الوديعة وأحكامها
المؤلف:
المحقق الحلي نجم الدين جعفر بن الحسن
المصدر:
شرائع الإسلام
الجزء والصفحة:
ج2 ، ص 129-134
2025-10-11
164
والنظر في أمور ثلاثة ، الأول في العقد : وهو استنابة في الحفظ و يفتقر إلى إيجاب و قبول و يقع بكل عبارة دلت على معناه و يكفي الفعل الدال على القبول.
و لو طرح الوديعة عند ه لم يلزمه حفظها إذا لم يقبلها و كذا لو أكره على قبضها لم تصر وديعة و لا يضمنها لو أهمل.
و إذا استودع وجب عليه الحفظ و لا يلزمه دركها لو تلفت من غير تفريط أو أخذت منه قهرا.
نعم لو تمكن من الدفع وجب و لو لم يفعل ضمن و لا يجب تحمل الضرر الكثير بالدفع كالجرح و أخذ المال.
و لو أنكرها فطولب باليمين ظلما جاز الحلف موريا بما يخرج به عن الكذب.
و هي عقد جائز من طرفيه يبطل بموت كل واحد منهما و بجنونه و تكون أمانة.
و تحفظ الوديعة بما جرت العادة بحفظها كالثوب و الكتب في الصندوق و الدابة في الإصطبل و الشاة في المراح أو ما يجري مجرى ذلك.
و يلزمه سقي الدابة و علفها أمره بذلك أو لم يأمره و يجوز أن يسقيها بنفسه و بغلامه اتباعا للعادة.
و لا يجوز إخراجها من منزله لذلك إلا مع الضرورة كعدم التمكن من سقيها أو علفها في منزله أو شبه ذلك من الأعذار.
و لو قال المالك لا تعلفها أو لا تسقها لم يجز القبول بل يجب عليه سقيها و علفها.
نعم لو أخل بذلك و الحال هذه أثم و لم يضمن لأن المالك أسقط الضمان بنهيه كما لو أمره بإلقاء ماله في البحر.
و لو عين له موضع الاحتفاظ اقتصر عليه ف لو نقلها ضمن إلا إلى أحرز أو مثله على قول و لا يجوز نقلها إلى ما دونه و لو كان حرزا إلا مع الخوف مع إبقائها فيه.
و لو قال لا تنقلها من هذا الحرز ضمن بالنقل كيف كان إلا أن يخاف تلفها فيه و لو قال و إن تلفت.
و لا تصح وديعة الطفل و لا المجنون و يضمن القابض و لا يبرأ بردها إليهما.
و كذا لا يصح أن يستودعا و لو أودعا لم يضمنا بالإهمال لأن المودع لهما متلف ماله.
و إذا ظهر للمودع أمارة الموت وجب الإشهاد بها و لو لم يشهد و أنكر الورثة كان القول قولهم و لا يمين عليهم إلا أن يدعى عليهم العلم.
و تجب إعادة الوديعة على المودع مع المطالبة و لو كان كافرا إلا أن يكون المودع غاصبا لها ف يمنع منها و لو مات فطلبها وارثه وجب
الإنكار و يجب إعادتها على المغصوب منه إن عرف و إن جهل عرفت سنة ثم جاز التصدق بها عن المالك و يضمن المتصدق إن كره صاحبها و لو كان الغاصب مزجها بماله ثم أودع الجميع فإن أمكن المستودع تمييز المالين رد عليه ماله و منع الآخر و إن لم يكن تمييزهما وجب إعادتهما على الغاصب
الثاني في موجبات الضمان : وينظمها قسمان التفريط و التعدي ، القسم الأول في التفريط : أما التفريط فكان يطرحهما فيما ليس بحرز أو يترك سقي الدابة أو علفها أو نشر الثوب الذي يفتقر إلى النشر أو يودعها من غير ضرورة و لا إذن أو يسافر بها كذلك مع خوف الطريق و مع أمنه و طرح الأقمشة في المواضع التي تعفنها و كذا لو ترك سقي الدابة أو علفها مدة لا تصبر عليها في العادة فماتت به.
القسم الثاني في التعدي : مثل أن يلبس الثوب أو يركب الدابة أو يخرجها من حرزها لينتفع بها. نعم لو نوى الانتفاع لم يضمن بمجرد النية.
ولو طلبت منه فامتنع من الرد مع القدرة ضمن و كذا لو جحدها ثم قامت عليه بينة أو اعترف بها.
و يضمن لو خلطها بماله بحيث لا يتميز و كذا لو أودعه مالا في كيس مختوم ففتح ختمه و كذا لو أودعه كيسين فمزجهما.
و كذا لو أمره بإجارتها لحمل أخف فآجرها لأثقل أو لأسهل فآجرها لأشق كالقطن و الحديد.
و لو جعلها المالك في حرز مقفل ثم أودعها ففتح المودع الحرز و أخذ بعضها ضمن الجميع و لو لم تكن مودعة في حرز أو كانت مودعة في حرز المودع فأخذ بعضها ضمن ما أخذ و لو أعاد بدله لم يبرأ و لو أعاده و مزجه بالباقي ضمن ما أخذه و لو أعاد بدله و مزجه ببقية الوديعة مزجا لا يتميز ضمن الجميع
الثالث في اللواحق : وفيه مسائل : الأولى يجوز السفر بالوديعة إذا خاف تلفها مع الإقامة ثم لا يضمن و لا يجوز السفر بها مع ظهور أمارة الخوف و لو سافر و الحال هذه ضمن.
الثانية لا يبرأ المودع إلا بردها إلى المالك أو وكيله فإن فقدهما فإلى الحاكم مع العذر و مع عدم العذر يضمن و لو فقد الحاكم و خشي تلفها جاز إيداعها من ثقة و لو تلفت لم يضمن.
الثالثة لو قدر على الحاكم فدفعها إلى الثقة ضمن.
الرابعة إذا أراد السفر فدفنها ضمن إلا أن يخشى المعاجلة.
الخامسة إذا أعاد الوديعة بعد التفريط إلى الحرز لم يبرأ و لو جدد المالك له الاستيمان برئ و كذا لو أبرأه من الضمان و لو أكره على دفعها إلى غير المالك دفعها و لا ضمان.
السادسة إذا أنكر الوديعة أو اعترف أو ادعى التلف أو ادعى الرد و لا بينة فالقول قوله و للمالك إحلافه على الأشبه.
أما لو دفعها إلى غير المالك و ادعى الإذن فأنكر ف القول قول المالك مع يمينه و لو صدقه على الإذن لم يضمن و إن ترك الإشهاد على الأشبه.
السابعة إذا أقام المالك البينة على الوديعة بعد الإنكار فصدقها ثم ادعى التلف قبل الإنكار لم تسمع دعواه لا شتغال ذمته بالضمان و لو قيل تسمع دعواه و تقبل بينته كان حسنا.
الثامنة إذا عين له حرزا بعيدا عنه وجب المبادرة إليه بما جرت العادة فإن أخر مع التمكن ضمن و لو سلمها إلى زوجته لتحرزها ضمن.
التاسعة إذا اعترف بالوديعة ثم مات و جهلت عينها قيل تخرج من أصل تركته و لو كان له غرماء و ضاقت التركة حاصهم المستودع و فيه تردد.
العاشرة إذا كان في يده وديعة فادعاها اثنان فإن صدق أحدهما قبل و إن أكذبهما فكذلك و إن قال لا أدري أقرت في يده حتى يثبت لهما مالك و إن ادعيا أو أحدهما علمه بصحة الدعوى كان عليه اليمين.
الحادية عشرة إذا فرط و اختلفا في القيمة فالقول قول المالك مع يمينه و قيل القول قول الغارم مع يمينه و هو أشبه.
الثانية عشرة إذا مات المودع سلمت الوديعة إلى الوارث فإن كانوا جماعة سلمت إلى الكل أو إلى من يقوم مقامهم و لو سلمها إلى البعض من غير إذن ضمن حصص الباقين .
الاكثر قراءة في الوديعة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة