ما هي حكمة لقمان
المؤلف:
الفيض الكاشاني
المصدر:
تفسير الصافي
الجزء والصفحة:
ج4، ص 131- 143
2025-09-22
312
قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } [لقمان: 12]
{وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) قال الفهم والعقل.
والقمي عن الصادق (عليه السلام) قال اوتي معرفة امام زمانه ان اشكر لله ومن يشكر فانما يشكر لنفسه لأن نفعه عائد إليها وهو دوام النعمة واستحقاق مزيدها ومن كفر فان الله غني لا يحتاج الى الشكر حميد حقيق بالحمد حمد أو لم يحمد أو محمود ينطق بحمده جميع مخلوقاته.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) شكر كل نعمة وان عظمت ان يحمد الله عز وجل عليها وفي روآية وان كان فيما انعم عليه حق اداه.
وفي اخرى عنه (عليه السلام) من انعم الله عليه بنعمة فعرفها بقلبه فقد ادى شكرها.
وعنه (عليه السلام) اوحى الله عز وجل الى موسى (عليه السلام) يا موسى اشكرني حق شكري فقال يا رب وكيف اشكرك حق شكرك وليس من شكر اشكرك به الا وانت انعمت به علي قال يا موسى الآن شكرتني حين علمت ان ذلك مني.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وله وسلم) انه قال حقا اقول لم يكن لقمان نبيا ولكن كان عبدا كثير التفكر حسن اليقين احب الله فأحبه ومَنّ عليه بالحكمة كان نائما نصف النهار إذ جاءه نداء يا لقمان هل لك ان يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس بالحق فأجاب الصوت ان خيرني ربي قبلت العافية ولم اقبل البلا وان هو عزم عليّ فسمعا وطاعة فاني اعلم انه ان فعل بي ذلك اعانني وعصمني فقالت الملائكة بصوت لا يريهم لم يا لقمان قال لأن الحكم اشد المنازل واكدها يغشاه الظلم من كل مكان ان وفى فبالحري ان ينجو وان اخطأ اخطأ طريق الجنة ومن يكن في الدنيا ذليلا وفي الآخرة شريفا خير من ان يكون في الدنيا شريفا وفي الآخرة ذليلا
ومن تخيّر الدنيا على الاخرة تفته الدنيا ولا يصيب الآخرة فعجبت الملائكة من حسن منطقة فنام نومة فاعطي الحكمة فانتبه يتكلم بها ثم كان يوازر داود (عليه السلام) بحكمته فقال له داود طوبى لك يا لقمان اعطيت الحكمة وصرفت عنك البلوى.
والقمي عن الصادق (عليه السلام) انه سئل عن لقمان وحكمته التي ذكرها الله عز وجل فقال اما والله ما اوتي لقمان الحكمة بحسب ولا مال ولا اهل ولا بسط في جسم ولا جمال ولكنه كان رجلا قويا في امر الله متورعا في الله ساكتا سكيتا عميق النظر طويل الفكر حديد النظر مستغن بالعبر لم ينم نهارا قط ولم يتك في مجلس قط ولم يتفل في مجلس قط ولم يعبث بشيء قط ولم يره احد من الناس على بول ولا غائط ولا اغتسال لشدة تستره وعموق نظره وتحفّظه في امره ولم يضحك من شيء قط مخافة الاثم في دينه ولم يغضب قط ولم يمازح انسانا قط ولم يفرح بشيء بما اوتيه من الدنيا ان اتاه من امر الدنيا ولا حزن منها على شيء قط وقد نكح من النساء وولد له الأولاد الكثيرة وقدم اكثرهم افراطا فما بكى على موت احد منهم ولم يمر برجلين يختصمان أو يقتتلان الا اصلح بينهما ولم يمض عنهما حتى تحابا ولم يسمع قولا قط من احد استحسنه الا سأله عن تفسيره وعمن اخذه فكان يكثر مجالسة الفقهاء والحكماء وكان يغشى القضاة والملوك والسلاطين فيرثي للقضاة مما ابتلوا به ويرحم الملوك والسلاطين لعزتهم بالله وطمأنينتهم في ذلك ويعتبر ويتعلم ما يغلب به نفسه ويجاهد به هواه ويحترز به من الشيطان وكان يداوي قلبه بالتفكر ويداوي نفسه بالعبر وكان لا يظعن الا فيما ينفعه ولا ينظر الا فيما يعنيه فبذلك اوتي الحكمة ومنح العصمة وان الله تبارك وتعالى امر طوائف من الملائكة حين انتصف النهار وهدأت العيون بالقائلة فنادوا لقمان حيث يسمع ولا يراهم فقالوا يا لقمان هل لك ان يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس فقال لقمان ان امرني ربي بذلك فالسمع والطاعة لأنه ان فعل بي ذلك اعانني عليه وعلمني وعصمني وان هو خيرني قبلت العافية.
فقالت الملائكة يا لقمان لم قلت ذلك قال لأن الحكم بين الناس بأشد المنازل من الدين واكثر فتنا وبلاء ما يخذل ولا يعان ويغشاه الظلم من كل مكان
وصاحبه منه بين امرين ان اصاب فيه الحق فبالحري ان يسلم وان اخطأ اخطأ طريق الجنة ومن يكن في الدنيا ذليلا ضعيفا كان اهون عليه في المعاد من ان يكون فيه حكما سريا شريفا ومن اختار الدنيا على الاخرة يخسرهما كلتاهما تزول هذه ولا يدرك تلك قال فعجبت الملائكة من حكمته واستحسن الرحمن منطقه فلما امسى واخذ مضجعه من الليل انزل الله عليه الحكمة فغشاه بها من قرنه الى قدمه وهو نائم وغطاه بالحكمة غطاء فاستيقظ وهو احكم الناس في زمانه وخرج على الناس ينطق بالحكمة ويبثها فيها قال فلما اوتي الحكم بالخلافة ولم يقبلها امر الله عز وجل الملائكة فنادت داود (عليه السلام) بالخلافة فقبلها ولم يشترط فيها بشرط لقمان فأعطاه الله عز وجل الخلافة في الأرض وابتلى فيها غير مرة وكل ذلك يهوي في الخطأ يقبله الله تعالى ويغفر له وكان لقمان يكثر زيارة داود (عليه السلام) ويعظه بمواعظه وحكمته وفضل علمه وكان داود (عليه السلام) يقول له طوبى لك يا لقمان اوتيت الحكمة وصرفت عنك البلية واعطي داود الخلافة وابتلى بالحكم والفتنة.
الاكثر قراءة في مواضيع عامة في القصص القرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة