تأسّف ابن عبّاس من منعهم الإتيان بالصحيفة لرسول الله
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج1/ ص289-291
2025-10-23
30
تأسّف ابن عبّاس من منعهم المجيء بالصحيفة لرسول الله: وعلى كلّ حال، فقد اهتم رسول الله صلى الله عليه وآله على هذا الأساس اهتماماً كبيراً في تقديم ونصب علي بن أبي طالب مكانه، حتى انّه كان في مرضه الذي قبض فيه يوصي الناس باتّباعه عليه السلام، ووصل به الأمر إلى أن طلب في تلك الساعات الأخيرة من حياته صحيفةً وقلماً ليكتب ما يجب كتابته في إمامته عليه السلام، ولكن ومع الأسف وألف أسف، فقد منع عمر من تحقّق قصد رسول الله وقال: غلب عليه المرض وانّه ليهجر، حَسبُنا كتاب الله، فأغمض رسول الله عينيه عن هذه الدنيا ولا حدّ لحزنه وغمّه.
يروي ابن سعد في (الطبقات) بإسناده عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال: اشتكى النبيّ صلى الله عليه [و آله] وسلّم يَوْمَ الخميسِ، فَجَعَلَ- يعني ابن عباس- يَبكي ويقولُ: يَومُ الْخَمِيسِ ومَا يَومُ الخميس! إشْتَدَّ بِالنَّبيّ صلى الله عليه [و آله] وَجَعُهُ فَقَالَ: "إئتُوني بِدَوَاةٍ وصَحِيفَةٍ أكْتُبُ لَكُمْ كِتَابا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أبَدًا.
قَالَ: فَقَالَ بَعْضُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ، إنَّ نَبِيّ اللهِ ليهْجُرُ!
قالَ: فَقِيلَ لَهُ: ألَا نَأتِيكَ بِمَا طَلَبْتَ؟
قَالَ: أ وبَعْدَ مَاذَا؟ قالَ: فَلم يَدْعُ بِهِ"[1].
ويروي بسند آخر عن سعيد بن جبير انّ ابن عبّاس قال: يَومُ الخميس ومَا يَومُ الخميسِ! قال: إشتَدَّ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه [و آله] وسلم وَجَعُهُ في ذَلِكَ اليومِ فَقَالَ: "إئتُوني بِدَوَاةٍ وصَحِيفَةٍ أكْتُبُ لَكُمْ كِتَابا لَا تَضِلوا بَعْدَهُ أبَدًا، فَتَنَازَعُوا ولا يَنْبَغِي عِندَ نَبِيّ تَنَازُعٌ".
فَقَالوا: مَا شَأنُهُ أهَجَرَ؟ إسْتَفهِمُوهُ! فَذَهَبُوا يُعِيدُونَ عَليهِ فَقَالَ: "دَعُوِني فَالَّذِي أنَا فِيهِ خير ممّا تَدْعُونَني إليهِ ..." (الحديث)[2].
ويروي بسند آخر عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: لمّا كَانَ في مَرَضِ رَسُولِ الله صلى الله عليه [و آله] وسلم الذي تُوفِّى فِيه، دَعَا بِصَحِيفَةٍ لَيَكْتُبَ فِيهَا لُامَّتِهِ كِتَابا لَا يُضِلُّونَ ولا يُضَلُّونَ.
قالَ: فَكَانَ في الْبَيتِ لَغطٌ وكَلامٌ وتَكَلم عُمَرُ بنُ الخطّابِ. قالَ فَرَفَضَهُ النَّبيّ.
ويروي بسند آخر عن عمر بن الخطاب قالَ: "كُنَّا عِنْدَ النَّبِيّ وبيننَا وبين النِّسَاءِ حِجَابٌ، فقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه [و آله] وسلم: إغسِلُوني بِسَبْعِ قِرَبٍ، وأتُوني بِصَحِيفَةٍ ودَوَاةٍ، أكْتُبُ لَكُمْ كِتَابا لَنْ تضِلُّوا بَعْدَهُ أبَدًا".
فقالَ النِّسْوَةُ: إئْتُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه [و آله] بحاجَتِهِ.
قالَ عُمَرُ: فَقُلْتُ: اسْكُتْنَ فَإنّكُنَّ صَوَاحِبُهُ، إذَا مَرِضَ عَصَرْتُنَّ أعيَنَكُنَّ وإذَا صَحَّ أخَذْتُنَّ بِعُنُقِهِ! فقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه [و آله] وسلم: هُنَّ خير مِنْكُمْ.
ويروي بسند آخر عن العبّاس قال: لما حَضَرَتْ رَسُولَ الله صلى الله عليه [و آله] وسلم الوَفَاةُ، وفي الْبَيتِ رِجَالٌ فِيهم عُمَرُ بنُ الخطابِ.
فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه [و آله] وسلم: "هَلُمَّ أكتُبُ لَكُمْ كِتَابا لَن تَضِلُّوا بَعْدَهُ!"
فَقَالَ عُمَرُ، إنّ رَسُولَ اللهِ قَد غَلَبَهُ الْوَجَعُ، وعِندَكُمْ القُرآنُ حَسْبُنَا كِتَابُ اللهِ؛ فأختَلَفُ أهلُ الْبَيتِ واختَصَمُوا، فَمِنهم مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يَكتُب لَكُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه [و آله] وسلم، ومِنْهم مَن يَقُولُ مَا قَالَ عُمَرُ.
فَلمّا كَثُرَ اللَّغْطُ والإخْتِلافُ وغَمُّوا رَسُولَ الله صلى الله عليه [و آله] وسلّم فَقَالَ: قُومُوا عَني! فَقال عُبيد الله بن عبد الله (بن عبّاس): فكانَ ابنُ عَبَّاس يقولُ: الرَّزِيَّةُ كُلُّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بين رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه [و آله] وسلم وبين أن يَكْتُبَ لهم ذَلِكَ الْكِتَابَ مِنْ إخْتِلَافِهِمْ ولَغْطِهِمْ[3].
[1] (طبقات ابن سعد)، ج 2، ص 242، طبعة بيروت، 1376 هـ.
[2] (طبقات ابن سعد)، ج 2، ص 242.
[3] (طبقات ابن سعد)، ج 1، ص 244.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة