حماس شديد للاختراع
المؤلف:
د. ناصر محي الدين ملوحي
المصدر:
الطب النانوي
الجزء والصفحة:
ص58
2025-10-07
226
للتحقق من عمل الآلات النانوية المنجزة، يلتفت ميكانيكيو النانو بعد ذلك إلى أدوات الفيزيائي (مجهر المفعول النفقي الماسح) وهي الأدوات التي يمكن أن يستفيد منها أيضاً في صنع الجزيئات - الآلات ووصلاتها ، ذرة بذرة. "رأس هذه المجاهر هو بمثابة استطالة لإصبع المهندس الذي يدغدغ الجزيء، ويحركه بل ويغير فيه أحياناً"، حسب وصف "كريستيان يواكيم" مدير "مجموعة العلوم النانوية" في مركز تطوير المواد والـدراســـــات البنيوية (المركز الوطني للبحث العلمي / باريس) والحائز على جائزة Feynman عام 1977و 2005 وهي تعادل جائزة نوبل للتقانات النانوية. وبفضل هذا الالتقاء بين الكيمياء والفيزياء خرجت من المختبرات مجموعة من الآلات النانوية، شيئاً فشيئاً، ونحو منتصف العقد الماضي، تسارع إيقاع الحماس الشديد للاختراعات، باتت هنالك عشرات من النماذج الأولية لهذه الآلات، التي صمم كل منها وفقاً لتطبيقات معينة في الطب والكيمياء والالكترونيات وعلوم المواد.. ويبقى على المهندسين أن يتولوا أمر هذه العجائب، لأنه إن كانت هذه الآلات الجزيئية تعمل وفق رغبات مخترعيها تماماً، فإن ذلك يجري ضمن وسط المختبرات المضبوطة. إلا أن المقتضيات الصناعية موضوع آخر، صنع كميات بكلفة أقل وعلى نحو منطقي من منتجات ذات مسارات متوقعة، وجاهزة للاستخدام، وتستجيب لطلب قوي محتمل.
هنالك إذا هوة بين النموذج الأولي والمنتج النهائي، الذي يجمع وينظم بشكل فعال مليارات إن لم نقل ملايين المليارات من الوحدات، ويجهد الباحثون من أجل ردمها، ملأنا خزان المختبرات بالآلات الجزيئية، لكننا لا نعرف ما سيختاره الصناعيون، الذين تختلف متطلباتهم عن متطلبات البحث العلمي" يلخص كريستيان يواكيم. ليست النماذج الأولية التالية المنجزة حتى الآن سوى طليعة، أو إشارة لانطلاقة ثورة صناعية مذهلة، وفي هذه الأثناء أصبحت هذه الجزيئات الكبيرة على وشك أن تبدأ أعمالها، وإذا نظرنا إليها عن قرب، سنراها تمثل ما يمكن أن يشبه مصانع العالم النانوي المستقبلية ومعها ستنتقل المادة إلى الفعل. هل ستتزود المصانع بآلات نانوية قريباً؟ ينبغي على نماذج المخترعين الأولية اليوم أن تعمل معاً كي تغزو الصناعة، وهو ما يشكل تحدياً بالنسبة للمهندسين، هل سيمكن فعلاً لهذه الآلات النانوية التي ستخرج من المختبرات أن تعمل معاً؟
السؤال حاسم في الواقع، إن هذا التحدي، أي أن تعمل الآلات النانوية الصناعية بشكل جماعي ومشترك، هو ما يواجه المهندسين "المعادل الجزيئي للمحركات، والمسننات، والبكرات والمكابس.. موجود بحوزتنا اليوم، غير أن جعل هذه الأشياء المختلفة تعمل سوية ليس أمراً سهلاً يجب أن نفهم كيفية ربط آلة جزيئية مع أخرى"، يشرح ديفيد ليغ الأستاذ في School of Chemistry بجامعة إدمبورغ بأسكتلندة. ما هي فرص إمكان التوصل إلى هذه المرحلة؟ يقول كريستيان يواكيم: لا تتوافر لدينا قواعد انتقلت الالكترونيات التقليدية من الأنابيب المفرغة إلى الحســـــاب الثنائي في غضون أقل من ثلاثين سنة، ولكن استغرقت اختراعات أخرى عدة قرون قبل أن تفرض نفسها، كالحسابات الميكانيكية على سبيل المثال، هذا هو قانون الصناعة: سيبقى بعض الاختراعات العبقرية في الأدراج لزمن طويل، بينما سترى أخرى النور لتغزو المصانع رغم أنه أقل أهمية ولكن أسهل إنتاجاً بكميات كبيرة أو أيسر دمجاً في منتجات أو في أنظمة موجودة منذ وقت سابق، وفي بعض القطاعات بات الباحثون يستشعرون أجلاً أقصر، لا تتعدى عقداً أو عقدين من الزمن، لاسيما في مجال الصناعة الدوائية والكيميائية، وهكذا أوجد فريق SMART من Institut des biomolecules Max Mousseron بجامعة "مونيلييه " الفرنسية،" خطافات خلوية وحبالاً مزدوجة" مع أنشوطة و أنزيمات نانوية اصطناعية قادرة على استهداف ونقل وتحرير عناصر دوائية ناشطة بشكل انتقائي."إن كانت خطافاتنا وحبالنا المزدوجة تعمل جيداً في مذيب معين، فإن الوسط البيولوجي هو أعقد بكثير ولكن حتى لو كنا في بداية العمل بعد من أجل جعلها متوافقة، فإني متأكد من هذه المرحلة ستكون مثمرة في غضون عشرين عاماً" يقول فريدريك كوترو .
الاكثر قراءة في الفيزياء الجزيئية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة