مَنْصَبُ الإمَامَةِ أعْلى مِنْ مَنْصَبِ النُّبُوَّةِ
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج1/ ص141-143
2025-10-11
283
قال اللهُ الحكيم في كتابه الكريم: {وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ}[1].
ينبغي أن نبحث في هذه الآية المباركة عن المراد بالإمام؟ وعن المراد بالهداية بأمر الله؟ وعن العلاقة بين تعليل الإمامة بالصبر والإيقان بآيات الله وبين الإمامة نفسها؟ ولتوضيح معنى الإمام نقول: انّ الله تعالى يقول: {وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ ومِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}[2].
والإمامة التي أعطاها الله لإبراهيم كانت في زمن شيخوخته، وبعد أن اجتاز جميع الاختبارات ومن اهمّها ذبح ولده اسماعيل، فقد كان الله سبحانه وهبه على الكبر اسماعيل واسحق: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ}[3].
ولأنّ ابراهيم عليه السلام حين اعطى الإمامة فانّه سألها لذريّته، لذا فإنّ هذا الإعطاء وهذا السؤال حصلا حين امتلك ذريّةً في كبره. فهذا السؤال والطلب لم يكن له من محلّ- في ظاهر الحال- قبل حصوله على الذريّة، ومع يأس ابراهيم وانقطاع أمله فيها. إذ كيف يمكن للإنسان اليائس من الحصول على الذريّة أن يسأل الله الإمامة لذريّته من بعده؟ لقد كان عليه ان لا يتعرّض إلى هذا الطلب، أو كان عليه على الأقل أن يقول: إن رَزَقْتَني ذُريَّةً؛ إن تعلّقت إرادتك بعد هذا- مع يأسى- فأعطيتني أولاداً فهل ستجعلهم أئمةً أم لا؟ والدليل على يأس ابراهيم عليه السلام من الحصول على ذريّة هو آيات القرآن الكريم: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ ، إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ ، قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ، قالَ أَ بَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ، قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ}[4].
وكانت سارة زوجة ابراهيم يائسة هي الأخرى من إنجاب الأولاد: {وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ ومِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ قالَتْ يا وَيْلَتى أَ أَلِدُ وأَنَا عَجُوزٌ وهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ، قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ}[5].
ويتّضح لدينا جيّداً من هذه الآيات القرآنية انّ ابراهيم كان يائساً من الحصول على الأولاد في آخر عمره، لذا فانّ سؤاله الإمامة لأولاده كان حين وهبه الله الإمامة، وذلك في سني شيخوخته بعد أن وهبه الله اسماعيل واسحق.
[1] الآية 24، من السورة 32: السجدة.
[2] الآية 124، من السورة 2: البقرة.
[3] الآية 39، من السورة 14: ابراهيم.
[4] الآية 51- 55، من السورة 15: الحجر.
[5] الآية 71- 73، من السورة 11: هود.
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة