تهتمّ المجامع العلميّة بالفلسفة كثيراً وعند فقهنا وأُصولنا فهي
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الله
الجزء والصفحة:
ج3/ ص320-323
2025-09-25
396
ممّا يؤيّد أصالة كلامنا في هذا المجال، وهو أن علم الفلسفة والحكمة يمتلكان أساساً وواقعيّة لا يمكن التغاضي عنها، وأن على طلبة العلوم الدينيّة في الحوزات المقدّسة التسلّح بها حتى يمكنهم أوّلًا بناء شخصيّتهم، وثانياً نشر المعارف العلميّة والإلهيّة في المجتمعات البشريّة في العالم. أقول أن ما يؤيّد كلامنا هو كلام آية الله الحاجّ الشيخ حسين على المنتظريّ الذي خاطب به آية الله البروجرديّ أعلى الله مقامه قائلًا: «إنّها الفلسفة العلميّة التي تستند عليها الجامعات في العالم ويُحسب لها ألف حساب؛ وأن الفقه والاصول عندنا امور اعتباريّة».
وفيما يلي جانباً من اللقاء الذي أجرته مجلّة «الحوزة» مع آية الله المنتظريّ: «من المشهور أن آية الله البروجرديّ كان مخالفاً للحكمة والفلسفة، وهو ما حدا به إلى منع دروس الفلسفة التي كان يلقيها العلّامة الطباطبائيّ. نرجو من سماحتكم توضيح هذه النقطة!».
فأجاب آية الله المنتظريّ قائلًا: «كان العلّامة الطباطبائيّ يدرّس «الأسفار» وكنتُ أنا ادرّس «المنظومة». فجاءني يوماً المرحوم الحاجّ محمّد القدسيّ الأصفهانيّ وقال لي: يقول السيّد البروجرديّ: قل للشيخ المنتظريّ أن يعطّل درس «المنظومة» ويأتي إلى.
فذهبتُ إلى بيت آية الله البروجرديّ، وقال لي الحاجّ محمّد حسين: يقول السيّد «قل للشيخ المنتظريّ أن يأتيني بلائحة أسماء تلاميذ العلّامة الطباطبائيّ لأقطع عنهم رواتبهم الشهرية».
فتعجّبتُ من ذلك وقلتُ له: هذا أمر غير ممكن! أيّ قرار هذا؟ فقال الحاجّ محمّد حسين: أنا كذلك توصّلتُ إلى أن هذا القرار خاطئ.
قلتُ: إذاً دعنا نذهب إلى السيّد.
فذهبنا، وخاطبتُ السيّد بصراحتي المعهودة قائلًا: سيّدنا! ما هذا القرار؟ إنّها الفلسفة العلميّة التي تستند عليها الجامعات في العالم ويُحسب لها ألف حساب؛ وأن الفقه والاصول عندنا امور اعتباريّة.
فقال السيّد: هذا صحيح، وأنا نفسي درستُ الفلسفة، لكن ما العمل؟! فإنّي أرى من جهة بعض الطلبة لا يستطيعون هضم هذا الكلام[1] حساب؛ وأن الفقه والاصول عندنا امور اعتباريّة».
وفيما يلي جانباً من اللقاء الذي أجرته مجلّة «الحوزة» مع آية الله المنتظريّ: «من المشهور أن آية الله البروجرديّ كان مخالفاً للحكمة والفلسفة، وهو ما حدا به إلى منع دروس الفلسفة التي كان يلقيها العلّامة الطباطبائيّ. نرجو من سماحتكم توضيح هذه النقطة!».
فأجاب آية الله المنتظريّ قائلًا: «كان العلّامة الطباطبائيّ يدرّس «الأسفار» وكنتُ أنا ادرّس «المنظومة». فجاءني يوماً المرحوم الحاجّ محمّد القدسيّ الأصفهانيّ وقال لي: يقول السيّد البروجرديّ: قل للشيخ المنتظريّ أن يعطّل درس «المنظومة» ويأتي إلى.
فذهبتُ إلى بيت آية الله البروجرديّ، وقال لي الحاجّ محمّد حسين: يقول السيّد «قل للشيخ المنتظريّ أن يأتيني بلائحة أسماء تلاميذ العلّامة الطباطبائيّ لأقطع عنهم رواتبهم الشهرية».
فتعجّبتُ من ذلك وقلتُ له: هذا أمر غير ممكن! أيّ قرار هذا؟ فقال الحاجّ محمّد حسين: أنا كذلك توصّلتُ إلى أن هذا القرار خاطئ.
قلتُ: إذاً دعنا نذهب إلى السيّد.
فذهبنا، وخاطبتُ السيّد بصراحتي المعهودة قائلًا: سيّدنا! ما هذا القرار؟ إنّها الفلسفة العلميّة التي تستند عليها الجامعات في العالم ويُحسب لها ألف حساب؛ وأن الفقه والاصول عندنا امور اعتباريّة.
فقال السيّد: هذا صحيح، وأنا نفسي درستُ الفلسفة، لكن ما العمل؟! فإنّي أرى من جهة بعض الطلبة لا يستطيعون هضم هذا الكلام جيّداً، ومن هنا أراهم ينساقون إلى الانحراف، وقد رأيتُ أحدهم في أصفهان يحمل كتاب «الأسفار» تحت إبطه ويردّد قائلًا: أنا الله! أنا الله.
ومن جهة أخرى هناك اعتراضات تصل إلى من بعض الإخوة يلحّون على فيها باستمرار بوضع حدّ لهذه المسألة».
قلتُ: إذاً فهذا يعني أنّكم لستم مخالفين للفلسفة، بل سماحتكم تعترضون على نشر وترويج هذه العبارات الغوغائيّة!
قال: «نعم. لا بأس لو يصغوا إلى الدروس ويعوها جيّداً».
قلتُ: سأشرع بتدريس «الإشارات». وسأحاول إقناع العلّامة الطباطبائيّ بتدريس «الشفاء».
فقال سماحته: «لا أظنّ أن العلّامة سيوافق على ذلك، فهو لن يقبل بكلامي».
قلتُ: ما هذا الكلام يا سيّد! إنّه يكنّ لكم احتراماً زائداً. أنا شخصيّاً سأبدأ تدريس «الإشارات».
فذهبتُ إلى بيت المرحوم العلّامة الطباطبائيّ وكان مريضاً في ذلك الوقت، فأخبرته بالذي جرى بيني وبين سماحة البروجرديّ. فقال: لا، لن اعطّل درس «الأسفار» سأرحل مع تلاميذي عن قم إلى «كوشك نصرت».
قلتُ: ما هذا الكلام يا سيّد! الطلبة بحاجة إلى الرواتب الشهريّة، وكذلك هم بحاجة إلى تلقّي دروس الفقه والاصول، ابدءوا أنتم بتدريس «الشفاء» واطرحوا آراءكم كلّما كان ذلك ميسوراً.
فقبل المرحوم العلّامة بذلك. ولمّا أطلعتُ آية الله البروجرديّ على ذلك سُرّ كثيراً.
ما نريد قوله أن آية الله البروجرديّ درس الفلسفة ولم يكن مخالفاً لها، لكنّ الظروف في ذلك الوقت إضافة إلى بعض المسائل الأخرى أرغمته على هذا التصرّف».[2]
[1] حسيني طهراني، سيد محمد حسين، معرفة الله، 3جلد، دار المحجة البيضاء - بيروت - لبنان، چاپ: 1، 1420 ه.ق.
[2] - مجلّة «الحوزة» العددان 43 و44، الصادران في (فروردين، ارديبهشت، خرداد، تير) 1370 ه. ش، بمناسبة الذكري الثلاثين لرحيل آية الله العظمي البروجرديّ قدّس سرّه، ص254 و255، ضمن لقاء تحت عنوان «مبادئ وأساليب الاستنباط عند آية الله البروجرديّ».
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة