نماذج من مظاهر النانوتكنولوجي في أعمال الخيال العلمي
المؤلف:
منير نايفة
المصدر:
النانوتكنولوجي- عالم صغير ومستقبل كبير- صفات سلامة
الجزء والصفحة:
ص49
2025-10-22
28
قبل حديث ريتشارد فينمان 1959 يؤكد مارك إريكسون Mark Erickson في كتابه عام 2005 بعنوان "الثقافة والمجتمع في القرن الحادي والعشرين"، على أن أعمال الخيال العلمي على مختلف أنواعها وأشكالها التي تستخدم موضوعات تتعلق بعلوم وتكنولوجيا النانو - كأداة أساسية من أدوات الحبكة - قد أصبحت شائعة ومنتشرة .وقد أظهر كتاب الخيال العلمي منذ زمن بعيد اهتماماً كبيراً بكل ما هو صغير، فمثلاً تعتبر قصة الإله الميكروكوني عام Microcosmic God 1941 لكاتب الخيال العلمي الأميركي "ثيودور ستيرجيون" Sturgeon Theodor (1918-1985) من بين أوائل الأعمال التي قدمت وصفاً حقيقياً لما يطلق عليه الآن النانوتكنولوجي، فبطل القصة "جيمس كيدر James Kidder شغوف جدا بتقديم الاختراعات الجديدة، حيث يقوم بإجراء تفاعل كيميائي حيوي يتم عن طريقه تسريع أحد أشكال الانتقاء الطبيعي، وبهذا استطاع أن يخلق مجتمع من الكائنات الدقيقة جداً أطلق عليها اسم "نيوتريكس" ،Neoterics وهي قادرة على النمو والتطور بصورة سريعة جدا،ً مما مكنها من إنتاج عجائب تكنولوجية مدهشة، ولكن هذه الكائنات حاولت بنجاح التحرر من سيطرة هذا الإله القاسي - كيدر - عن طريق بناء حاجز بينهم وبينه، مما ساعدهم على العمل في الخفاء. و التصوير الذي قدمه ستيرجيون" في قصته يحذر من أن التطور على " عکس التصميم قد يكون أسلوب ذو انعكاسات خطيرة لتطور الآلات النانوية وذلك لصعوبة التحكم فيها.
كما أن قصة "التوتر السطحي Surface Tension عام 1952 للكاتب الأميركي "جيمس بليش" (1921-1975) James Blish تقدم نفس الفكرة، ولكن بنتائج مختلفة، فالقصة تصف كيف استطاع طاقم سفينة فضاء العيش بعد أن تحطمت سفينتهم فوق أحد قارات كوكب يتكون أغلبه من عدد كبير من المحيطات، ما عدا قارة واحدة تتميز طبيعتها بخصائص طبيعة البرك والمستنقعات والبحيرات، حيث لا يوجد أنواع راقية من الحياة، وقد تمكن طاقم السفينة من التغلب على هذه الطبيعة القاسية والتكيف بهدف النجاة من الموت عن طريق التصغير الانكماش" والتحول إلى بشر ميكروسكوبيين" microscopic humans قادرین على استعمار برك ومستنقعات هذا الكوكب وتصور القصة بأسلوب ممتع ومشوق مغامرات هؤلاء الميكرو بشر" التي مكنتهم من إتقان علم البيوتكنولوجي التقنية الحيوية(. وتكمن فكرة القصة في القدرة على التحكم في مثل هذه الطبيعة القاسية جداً بفضل استخدام البيوتكنولوجي.
ويعد كاتب الخيال العلمي الأميركي روبرت هينلين" (1988-1907) Robert Heinlein أول من قدم فكرة "الأذرع الميكانيكية الدقيقة"، ، وذلك في قصته "والدو Waldo " عام 1942، والتي استخدمت الاختبار المادة بمقاييس دقيقة جدا،ً حيث يقوم بطل القصة المخترع "والدو" باختراع روبوت يمكن التحكم فيه عن طريق حركة اليدين، إذ يحاكي الروبوت حركة اليدين، ولكن بسرعة تصل إلى نصف قطر الحركة الأصلية، وتتكرر نفس الطريقة حتى يمكن للأيدي البشرية من إنتاج أشياء دقيقة جدا.ً ويقوم الروبوت بدوره في التحكم في آلة أخرى قادرة على تقليل قطر حركة الروبوت إلى النصف .ويشير الباحث كولن میلبورن Colin Milbum في دراسته بعنوان "النانوتكنولوجي في عصر هندسة ما بعد البشرية: " الخيال العلمي والعلم"، إلى أن نفس الفكرة التي قدمها "هينلين" في قصته "والدو" قد تبناها بعد ذلك عالم الفيزياء الأميركي "ريتشارد فينمان" في محاضرته الشهيرة عام 1959 أمام الجمعية الفيزيائية الأميركية بعنوان "هناك متسع كبير عند القاع"، والتي تعد جزء مهماً في تأسيس مجتمع النانوتكنولوجي المعاصر .
كما أن أول ظهور لفكرة الآلات الروبوتية القادرة على استنساخ نفسها، كان في أعمال كاتب الخيال العلمي الأميركي "فيليب ديك" (1982-1928) ، Philip Dick ومنها قصته القصيرة بعنوان "تنوع ثان" Variety Second عام 1953، وأخرى بعنوان "أوتوفاك" أو "المصنع الآلي أو الأوتوماتيكي Autoface عام 1955. كما أن كاتب الخيال العلمي البريطاني السير أرثر سي كلارك" (1917-2008) Arthur C. Clarke في قصته القصيرة بعنوان "المستأجرون الجدد The Next Tenants عام 1950 قد وصف آلات دقيقة جداً تعمل بمقياس الميكرو (الألف من المتر) وليس مقياس النانو (المليار من المتر)، ولكنه استغل نفس الفكرة.
الاكثر قراءة في الفيزياء الجزيئية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة