز حريات الآخرين. فمن حق الإعلامي أن يطلع على ما يريد تفسيره وفي حدود المقبول والمعقول، وله الحق في التعبير عنه في إطار القيم والأخلاق الثابتة والمثل العليا، وبين هذا وذاك أن يكون باحثاً عن الحقيقة الصافية لأجل الحق والخير وبما يذهب إلى تعميق التفاعل والمحبة والخير في المجتمع.
الحقيقة الكاملة والخالصة الهادفة هي الأساس في العمل الإعلامي سواء كان في الشرق أو الغرب أو فيما بينهما، وبلا شك أن هناك من يشذ عن القاعدة لأهداف هو يدركها قد تكون مادية أو تعصبية. الإساءة شأن غير مأخوذ به في الإعلام النزيه الصادق المتميز، فمن يقبح الجميل، ويجمل القبيح هو في إطار الخارج عن الرسالة الإعلامية الحقة.
فإن من أهم مقومات العمل الإعلامي الأمانة والمصداقية وهما من أساسيات المسؤولية التي ذكرناها أعلاه، فمن يتجاوزهما فهو غير جدير بحمل مسمى إعلامي. فيجب أن يكون صوت الضمير هو الصوت الأعلى لديه وانحيازه دائماً للهموم والقضايا التي تخدم المتلقي وترفع من استفادته أو تعيد له حقوقه.
يكتب جون م هاتلنج "الصحافة الأمريكية حصلت على حريتها لكي لا تقدم المعلومات فقط أو كي تصبح مجرد منصة للحوار"، ولكن كي تقدم أيضاً فحصاً دقيقاً ومستقلاً تعمل له قوى المجتمع العام المختلفة حساباً، بما في ذلك السلطة الرسمية على جميع مستوياتها.
5. العدالة:
تتبين العدالة من خلال:
- إن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات كما هم متساوون أمام وسائل الإعلام، ومن هنا تأتي ضرورة الحرص على ألا تكون هذه الوسائل تعبيراً عن فئة أو ثقافة أو جهة دون أخرى.
- العدالة تقتضي توخى الحكمة في عرض الأخبار والصور والابتعاد ما أمكن عن أساليب المبالغة والتهويل والإثارة الرخيصة.
6. حرية الصحافة:
فالصحافة التي تعتبر من أجل الشعب يجب الدفاع عنها ضد أي انتهاك أو اعتداء من أية جهة سواء كانت عامة أو خاصة.
7. استقلال الصحافي:
على كل الصحافيين أن يتجنبوا التصرف غير اللائق أو الظهور بمظهر غير لائق، وعليهم أيضاً تجنب أي تضارب في المصالح أو ما يدل على هذا التضارب وعليهم أن لا يقبلوا بشيء، وألا يسعوا وراء آراء قد تؤثر على كرامتهم.
يتوقف جون م هاتلنج أمام القصة المشهورة في أمريكا والتي تتوقف أمام استقلالية المعلومة للصحافة الأمريكية والتي تعرف بأوراق البنتاغون عام 1971 والتي تورط فيها عدداً كبيراً من أشهر رؤساء التحرير في أمريكا والذين وجدوا أنفسهم يتعاملون بدون إذن رسمي مع صور ووثائق سرية حكومية مما أثر على استقلاليتهم ودقتهم وسمعة المؤسسات التي يعملون فيها.
8. الصدق والدقة:
إن الحصول على ثقة القارئ هو أساس الصحافة الجديدة، ويجب لذلك بذل كل جهد ممكن لضمان المحتوى الإخباري للصحيفة بأن يكون دقيقاً وخالياً من أي انحياز وأن يكون في نطاق المنطق.
9. عدم الانحياز الصحافي:
عدم الانحياز ليس معناه أن تصبح الصحافة غير منحازة وأن تسكت عن السؤال، وأن تمتنع عن الإعراب عن رأيها في مقالاتها. ولكن الممارسات السليمة تتطلب أن يكون هناك معنى واضح بالنسبة للقارئ بين ما تقدمه الصحيفة في تقاريرها الإخبارية وبين الرأي العام.
.10 كتابة القصة الإخبارية:
يجب على الصحافيين أن يحترموا حقوق الأشخاص الذين لهم علاقة إعلامية وأن يراعوا المعايير المشتركة للأمانة والشرف، وأن يكونوا مسؤولين أمام الجمهور عن عدالة تقاريرهم الإخبارية ودقتها.
إشكالية تحديد مفهوم الأخلاق ذاتها ما هي، مرجعيتها، هل هي دينية أم عرفية أم وضعية؟ ما هي مبادئها هل هي ملزمة أم لا؟ وإشكالية ترجمة هذه الأخلاق إلى قوانين وإجراءات وتنظيمات تحدد مسؤولية كل طرف بدقة، ماله وما عليه، ما يجب أن يقوم به أو يمتنع عنه. وهو ما يفيد ضرورة التفريق هنا بين ما هو أخلاقي محض، أي يرجع إلى الضمير الفردي (للصحافي أو غيره) وما هو أخلاقي قانوني أي يخضع إلى المحاسبة والعقاب.
- أهمية أخلاقيات المهنة الإعلامية
الإعلامي الناجح والموضوعي لا يحتاج دائماً للقوانين ورقابة الحكومة لتنظيم مهنته فهناك أيضاً الدوافع والرقابة الذاتية وأخلاقيات المهنة كضوابط للعمل الإعلامي فأهمية أخلاقيات المهنة ترجع لكونها تعد بمثابة توجيهات داخلية لقرارات المهني في مختلف المواقف والموضوعات التي يواجهها أثناء عمله
المهني.
أخلاقيات المهنة "هي مجموعة من المبادئ والقيم المنظمة لما هو صحيح وموضوعي في العمل الإعلامي"، وهي تعتمد على مجموعة منتقاة من المبادئ الموجهة للسلوك الأخلاقي. وهذه المبادئ مهمة للمؤسسات الإعلامية خاصة في أوقات الأزمات وتستهدف هذه المبادئ تشكيل ذاتية المؤسسة الإعلامية أو الجماعة المهنية.
الاكثر قراءة في اخلاقيات الاعلام
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة